المسلمون والعالم
مسلمو مورو.. وخطر التمزق
بقلم: محمد أمين [*]
إن كثيراً من الإخوة في الدين لا يعرفون إلا معلومات سطحية عن قضية ...
إخوانهم المسلمين في منطقة مورو بجنوب الفلبين، يقولون: إن مشكلة مسلمي
«مورو» الحقيقية هي التفرق والتمزق بسبب وجود جمعيات كثيرة وتنظيمات تختلف اتجاهاتها، وبعضهم يتوقعون أن يحدث بين مسلمي مورو ما حدث بين إخواننا المجاهدين الأحباء في أفغانستان وما يجري اليوم في دولة أفغانستان الإسلامية الفتية.
وليس في نيتنا أن ندافع عن قضيتنا؛ لأننا لا نعتبر الأقوال والتوقعات
المذكورة هجوماً يحتاج إلى الدفاع، ولكن نعتبرها تعاطفا وتحسراً وحزناً وخوفاً من
الوقوع فيما وقع فيه غيرنا؛ لذلك لابد من بيان الواقع وجلاء الحقائق وتوضيح
الأمر الواقع.
وأما فيما يتعلق بموضوع التفرق والتمزق: فيسعدنا أن نعلن على الإخوة في
الدين أن مسلمي مورو في جنوب الفلبين غير متفرقين وغير متمزقين، بل هم
متحدون ومتضامنون ومتعاونون على مواجهة عدوهم الذي كان وما زال يحاول
القضاء عليهم، ويكفينا برهاناً وحجة على وحدتهم وتضامنهم وتعاونهم أن مراكز
جبهة تحرير مورو الإسلامية ومعسكراتها المنتشرة في أنحاء البلاد تستقبل كل شهر
آلاف مؤلفة من المسلمين الذين يأتون إليها جماعات وفرادى للاشتراك في الأنشطة
الدعوية والجهادية والتربوية، وأن الجماهير المسلمة في هذه البلاد يقفون اليوم إلى
جانب جبهة تحرير مورو الإسلامية، بإمكاناتهم المادية والمعنوية والفكرية، ولم
تمنعهم جمعياتهم وتنظيماتهم من الوقوف صفّاً واحداً مع مجاهدي جبهة تحرير مورو
الإسلامية، علماً بأن الجمعيات والتنظيمات المتعددة ليست جهادية، وليس لديها
برنامج جهادي في الساحة.
وإذا كان هناك من لا يقفون إلى جانب الجماهير المسلمة المجاهدة والصف
الإسلامي الجهادي فهؤلاء من الشواذ والنادرين القليلين جداً، وليس لهم وزن في
مجتمع مورو المسلم، وعدم وقوفهم مع الجماهير المسلمة المجاهدة لا يؤثر على
القضية والجهاد، ولا يصح أن يوصف هذا بالتفرق؛ لأن التخلف عن الجهاد أمر
واقع حتى في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولم يقل أحد أن أصحاب
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا متفرقين ومتمزقين بسبب تخلف أناس
قليلين عن الجهاد، ونقصد بالتخلف عن الجهاد بالنسبة لمسلمي مرور: عدم
الانضمام إلى صف الجماهير المسلمة المجاهدة التي تعد العدة وتتدرب على فنون
القتال استعداداً لملاقاة العدو، وقد قال (سبحانه وتعالى) في شأن المتخلفين عن
الجهاد: [وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ
اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ] [التوبة: ٤٦] .
أما الجمعيات والتنظيمات المتعددة في منطقة مورو: فمعظمها تهتم بتدريس
الدين الإسلامي واللغة العربية وقراءة القرآن الكريم وتجويده وحفظه، وبعضها يهتم
بشؤون الطلاب المسلمين: كاتحادات الطلبة المسلمين، وبعضها يهتم بشؤون
الموظفين والمهنيين. وجبهة تحرير مورو الإسلامية وأعضاؤها يقفون مع الجماهير
المسلمة المجاهدة ويتعاطفون معها.
