شذرات وقطوف
دور المعلم المتجدد كل يوم
إن الذين يتصورون عمل المعلم على أنه مثل باقي الوظائف أو الأعمال
الأخرى، أي عمل رتيب لا يتغير ولا يتبدل من يوم لآخر مثله في ذلك مثل
المحاسب الذي يجلس خلف مكتبه يراجع عشرات أو مئات الفواتير والمستندات
والدفاتر، الذين يتصورون عمل المعلم من هذا النوع.. يخطئون فهم طبيعة عمل
المعلم خطأً كبيراً.
إن المعلم يواجه في كل يوم من أيام عمله تحدياً جديداً يتمثل في حماس
الشباب الذين يحيطونه بأفكار جديدة وأسئلة متنوعة، وربما بمشاكل متجددة أيضاً،
إن كل يوم عمل في حياة المعلم إنما يمثل تحدياً جديداً عليه أن يقابله بما يستحق
وبما يتمشى معه. ليس هذا فحسب، وإنما كل درس يدخله يحتمل هذا المعنى، إذ
إن كل فصل يختلف عن الآخر من حيث طلابه، ومن حيث حماسهم ونشاطهم
وتفاعلهم، بل إن نفس الفصل في الصباح يختلف عنه في الظهيرة، وذلك رغم أنه
يضم نفس الأطفال أو نفس الشباب، وذلك أخذاً في الحسبان عاملي النشاط في
الصباح والتعب والإرهاق بعد الظهر.
تربية الأطفال
ثم تأتى مشكلة الأطفال، سينشئهم على الإسلام ويفسدهم الشارع والمدرسة
والمجتمع كله.. ومع ذلك فلا خيار.. وليس هناك بديل.. ولا حلول سحرية
للمشكلات! لا تستطيع -ولا يجمل بك - أن تحجز طفلك عن الشارع ... إنما
عليك أن تقوم بعملية غسيل يومية لما أصاب طفلك..!
وقد تفلح في ذلك تماماً وقد لا تفلح، ولكن عليك المجاهدة الدائمة في كل حال، وهو عذاب ومشقة، ولكنك تؤديه لله، وتعلم أن جزاءه الكامل عند الله، ويعينك
في ذلك أن تجعل العلاقة بينك وبين طفلك قوية متينة عميقة، فحين يكون الطفل
محباً لوالديه، متعلقاً برضاهما عنه، يكون وزن البيت في حسه أثقل من وزن
الشارع، فيستطيع البيت من ثم أن يصلح ما يفسده الشارع، كله إن وفق الله، أو
بعضه على الأقل بإذن الله.
محمد قطب - منهج التربية الإسلامية ٢ / ١٩٣
من مكائد إبليس
لم أرَ لإبليس أصيد ولا أقبح ولا أحمق من كلمتين ألقاهما على ألسنة دعاته،
إحداهما: اعتذار من أساء بأن فلاناً أساء قبله، والثانية: استسهال الإنسان أن يسئ
اليوم لأنه قد أساء أمس، أو أن يسئ في وجه ما، لأنه قد أساء في غيره، فقد
صارت هاتان الكلمتان عذرين مسهلين للشر.
ابن حزم - الأخلاق والسير في مداواة النفوس / ٣١