للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحضارة المعاصرة ... الوجه الآخر

[ ... والرسالة روح العالم ونوره وحياته، فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح

والحياة والنور؟ ! والدنيا مظلمة ملعونة، إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة] .

ابن تيمية

نعرض في هذا القسم من المجلة لأحداث وأخبار هي من إفرازات هذه

الحضارة المادية التي يراد لها أن تهيمن على العالم وتسخره لمفاهيمها ومعطياتها

وذلك كي يعرف المخدوعون بهذه الحضارة، والذين يدعوننا إلى تقليدها والأخذ بها

(خيرها وشرها وحلوها ومرها! !) أن لها جوانب مأساوية، وتكاليف قاسية.

إننا لسنا ضد العلم، أو التقدم الذي يسخر لراحة الإنسانية، فالعلم هو نتاج

البشرية كلها، وكل الأفكار والاكتشافات والاختراعات هي نتيجة جهود متراكمة

شارك فيها البشر جميعاً، على اختلاف مللهم وألوانهم وأجناسهم، ونحن - من جهة

أخرى - لسنا ضد ما قدمت الحضارة المعاصرة من خدمات للبشرية، ولا نبخس

الناس أشيائهم فنزري عليهم بما تفوقوا به علينا من معرفتهم للنظام والتخطيط،

ومن تقديرهم لقيمة الوقت، ومن صبرهم ودأبهم على طلب المعرفة.. ولكننا نبرز

هنا كيف أن أي حضارة إذا ابتعدت عن المنهج الإلهي تكون بمثابة المركبة التي

تسير دون كوابح - فهي وإن بدت مسرعة - إلا أن النهاية الحتمية سوف تدركها.

وكذلك فإن الغرض من هذا الباب هو الإشارة إلى أن الحضارة التي تجعل كل

همها الانصراف إلى الجانب المادي وتهمل الجوانب الأخرى التي استحق بها

الإنسان صفة «الإنسانية» تكون بمثابة الطائر الذكي يطير بجناح واحد.

إن الحضارة المعاصرة في جذورها تمتد إلى فكر اليونان والرومان الوثني

فترضع منه تصورها للحياة، وطريقة تناولها للواقع والتعامل معه، وإن المسيحية

المحرفة لم تغير من النظرة الوثنية إلى الكون والأشياء، التي تصبغ فكر هذه

الحضارة، بل إن الفكر الوثني هو الذي هيمن على المسيحية التي اعتنقتها أوربا

وبسط ظله عليها ودخل بتفسيراته وتأويلاته، وتحريفاته إلى أخص خصائصها حتى

مسخها وجعلها تتعايش معه.

وكل ما نراه من نتاج هذه الحضارة على المستوى الأخلاقي والفلسفي - مثل

التمييز العنصري، واستعمار الشعوب واستغلالها، وإهدار كرامة الإنسان،

والنظرة الاستعلائية التي تحكم نظرة الإنسان الأوربي إلى غيره والتخبط النفسي

الذي يعيشه الذين ارتضوا أن توجههم هذه الحضارة - هو نتيجة طبيعية للنظرة

المادية الفظة التي قدمتها هذه الحضارة إلى العالم والتي يراد منا أن نخضع لها.

في الغرب: البلايين تصرف على الكلاب والقطط ... والملايين تعيش تحت

مستوى الفقر! ! .

يقول خبراء اجتماعيون من جامعة بنسلفانيا إن محبي الحيوانات في الولايات

المتحدة وحدها ينفقون أكثر من ثمانية بلايين دولار للاعتناء بحيواناتهم من القطط

والكلاب ...

(أي أكثر من الدخل الوطني في أكثر من دولة من دول العالم النامي! !)

جريدة الرياض ٣٠/١٢/١٤٠٦هـ

هذا ما ينفقه الشعب الأمريكي المتحضر على الكلاب والقطط سنوياً.. يتم هذا

في الوقت الذي يموت فيه الآلاف من الجوع والأمراض الناتجة عن سوء التغذية في

كثير من الدول الأفريقية والآسيوية وغيرها.. بل إن هذه البلايين من

الدولارات تصرف على الكلاب في أمريكا رائدة الحضارة الغربية في الوقت الذي

يعيش فيه الملايين من الشعب الأمريكى نفسه في فقر مدقع ... فلو قدر لك أن تدخل

حياً من الأحياء الفقيرة في مدينة نيويورك أو غيرها من كبريات المدن الأمريكية -

وخصوصاً الأحياء التي تقطنها أغلبية سوداء - لحدثتك نفسك أنك في بلدٍ من أفقر

بلدان العالم الثالث وما الدول الغربية الأخرى عن هذا ببعيدة إن لم تكن أسوأ حالاً

منها.. .

