للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كيف تبني نفسك تربوياً؟

عبد الله بن مبارك آل السيف

أهمية الموضوع:

مر المسلمون في الفترة السابقة بمرحلة كانت الحاجة فيها إلى الدعوة والتربية

أكبر من تحصيل المادة أسوة بالمرحلة المكية التي ركز الرسول -صلى الله عليه

وسلم- جهده فيها على توسيع رقعة الدعوة وتربية الأفراد مع قلة التكاليف والأحكام

الشرعية، ولهذا كان بعض المربين قد أهمل نفسه في الجانب العلمي.

وبعد أن توسعت رقعة الدعوة وكثر سواد المهتمين بالإسلام وكسبت الدعوة

رصيداً كبيراً في الشارع الإسلامي وهي المرحلة التي يمكن أن تشبه بالمرحلة

المدنية - في بعض الجوانب - في هذه الرحلة ظهرت الحاجة إلى البناء التربوي

الجماعي - لا الخاص.

إن الحاجة إلى العلم الشرعي في بناء العمل الإسلامي تنبع من ضرورة السير

على منهج الكتاب والسنة، كما تنبع من تعطش الشباب المسلم إلى العلم الشرعي

الصحيح وتقويم مسيرتهم على أساسه ووزن الناس بميزان الشرع.

ولذا فإن الدعاة الأكثر تأثيراً في الجيل القادم هم أكثر الناس حصيلة شرعية

وتربوية، فلا يغني أحد الجانبين عن الآخر، ولذا كان هذا الموضوع في أساليب

البناء التربوي والعلمي.

الجانب التربوي:

هناك عدة أساليب لبناء شخصية الداعية التربوية وتنمية قدراته الدعوية

وزيادة خبراته وتجاربه منها:

١ - قراءة كتب التفسير وخاصة في مجال دعوات الأنبياء وصبرهم وتحملهم

وأساليبهم في الدعوة وتربية أتباعهم من المؤمنين، ودراسة أحوال الكافرين ومعرفة

صفاتهم وطبائعهم وعاداتهم في التعامل مع الدعوات الصادقة من خلال القرآن

وتفسيره.

٢ - قراءة سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والاسترشاد بحرصه على

تبليغ الدعوة ودراسة أساليبه في البلاغ وطريقته في تربية الأتباع واستغلاله لكل

المناسبات في التربية والدعوة من خلال القرآن والسنة.

٣- قراءة سيرة السلف الصالح في تربية النفوس وكيفية تزكيتها وحملها على

الخير والطاعة والمصابرة في ذلك، وطريقة الصحابة في تبليغ الإسلام إلى

الأمصار المفتوحة وكيف استطاعوا تربية الآلاف المؤلفة من الداخلين في الإسلام

بالقدوة الحسنة وكيف نقلوهم إلى هذه المرحلة الإيمانية العالية.

٤ - قراءة كتب الدعوة التي تعنى بالأساليب وتحديد الأهداف وبلورة المنهج

الدعوي وخاصة من الموثوقين أهل السنة والجماعة أصحاب المنهج السليم. كما أنه

يمكن الاستفادة من منهاج غيرهم - بحذر - في القضايا المشتركة التي أبدعوا فيها.

٥ - العمل في مجالات الدعوة العامة الخاصة له أثر كبير في بناء شخصية

الداعية، وكلما كانت دعوته أوسع كلما كانت شخصيته أقوى تربوياً، وبذلك تزيد

خبرته الدعوية، وكم من الناس قليل القراءة في مجال الدعوة والتربية ولكنه يثير

إعجابك به في هذا المجال وتتملكك الدهشة منه، والسر في ذلك كما قلت الحركة

المباشرة وكما يقال: (حَرِّكْ تَرَ) .

٦ - قراءة كتب الرقائق والوعظ وتهذيب السلوك والتذكير بالله والتخويف من

عذابه والتي تحث على مراقبته وخشيته ورجائه والاعتماد والتوكل عليه والإخلاص

له والتجرد في القول والعمل والاعتقاد له.

الجانب العلمي:

ويشمل تحصيل العلم الشرعي وبناء الحصيلة الثقافية العامة ومعرفة الواقع.

وهنا أمور ننبه إليها قبل ذكر أساليب القراءة منها:

* الفنون الصعبة تقرأ في أوقات الصفاء الذهني، والكتب السهلة تقرأ في

الأوقات الأخرى.

* لا تقف عند المسائل الصعبة إذا تعسرت - خلال القراءة - حتى لا تضجر

من القراءة، واعرضها على شيخ فيما بعد أو ابحثها.

أساليب القراءة:

١ - قراءة كتب معينة في العلم على الشيخ أو شرح الشيخ لها.

٢ - قراءة الكتاب كله مع الإشارة إلى ما يشكل ثم عرضه على شيخ بعد

الانتهاء.

٣ - طريقة بحث المسائل من أول باب في الفقه إلى آخره مع معرفة الراجح.

٤ - طريقة قراءة متن في العلم ثم قراءة شرحه والتوسع في الفن.

٥ - طريقة قراءة كتاب الطهارة من الفقه مثلاً ثم قراءة كتاب الطهارة من

الحديث ثم من القواعد الفقهية - عند من يرتبها على الأبواب الفقهية - ثم من

تخريج الفروع على الأصول وهكذا بالربط بين العلوم.

٦ - طريقة تلخيص ما قرأه في يومه ثم قراءة الملخص في الليل ومحاولة

حفظه ومراجعته في الصباح.

٧ - طريقة القراءة مع استنباط الفوائد وترتيبها وكتابتها في أوراق خاصة

لتكوين مشاريع تأليف طويلة المدى، أو بتعليق النكات العلمية المهمة في غلاف

الكتاب أو نقلها إلى حواشي كتب أخرى تناسبها.

٨ - طريقة القراءة مع الآخرين مع الحوار والنقاش.

٩ - طريقة تلخيص الكتاب كله ثم قراءة التلخيص عدة مرات.

١٠ - طريقة قراءة الكتاب كله مرة واحدة وعدم تجزئته أو الانشغال بغيره.

١١ - طريقة استصحاب الكتب الصغيرة الجيدة في كل مكان وزمان وقراءتها

للحفاظ على الوقت - خاصة مع سهولة حملها.

١٢ - طريقة ترتيب العلوم بحسب السنوات، فمثلاً: السنة الأولى للعقيدة

والسنة، التي بعدها للفقه، ثم التي بعدها للحديث، أو يجمع في السنة الواحدة بين

علمين مترابطين فأكثر، ثم ينتقل إلى علوم غيرها وهكذا.