للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

هذا هو الحل لقضية مسلمي مورو [*]

محمد شفيق

إن مسلمي مورو الذين ذاقوا وعاشوا ألواناً من الظلم والاضطهاد وعمليات

الإفناء المنظم المدبرة ضدهم في ظل الحكومة الفلبينية الصليبية التي ضمت بلادهم

إليها ظلماً وغدراً وطغياناً قد فقدوا الأمل في جميع الأساليب والحلول السلمية

والسياسية لحل مشكلتهم منذ عام ١٩٧٥م، أي منذ ثمانية عشر عاماً.

ازدياد الأوضاع سوءاً:

ازدادت أوضاع مسلمي مورو سوءاً بعد المحاولات لإيجاد حلول سياسية

سليمة لمشكلتهم، وبعد اتفاقية طرابلس عام ١٩٧٦ التي نصت على منح المسلمين

الحكم الذاتي في ١٣ محافظة وتسع مدن، لكن الحكومة الفلبينية الصليبية لم تلتزم

بها، بل انتهزت فرصة الهدوء النسبي بعد وقف إطلاق النار المترتب على الاتفاقية

لوضع خطة لمضاعفة قبضتها وسيطرتها على المسلمين ووزعت جنودها على

الأماكن الاستراتيجية في المناطق الاسلامية؛ مما جعل تحركات المسلمين أمراً

صعباً حيث أقيمت مئات من مراكز التفتيش على طرقهم كما انتهزت الحكومة

الصليبية الفرصة لتهجير مزيد من النصارى إلى بلاد المسلمين، وإقامة مستوطنات

لهؤلاء فيها. وباختصار كانت نتائج المبادرات والحلول السياسية السليمة ما يلي:

١- بدلاً من استرجاع المسلمين بعض أرضهم المغتصبة فقدوا المزيد منها.

٢- بدلاً من استعادة المسلمين بعض حقوقهم السياسية والاجتماعية المسلوبة

فقدوا المزيد من هذه الحقوق.

٣- بدلاً من وقف إقامة المستوطنات الصليبية في بلاد المسلمين ازدادت هذه

المستوطنات.

٤- بدلاً من فك القمع والقبضة الحديدية على المسلمين ازداد القمع والقهر

عليهم.

٥- بدلاً من إرجاع المسلمين المشردين إلى أرضهم ازداد عدد المشردين.

٦- بدلاً من وقف حرق بيوت المسلمين ومساجدهم ومدارسهم ازداد عدد

المحروق منها.

٧- بدلاً من إيجاد حلول لمشكلة الفقر والمشكلات الاجتماعية الأخرى ازداد

الفقر وتضاعفت المشكلات الاجتماعية.

وما ذكر ليس حصراً لجميع النتائج السلبية للحلول السياسية السلمية لقضية

مسلمي مورو، وإنما هو صور منها، وأسوأ نتيجة لها إضعاف الروح المعنوية لدى

المسلمين وإضعاف الروح الجهادية في قلوبهم؛ لأن النتيجة الحتمية للحلول

السياسية السلمية هي هزيمة الروح وكلال الهمة وإضعاف الإرادة القتالية وهي أسوأ

أنواع الهزيمة، فالهزيمة العسكرية لا تكون هزيمة حقيقية ما لم تتبعها هزيمة الروح

المعنوية.

وأقول لكم بكل صراحة وبكل إيمان وصدق إنه: لولا فضل الله على

المسلمين هنا في بلادنا، ثم الجهود المتواضعة التي بذلناها لمحو الهزيمة الروحية

التي أدت إليها الحلول السياسية السلمية، وإعادة الروح الجهادية إلى نفوس

المسلمين لحلت بهم الهزيمة المعنوية بسبب الحلول السياسية السلمية.

الحلول السياسية السلمية طرقت الأبواب:

إن المشكلة كل المشكلة أن الحلول السياسية السلمية التي تركت نتائج سلبية

كثيرة لدى المسلمين جاءت مرة أخرى وطرقت الأبواب المغلقة، لقد دعونا

المسلمين إلى النفير العام والجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمته والاستماتة لنصرة دين

الله، واستجاب المسلمون لدعوتنا وأعدوا العدة وجهزوا أنفسهم ووقفوا صفاً واحدً

كالبنيان المرصوص، وكانوا قاب قوسين أو أدنى من الهجوم على العدو الذي احتل

البلاد هجمة رجل واحد، ولكنهم فوجئوا بإعلان المفاوضات السلمية بين مندوبي

حكومة الفلبين وجبهة مسواري الوطنية في أندونيسيا حيث استؤنفت هذه

المفاوضات مرة أخرى بعد أن فشلت عشرات المرات خلال جولاتها التي استمرت

ثمانية عشر عاماً، وتركت آثاراً سيئة في مجتمع مورو الإسلامي.

لقد تفاوضت جبهة مسواري مع مندوبي حكومة الفلبين سراً في ليبيا العام

الماضي (بواسطة العقيد معمر القذافي) واستمرت الاتصالات بين جبهة مسواري

وحكومة الفلبين إلى أن أعلنوا نقل المفاوضات إلى اندونيسيا مؤخراً ثم عقدت

المفاوضات الرسمية بين الجانبين في جاكرتا باندونيسيا مؤخراً، ولم تتوصل

المحادثات إلى أي شيء لصالح قضية المسلمين المظلومين والمضطهدين.