ففي بريطانيا العظمى! ! مثلاً: نشرت صحيفة الجارديان بتاريخ ٢٦/٦/٨٦ م تقريراً أعدته مجموعتان من مجموعات ممارسة الضغط على الحكومة: (إن أحد

عشر مليون شخص يعيشون حالياً على-أو دون - مستوى الفقر.. وهذا العدد كما

لا يخفى يشكل حوالي ٢٠% من العدد الإجمالي للسكان ... وليس الشعب البريطانى

بأقل شغفاً بالقطط والكلاب من نظيره الأمريكي، ولا هو بأقل صرفاً وإنفاقاً عليها

.. فهذه تناقضات الحضارة الغربية وهكذا:

تموت الناس في الصحراء جوعاً ... ولحم الضأن يرمى للكلاب! ! !

وإذا تركنا القطط والكلاب جانباً بهذه البلايين من الدولارات التي تصرف

عليها، ونظرنا إلى ما يصرفه الشعب البريطاني من الملايين على الخمور (هذا

الشعب الذي يحتضن بين جنبيه أحد عشر مليون فقير) .. إذا نظرنا إلى ذلك فإننا

نزداد ثقة بتناقضات هذا المجتمع الغربي المتحضر! ! .

ففي تقرير أعده خبراء الصحة ونشرته صحيفة التايمز بتاريخ ٢٥/٣/٨٦ م

جاء فيه:

(إن البريطانيين ينفقون ٣٥ مليون جنيه استرليني يومياً! ! على المشروبات

الكحولية - ويدخل خزانة الدولة سنوياً ٦ بلايين جنيه كضرائب على هذه

المشروبات ... لكن الفاتورة السنوية التي تصرفها البلد من جراء مفاسد هذه

المشروبات قدرت بـ مليار و٦٨٠ مليون جنيه، وذلك نتيجة التغيب عن العمل

الناجم عن الأمراض التي تسببها الخمور، وأجور العلاج في المستشفيات والموت

السابق لأوانه.. فماذا بقي من حضارة مجتمع ينفق أكثر من ١٢ مليار جنيه سنوياً

على الخمور فقط ... في وقت يعيش فيه ١١ مليون من أبنائه تحت مستوى الفقر؟!. [وإثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا]

في التقرير سابق الذكر والذي أعدته منظمة الحد من مفاسد الكحول،

المدعومة من قبل الجمعية الطبية البريطانية ومجلس التعليم الصحي ومنظمات

أخرى ونشرته صحيفة التايمز بتاريخ ٢٥/٣/٨٦م في هذا التقرير جاء ما نصه:

(إن أكثر من ٢٥ ألف شخص يموتون سنوياً في بريطانيا كنتيجة مباشرة

لسوء استعمال الكحول) .

(إن الشعب البريطاني يستهلك من الخمور الآن ضعف ما كان يستهلكه في

الخمسينات من هذا القرن، ولقد انخفضت أسعار الخمور بمعدل ٥٠% عنها في عام

١٩٥٠م) .

(إن واحداً من كل ثلاثة سائقين يتسببون في وقوع حوادث السيارات والتي

ينتج عنها آلاف القتلى والجرحى كل سنة ... قد تعدى الحد القانوني في تناول

الشراب) .

(إن نصف المتهمين بجرائم القتل كانوا اثناءها مفرطين في السكر) .

(ويرتبط الشراب أيضا بـ ٥٢% من الوفيات بسبب الحرائق وبـ ٣٠%

من حوادث الغرق) .

(إن الحالة الهستيرية التى يعيشها المجتمع هلعاً من مخاطر المخدرات قد

صرفت الانتباه بعيداً عن القاتل الحقيقي - يعني الخمور - ففي عام ١٩٨٤ قتل

٢٥٠٠ على الأقل بسبب الإفراط في تناول الخمور.. بينها ٢٣٥ حالة وفاة فقط

تسببت بها المخدرات) .

إن السراب الذي يتطلع إليه المخدوعون بهذه الحضارة لتعكسه هذه الأرقام

والإحصائيات فيظهر جلياً على حقيقته..

وصدق الله العظيم إذ يقول في محكم التنزيل: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والْمَيْسِرِ

قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنَافِعُ لِلنَّاسِ وإثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا] [البقرة: ٢١٩] ..

نعم، قد تجني الدولة الملايين كضرائب على الخمور، وهذا في ظاهره نفع

وغنيمة، لكنها تنفق أضعافها نتيجة الحوادث والجرائم الناجمة عن تعاطي هذه

الخمور ... والشعب يدفع عصارة جيبه وكد جبينه كى يطرب ويلهو ويسكر.. فإذا

أفاق دفع فاتورة هذا الطرب والسكر مرة أخرى - لا بالمال هذه المرة - لكن بما

يعانيه من ازدياد في الجرائم والحوادث والأمراض.. فأي نفع يقارن بكل هذه

المفاسد والآثام.. فعلام إذاً تشرئب الأعناق إلى هذه الحضارة، وينادي بالسير على

خطاها المنادون ... وهل ينادي بها بعد ذلك إلا السذج والبلهاء ... ولهؤلاء نقول:

هذه حقيقة هذه الحضارة ... فهل أنتم منتهون؟ .

[فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ]

يقول تقرير صادر عن مؤتمر الإيدز (مرض نقص المناعة المكتسبة) بتاريخ

٢٥/٦/٨٦ ونشرته صحيفة الجارديان بتاريخ ٢٦/٦/٨٦ م.

(إن ٣٠٠ ألف حالة إصابة بمرض الإيدز ستقع في عام ١٩٩١م وحده إذا

انتشر (فيروس) المرض في بقية أنحاء العالم كانتشاره الآن في الولايات المتحدة) .

وصرح الدكتور (جيمس كَرَنْ Dr James Curran رئيس برنامج الإيدز

في مركز مكافحة المرض في أتلانتا Atlanta) إن ٧٤ ألف حالة جديدة ستهدد

الولايات المتحدة في عام ١٩٩١ نفسه) .

وختم الدكتور (كَرَنْ) المؤتمر الذي دام ثلاثة أيام بتنبؤٍ خطير جاء فيه: (إنه

مع مطلع عام ١٩٩١م سيكون أكثر من ربع مليون أمريكي قد أصيبوا بالمرض وإن

١٧٩ ألف آخرون قد أدى بهم المرض إلى الوفاة) .

وأضافت الصحيفة تقول: (ومن المعلوم أن أوربا تأتي بالمرتبة الثانية بعد

الولايات المتحدة من حيث عدد الإصابات بالمرض وبتخلف زمني قدره أربع

سنوات، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية بتاريخ ٢٥/٦/١٩٨٦م أن فرنسا هي

أسوأ الدول الأوربية تأثراً بمرض الإيدز، فقد بلغت عدد الإصابات فيها وحتى شهر

آذار (مارس) الماضي (٧٠٧) حالة إصابة ... وتأتي ألمانيا الغربية في المرتبة

الثانية بعد فرنسا حيث بلغت حالات الإصابة بالمرض (٤٥٧) حالة وتأتي بريطانيا

في المرتبة الثالثة بـ (٣٤٠) حالة إصابة، وتحتل إيطاليا المرتبة الرابعة بما

مقداره (٢١٩) حالة..)

لعل هذه الإحصائيات التي صدرت عن مؤتمر الإيدز في باريس أحدث ما

نشر عن انتشار هذا المرض الفتاك.. وإلا فالإحصائيات كثيرة، ولا تكاد تطالع

صحيفة يومية أو أسبوعية إلا وتجد حديثاً عن مرض العصر ... ولا نريد في هذه

المقالة الدخول في دراسات علمية تفصيلية عن أعراض هذا المرض وأسبابه وآثاره

فنحسب أن القارئ الكريم لا تخفى عنه مثل هذه الأمور عن مثل هذا المرض لكن

لا يفوتنا أن نذكر أن ٩٥% ممن يصابون به هم ممن يمارسون الشذوذ الجنسي،

وأن الباقين ممن يتعاطون المخدرات أو ينقل لهم دم مصاب بهذا المرض، كما لا

يفوتنا أن نذكر أيضاً أن أكثر من ٩٠% ممن يصابون به يؤدي بهم أخيراً إلى الوفاة.. ولنقف قليلاً عند حقيقة أن أكثر من يصابون به هم من اللوطيين..

فإذا كانت القوانين والحكومات الغربية قد أعطت للوطيين ما يطالبون به من

حقوق، فسمحت لهم بإقامة الجمعيات للشذوذ الجنسي، وافتتاح النوادي التي

يمارسون بها هوايتهم الشاذة، كما سمحت لهم بترويج المجلات وأشرطة الفيديو

التي تدعو إلى مثل هذا السلوك المنحرف. بل ذهبت إلى أبعد من ذلك فصرنا نقرأ

ونسمع بعض أعضاء البرلمان في أكثر من دولة من دول الغرب ينادون باعتبار

الشذوذ الجنسي ظاهرة طبيعية بحتة.. ومنهم من يطالب بإدخال الشذوذ الجنسي

كمادة تدريس في المدارس الثانوية! ! .

وهل بقي للشاذين جنسياً في هذه البلدان من حقوق يطالبون بها بعد أن سمحت

الكنيسة بزواج الرجل من الرجل رسمياً! ! .

