للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آية من كتاب الله [*]

[شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ والْمَلائِكَةُ وأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إلَهَ إلاَّ هُوَالعَزِيزُ الحَكِيمُ]

[آل عمران ١٧ -١٨]

قال ابن تيمية في تفسير هذه الآية:

- ١ -

أقوال المفسرين في معنى: شهد

قد تنوعت عبارات المفسرين في لفظ (شهد) ، فقالت طائفة منهم مجاهد

والفراء وأبو عبيدة: أي حكم وقضى.

وقالت طائفة منهم ثعلب والزجاج: أي بينّ.

وقالت طائفة: أي أعلم.

وكذلك قالت طائفة: معنى شهادة الله: الإخبار والإعلام، ومعنى شهادة

الملائكة والمؤمنين: الإقرار.

وعن ابن عباس أنه: شهد بنفسه لنفسه قبل أن يخلق الخلق حين كان، ولم

يكن سماء ولا أرض، ولا بر ولا بحر، فقال: [شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ] .

وكل هذه الأقوال - وما في معناها - صحيحة، وذلك أن الشهادة تتضمن:

كلام الشاهد، وقوله وخبره عما شهد به، وهذا قد يكون، مع أن الشاهد نفسه يتكلم

بذلك ويقوله ويذكره، وإن لم يكن معلماً به لغيره، ولا مخبراً به لسواه [١] . فهذه

أولى مراتب الشهادة.

ثم قد يخبره ويعلمه بذلك، فتكون الشهادة إعلاماً لغيره وإخباراً له، ومن

أخبر غيره بشيء فقد شهد به. سواء كان بلفظ الشهادة أو لم يكن (....) .

فالشهادة تضمنت مرتبتين:

إحداهما: تكلم الشاهد وقوله، وذكره لما شهد في نفسه به.

والثانية: إخباره وإعلامه لغيره بما شهد به، فمن قال من المفسرين: حكم

وقضى؛ فهذا من باب اللازم، فإن الحكم والقضاء هو إلزام وأمر.

ولكن الكلام في دلالة لفظ الشهادة على ذلك، وذلك أنه إذا شهد أنه لا إله إلا

هو؛ فقد أخبر وبين وأعلم أن ما سواه ليس بإله، فلا يعبد، وأنه وحده الإله الذي

يستحق العبادة، وهذا يتضمن الأمر بعبادته؛ والنهي عن عبادة سواه، فإن النفي

والإثبات في مثل هذا يتضمن الأمر والنهي، كما إذا استقتى شخص شخصاً فقال له

قائل: هذا ليس بمفتٍ؛ هذا هو المفتي، ففيه: نفي عن استفتاء الأول؛ وأمر

وإرشاد إلى استفتاء الثاني. وكذلك إذا تحاكم إلى غير حاكم، أو طلب شيئاً من غير

ولي الأمر، فقيل له: ليس هذا حاكماً، ولا هذا سلطاناً، هذا هو الحاكم، وهذا هو

السلطان، فهذا النفي والإثبات يتضمن الأمر والنهي، وذلك أن الطالب إنما يطلب

ممن عنده مراده ومقصوده، فإذا ظنه شخصاً فقيل له: ليس مرادك عنده وإنما

مرادك عند هذا كان أمراً له بطلب مراده عند هذا دون ذاك.

والعابدون مقصودهم أن يعبدوا من هو إله يستحق العبادة، فإذا قيل لهم: كل

ما سوى الله ليس بإله؛ إنما الإله هو الله وحده؛ كان هذا نهياً لهم عن عبادة ما

سواه، وأمراً بعبادته.

وأيضاً؛ فلو لم يكن هناك طالب للعبادة فلفظ الإله يقتضي أنه يستحق العبادة،

فإذا أخبر أنه هو المستحق للعبادة دون ما سواه كان ذلك أمراً بما يستحقه.

وليس المراد هنا (بالإله) من عبده عابد بلا استحقاق؛ فإن هذه الآلهة كثيرة، ول كن تسميتهم آلهة والخبر عنهم بذلك واتخاذهم معبودين أمر باطل، كما قال تعالى: [إنْ هِيَ إلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ] [النجم ٢٣] ، وقال: [ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ وأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ البَاطِلُ] [لقمان ٣٠] .