وقد علمنا من مصادر موثوقة أن حكومة العدو راموس الصليبية تحاول أن

تقنع جبهة مسواري بالاستسلام المشرف حسب تعبيرهم وهو أن يتخلى (مسواري)

عن قضيته مقابل منصب حكومي، كما يسند إلى زملائه أيضاً بعض المناصب

الحكومية الزائفة الزائلة مقابل تخليهم عن قضيتهم، هذا ما وصلت إليه المفاوضات

الأخيرة في جاكرتا، ومازالوا يبحثون عن الحلول لمشكلة المناصب وكيف تعطيهم

الحكومة الفلبينية المناصب في بلاد المسلمين التي وقعت تحت سيطرة الفلبين

ومعظم حكامها من الصليبيين والمنافقين.

هل القضية قضية مناصب حكومية أم قضية حزب أو جماعة قليلة من الناس؟ لا إنما هي قضية شعب مسلم أصيل بلغ تعداده ١٢ مليون نسمة وضمت بلاده إلى

دولة صليبية تحكمه بالحديد والنار وتكيد له بكل أنواع الكيد وتحاول القضاء عليه.

الجهاد هو الحل:

إن الحل الصحيح لمشكلة مسلمي مورو وجميع مشاكل المسلمين تحت احتلال

الكفار هو الجهاد في سبيل الله، وأي محاولة لحل المشكلة مهما كانت جادة وصادقة

في ظاهرها ما لم تتضمن دعم الجهاد أو تشجيع المجاهدين هي محاولة فارغة لا

تساهم في العمل على تخليص المسلمين من السيطرة الصليبية الاستعمارية.

لذلك اتفقت جماهير مسلمي مورو وعلماؤهم ودعاتهم وأساتذتهم ومعلمو القرآن

الكريم منهم وقراؤهم وعامتهم على أن يجاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمته ونصر

دينه، فهم يدركون معنى قوله تعالى: [إلا تنفروا يعذبكم عذاباْ أليماْ ويستبدل قوماْ

غيركم ولا تضروه شيئا] ، وقوله جل شأنه: [وإن تتولوا يستبدل قوماْ غيركم ثم

لا يكونوا أمثالكم] ، وقد استجابوا لأمر الله حيث قال: [انفروا خفافاْ وثقالا

وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون] .

ونحن حين نجاهد أعداء الإسلام الذين استولوا على بلادنا نستنصركم في

الدين بأموالكم أو نفوذكم ومساعيكم الحميدة لدى المحسنين من أغنياء الأمة الإسلامية، أو بأفكاركم وتدابيركم وخاصة في المجالات الإعلامية، أو بدعواتكم إلى الله لنا

ولجميع المجاهدين الصادقين في بقاع الأرض بالنصر والتمكين لإقامة حكم الله.

ونأمل أن تشجعوا ضعاف الإيمان والنفوس منا على الجهاد، وكذلك

المهزومين نفسياً، وإن لم تستطيعوا أن تشجعوهم على الجهاد فعلى الأقل لا

تشجعوهم على الاستسلام بواسطة المفاوضات السلمية وقبول عروض العدو من

المناصب والأموال مقابل التخلي عن القضية.

حي على الجهاد:

لقد استيقظت جماهير مسلمي مورو الآن، والذين عاهدوا الله على أن

يجاهدوا في سبيله لإعلاء كلمته ونصرة دينه، وسيمضون في جهادهم إن شاء الله

في نصب وشقاء وحرمان وتضحية واحتمال كل مشقة ومجاعة ولا يطلبون جزاءً

في هذه الأرض، وإنهم ينتظرون الآخرة وحدها موعداً للجزاء إن شاء الله وإذا

انتصروا فذلك من فضل الله على المؤمنين وعلى الأمة الإسلامية كافة، وإذا

استشهدوا فذلك أسمى أمانيهم، لذلك كان شعارهم: إما النصر أو الشهادة..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله

رب العالمين.

ومن البيان رقم (٣٢) لجبهة تحرير مورو الإسلامية نقتطف ما يلي:

تقوم حكومة راموس الصليبية بمؤامرة خطيرة جداً ضد مسلمي مورو

وتستخدم سياسة مزدوجة بغية الوصول إلى هدفها المنشود وهو القضاء على

المسلمين الذين تعتبرهم عدوها الأول قبل الشيوعيين وغيرهم.

ذلك أن هذه الحكومة الصليبية التي استخدمت ومازالت تستخدم جميع صنوف

الكيد ضد المسلمين تتفاوض مع جبهة (مسواري) الوطنية في محافظة سولو مسقط

رأس مسواري زعيم الجبهة الوطنية التي تفاوضها حكومة الفلبين علماً بأن هذه

الجبهة ليس لها قاعدة شعبية وليس لها جناح عسكري منظم.

وفي الوقت ذاته تشن قواتها المسلحة حملات عسكرية ضد المسلمين الآمنين

العزل من السلاح، وضد جبهة تحرير مورو الإسلامية بقيادة أمير المجاهدين

الشيخ/ سلامات هاشم، وقد أعلن راموس رسمياً أن هذه الجبهة ليست داخلة في

الاتفاق على وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه المفاوضات بين الصليبيين ومن

فاوضهم.


(*) بتصرف.