[تعظيم حرمات الله]
د. عبد الرحمن بن صالح المحمود
لقد جاء تعظيم حُرُمات الله وتعظيم شعائره في القرآن الكريم في سياق الحديث عن الحج وشعائره، يقول ـ تعالى ـ: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩ ـ ٣٣] .
وقد يُفهم من هذا السياق أن الحُرُمات مختصة بالحج وما يتعلق به، كما ورد عن بعض السلف في التفسير، مثل قول زيد بن أسلم: أن المراد بها: الكعبة الحرام، والمسجد الحرام، والبلد الحرام، والشهر الحرام، والمُحْرم حتى يحلّ.
ولكن من تأمّل سياق هذه الآيات وجدها لا تقتصر على حُرُمات الله في الحج والعمرة، بل هي أعم وأشمل، بل يدخل فيها:
١ ـ مكان البيت، وتطهيره، وأيام الحج المعلومات، وبهيمة الأنعام وذكر الله عليها.
٢ ـ اجتناب الرِّجس من الأوثان وكل ما يُعبد من دون الله تعالى.
٣ ـ اجتناب قول الزور، وكل قول فيه كذب على الله ـ تعالى ـ وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى شرعه ودينه.
٤ ـ اجتناب الشرك بجميع أنواعه وصوره.
٥ ـ وجوب تقوى الله ـ تعالى ـ التي هي مفاتيح تعظيم الحُرُمات وتعظيم شعائر الله تعالى.
وهذا الذي فهمه كثير من أئمة التفسير، قال مجاهد: حُرُمات الله المراد بها: مكة والحج والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها. وقال أبو جعفر النحاس في (معاني القرآن ص ٤) : قال مجاهد: الحُرُمات الحج والعمرة، وقال عطاء: المعاصي. والقولان يرجعان إلى شيء واحد؛ لأن حُرُمات الله ـ عزَّ وجلَّ ـ تشمل ما فرضه وأمر به، وتشمل ما نهى عنه؛ فلا ينبغي أن يُتجاوز. وقال ابن كثير: تعظيم الحُرُمات: اجتناب المعاصي والمحارم بحيث يكون ارتكابها عظيماً في نفسه.
وينبغي أن يُعلم أن هناك تلازماً بين تعظيم حُرُمات الله وتعظيم شعائره، بحيث يشمل أمرين أساسيين:
الأول: تعظيم ما أمر الله بتعظيمه، مثل: البيت الحرام، ومشاعر الحج، والهدي، والقرآن الكريم، والرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسنّته، والصلاة والصيام والحج والزكاة، والمسلم في دمه وماله وعرضه.. إلخ.
فهذه تُعظّم بأمرين:
١ ـ تعظيمها واحترامها وطاعة الله فيها.
٢ ـ عدم انتهاك حُرمتها بأيِّ نوع من أنواع الانتهاك بقول أو فعل.
الثاني: تعظيم ما حرّمه الله ونهى عنه، مثل: الشرك بالله، والظلم، وقتل النفس بغير حق، والزنا، والربا، والسحر والعقوق ... إلخ.
وهذه ـ أيضاً ـ تُعظّم بأمرين:
١ ـ تعظيم وتأكيد هذه الحرمة في القلوب وفي الألسنة؛ لأن الله هو الذي حرَّمها.
٢ ـ أن لا تُنتهك فعلاً باقتراف شيء منها قولاً أو فعلاً.
وقد جاءت السُّنّة والآثار في ذلك، فتكلّم العلماء كثيراً عن البيت الحرام، وما يجب تجاهه، وتكلموا عن القرآن الكريم والمصحف وما يجب تجاهه، وتكلموا عن حرمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما يجب علينا نحوه، وعن حرمة المؤمن.. وهكذا.
- أسس وشروط تعظيم الحُرُمات:
هذا مهمٌّ حتى يُفهم الأصل الذي يجب أن ننطلق منه في هذا الباب العظيم الذي كثُر فيه التجاوز من جانب كثير من الكفار وأعداء الإسلام، بل ومن جانب بعض المنتسبين إلى الإسلام.
