الصفحة الأخيرة
قَدَرُنا وقَدَرُهم
عبد الله القحطاني
حملت وكالات الأنباء الغربية في نفس اليوم الذي اعتقل فيه زعيم جبهة
الإنقاذ المؤقت خبراً مفاده أن نحو مائة من رؤساء الزوايا الصوفية في الجزائر
أعربوا عن تأييدهم للمجلس الأعلى للدولة ورئيسه بوضياف، وأصدر هؤلاء بياناً
بعد اجتماع عقد في (ادرار) ، في الصحراء الجزائرية.. وأضاف الخبر مُعرِّفاً
بهذه الزعامات: (والزاوية مركز لتعليم القرآن تقام عادة في جوار ضريح أحد
الأئمة، وتحمل اسمه، وكانت رابطة العلماء بقيادة ابن باديس قد نددت في الماضي
بالزوايا وعلمائها بعد الاشتباه بتعاونها مع السلطات الفرنسية (١٨٣٠ - ١٨٦٢) .
هذا الخبر والتعريف بالطرق الصوفية الخرافية يقدم مستنداً جديداً على تخاذل
هؤلاء المشعوذين الراقصين على جراح وآلام المسلمين كلما ضرب دف المستعمر،
وأذناب الاستعمار السمر! ! وكأن قرنين من العمالة والارتماء في أحضان
القراصنة الصليبيين لا تكفي لتأتي حركات وجماعات الخرافيين بدليل آخر على
خيانتها وتآمرها وطعنها في ظهور الأحرار والصادقين، ولتؤكد على أن هذه
العقليات لا تزال تحكم شيوخ الرقص والموشحات الآكلين من موائد أعداء الأمة
الذين يرون فيهم عوناً لهم على تحقيق أغراضهم. أما أهل السنة والجماعة في
جزائر الأحرار فهم لا يعرفون تحت هذه الظروف للنوم طعماً، أو للقمة شهية، أو
لمتاع الدنيا الرخيص متعة، لقد رأوا في سلف هذه الأمة نماذج لا تنطفئ:
الصحابة والتابعون والأئمة والعلماء الأعلام الذين لم يخضعوا لظالم، ولم تكن
تأخذهم في الله لومة لائم. وكلمات ابن تيمية لا زالت حية تنطق: (ماذا يفعل
أعدائي بي أنا جنتي في صدري.. إن سجني خلوة، ونفيي سياحة وقتلي شهادة) !
قدر هذا الفريق أن يبقى رافعاً لواء السنة والجماعة على مر العصور،
ومدافعاً عن هذا الدين، مجاهداً في سبيله، ولهم الفضل، بعد الله، بأنهم يحفظون
هذا الدين غضاً كما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه إلى يوم الدين، لا يصدهم عن دين الله من خالفهم أو من خذلهم.. أما قدر الخرافيين والراقصين
في الموالد والمآدب فهو العمالة والذل والاندحار عند كل نازلة تنزل بأهل
الإسلام ...