(٢) اقرأ التاريخ العام للحضارات كما يصوره الفكر الغربي؛ فهل تجد في تاريخ مصر الفرعونية ذكراً لموسى عليه السلام وقومه رغم الحديث الطويل في التوراة عنهم؟ واقرأ تاريخ الآشوريين؛ فهل تجد ذكراً ليونس عليه السلام؟ واقرأ تاريخ الفينيقيين والحثيين؛ فهل ترى ذكراً لإلياس عليه السلام؟ بل إن إبراهيم عليه السلام لا يكاد يُذكر، وأما بشأن نوح عليه السلام فنجد الحديث عن الطوفان ولا نجد لنوح ورسالته ودعوته من ذكر!! . (٣) مثل الكنائس والطرق الرهبانية التي أسسها (بندكت، كولومبس، بونيفاس، برنارد، دوميونيك، فرانسيس) ، وكلها طرق مبتدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ولا عرف مثلها المسيح والحواريون. (٤) وعلى العكس تماماً كان الإسلام أعظم نقلة في تاريخ العرب وغيرهم، نقلتهم من الظلمات والانحطاط إلى النور والتقدم في كل شيء، ولكن العلمانيين العرب يتعامون عن هذا، دع الغربيين؛ فما على عدو ملام. (٥) لا يزال التعصب والعنصرية يجريان في عروق المفكرين الغربيين، حتى إن بول كيندي عندما عدد المدن العالمية في العصور السابقة ذكر بعض مدن الحضارتين الإغريقية والرومانية ولم يذكر مدينة إسلامية واحدة!! (مستقبل القرن الحادي والعشرين، من الأصل الإنجليزي) . (٦) ظهر في العالم الإسلامي من يدعي دعوى أباطرة أوروبا وبابواتها كالعبُيديين المتلقبين بـ (الفاطميين) ، وأشباههم، ولكنهم كانوا منبوذين من عامة الأمة؛ لأن نور الكتاب والسنة جعل العامة من المسلمين أرقى فكراً من كثير من فلاسفة أوروبا الذين يؤمنون بهذه الأساطير؛ مثلما كان يعتقد هيجل في طواغيت بروسيا!! . (٧) حَسْبُ أي منصف أن يرى كيف يعيش النصارى في مصر والشام وغيرها حتى يومنا هذا مع أنهم منذ الفتح الإسلامي في القرن الأول حتى الآن ليسوا سوى أقلية ضئيلة في محيط إسلامي كبير، ويقارن ذلك بالإبادة المستأصلة التي نزلت بمسلمي الأندلس على يد أوروبا النصرانية في العصر المسمى عصر النهوض!! . (٨) انظر مثلاً: كتاب (اكتشاف جزيرة العرب) ، وقد أقر المحقق التسمية لا بلسان الحال فقط بل بلسان المقال، وهذا حال مَنْ تقمص عدوه وذاب في حضارته!! . (٩) هذه الفوارق وغيرها كثير مع أن المسلمين كانوا عند قوم الصليبيين مقصّرين في العمل بأحكام الإسلام والتمسك بحقيقته، وفي اعتقادي أن أوروبا لو رأت أخلاق النبوة المتمثلة في الجيل الأول الذي شهدته مستعمرات الإمبراطورية البيزنطية؛ لأسلمت نفسها لله كما فعل أولئك، ولآمن كثير من الصليبيين ولو قطعهم البابا إرباً إرباً، ولكنها حكمة الله في عقوبة هؤلاء وإضلال أولئك. (١٠) عندما سقطت الأندلس في يد فرديناند وإيزابيلا أصدرا أمراً بهدم كل الحمامات، وسنت الكنيسة قانوناً يعتبر الاغتسال عادة إسلامية، وقرينة لمحاكم التفتيش على أن فاعله لم يتنصر على الحقيقة، وفي ظل هذا الحكم الكاثوليكي ازدهرت تجارة البول البشري للتداوي به، فقد كان الغرب مبهوراً بالحضارة الأندلسية لدرجة أن أبوال الناس في الأندلس هي أفضل أنواع الدواء!! كل