١ ـ الأساس الأول لها تعظيمُ الله ـ تعالى ـ، الذي له الخَلْق والأمر، وهو المعبود المطاع وحده لا شريك له، وإنّ تعظيم أحكامه وشرعه أمراً ونهياً هو تعظيم وعبودية له سبحانه.
٢ ـ تعظيم الأمر والنهي، وهو مقتضى الخضوع لحُكْمه ـ تعالى ـ، وتحكيم شرعه في جميع شؤون الحياة. ومدار العبادة وتحقيق معنى (لا إله إلا الله) على هذا الأصل.
٣ ـ عدم معارضة الأمر والنهي، سواء كان ذلك بما يناقضهما من أهواء وأحكام وموازين البشر، أو بالعدول عن منهجهما الوسطي إلى ترخُّص جافٍّ، أو تشدُّد غالٍ، أو كان بتأويلٍ فاسد يخرج الأمر والنهي والأحكام عن مواردها التي أرادها الله وأرادها رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
٤ ـ عدم المعارضة بين حُكْمه القدري وحُكْمه الشرعي؛ فما اقتضت حكمته أن يكون معظَّماً فهو المعظَّم؛ من الأماكن والأوقات والأشخاص، وهو مقتضى حُكْمه الشرعي، وكل ذلك مستقيم لا عوجَ له؛ لأنه صادر عن عين الحكمة. ومن عارضَ القدر بالشرع أو عارضَ الشرع بالقدر فهو على ضلالة، والخلق والأمر كله لله تعالى.
- تعظيم الحُرُمات في عصرنا:
تعظيم الحُرُمات من ثوابت عقيدتنا الإسلامية وشريعتنا الحنيفة، التي لا تتغير مع تغيّر الزمان والمكان، وقد ربطت الشريعة كثيراً من هذه الأحكام بعلامات كونية لا تدخُّلَ للبشر فيها، وهي إحدى علامات ثبات هذا الدِّين وبقائه إلى يوم القيامة:
١ ـ فالصلاة والصيام والحج مرتبطة كلها بعلامات كونية، هي: الشمس والقمر والليل والنهار.
٢ ـ والحج ومكة مربوطان بعلامات زمنية ومكانية لا تتغير ولا تتبدَّل.
٣ ـ وقد حفظ الله القرآن، كما هيَّأ ـ تعالى ـ رجالاً لحفظ السُّنّة، فصار هذان المصدران ثابتين، لا يملك أحدٌ لهما تغييراً ولا تبديلاً.
٤ ـ فثوابت هذا الدِّين راسخة، وهي إحدى دلائل بقاء هذا الدِّين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، رغم هذا الهجوم الكبير المتنوع من كافة الأعداء على دين الإسلام وشعائره وحُرُماته.
وتتابعُ الهجوم في الفترة الأخيرة على الإسلام هو جزء من سلسلة طويلة من العِداء له منذ أن بعث الله نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- واصطفاه ليكون خاتم المرسلين، ولتكون شريعته ناسخة لما سبقها من الشرائع.
وفي مقابل ذلك هيَّأ الله من يواجه ذلك العِداء في كل زمان ومكان؛ من العلماء والدعاة والمصلحين؛ معظمين شريعة الله ودينه، وشعائره وحُرُماته، مظهرين ذلك من خلال الوسائل المتوفرة لديهم.
وفي عصرنا هذا ـ عصر الإعلام والعولمة بأذرعها السياسية والعسكرية والاقتصادية والتقنية والعقدية والثقافية ـ نحتاج إلى مواجهة ذلك بما يليق به من خلال القيام بالأسباب الشرعية والمادية.
ومن ذلك ما يتعلق بموضوعنا وهو (تعظيم حُرُمات الله) . ويمكن أن نعرض لذلك من خلال الأمور التالية:
أولاً: مسؤوليتنا الخاصة، أي: واجبنا من الداخل:
ونعني بذلك: مسؤوليتنا كمسلمين منتسبين إلى هذا الدِّين؛ كأفراد ومجتمعات، وكأمة مسلمة عُرفت بذلك. وهذا مبنيٌّ على مسألتين مهمتين:
الأولى: أن المسلم إذا لم يدافع عن دينه فليس له أن ينتظر من غيره دفاعاً عنه. وإذا كان هو البادئ بانتهاك حُرُمات هذا الدِّين فلن ينتظر من غيره إلا أن يكون أشدّ انتهاكاً لها.
