للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون في العالم

الانتفاضة في عامها الرابع

مع بداية العام الرابع لوقوف شعب فلسطين ضد الاحتلال اليهودي لابد أن

نقول إن هذه الانتفاضة لم تقم إلا بعد المعاناة الطويلة وبعد الهزائم المتلاحقة، وبعد

الكلام عن السلام الهزيل وبعد نشوء جيل يختلف عن الأجيال السابقة، ومن غزة

فجَّر الشباب المؤمن بدايتها، ويومها قال بعض الناس: ما الداعي للخسائر، وماذا

سيجني أهل فلسطين من كل هذا العذاب؟ ! ، وكأنهم يريدون من شعب فلسطين أن

يبقى تحت الذل والهوان، يعمل في مصانع يهود، يأكل ويشرب والمهم هو العيش، كما يقول المثل: (نأكل القوت وننتظر الموت) . ألم تختفِ كثيراً من سلبيات

المجتمع الفلسطيني بعد الانتفاضة، ألم يتجه الناس نحو الدين أكثر من السابق

وتقلصت كثير من العادات السيئة، كما ازداد التعاون بين الناس وذهبت الأنانية.

وفي ظل الانتفاضة قاوم الناس الاقتصاد الإسرائيلي بمقاطعة بضائعه أو العمل

في مصانعه (فقد انخفضت الصادرات الإسرائيلية إلى المناطق المحتلة بما قيمته (٦٠٠) مليون دولار، كما انخفضت مستوردات) إسرائيل (من الضفة والقطاع بنسبة ٤٨ بالمائة، وهذا أدى بدوره إلى نشوء نظام الاقتصاد المنزلي وتطوير الصناعات والحرف والزراعة سعياً وراء الاكتفاء الذاتي) (الحياة ١٩/١٢/ ٩٠) ، هذه بادرة طيبة في تعلم الاقتصاد حتى لا نكون شعباً مستهلكاً فحسب.

أما التحول الكبير فهو هذا الطفل الذي ينام ويستيقظ وكل تفكيره في المقاومة

وما هي الوسائل المناسبة، أليس هذا أفضل ألف مرة من الطفل المدلل الذي يفكر

بألعابه ولهوه، وكيف تتكون شخصية هذا الطفل الذي يصارع الكفار وهو في هذه

السن، ثم ما هذه المرأة التي حاولت طعن جنديين يهوديين فعاجلها جندي ثالث

بالرصاص، هل هذه مثل امرأة (الفساتين) و (الموضات) والتي تحمل معها دائماً

كتاب (أشهى المأكولات) ؟ ! . إن بعض الناس ترتعد فرائصهم عندما يذكر الصراع

مع دولة يهود، ويقولون: ما لنا ولهذه المشاكل، دعونا نصالحهم ونَعِشْ في أمان! ، هؤلاء أصحاب العقل المعيشي - كما يصفهم ابن القيم - لا يهمهم إلا بطونهم

وفروجهم، وهل الحق على أصحاب الانتفاضة عندما لا يتلقون المساعدات

المطلوبة وكانوا يتوقعون تحرك الشعوب المجاورة بل العالم الإسلامي كله ليساعدهم

في هذه المواجهة مع يهود الذين يتلقون المساعدات من كل مكان.

إن صمود الشعب الفلسطيني وتقديمه للتضحيات يعيد لنا تضحيات بلاد الشام

في صدها للغزو الصليبي بينما كانت بقية أنحاء العالم الإسلامي تغطّ في نوم طويل.

نحن لا نقول إن الانتفاضة كلها إيجابيات فهنالك من يريد الاستفادة وركوب

الموجة حتى يصل إلى مباحثات السلام، وهذا ما صرح به هاني الحسن حين قال:

(إن كل الأمور العسكرية هي وسيلة للوصول إلى المفاوضات) ! . وهناك ما يسمى بالحوار مع الأحزاب اليسارية اليهودية التي تدعي حبها للسلام وهم يعملون ضمن سياسة الحكومة الإسرائيلية وهناك أشياء كثيرة يمكن أن تقال ولكن هذا الصراع أوجد رجالاً وبطولات، أوجد التحاماً مفقوداً بين الناس من زمن بعيد، والمطلوب من الشعب الفلسطيني- داخل فلسطين المحتلة - أن يكون جهادهم لله.

وأما ما هو مطلوب من الشعوب المجاورة فهو كثير.