للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

وآإسلاماه:

ردة بين مسلمي الهند فماذا نحن فاعلون؟ !

د. نفيس أحمد

المسلمون في أطراف «علي كراه» وبعض مديرياتها يقضون حياتهم في

أسوأ درجات الفقر والتخلف، وبخاصة في الناحية التعليمية والاقتصادية، ولا توجد

المدارس التي يتلقى فيها أبناء المسلمين العلوم الدينية والعصرية في هذه القرى إذ

أن جل الناس يعيشون في فقر وإفلاس، فلذلك لا يستطيعون بناء المدارس، ولا

يعرفون أهمية التعليم في العصر الحديث، فضلاً عن أن يرسلوا أولادهم إلى

الخارج للدراسة، وغالب أبنائهم يشتغلون في المزارع وتزويد المدن المجاورة

بالحليب، ويعملون في النجارة أو الحدادة، وبعض الأعمال اليدوية البسيطة بوجه

عام.

والشيء الذي يفزع كل مسلم، هو أن الأحزاب الهندوكية المتعصبة قد

استغلت تخلف المسلمين وسوء حالتهم، فعملت جاهدة على إخراجهم من ربقة

الإسلام، وقد عرفت هذه الحركة باسم «شدهي» ، والحزب الهندوكي الذي يؤدي

الدور المهم في دعم هذه الحركة يُعرف باسم «بآديه سماج» ، وتلك الردة واقع

يعيشه المسلمون، والمناطق المتأثرة بهذه الردة هي: «هاترس» «آكره»

«اتيه» ، «متهرا» في ولاية اترابرديش، و «بهرت بور» في ولاية رجستهان، إذ إن هذه المديريات متجاورة، وقد بلغ عددها المائة أو أكثر ومعظم من يقطن هذه المنطقة هم طبقة «راجبرت» ، وكان أكثر أفراد هذه القبيلة قد دخلوا في الإسلام قبل عدة قرون، ولكنهم لم يجدوا التوعية الدينية والتربية الإسلامية رغم مضي عدة قرون على إسلامهم، ولم يفكر المسؤولون من الأمة الإسلامية في وضعهم التعليمي والاقتصادي، إذ إنهم لايزالون متمسكين بالتقاليد التي ورثوها، فلم يتغيرحالهم في قليل أو كثير، وقد سنحت للحركات الهندوكية المتعصبة فرصة بعد استقلال الهند، واستغلت الأوضاع وحاولت إقناع المسلمين بالارتداد، أو إغرائهم بمزاعمها بأنهم إنما كانوا على الديانة الهندوكية من قبل، وأن الملوك المسلمين قد أرغموا آباءهم وأجدادهم بالقوة على ترك الديانة الهندوكية، ولم يعد هناك أي مبرر في استمرارهم على الدين الإسلامي، ويصبح من العسير نيلهم الوظائف في الدوائر ولا أي ضمان لنيل المال والحياة الكريمة ما لم يرتدوا إلى الهندوكية.

غير أن المسلمين الذين كانت عندهم الكرامة والغيرة، رفضوا شتى

الإغراءات وهاجروا إلى باكستان، وقد ارتدت أكثر القرى التي بلغت حوالى مائة

قرية بعد الاستقلال، والمسلمون من سكان هذه القرى لايزالون يتعرضون

لمحاولات حثيثة لدفعهم إلى الردة، والمديريات والقرى الأخرى التي تأثرت بهذه

الحركة هي كما يلي:

١- في «علي كراه» ونواحيها:

برساره، الله بور، كلوكانكله، سوجيا، سوجان، كرى رستم، نكله كهرني، كوكا كهريا، كمهرى، كيمار، ببكواره، وكيرو.

٢- في مديرية متهرأ:

كوهن بور، برى، بمورى، مان كانكله، بهينه، ملك بيور اسبار مادهرى

كند، اندى، نوكايان، سيواميكو، برادلى، سيهى، حتى بوره يائى سرير، تهرا، سلطان بور.

٣- في مديرية آكره:

مريره، سلى نكر، سنيحكجه، سكراه، كاوا، واد، راى بها سكندره،

كهداوائي، بحبورى، فتحبورى، يُسى جه، كهيره، بيرى، وأ اد يجائى نكله

لجن، حسن بور، اروا، ساندهن، وكتيلا، وفي بعض القرى لا يوجد الآن أي

مسلم، ففي ولاية راجستهان، وبصفة خاصة في مكان تسى كهيلى ببرو، جالنى

كنج.