الثانية: أن احترام الآخرين لك ولدينك ميزانه مدى احترامك لعقيدتك ولمبادئك، وهذا مشاهد حتى في بلاد الغرب؛ فالذي يحترم دينه يحترمونه، والذي ينتهك دينه يحتقرونه وإن أظهروا له المودة والإعجاب بأفعاله. وأكبر دليل على ذلك هذه المسيرة الضخمة لكثير من بلاد المسلمين في رَكْب الغرب وتغريبه وعلمانيته، ولم ينتج ذلك إلا مزيداً من احتقار الغرب لهذه الدول، بل ولقادتها وأهل الرأي والفكر فيها، فهم على الهامش عند هذه الدول سياسياً وثقافياً، بل ولا تكاد توجد لهم عندهم قيمة إلا إذا أرادوهم أدواتٍ لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية في بلاد المسلمين.
وبناءً على ذلك فإن تعظيم حُرُمات هذا الدِّين ـ داخل بلاد المسلمين ـ لا بدّ فيه مما يلي:
١ ـ الاحترام الحقيقي للإسلام وشعائره وحُرُماته من جانب الدول الإسلامية قولاً وفعلاً، وتشريعاً وحُكْماً؛ امتثالاً لما أمر الله به وأمر به رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتطبيقاً لأحكام الشريعة على كافة المستويات؛ بدءاً من أنظمة الدولة وتشريعاتها، وانتهاءً بالأفراد ووجوب تقواهم ربهم ـ تعالى ـ في امتثال أحكام دينه، وفيما بين ذلك من: الإعلام، والتعليم، والقضاء، والمؤسسات الثقافية والتوجيهية، والنُّظم المالية والصحية، وغيرها، فيجب أن تُراعى أحكام الله وحدوده وحُرُماته.
٢ ـ هناك وسيلتان مهمتان، ولهما دور كبير في الأمة تجاه هذا الواجب، وهما:
أـ الإعلام.
ب ـ التعليم.
فيجب أن يقوما بدورهما في تحقيق احترام دين الله وتعظيم حُرُماته، وأن تكون مناهج التعليم ووسائله التربوية، ووسائل الإعلام في بلاد المسلمين قائمة على أسس متينة من التأصيل الصحيح والمنهج السليم؛ حتى تتربّى الأجيال على تعظيم دينها واحترامه.
٣ ـ الوقوف أمام كل من ينتهك حُرُمات الله في بلاد المسلمين، وجَعْلُ ذلك من المسلَّمات التي يلتزم بها الكافة، وأن لا يُسمح لأحد بانتهاكها تحت شعار (الحرية والليبرالية) ، ولا تحت شعار: أنه غير مسلم ما دام يقيم في بلاد المسلمين.
إن من المؤسف أن نطالب من ينتهك حُرُمات الله في غير بلاد المسلمين الكفَّ عن ذلك والاعتذار للمسلمين، ونحن ساكتون عمن ينتهكها في بلادنا ـ نحن المسلمين ـ من بني جِلْدتنا وينتسبون إلى ديننا؛ باسم الحرية والحوار والرأي والرأي الآخر.
ولا أظن أن هناك حاجة إلى ضرب الأمثلة على ذلك مما يدور في بعض وسائل الإعلام، أو في كتابات ذات اتجاهات معروفة أعلنت تحدّيها للأمة وخروجها عن ثوابتها، والاستهزاء بأحكام شريعتها. ولا شك أن العلمانية في بلاد المسلمين أصبحت مفتاح كل شر وفساد وطعن لهذا الدِّين بثوابته ومحظوراته.