فالآلهة التي جعلها عابدوها آلهة يعبدونها كثيرة، لكن هي لا تستحق العبادة

فليست بآلهة، كمن جعل غيره شاهداً أو حاكماً أو مفتياً أو أميراً وهو لا يحسن شيئاً

من ذلك.

ولا بد لكل إنسان من إله يألهه ويعبده (تعس عبدُ الدينار وعبدُ الدرهم) [٢] ...

فإن بعض الناس قد ألّه ذلك محبة وذلاً وتعظيماً.

فإذا شهد الله أنه لا إله إلا هو فقد حكم وقضى بأن لا يعبد إلا إياه.

وأيضاً فلفظ الحكم والقضاء يستعمل في الجمل الخبرية، فيقال للجمل الخبرية: قضية، ويقال: قد حكم فيها بثبوت هذا المعنى وانتفاء هذا المعنى، وكل شاهد

ومخبر هو حاكم بهذا الاعتبار، قد حكم بثبوت ما أثبته، ونفي ما نفاه حكماً خبرياً، ...

قد يتضمن حكماً طلبياً.

- ٢ -

وشهادة الرب وبيانه وإعلامه يكون بقوله تارة، وبفعله تارة.

فالقول هو ما أرسل به رسله، وأنزل به كتبه، وأوحاه إلى عباده كما قال:

[يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إلَهَ إلاَّ

أَنَا فَاتَّقُونِ] [النحل ٢] إلى غير ذلك من الآيات.

وقد علم بالتواتر والاضطرار أن جميع الرسل أخبروا عن الله أنه شهد ويشهد

أن لا إله إلا هو بقوله وكلامه؛ وهذا معلوم من جهة كل من بلغ عنه كلامه، ولهذا

قال الله تعالى: [أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وذِكْرُ

مَن قَبْلِي] [الأنبياء ٢٤] .

وأما شهادته بفعله فهو: ما نصبه من الأدلة الدالة على وحدانيته التي تعلم

دلالتها بالعقل، وإن لم يكن هناك خبر عن الله، وهذا يستعمل فيه لفظ الشهادة

والدلالة والإرشاد، فإن الدليل يبين المدلول عليه ويظهره، فهو بمنزلة المخبر به،

الشاهد به، كما قيل: سل الأرض من فجر أنهارها، وغرس أشجارها، وأخرج

ثمارها، وأحيا نباتها، وأغطش ليلها، وأوضح نهارها. فإن لم تجبك حواراً؛

أجابتك اعتباراً.

وهو سبحانه شهد بما جعلها دالة عليه، فإن دلالتها إنما هي بخلقه لها، فإذا

كانت المخلوقات دالة على أنه لا إله إلا هو سبحانه، وبين ذلك، فهو الشاهد المبين

بها أنه لا إله إلا هو وهذه الشهادة الفعلية ذكرها طائفة، قال ابن كيسان: شهد الله

- بتدبيره العجيب، وأموره المحكمة عند خلقه - أنه لا إله إلا هو.

- ٣ -

وقوله: [قائماً بالقسط] هو نصب على الحال، وفيه وجهان:

قيل: هو حال من (شهد) : أي شهد قائماً بالقسط.

وقيل: (حال) من (هو) أي: لا إله إلا هو قائماً بالقسط، كما يقال: لا إله

إلا هو وحده. وكلا المعنيين صحيح.

وقوله: [قَائِماً بِالْقِسْطِ] يجوز أن يعمل فيه كلا العاملين على مذهب

الكوفيين، في أن المعمول الواحد قد يعمل فيه عاملان، كما قالوا في قوله: [هَاؤُمُ

اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ] ، و [آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً] ، و [عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمَالِ

قَعِيدٌ] ونحو ذلك.

وسيبويه وأصحابه يجعلون لكل عامل معمولاً، ويقولون حذف أحدهما لدلالة

الآخر عليه. وقول الكوفيين أرجح.

وعلى المذهبين فقوله: [بِالْقِسْطِ] يُخرَّج على هذا، إما كونه يشهد قائماً

بالقسط، فإن القائم بالقسط هو القائم بالعدل، كما في قوله [كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ]

[النساء ١٣٥] ، فالقيام بالقسط يكون في القول، وهو القول بالعدل، ويكون في

الفعل، فإذا قيل: شهد (قائماً بالقسط) ، أي: متكلماً بالعدل، مخبراً به، آمراً به؛

كان هذا تحقيقاً لكون الشهادة شهادة عدل وقسط، وهي أعدل من كل شهادة، كما أن

الشرك أظلم من كل ظلم، وهذه الشهادة أعظم الشهادات.

