بأقلام القراء
الأُخوَّة
عبد العزير الشرقي _ بريطانيا
إن الأخوة في الله منزلة عظيمة تصفي النفوس، وتجمع القلوب، وعلى علو
مكانتها لم يزل الأدعياء يحكون المحبة في الله وإنما هي محبة في الشيطان، وإلا
فكيف تكون محبة في الله وليس فيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر؟ ! .
لقد خاب قوم وخسروا، ظنوا أن مجرد الميل القلبي لأحد من الناس علامة
الأخوة في الله، وضل آخرون أرادوا بزعمهم أن يخرجوا المحبة من العبادات،
ويجعلوها مجردة، يريدونها محبة قائمة بذاتها، لا ترتبط بروابط، ولا تحكمها قيود.
وغالب من ترى ممن يتحدث عن الحب ومعانيه، إنما ينطلقون من هذا
المنطلق، ولما ضاق عليهم الأمر بعد أن كان رحباً، قصروا الحب على العلاقة
الجنسية بين الرجل والمرأة، وضاق الحب بمعانيه السامية الشمولية والواسعة التي
تملأ ما بين السماء والأرض، وأصبح لا يسع إلا أربعة أمتار مربعة تلك هي
مساحة الفراش! .
وكان الإعلام الخبيث المُوجَّه لهدم دين هذه الأمة هو الذي تولى كبر هذه
الخطيئة. وإذا أردت أن تعرف مبلغ الرزيّة فسل أحد الناشئة ممن رباهم الإعلام
الخبيث، سله ما هو الحب كما تتخيله؟ سوف تسمع كلاماً مخجلاً. وهل على هذا
الناشىء من تثريب، وهو يشاهد في الرائي يومياً أن الحب علاقة بين الذكر
والأنثى تؤدي مهما تعددت الطرق إلى الفراش؟ ، وتسمع بعد ذلك من يقول: إن
الرائي يرشد الأمة إلى الفضيلة! نعم، يعنون بالفضيلة: كل ما يأتي من الغرب
الفاجر المتحلل، ويعنون بالتخلف والرجعية: كل ما ورثوه من آبائهم وأسلافهم من
دين وثقافة وتراث.
أبَعد ذلك نطمع أن نُنصر على عدونا؟ ، أو أن يكشف ما بنا إذا كان من
عمّدوه على أدبنا يقول: لابد أن نتبع الغرب بخيره وشره، بحلوه ومره، فإن
الخير كل الخير في الغرب، والشر كل الشر في الشرق؟ ، فماذا نتوقع؟ .
وهذه قِرَدَتُنَا! اتبعت الغرب في كل شيء إلا ما ينفع، وتخلت عن موروثاتها
إلا ما يضر. كلٌ يدعو للإصلاح، وكلٌ يريد التغيير، ولكن الخلاف. أي حال
نريدها ونسعى إليها؟ .
هل هي مزيدٌ من التحرر والانطلاق في ركب الحضارة الذي سبقنا بقرون،
أم العودة إلى ديننا والتمسك به؟ ، بمعنى آخر؛ الذوبان أو التفرد؟ ، التبعية أم
القيادة؟ .
أي حال نريد؟ وايم الحق لئن اتبعنا الغرب وأعرضنا عن ديننا إننا إذاً
لخاسرون! .
ما قامت أمة إلا على عزة بنفسها، أما نحن فتركنا سبب عزتنا وابتغينا العزة
عند أعدائنا. نستقي من أعدائنا مناهج التربية والتعليم والإعلام.