هذا فصله أحد المستشرقين الإسبان المعاصرين، ولعل الله يهيئ لإخراج مادة عن هذا الموضوع الصارخ الدلالة. (١١) الأمين العام لحلف الناتو الذي قال بكل وضوح: (إن العدو الذي يعمل الحلف لمواجهته بعد سقوط الاتحاد السوفييتي هو الإسلام) . (١٢) انظر: كتاب جايديس (الزنديق الأعظم) معرًّب. (١٣) واستمرت الحركة إلى عهد الإمبراطورة (إيريني) التي كانت معاصرة لهارون الرشيد رحمه الله، حيث انتصرت الدعوة إلى الوثنية، وأقر مجمع (نيقية) الثاني سنة ٧٨٧م التماثيل والتصوير، وهكذا أُغرقت أوروبا في الوثنية ولا تزال. (١٤) في سِفْر (اللاويين) الإصحاح التاسع عشر: (أنا الرب إلهكم، لا تلتفتوا إلى الأوثان وآلهة مسبوكة، لا تصنعوا لأنفسكم) ، وفي الإصحاح السادس والعشرين (لا تصنعوا لكم أوثاناً، ولا تقيموا لكم تمثالاً منحوتاً أو نصباً، ولا تجعلوا في أرضكم حجراً مصوراً لتسجدوا له) ، ونحوه في سِفْر (الملوك الأول) الإصحاح الرابع عشر، ومواضع كثيرة من أسفار الأنبياء. (١٥) يرى أرسطو حسب النظر العقلي المجرد أن أثقل الجسمين يقع على الأرض أولاً؛ في حين أثبت جاليليو بالتجربة وصولهما معاً، وبذلك تبين أن عوامل غير الكثافة (فراغ الوسط، أو تخلخله) هي المؤثرة في سرعة السقوط. (١٦) رغم الثورة العنيفة في الفكر الأوروبي على منطق أرسطو؛ لم يستطع أي فيلسوف أوروبي ولا (هيجل) أو (جون مل) أن يكتب في نقض المنطق مثلما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأنى لهم ذلك! . (١٧) هذا الرأي الذي نقوله يبدو مخالفاً للسائد في تاريخ الحداثة عند كثيرين، لكن لا جرم أن البدايات الفكرية دائماً موضع اختلاف، على أن من تأمل ملياً ظهرت له وجهة نظرنا، انظر مثلاً: (حكمة الغرب) ، برتراند رسل، ترجمة فؤاد زكريا، ١٩٨٣م، الكويت، ص ١٧ - ٤٢. (١٨) لم يبق لدى الباحثين المعاصرين شك في أن سبينوزا وهو يهودي أندلسي فر من الاضطهاد الكاثوليكي بعد سقوط الدويلات الإسلامية بالأندلس قد بنى نظريته على الأساس المنهجي الذي وضعه ابن حزم في (الفصل) . (١٩) ملتون. (٢٠) فيكتور هيجو. (٢١) الحرب هي شأن الحضارة الغربية الدائم، ومن أبرز الأمثلة عليها حرب المائة عام، وهي في الواقع أكثر (١٣٣٧ - ١٤٥٣م) بين فرنسا وبريطانيا، أما الأسباب فكانت من التفاهة بحيث تثير الاشمئزاز؛ مثل تتويج طفل رضيع ليكون ملكاً أو زواج أحد الملوك بملكة دولة أخرى فينتج عنه الاختلاف على ولاية العهد، ناهيك بما إذا اعتنق أحد الملكين مذهباً يخالف الآخر!! وهكذا فإن الشعارات الجوفاء التي لا يمل الغرب من تكرارها عن السلام والاستقرار؛ ما هي إلا تعبير عن الشعور بالذنب من تاريخ طويل لا يعرف الهدوء ولا الأمن. (٢٢) وهذا شأن أوروبا إلى اليوم، فخريطتها السياسية تتعرض لتحديث مستمر لا نظير له في أي مكان من العالم، وفي ذلك الدلالة الكافية على أنها أمم لا تعرف الطمأنينة والاستقرار، لا على المستوى النفسي ولا على المستوى الاجتماعي!! . (٢٣) ورابعهم المتفلسف المعتوه (نيتشه) الذي استبطن عقيدة (الشعب المختار) فنادى بنظرية الإنسان الأعلى (سوبرمان) ، واستظهر بالداروينية ليقول إن الرب قد مات - تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً - وإنما كان الميت هو رب الكنيسة الذي لا وجود له إلا في أذهان عبدة الصليب، ولم يقبل عقل نيتشه إن كان بقي لديه عقل أن يدعو نفسه وقومه إلى دين الإسلام وهدي محمد صلى الله عليه وسلم، بل دعا إلى المجوسية وألَّف (هكذا تكلم زرادشت) ، وصدق الله تعالى حين قال عنهم: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} [النساء: ٥١] ! . (٢٤) الولايات المتعصبة في الجنوب الأمريكي، وهي لا تزال حتى اليوم ترفض نظرية دارون، وليس هذا هو المشكل في ذاته ولكنها تقر أن الله خلق الكون كله حوالي سنة ٤٠٠٠ قبل الميلاد حسب تقاويم التوراة المختلفة!! وأشهر من دخل معهم في صراع حول تدريس هذه النظرية الرئيس الأمريكي (كلينتون) حين كان حاكماً لإحدى الولايات المذكورة (انظر التفصيل في كتاب: بل كلينتون) ، ومع هذا فالعلمانيون العرب لا يجدون مثالاً للتعصب الفكري والجمود العقلي إلا بعض الخطباء أو العلماء الذين يعترضون على الروايات التي تفيض بالزندقة والإلحاد سباً وشتماً لا فكراً وبحثاً!! . (٢٥) (اليوتوبيا) مصطلح فلسفي يقابل (المدنية الفاضلة) عند المتفلسفة الإسلاميين، وهي تعبير عن أحلام وخيالات الفلاسفة المثاليين القانطين من صلاح البشرية والرافضين لهدى الله وشريعته، كما أن متفلسفة رجال الدين مثل (أوغسطين) حلموا بمدنية تجسد خيالاتهم. (٢٦) (بروميثوس) هو الرمز الأسطوري للإنسان الذي سرق النار من الآلهة! (وهو ينطبق على أوروبا في مرحلة النشوة بالانتصار على الكنيسة بواسطة العلم) ، و (سيزيف) أسطورة إغريقية أخرى مضمونها أن الأرباب حكمت على سيزيف بأن يحمل صخرة إلى قمة الجبل، وكلما وصل القمة تدحرجت، ثم عاد ليحملها إليها مرة أخرى فتتدحرج من جديد،، وهكذا دواليك، وقد جعلها ألبير كامو رمزاً لفلسفته العبثية!! . (٢٧) وقد ارتد (إليوت) إلى الكاثوليكية وأصبح يكتب كأشد القساوسة تعصباً، ولكن الداخلين في جحر الضب من الحداثيين العرب يتغافلون عن هذا، ونظيره في ذلك الكاتب (جراهام جرين) الذي ارتد عن الاشتراكية إلى الكاثوليكية، وهكذا نجد العودة إلى الدين الباطل غير مستنكرة في الغرب، أما العودة إلى دين الله فهي في نظر المتعلمنين ظلامية ونكوص وتخلف!! . (٢٨) ألقت أمريكا (التي لا تفتؤ تتهم المسلمين بالإرهاب، وتتشدق بحظر أسلحة الدمار الشامل) تلك القنبلة الجهنمية على المستشفى العام في المدينة، فتبخر مثل نقطة ماء على صفيح ملتهب، وتفحم ما حوله من المدينة، حيث لم يكن أي قاعدة عسكرية، ولم يكن من بين مئات من الضحايا عسكريون إلا من كان موجوداً اتفاقاً أو في إجازة!! . (٢٩) (ليباب) قصيدة إليوت المشهورة فيما بين الحربين، و (الطاعون) رواية كامو عن الحرب الثانية. (٣٠) طرطوف: ملهاة لموليير، و (دماء الخنازير) مسرحية عبثية كان لها دوي كبير في الستينيات، وأمثالها الآن كثير.