العوامل الكامنة وراء فتنة الردة:

من العوامل التي تؤدي إلى انتشار تلك الردة، الكتابة ضد الإسلام: فنسبة

الهنود من المثقفين والمتعلمين في هذه المنطقة مرتفعة بالمقارنة مع المسلمين كما أن

وضعهم الاقتصادي هو أحسن بكثير من المسلمين، فلديهم أسواق تجارية كثيرة

وكبيرة، ويخصص التجار من دخلهم اليومي قسطاً معيناً لحركة «شدهي» ،

وتستعمل هذه الحركة ذلك القسط المعين لتنشيط العمل والدعاية ضد الإسلام،

وتطبع الكتب بكثرة للطعن في القرآن الكريم والسنة، وتوزع مجاناً في موسم

«هاترس» ، الذي ينعقد في معبد «دأوجى مهراج» في «أغسطس» أو «سبتمبر» كل عام، وتزداد هذه الكتب في كل سنة، وتحتاج إلى الرد الدامغ عليها، وهذا ما لم يقم به أحد بعد، وتغرس روح الاستنكار والاستخفاف ضد الإسلام والمسلمين عن طريق هذه الكتب، والمسلمون لا يستطيعون الرد الصحيح بسبب قلة معرفتهم بالدين الإسلامي فيتأثرون بتلك الشبهات، وقد أصيبوا بمركب النقص بسبب النسبة المنخفضة في التعليم والاقتصاد، وبما يثار ضد الإسلام من دعاوى ومفتريات.

اختلاط المسلمين بالهندوس:

كما ذكر سابقاً فإن المسلمين يعيشون مع الهندوس ويتشبهون بهم في تقاليدهم

إلى حد كبير، فأسماء الرجال والنساء من المسلمين متشابهة مع أسماء الهندوس،

وننقل هنا بعض الأسماء على سبيل المثال: (حتربال سنك جندربال، راجبيرسنك، سرنام سنك، سكورام، انوب سنك) ، هذه أسماء الرجال المسلمين كلها، أما

أسماء النساء فهي سرشيلاديري ارملاديري تاراوتي وهنى) ، والسبب في هذا هو

تسهيل الالتحاق بالمدارس، فحينما يأخذ مسلم ولده للالتحاق في المدرسة يطالبه

مدير المدرسة بتغيير الاسم ليكون مشابهاً لأسماء الهندوس، فيقول أب الولد

المسكين: عيّن الاسم الذي تستحسنه لهذا الولد فيبدل المسؤول اسمه، ويسجل هذا

الاسم في المستندات كلها مستقبلاً، ويعرف هذا الولد المسلم بالاسم الهندوكي.

وننقل هنا بعض أسماء الأولاد المحولة في الماضي القريب على سبيل المثال: (جمشيد علي، الاسم الجديد والمحول: مهندرسنك، محمد سليم الاسم الجديد

والمحول: راجويرسنك، جميل أحمد، الاسم الجديد والمحول: ملكهان سنك) ،

وهناك شيء آخر وهو: حينما يذهب أي مسلم إلى مسجل البلد لتسجيل اسمه فيشير

عليه بأهمية تغيير اسمه إلى اسم هندوكي بدلاً من اسمه الإسلامي.

ونتيجة لجهل المسلمين فهم يحتفلون بأعياد «هولي، ديوالي، رنكولي»

الهندوسية، وعلى سبيل المثال فإن مراسم الزواج تتم كما يحتفل الهندوس بها تماماً، وإن تقاليد الزواج تشابه ما لدى الهندوس، وكثير من المسلمين يدورون سبع

مرات حول النار وفق الطقوس الهندوكية مع خطبة النكاح، وبعضهم يكتفون

بالدوران بدلاً من خطبة النكاح فحسب، ويوضع الطعام مثل الهندوكيين في أيام

الزواج، ولا يستعملون اللحم قط، ويحتفلون بذكرى الأربعين للميت، ويأكلون فيه

«بوا» الطعام الهندوكي، ويتصورونه طريقاً للثواب والعمل الصالح، ولو امتنع

أحد منهم عن تلك الطقوس وصف بأنه «وهابي» ! ! ، ويوجد جبل باسم

«كوبردن» قريباً من «متهرا» يعبده الهندوس والهنود الذين لا يذهبون إلى كوبردهن في تاريخ معين، فهم يصنعون الجبل الصغير في بيوتهم للعبادة، وكثيرٌ من المسلمين في هذه المنطقة لجهلهم يفعلون ذلك في بيوتهم مثل الهندوكيين.

