البيان الأدبي
[لغة الخطاب]
شعر: حفيظ بن عجب الدوسري
مهلاً فقد زال الشباب وودّعَ الليلُ الصِّحابْ ...
وانظر فقد وقف الزمان مخاطباً لك في الترابْ ...
وتأمل الماضي الذي قد صيغ من لَحنِ العذابْ ...
واسأل تواريخ الزمان عن الحساب بلا حسابْ: ...
هل نحن نحيا هكذا بين الحقيقة والسّرابْ ...
هل نحن نمضي هكذا؟ لا والذي فَرَض الكتابْ ...
بل نحن نحيا للعبادة والحياةِ على الصّوابْ ...
نحيا نطيع الله حتى لو بقينا في اغْتِرَابْ ...
حتى ولو كانت حِراب الظالمين على الرِّقابْ ...
سنظل نعبد ربنا حتى ولو زاد الضّبابْ ...
حتى ولو نبحت كلاب الغاصبين فلن نهابْ ...
ضحكت ذِئاب القوم حتى بان للشفتين نابْ ...
فعلمت أن حياتهم قد صار يحكمها الذئابْ ...
وسمعت صوتاً كالعواء فقلت هل تعوي الكلابْ ...
عهدي بها نباحة ما بالها لغة الخطابْ؟ ...
قالوا: تغيّر كل شيء صار كالعَجِبِ العُجَابْ ...
دُبِغَ الإهاب فما تغير في الإهاب سوى الإهابْ ...
وتبدلت كل الثياب ونحن لم نُبلِ الثيابْ ...
هذا لأنا لا نذل ولا نخون ولا نُعابْ ...
دوماً يصيح خطيبنا! لا لن نرُدّ له الجوابْ ...
فلتزرعوا الخير الذي تحيا به الأرض اليبابْ ...
ولتشربوا ماء السحاب لتعتلوا فوق السّحابْ ...
فلربّما نفع الخضاب إذا دنا منه الرّبابْ ...
ولربّما عشنا دهوراً نستفيد من الصعابْ ...
لنزيل عُرْفَ الجاهلية إنه عُرْفُ الخرابْ ...
يا مَنْ تُرِيدُ العيش مثل الماء بالعسل المُذابْ ...
وتريد أن تحيا بلا تعبٍ ولا كدٍ ولا فتحٍ لبابْ ...
لن يستقيم العيش إن لم تُستذلّ لك الهِضَابْ ...
أو أن تسير فتقطع الصحراء بحثاً عن شرابْ ...
فاذكر إلهك دائماً إنّ الإنابة في الإيابْ ...