أما جبهات مورو الثورية وهي التعبير الصحيح لبعض الجبهات فهي أربع
منظمات فقط:
الأولى: منظمة تحرير بالجسا مورو (BMLO) وكان يرأسها «رشيد
لقمان» ، وبعد وفاته تولى زمامها قريبه «يوسف لقمان» ، وهذه الجبهة لم تتمكن من إقامة تنظيم ثوري وجناح عسكري، وظل الأمر حبرْا على ورق إلى أن ذهبت أدراج الرياح، والآن ليس لها وجود. والثانية: جبهة تحرير مورو الوطنية الإصلاحية (MNLF REFORMEST) وكان رئيسها «ديماس ... بونداتو» ، وقد استسلم هو وأعوانه للعدو، وأصبحوا الآن موظفين للحكومة، وانحلت الجبهة المذكورة، والوحدات القتالية التابعة لها انضمت إلى جبهة تحرير مورو الإسلامية بقيادة أمير المجاهدين الشيخ «سلامات هاشم» . والثالثة: جبهة تحرير مورو الوطنية بقيادة مسواري، وهذه الجبهة لم تهتم بالتنظيم الشعبي الجهادي وتقوية جناحها العسكري، وإنما اهتمت بالدعايات الخارجية لكسب التأييد السياسي واعتراف الدول الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بها، وقد حققت بعض ما أرادت، كما اهتمت بالتفاوض مع حكومة الفلبين وانشغلت بذلك لمدة عشرين عامْا (من عام ١٩٧٥م إلى الوقت الحاضر ١٩٩٥م) . والرابعة: جبهة تحرير مورو الإسلامية: بقيادة أمير المجاهدين الشيخ «سلامات هاشم» ، وقد اهتمت بالدعوة إلى الله وتربية أعضائها طبقا للمنهج الإلهي، وسلكت طريق السلف، وتعتنق عقيدة أهل السنة والجماعة، وتدعو إليها وتحارب البدع والخرافات، كما اهتمت بتقوية قاعدتها الشعبية وتنظيمها الجهادي والسياسي، ووضعت برنامجْا شاملاْ أساسه التحول الإسلامي، أي: العودة إلى الإسلام، كما كان عليه النبي وأصحابه (رضي الله عنهم) ، والاكتفاء الذاتي، ورفع المستوى التنظيمي، وإنشاء قوات إسلامية مسلحة.. والبرنامج يسير بعون الله تعالى حسب الخطة.
أما التوقعات بأن يحدث في منطقة مورو ما حدث في أفغانستان الشقيقة وأن
تتقاتل الجبهات القتالية كما تقاتلت الجبهات هناك فهي توقعات غير منطقية ولايقبلها
الأمر الواقع، والفرق بين جهاد الإخوة الأحباء في أفغانستان وجهاد مورو كبير؛
ففي أفغانستان الشقيقة تكونت جبهات عديدة متساوية تقريبْا في التنظيم الشعبي
والقوة العسكرية والنفوذ السياسي والدعم الخارجي، الأمر الذي مهد الطريق للفتنة؛
فكل واحدة من الجبهات قادرة على مواجهة الأخرى بالقوة، وأما في منطقة مورو:
فلا توجد فيها جبهة مسلحة قادرة بعون الله تعالى على القتال سوى جبهة تحرير
مورو الإسلامية والجماعة المقاتلة التي تدعى «أبو سيف» ، وهذه الجماعة لا
تتقاتل (بحمد الله تعالى) مع جبهة تحرير مورو الإسلامية.
لذلك نقول: إن التوقعات المذكورة لاتقوم على أساس المنطق السليم والأمر
الواقع، علمْا بأن أسباب التقاتل وعوامله غير موجودة في الساحة (بحمد الله تعالى) .
وللبيان كلمة..
ونحن إذ نقدر ماذكره أمين لجنة الإعلام الخارجي الشيخ «محمد أمين» ،
نتمنى أن يجنب الله إخواننا في الفلبين الفتنة التي وقع فيها غيرهم وألا يتحول
الجهاد إلى نزعات قومية أو مصالح شخصية، ونأمل أن تتآزر الجهود ويتعاون
الإخوة هناك لما فيه مصلحة بلادهم وشعبهم وأمتهم، وأن يتعاونوا على البر
والتقوى وأن يتجنبوا الإثم والعدوان، وأن يحذروا مايخططه العدو من أحابيل لا
تخفى، وقع فيها غيرهم.
والله نسأل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
(*) بتصرف عن بيان جبهة تحرير مورو الإسلامية، رقم ٧٣.