ثم إن المسلمين يلعبون القمار بكثرة مثل الهندوس في يوم «دهن تيرس»

ويتفاءلون به للنجاح للسنة الآتية، وهم يلبسون دهوتي (اللباس الهندوكي الخاص)

مثل الهندوس بوجه عام، ويحضر قليل من المسلمين للصلاة في يوم الجمعة

والعيدين، وكذلك الصلوات الخمس.

الإغراء بالمال للردة عن الإسلام:

إن المسلمين كلهم يعيشون في فقر مدقع، وهم يرتدون إلى الهندوكية بأتفه

مقابل، مثل إسقاط الديون اليسيرة أو غير ذلك، ومن المسلمين الذين اختاروا

المذهب الهندوسي في الأعوام الماضية على سبيل المثال: (كيندالال اختار المذهب

الهندوكي لأجل مضخة يدوية مائية للحقل؛ كبتان سنك، اختار المذهب الهندوسي

لأجل ثلث ألف روبية؛ كيان سنك، مقابل العمل كفراش! ديوان سنك، مقابل

اعطائه بعض المال.

وارتد أحد عشر مسلماً في «الله بوره، وبرساره» في نوفمبر وديسمبر

١٩٩١ م، وكلهم تقريباً أغروا بالمال، ويحتفل المسؤولون من «أريه سماج»

احتفالاً كبيراً عند إجراءات ردة المسلمين، ويكون البوليس بكثرة في ذلك الوقت

لترويع المسلمين، فيجمع وجهاء الناس وكبار الزعماء من المنطقة وتلقى الخطب

ضد الإسلام والمسلمين علانية، لإظهار القوة للمذهب الهندوكي ويتأثر المسلمون

بهذا العمل خوفاً، حيث يقود الرأسمالي الهندوسي المشهور «برلا» هذه الحركة

لتؤدي دورها في انتشار الارتداد في هذه المنطقة.

وتُزَوَجُ البنات المسلمات من الهندوس مقابل الأموال لآباء البنات بدافع الطمع

والجهل بالدين، وأما أبناء المسلمين الذين يدرسون الابتدائية والثانوية فهم يختاون

المذهب الهندوسي ليتمكنوا من الزواج، وليجدوا المال الوافر مع تزويجهم من

الهندوسيات، ومن ثم يُسَهّل المسؤولون الهندوس عملهم في الدوائر الرسمية.

ارتد أكثر القرى التي بلغ عددها أكثر من مائة بعد استقلال الهند إلى الآن،

وكانت الردة بكثرة إبان استقلال الهند، لكن لاتزال هذه الظاهرة مستمرة، وجل

زعماء مسلمي الهند يتجاهلون القرى التي ارتدت كلها، فيهدم المسجد فيها،

ويستعمل حظيرة للدواب! ! .

مخاطر المستقبل ومدارس المعبد الهندوسي (ششوديا) :

وانتشرت حركة الردة إلى الآن بسبب تخلف المسلمين وسوء حالتهم في

التعليم والاقتصاد، ولجهلهم بحقيقة دينهم، ولكن الحركات الهندوكية قد اختارت

حيلة جديدة، وهي تأسيس المدارس باسم «التعليم والتربية» ، حيث يُعلم الأولاد

في هذه المدارس التعاليم الهندوسية مع الدراسات الأخرى التي تهاجم الإسلام

والمسلمين ويزداد التهجم والاستخفاف ضد المسلمين بتدريس دعاوى اعتداءات

الملوك المسلمين على الهنود، وقصص ملوك الهندوكيين أيضاً وقد أسست مدرسة

في موضع سرجان في مديرية هاترس، التي يوجد فيها المسلمون بكثرة، وليس

لهم سبيل لتعليم أولادهم إلا هذه المدرسة، فينشأوا على المذهب الهندوسي من حداثة

السن.

