للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نص شعري

حُزيران؟ [*]

مروان كجك

حُزَيْرَانُ فِيكَ تَعَرّى الضّلالْ ... وَتَاهَتْ عُقُولٌ، وَضَاعَتْ تِلالْ

سَتَبْقَى إلَى أَنْ يَشَاءَ الإلهُ ... سَرِيعَ الْمَجِيءِ، بَطِيءَ الزّوَالْ

تُذَكّرُنَا بِالْخِدَاعِ الرّهِيبِ ... وَطَيْشِ الْكِبَارِ وَسُخْفِ الرّجَالْ

أَضَاعُوا الْبِلادَ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ ... وَبَاتُوا نُموراً بِغَيْرِ جِدَالْ

حُزَيْرَانُ يَا جُرْحَ كُلّ أَبِيّ ... وَيَا إرْثَ قَهْرِ دُعَاةِ النّضَالْ

ظَمِئْنَا فَجَاءَ الشّرَابُ حَمِيماً ... وَقَالُوا لَنَا: فَارَ نَبْعٌ زُلالْ

هَلُمّوا بَنِي يَعْرُبٍ نَتَلاقَى ... عَلَى مِحْنَةٍ حَارَ فِيهَا الْخَيَالْ

نُبَايِعُ أَجْهَرَ صَوْتٍ وَنَمْضِي ... عَلَى إثْرِهِ دُونَ أَدْنَى سُؤَالْ

حُزَيْرَانُ يَا دُرّةً لِلْيَهُودِ ... وَلِلْعُرْبِ عَاراً وَسِيعَ الْمَجَالْ

قَتَلْتَ بِنَا زَهْوَةَ الْفَاتِحِينَ ... وَأنشَاًتَ صَرْحاً لِذُلّ عُضَالْ

وَقَلّبْتَنَا فَوْقَ جَمْرِ الطّغاةِ ... لِنَهْتِفَ كَالْبُهْمِ يَا ذَا الْجَلالْ:

أَطِلْ عُمْرَ مَنْ حَمّلُونَا الشّقَاءَ ... وَكَانُوا الْمَهَازِيمَ يَوْمَ النّزَالْ

وَمَاتَتْ صَرَامَةُ شَعْبٍ أَبِيّ ... وَذَلّتْ كَرَامَاتُ عَمّ وَخَالْ

وَبِتْنَا مِنَ الْحَيْفِ كَالإمّعِينَ ... نُبَايِعُ كَالْبُلْهِ أَخسَا رِجَالْ

غُلِبْنَا عَلَى أَمْرِنَا فَاسْتَطَارَتْ ... شُرُورٌ، وَقُطّعَ حَبْلُ الْوِصَالْ

وَصَارَ التّفَرّقُ صِبْغَةَ شَعْبٍ ... وَأَضْحَى الْحَرَامُ لَدَيْهِ حَلالْ

فَيَا تَعْسَ مَنْ أَوْصَلُونَا لِهَذَا ... وَيَا بُؤْسَ جِيلِ الْهَوَى وَالْخَيَالْ

حُزَيْرَانُ فِيكَ أَقَامَ الْيَهُودُ ... صُرُوحاً مِنَ الزّهْوِ فِعْلاً وَقَالْ

وَنَحْنُ هَدَمْنَا صُرُوحَ الْجُدُودِ ... وَبِتْنَا نُصَارِعُ أَسْوَأَ حَالْ

شَبِعْنَا شِعَارَاتِ لَيْلٍ طَوِيلٍ ... وَلَمْ يَبْقَ فِينَا زَعِيمٌ طُوَالْ

وَصِرْنَا أَضَاحِيكَ أَهْلِ الزّمَانِ ... وَكُنّا بَنِي قُدْمَةٍ وَاحْتِمَالْ

حُزَيْرَانُ يَا ذِلةَ الْيَعْرُبِينَ ... وَيَا نَزْفَ قَلْبٍ أَمَضّ وَطَالْ

بِسِتّ مَضَتْ مِنْكَ أَضْحَى الْعَرِينُ [١] ... خَوَاءً وَطَارَتْ فُنُونُ الْقِتَالْ

بَكَيْنَا شَكَوْنَا بِكُلّ اللّغَاتِ ... وَذُقْنَا مَرارَةَ ذُلّ السّؤَالْ

وَبَاتَ الصّدِيقُ عَدُوّاً وَصِرْنَا ... أَلاعِيبَ لَمْ نَجْنِ غَيْرَ الْوَبَالْ

فَقُلْ لِلْبُغَاةِ، وَإنْ طَالَ لَيْلٌ، ... سَيَبْزُغُ فَجْرٌ بَهِيّ الْجَمَالْ

وَيَنْهَزِمُ الْبُطْلُ والمُبْطِلُونَ ... وَيَنْتَصِرُ الْحَقّ فِي كُلّ حَالْ


(*) كان ذلك عام ١٩٦٧م في اليوم الخامس من حزيران (يونيو) حين ابتدأت (إسرائيل) حربها الحقيقية بعد أن مارس العرب الثوريون مظاهرة نضالية أثبتت الأيام أنها لم تكن جادة، وقد انهزمت الجيوش الثورية، واستولى اليهود على أكثر من مساحة الأرض المغتصبة عام ١٩٤٨م.
(١) سميت هذه الحرب بـ (حرب الأيام الستة) وذلك لأنها لم تدم سوى ستة أيام حملت إلى العرب قاطبة شر هزيمة، وحقق اليهود لأنفسهم أكبر نصر.