البوسنة - الهرسك
محاولات الإفناء والتهجير
تصدرت أحداث البوسنة-الهرسك واجهة الأخبار العالمية، وذلك لما يتعرض
له هذا الإقليم ذو الغالبية المسلمة من مذابح وحشية من قبل جنود ومليشيات الصرب، ووقوع هذه المذابح في القارة الأوربية وفي منطقة عرفت بأنها بؤرة للصراع
والخلافات.
نظرة تاريخية:
يبلغ عدد سكان جمهورية البوسنة حوالي ٤٨٥٠٠٠٠ تقدر نسيه المسلمين
بأكثر من ٤٤% وكانت هذه الجمهورية جزءاً من يوغسلافيا التي انفرط عقدها على
أثر الأحداث المهمة في أوربا الشرقية والاتحاد السوفييتي، وبسبب التركيبة غير
المتجانسة للسكان، وقد كان هذا الإقليم خاضعاً للمجريين عندما تم فتحه من قبل
العثمانيين عام ١٣٨٦م وأصبحت البوسنة مقاطعتة كاملة الانتماء عام ١٤٦٣ م
وذلك بعد معارك طاحنة استقر الإسلام بعدها، بل أصبحت خلال القرنين السادس
عشر والسابع عشر الميلاديين المعقل الرئيسي للعثمانيين في صراعهم مع أوربا
الغربية وبعد أن ضعفت الدولة العثمانية كان من مقررات مؤتمر برلين عام ١٨٧٧ م أن عهد بالبوسنة إلى الحكم في النمسا، ثم ضمت إلى مملكة الصرب في عام
١٩١٨ م وبعد الحرب العالمية الثانية وفي عام ١٩٤٦ أصبحت إحدى جمهوريات
يوغسلافيا.
بدء الصراع:
عندما أعلنت منطقة البوسنة - الهرسك بأغلبية سكانها أنها دولة مستقلة
وانفصلت عن يوغسلافيا بدأ الجيش الفدرالي وحكومة صربيا وميلشيات الصرب
بمهاجمة المسلمين في البوسنة والقصد هو تشريد المسلمين وضم ما يحتلونه إلى
صربيا الكبرى كما يحلمون، كما أن قتالهم لسكان البوسنة جزء من إضعاف
المسلمين في القارة الأوربية، وهذا ما كان يوحي به الصرب إلى الغرب الأوربي
حتى لا يقف في وجهه ولكن وحشية الصرب جعلت الغربيين يضطرون للوقوف في
وجههم.
استخدم الصرب في سبيل أهدافهم أحط أنواع الجرائم فلم يسلم منهم النساء
والأطفال والمساجد والمستشفيات بل والقبور وكل يوم تطالعنا الصحف وسمعنا من
رئيس المجلس الإسلامي في البوسنة أخبار المذابح الجماعية للقرى المسلمة، وهذه
لقطات من أخبار هذا الصراع بين الإسلام وأعدائه.
- يقول الضابط محمد حافظيتش: (في مدن مثل براتونستا سقط ثلاثة آلاف
قتيل، وقد قامت القوات الصربية بإطلاق المرضى النفسيين (المجانين) من
مستشفى (الوكش) في مدينة درنبتا) الوسط ١/٦/٩٢.
- قصفت مدينة سارابيفو بتاريخ ١٦/٦/٩٢ قصفاً كان الأبشع منذ بدء القتال، عشرات الأشخاص قتلوا أو جرحوا، عشرات الأبنية تخترق، وقصفت
المستشفيات، الحياة ٨/٦/٩٢.
- منذ بدء القتال قدر عدد الضحايا بـ ٦٠٠٠ قتيل و ٢١ ألف جريح، كما
نزح من السكان ٦٥٠٠٠٠ وقد تم تدمير أقدم مسجد في المدينة الذي يعود بناؤه إلى
عام ١٤٦٢م (الحياة ٨/ ٦/٩٢) .
هذه الأخبار تؤكد لنا أن القضية هي قضية اقتلاع المسلمين من جذورهم،
لماذا لم يفعل الصرب بالكرواتيين كما يفعلون الآن بالمسلمين؟ لماذا هبت دول
الغرب (وخاصة المانيا) لمساعده كرواتيا، ثم هل ستنتهي القصة عند البوسنة -
الهرسك، أم أن إقليم كوسوفو الإسلامي وغالبية سكانه من الألبان، هل سيكون
المحطة الثانية عند الصرب؟ إن ما نعلمه من شدة بأس مسلمي تلك الديار يجعلنا
نقول لن يستطيع الصرب - بإذن الله - ولا من يؤيدهم سراً القضاء على المسلمين
في تلك المناطق ولا على النهضة الإسلامية القادمة، وإننا نشكر كل من ساعد
ويساعد هؤلاء الذين يتعرضون للإبادة كما ندعو المسلمين إلى مزيد من التأييد
لمسلمي البوسنة، فإنهم في بلاء عظيم، من حرب صليبية مكشوفة.