بأقلام القراء
[شبهة]
نوال - من المدينة النبوية
ذَرَّ قرنُ شبه كثيرة ملأت على المسلمين سمعهم وأبصارهم، وحرّجت على
الكثير سعة الملة، وعتمّت وضوح المحجة، ومن هذه الشبه، مقولة: إن تبيان
المنهج السليم من وجوب اتباع الكتاب والسنة، وطلب للدليل، وتنقية للعقيدة من
الزغل والزيغ، والشريعة من البدع والشين، مما يغرق الأمة، ويضلل العامة،
ويلبس عليهم دينهم فيعمهون، وهذا شغل للمسلمين عن كبير الأمور بصغيرها،
وعن لب الدين بقشره، وعن عظيم الأمور بسخيفها فالعدو قد استباح بيضة
المسلمين، وتداعى عليهم كما تداعى الأكلة إلى قصعتهم، فلنجانب هذه الأمور حتى
يتم لنا الظفر على العدو! !
ولهؤلاء نقول: لقد جعل الله تعالى محمداً -صلى الله عليه وسلم- خاتم
الأنبياء والمرسلين، وجعل رسالته الناسخة لما قبلها، ودعوته هي المهيمنة على ما
قبلها من الدعوات النبوية، وهذه الدعوة لابد أن تبقى في الأرض لتكون حجة الله
على خلقه، وهذه الحجة لابد أن تكون برهاناً فاصلاً ولابد أن تكون بيضاء نقية كما
أنزلها الله تعالى على رسوله الكريم، وكما جاء بها الرسول - صلى الله عليه
وسلم -، ليهتدي بها الناس - اليوم - كما اهتدوا بها من قبل، ولا يزيغ عنها بعده - صلى الله عليه وسلم - إلا هالك.
ومن مقتضى حكمة الله تعالى ورحمته - والحالة هذه من انقطاع للوحي فلا
رسالة جديدة ولا رسول جديد بعده - صلى الله عليه وسلم - يوضح للناس الدين
الحق بعد اندثاره - أن يقيض لهذه الأمة من العلماء الربانيين من يبين البدع
ويكشف عوارها، ويدحر أهل الشرك والخرافة، فيستمر الدين صافياً نقياً.
وهذا من تمام مدلول قوله تعالى: [إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] .