ولفظ القيام بالقسط كما يتناول القول يتناول العمل، فيكون التقدير: يشهد

وهو قائل بالقسط عامل به لا بالظلم، فإن هذه الشهادة تضمنت قولاً وعملاً، فإنها

تضمنت أنه هو الذي يستحق العبادة وحده فيعبد، وأن غيره لا يستحق العبادة، وأن

الذين عبدوه وحده هم المفلحون السعداء، وأن المشركين به في النار، فإذا شهد

قائماً بالعدل المتضمن جزاء المخلصين بالجنة، وجزاء المشركين بالنار؛ كان هذا

من تمام تحقيق موجب هذه الشهادة، وكان قوله: قائماً بالقسط تنبيها على جزاء

المخلصين والمشركين، كما في قوله: [أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ]

[الرعد ٣٣] .

قال طائفة من المفسرين منهم البغوي نظم الآية: (شهد الله قائماً بالقسط)

ومعنى قوله: قائماً بالقسط أي بتدبير الخلق، كما يقال: فلان قائم بأمر فلان، أي

يدبره ويتعاهد أسبابه، وقائم بحق فلان، أي مُجازٍ له، فالله تعالى مدبر رزاق

مجاز بالأعمال.

وإذا اعتبر القسط في الإلهية كان المعنى: (لا إله إلا هو قائماً بالقسط) أي

هو وحده الإله، قائماً بالقسط، فيكون وحده مستحقاً للعبادة، مع كونه قائماً بالقسط، كما يقال: أشهد أن لا إله إلا الله واحداً أحداً صمداً، وهذا الوجه أرجح، فإنه

يتضمن أن الملائكة وأولي العلم يشهدون له، على أنه لا إله إلا هو، وأنه قائم

بالقسط.

والوجه الأول لا يدل على هذا، ولأن كونه قائماً بالقسط كما شهد به أبلغ من

كونه حال الشاهد، وقيامه بالقسط يتضمن أن يقول الصدق، ويعمل بالعدل، كما

قال: [وتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وعَدْلاً] [الأنعام ١١٥] ، وقال هود: [إنَّ رَبِّي

عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ] [هود ٥٦] ، فأخبر أن الله على صراط مستقيم وهو العدل الذي لا عوج فيه.

والاستقامة والاعتدال متلازمان، فمن كان قوله وعمله بالقسط كان مستقيماً،

ومن كان قوله وعمله مستقيماً كان قائماً بالقسط، ولهذا أمرنا الله سبحانه أن نسأله

أن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من: النبيين، والصديقين،

والشهداء الصالحين. صراطهم هو العدل والميزان، ليقوم الناس بالقسط،

والصراط المستقيم هو العمل بطاعته وترك معاصيه، فالمعاصي كلها ظلم مناقض

للعدل، مخالف للقيام بالقسط والعدل.

ثم قال تعالى:، ذكر عن جعفر بن محمد أنه قال: [لا إلَهَ إلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ] الأولى وصف وتوحيد، والثانية رسم وتعليم. أي قوله: [لا إلَهَ إلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ] .. معنى الأولى هو ذِكْرُ أن الله شهد بها، فقال: [شهد أَن لاَّ إلَهَ إلاَّ هُوَ] والتالي للقرآن إنما يذكر أن الله شهد بها هو والملائكة وأولو العلم، وليس في ذلك شهادة من التالي نفسه بها، فذكرها الله مجردة ليقولها التالي. فيكون التالي قد شهد بها أنه لا إله إلا هو. فالأولى خبر عن الله بالتوحيد لنفسه، وهذه [٣] ... خبر عن الله بالتوحيد.

وختمها بقوله: [الَعَزِيزُ الحَكِيمُ] والعزة تتضمن القدرة والشدة والامتناع

والغلبة. تقول العرب: عزَّ يعَزُّ بفتح العين إذا صلُب. وعزَّ يعِزُّ بكسرها إذا امتنع. وعزَّ يعُزُّ بضمها إذا غلب. فهو سبحانه في نفسه قوي متين، وهو منيع لا ينال. وهو غالب لا يغلب.

والحكيم يتضمن: حكمه وعلمه وحكمته فيما يقوله ويفعله، فإذا أمر بأمر كان

حسناً، وإذا أخبر بخبر كان صادقاً، وإذا أراد خلق شيء كان صواباً، فهو حكيم

في إرادته وأفعاله وأقواله.