٤ ـ ولا ننسى الوقوف أمام ما يقوم به بعض أهل البدع من نقضٍ لمسلَّمات وحُرُمات أجمعت الأمة على احترامها وعدم المساس بها؛ كالصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فإن الطعن فيهم وسبّهم هو مفتاح لكل إلحاد وزندقة ومروق من هذا الدِّين، ولهذا نجد مسارعة أهل البدع والعلمنة إلى تجاوز هذا المحظور ـ وهو الصحابة ـ لأن ذلك يهون من تجاوز باقي مسلَّمات الأمة والطعن في أئمة السلف على مدار التاريخ، ويفتح باب الشكوك في ثبوت القرآن، وفي السُّنّة كلها، بل يفتح باب الطعن في المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، حيث اتخذ هؤلاء الصحابةَ أصحاباً ووزراء وأمناء له على نقل دين الله وتبليغه الأمة.
٥ ـ المدرسة العصرانية العقلانية (أهل الأهواء) ـ التي تصف نفسها أحياناً بأنها تنويرية تدعو إلى الإسلام المستنير ـ فتحت الباب لتجاوز الكثير من مسلَّمات الأمة وثوابتها، فحاولت أن تتخذ لها منهاجاً غريباً يجمع بين الانتساب إلى الإسلام والأخذ بأصول أهل البدع وطعونهم، وممالأة الكفار والحرص على رضاهم وعدم إغضابهم، فقام منهجهم على عدة أسس، أهمها:
ـ فتح باب التأويل لنصوص الكتاب والسُّنّة، دون قواعد أو ضوابط، حتى صحّح بعضهم تأويلات المعتزلة والباطنية والفلاسفة.
ـ الطعن في السُّنّة أو في كثير مما ثبت منها، وردُّها عن طريق العقول، أو عن طريق الطعن في رُواتها؛ بدءاً بالأئمة الكبار وانتهاء بالصحابة رضي الله عنهم.
ـ محاولة إلغاء قواعد مصطلح الحديث.
ـ محاولة إلغاء كثير من قواعد أصول الفقه.
ـ فتح باب الاجتهاد ـ غير المنضبط ـ وإلغاء الترجيح، والقول: بنسبية الحق.
ـ وتحوّل هذا إلى الطعن في مسائل معروفة في دين الإسلام، متعلقة بسدِّ الذرائع، والولاء والبراء، والمرأة، وغيرها.
ـ اتهام عقيدة المسلمين ـ عقيدة السلف الصالح ـ بشتى التهم، والإعظام من شأن الغرب، وإعلاء ما هم عليه من إلحاد وإباحية، ومدحها والثناء عليها.
ـ الالتقاء مع العلمانية الصريحة، وتعاون الطائفتين فيما بينهما على كل ما يلتقيان عليه؛ من إعلاء لشأن الغرب، والتهوين من شأن المسلمين وعقيدتهم وشريعتهم.
وتفصيل حال هذه المدرسة مما يطول، ولكن أردت أن أبيّن خطورة مثل هذا التوجه على زرع انتهاك حُرُمات الله في بلاد المسلمين، وفي ناشئتهم وأُسرهم، بل وفي كثير من مثقّفيهم.
فالواجب الوقوف أمام هذه المدرسة وكشف عوارها كما فعل سلفنا تجاه تجاربها السابقة على مدار التاريخ الإسلامي، إذ إن المدرسة العصرانية تكررت سابقاً، وكانت نتيجة فكرها أنها لا للإسلام نصرت ولا للكفار كسرت.
٦ ـ والإعلام اليوم سلاح ذو حدَّين، فكما أنه يشيع انتهاك حُرُمات الله بأوسع نطاق وبأسرع وقت، فهو كذلك ينبغي أن يكون وسيلة للدعوة إلى الإسلام وتأصيل أسس العقيدة الصحيحة والشريعة التي تغرس في نفوس المتلقِّين احترامَ الثوابت وتعظيم الحُرُمات.
فالمحطات الفضائية، والشبكة المعلوماتية، والإذاعة، والصحافة ودور النشر، وغيرها وسائل عظيمة لنشر هذه الأسس العظيمة في بلاد المسلمين وفي غيرها.