فهلا تدبرنا وفكرنا فيما يحدث من قبل أن تكون العواقب رهيبة ومدمرة؟

الحركة القاديانية وأثرها بين المسلمين:

يستغل القاديانيون المسلمين أيضاً بسبب تخلفهم في التعليم والاقتصاد ولجهلهم

بالإسلام، وقد نجحوا بخاصة في مدينتي «رجان وساندهن» وكثير من المسلمين

قد قبلوا المذهب القادياني، وأسست لهم مدرسة من قبل القاديانيين ويلتحق بها

أطفالهم مما جعلهم يتأثرون بمذهب القاديانية.

إهمال المسلمين الكبير:

غريب جداً ألا يعلم كثيرٌ من المسلمين شيئاً عن هذه الردة الكبيرة حتى الآن،

ولا يقوموا بمحاولات جادة لإيقافها ودراسة أسبابها ووضع الحلول الناجعة لعلاجها

سوى ما حصل في ولاية «راجستهان» قبل عدة أيام في منطقة «بهرت بور» .

هكذا توقف فتنة الردة:

لا يوجد أي نظام للتعليم العام والشرعي بوجه خاص لأولاد المسلمين وبناتهم

في المنطقة كلها، لذلك يجب اتخاذ الخطوات التالية لعلاج هذه المأساة، وهي كما

يلي:

١- تأسيس المدارس التي يدرس فيها التعليم الإسلامي مع العلوم الحديثة.

٢- تأسيس النوادي الإسلامية التي يلقي بها العلماء الخطب والنصائح الدينية

في بعض المناسبات.

٣- تكتب الردود الدامغة على الكتب المعادية للإسلام التي توزع مجاناً بين

المسلمين في المنطقة كلها.

٤- تأسيس كلية ثانوية عامة لأبناء المسلمين.

٥- إنشاء المشروعات التعاونية لإصلاح حال المسلمين والرفع من مستواهم

الاقتصادي والتعليمي.

٦- فتح حسابات مالية لإعانة المسلمين الذين يرتدون بسبب الفقر.

ولا بد من توفير المال لإتمام الأعمال المذكورة مع الجهد المركز والاهتمام

البالغ، وقد أسست مدرسة ابتدائية من قبل جمعية التعاليم الدينية في «الله بوره»

وتُدَرّس فيها العلوم الإسلامية مع العلوم الحديثة، وقد بدأنا هذا العمل بعون الله

تعالى مع فقدان كثير من الوسائل في أيدينا، وقد جاءت النتائج مفيدة بعد بدء هذا

العمل، ولم يرتد أحد من المسلمين بعد ذلك وهم يشعرون بالثقة في النفس ولقد زار

مسؤول الجمعية منطقتهم في كثير من الأحيان، والآن نحن نحتاج إلى مكان واسع

لتأسيس الكلية والمدرسة الثانوية كما نحتاج إلى الأفراد الذين يبذلون الجهد

والإخلاص.

بدأ هذا العمل برعاية اتحاد التعليم الديني «علي كره» ، وهو فرع لمجلس

التعليم الديني الذي يرأسه فضيلة الشيخ «أبو الحسن علي الندوي» ، ويتولى

أمانته العلامة الدكتور «اشتياق حسين قريشي» من «لكنؤ» ، أما رئيس الفرع

فهو «رحمة الله خان شرواني» ، وخازنه البروفيسور «نجم الحسن» من جامعة

«علي كره» الإسلامية، ويرعى هذا الاتحاد ثلاثين مدرسة أخرى في محافظة

«علي كره» ، والمساعي جارية لفتح مدارس أخرى كثيرة تعلم الطلاب عن طريق اللغة الأوردية مواد عصرية مع التعليم الشرعي الإسلامي.

هذا حال بعض المسلمين في الهند، فما هو واجب المراكز الإسلامية الدعوية

في عالمنا الإسلامي، وما هو واجب أغنيائنا والموسرين من المسلمين حيال الرفع

من شأن إخواننا المغلوبين على أمرهم؟ ألا هل بلغت اللهم فاشهد! ! ..

والله نسأل التوفيق والسداد للجميع.