أقول: إذا كان هذا هو وضع اللوطيين في الحضارة الغربية.. فنحن -

المسلمين - قد نبأنا الله بما حل بقوم لوط (عليه السلام) .. بل وأرادوا إخراج نبيهم

لوط وأتباعه من قريتهم ... أتدرون ما جريمتهم؟ ! لأنهم أناس يتطهرون! ! ...

تماماً كما تصنع الجاهلية المعاصرة حيث تسمي من يتطهر من هذه الأوحال

بالرجعيين والمتطرفين.. لقد أنزل الله بهم عقابه الذي لا يرد فجعل عالي قريتهم

سافلها وأمطر عليهم حجارة من السماء. قال تعالى: [فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا

سَافِلَهَا وأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ] [هود: ٨٢] ، ولما كان قوم لوط

في دول الحضارة الغربية قد أمنوا مكر الله وأمنوا عقاب القانون الذي أصبح يحميهم

ويكفل حقوقهم المزعومة ... فقد أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا فلم يخسف بهم

الأرض، كما فعل بأسلافهم بل سلط عليهم جنداً من جنوده، سلط عليهم جرثومة

هذا المرض المرعب الذي تنفطر له القلوب هلعاً.. . فالله سبحانه بالمرصاد ولا

يهمل الظالمين ولا يغفل عنهم.. . وإنا لنجد في انتشار هذا المرض بالذات وغيره

من الأمراض الجنسية في بلاد الغرب، والتي تؤدي بأصحابها أخيراً إلى الموت

مصداقاً لحدث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه بريدة (رضى الله عنه)

إذ يقول: «ما نقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا

سلط الله عليهم الموت، ولا منع قوم قط الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر» (رواه

البزار ورجاله رجال الصحيح غير رجاء بن محمد، وهو ثقة) .

وهل شيء في بلاد الغرب أظهر من الفاحشة، وهل يحظى شيء، بقدر من

الإعلان والإعلام كما تحظى به الفاحشة؟ ! أليست تعلن في أجهزة التلفاز بأشرطة

الفيديو وعلى المسارح وعلى شواطئ العراة؟ ... أليس الملايين من البشر يقصدون

هذه البلدان سنوياً بحثاً عن هذه البضاعة المزجاة؟ ..

إذاً؛ هذه سنة الله التي لا تتخلف في القوم المجرمين، فلم يكن مرض الإيدز

القاتل معروفاً قبل بضع سنين، وما ظهر إلا بعد أن أصبح للشذوذ قنواته الرسمية

والقانونية التي يُمارس من خلالها.

ولعل أكثر ما يرعب علماء الغرب وأطباءه بصفة خاصة هو ذلك المرض

الذي يكتنف (فيروس) هذا المرض، حيث فشلت كل الوسائل المتقدمة التي

استخدمت حتى الآن للكشف عن ماهية هذا الفيروس وسبل مكافحته ... بل ويزيد

الأمر خطورة انتقاله حتى لغير الشاذين ومدمني المخدرات ... وإلى أن يتوصل

العلم الحديث والتكنولوجيا المتطورة إلى اختراق هذا الغموض وحل هذه الرموز

وإيجاد العقار الواقي ... إلى أن يحدث ذلك سيبقى الفزع والرعب جاثماً على قلوب

الغربيين وهذا في حد ذاته عقاب من الله القائل عن حجارة قوم لوط [ومَا هِيَ مِنَ

الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ] [هود: ٨٣] .

ونحن على يقين من أنه ما لم يقلع الغرب -ولن يقلع - عن هذه الفواحش فإن

الإيدز لن يكون آخر وباء ينتشر بين صفوفهم.. بل إن سنة الله ماضية إلى قيام

الساعة [ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ونَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى]

[طه: ١٢٤] وصدق الله العظيم إذ يقول: [فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ

أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإذَا هُم مُّبْلِسُونَ] ... [الأنعام: ٤٤] .

نعم أبواب كل شيء من الخيرات والأرزاق استدراجاً لهم ومن الأمراض

الفتاكة والخمور المهلكة والمخدرات القاتلة، ومن القلق النفسي والاضطراب

العصبي والرعب والجرائم ... الخ.

وهذا بخلاف فيما لو آمنوا واتقوا لأصبحت هذه الخيرات والأرزاق بركات

عليهم، كما قال الله تعالى: [ولَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ

مِّنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ] [الأعراف: ٩٦] .

فليقف دعاة الأخذ بهذه الحضارة مع أنفسهم وقفة تأمل وتفكر، وليعلموا أنهم

إنما يدعون إلى مثل هذه الأمراض والإفرازات.. وإلا فنقل محاسن الحضارة

الغربية من تقدم صناعي وقتني لا غبار عليه ... لكن دعاة هذا النوع من الحضارة- اليوم - قليل بين أبناء المسلمين ...