٧ ـ وأخيراً: فإنني أدعو ـ كما دعا كثيرون من العلماء والدعاة وفي مناسبات مختلفة ـ إلى تبنِّي جملة من الوسائل في الأمة لغرس المنهج الصحيح والعبودية الحقّة لرب العالمين، مما يغرس في النفوس تعظيم ما عظَّمه الله وحرَّمه، ومن ذلك:
ـ خطيب الجمعة وإمام المسجد، فلهما دور كبير في ذلك، ومعلوم أن المسجد ومنبر الجمعة وسيلتان من أعظم الوسائل، ولذلك ينبغي التواصي في ذلك.
ـ الأسرة داخل البيت، يجب أن يكون لها ـ من خلال وسائل وأساليب متنوعة ـ دور كبير في نشر الوعي والفهم الصحيح لهذه المسلَّمات والحُرُمات.
ـ التعليم، والمدرِّس مع طلابه، ينبغي أن يرسِّخ فيهم هذه الأسس والمبادئ.
ـ العناية بسيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ونشرها، ونشر ما لم يُنشر من مخطوطات، مع الضبط والتحقيق والبُعْد عن الخرافات والروايات الموضوعة والضعيفة.
ـ إعادة طباعة ونشر الكتيبات والمطويات التي تتحدث عن نصرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا يقتصر توزيعها على وقت معين.
ـ بناء المواقع الإلكترونية والمحطات الفضائية التي تُعنى بهذا الجانب العظيم، والتشجيع على ذلك، وأن ينبري التجار والمحسنون إلى بذل الأموال في ذلك.
ثانياً: مسؤوليتنا تجاه انتهاك حُرُمات الله من خارج بلاد المسلمين:
وهذه قد كتب عنها الكثير، خاصة مع الأحداث التي تكررت أخيراً في الإساءة إلى الإسلام وإلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وتعظيم حُرُمات الله تجاه من ينتهكها من الكفار يقوم على أسس ثلاثة:
الأول: سبق بيانه، وأساس ذلك أنه يجب أن نكون أقوياء تجاه من ينتهك هذه الحُرُمات داخل بلاد المسلمين، وإذا فعلنا ذلك عرف الأعداء من الخارج جِدّيتنا في الدفاع عن ديننا، وأنه لا مساومة في ذلك.
أما أن يُحارب البعيد ويُترك القريب الذي قد يكون انتهاكه أشدَّ وأعظم، فهذا تناقض ومفتاح لكل الطاعنين أن يتجرّؤوا علينا وعلى ديننا وثوابتنا وحُرُماتنا.
الثاني: يجب على الدول أن تأخذ الأمر مأخذ الجِدّ، وأن تتدخل ـ حسب وسائلها السياسية وغيرها ـ تجاه هذه الانتهاكات، وأن تجعل من ثوابت الدِّين ومسلَّماته ما لا يسمح لأيِّ لأحد تحت أيِّ ظرف أو ادِّعاء أن ينتهكها. وكما قال أحد المفكرين الفضلاء: ينبغي أن نخاطب الغرب باللغة التي يفهمها فنبيّن له أن مثل هذه الانتهاكات هي عندنا بمثابة إعلان حرب.
الثالث: الغزو الإعلامي لكافة بلاد العالم، وبكافة اللغات؛ لنشر دين الإسلام وبيان صحة عقيدته وسماحة شريعته، وكمال أحكامه، وأساس ذلك حق الله بالتوحيد والعبودية، وحق رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- ـ الذي هو خاتم النبيين ـ بالاتباع، وشرح سيرة هذا النبي الكريم لهم حتى يعرفوه.
ولا شك أن الأمة حين تتمسك حقيقةً بدينها وتلتزم بأحكامه وتحترم حدوده وتجعل ذلك منهاجها القائم على عبودية الله ـ تعالى ـ وإخلاص الدِّين له واتباع سُنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فستكون عزيزة منصورة، قال ـ تعالى ـ: {إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧] ، وحينئذٍ سيحترمها الآخرون ويحترمون دينها ولن يجرؤوا على انتهاك ذلك.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.