للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من مانغستو إلى غاندي

ماذا تعني هذه الأحداث

ما وقع أخيراً من الأحداث المتسارعة في دول آسيا وإفريقيا، قد يبدو في

الظاهر أنه لا يجمعه جامع ففي الهند اغتيل زعيم حزب المؤتمر راجيف غاندي

الذي ورث زعامة الحزب عن والدته وجده، وفي الحبشة فرّ منغستو متجهاً إلى

زيمبابوي تاركاً بلاده إلى أزلامه المقربين، بعد حكم دموي دام أربعة عشر عاماً،

وفي تونس ألقت الحكومة التونسية القبض على كثير من زعماء وأعضاء حركة

النهضة الإسلامية، وذلك بتهمة التآمر والانقلاب على الدولة.

ماذا تعني هذه الأحداث، وما هو الشيء المشترك بينها، أول ما يتبادر إلى

أن الذهن أن أكثر دول إفريقيا وآسيا (العالم الثالث) لا تزال في مرحلة تخلف

واضطراب، ولم تستقر على حال بعد، وكل الحكومات المتعاقبة لم تسر على

خطى صحيحة، وتعمل في سبيل مصلحة بلدها، وأولى الخطوات هي إعطاء

الإنسان الكرامة التي يستحقها، فالظلم يؤدي إلى الخراب الاقتصادي، والخراب

الاقتصادي يؤدي إلى الفساد الاجتماعي.. وهذه الدول لاتزال تعيش عقلية القرون

الوسطى الأوربية، فالذين قتلوا راجيف غاندي إنما يريدون منه أن يكون أكثر

تعصباً ضد المسلمين وهو لا يختلف عنهم إلا أنه ناعم الملمس، ومنغستو لا يقر

بأي حق للمسلمين في بلاده، بل إن مواطنيه يقولون: لن يتغير شيء بعد رحيله؛

لأنه ترك أزلامه في السلط. [١] .

وحركة النهضة الإسلامية كانت في البداية تداري وتؤيد الحكومة الجديدة على

أمل الحصول على حقوق الإنسان الأساسية، ولكن أمور الحكم تسير دائماً وكأنهم

يريدون تفجيرها ليهدموا البيت علىساكنيه، وتبقى البلاد في حالة مزرية من

الضعف والتمزق، وقد عبر راجيف غاندي لأحد الصحفيين قبل مقتله بقليل عن

إحباط الناس في الهند، فقال: «إن إحباطاً هائلاً يتولد بين الناس؛ لأن النظام لا

يحقق طموحاتهم» [٢] ، وطبعاً هو جزء من هذا النظام، فقد حكم هو وأسرته

فترة طويلة.

إن - هروب منغستو، وهروب سياد بري وسقوط غيرهم من المفسدين في

الأرض يجعل أكثر الناس غباءً يعتبر وينزجر، وليكن يبدو أنه قد ران على قلوبهم.


(١) الحياة ٢٢/٥/٩١.
(٢) القدس العربي٢٣/٥/١٩٩١.