-٤ -

الأصول التي تضمنتها الآية:

وقد تضمنت هذه الآية ثلاثة أصول: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنه قائم

بالقسط، وأنه العزيز الحكيم. فتضمنت: وحدانيته المنافية للشرك، وعدله المنافي

للظلم، وعزته وحكمته المنافية للذل والسفه، وتنزيهه عن الشرك والظلم والسفه،

ففيها إثبات التوحيد، وإثبات العدل، وإثبات الحكمة، وإثبات القدرة.

[استطراد في الرد على: المعتزلة، والجهمية، والجبرية، ودعاة توحيد

الوجود] .

-٥ -

وإذا كانت شهادة الله تتضمن بيانه للعباد، ودلالته لهم، وتعريفهم بما شهد

لنفسه؛ فلا بد أن يعرفهم أنه شهد، فإن هذه الشهادة أعظم الشهادات، وإلا فلو شهد

شهادة لم يتمكن من العلم بها لم ينتفع بذلك، ولم تقم عليهم حجة بتلك الشهادة - كما

أن المخلوق إذا كانت عنده شهادة لم يبينها بل كتمها لم ينتفع أحد بها، ولم تقم بها

حجة -.

شروط الشهادة:

والشهادة لا بد فيها من: علم الشاهد، وصدقه، وبيانه. لا يحصل مقصود

الشهادة إلا بهذه الأمور، ولهذا ذم من يكتم ويحرف، فقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَذِينَ

آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ والأَقْرَبِينَ إن يَكُنْ

غَنِياً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعْدِلُوا وإن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ

اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً] [النساء ١٣٥] .

وفي الصحيحين عن حكيم بن حزام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ... (البِّيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذّبا ...

وكتما محقت بركة بيعهما) [٤] .

وإذا كان لا بد من بيان شهادته للعباد، ليعلموا أنه قد شهد فهو قد بينها

بالطريقين: بالسمع والبصر.

أ- فالسميع يسمع آيات الله المتلوة المنزلة، والبصير يعاين آياته المخلوقة

الفعلية، وذلك أن شهادته تتضمن بيانه، ودلالته للعباد وتعريفهم ذلك حاصل بآياته، فإن آياته هي دلالاته وبراهينه التي بها يعرف العباد خبره وشهادته، كما عرفهم

بها أمره ونهيه، وهو عليم حكيم، فخبره يتضمن أمره ونهيه، وفعله بين حكمته.

فالأنبياء إذا أخبروا عنه بكلامه عرف بذلك شهادته وآياته القولية، ولا بد أن

يعرف صدق الأنبياء فيما أخبروا عنه، وذلك قد عُرِفَ بآياته التي أيد بها الأنبياء،

ودلّ بها على صدقهم، فإنه لم يبعث نبياً إلا بآية تبين صدقه، إذ تصديقه بما لا

يدل على صدقه غير جائز، كما قال: [لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ] [الحديد ٢٥] ، أي بالآيات البينات.

وقال: [ومَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن

كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ والزُّبُرِ وأَنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ

ولَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] [النحل ٤٤] .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله

عليه وسلم - أنه قال: (ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما ... آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة) [٥] .

فالآيات والبراهين التي أرسل بها الرسل دلالات الله على صدقهم دلّ بها

العباد. وهي شهادة الله بصدقهم فيما بلغوا عنه، والذي بلغوه فيه شهادته لنفسه فيما

أخبر به.

وهو سبحانه اسمه المؤمن، وهو - في أحد التفسيرين - المصدِّق، الذي

يصدق أنبياءه فيما أخبروا عنه بالدلائل التي دل بها على صدقه.

ب- وأما الطريق العياني، فهو: أن يرى العباد من الآيات الأفقية والنفسية

ما يبين لهم أن الوحي - الذي بلغته الرسل عن الله - حق كما قال تعالى:

[سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ] [فصلت ٥٣] ، أي أو لم يكف بشهادته الخبرة بما علمه، وهو الوحي الذي أخبر به الرسول، فإن الله على كل شيء شهيد وعليم به، فإذا أخبر به وشهد كان ذلك كافياً؛ وإن لم ير المشهود به، وشهادته قد علمت بالآيات التي دلّ بها على صدق الرسول، فالعالم بهذه الطريق لا يحتاج أن ينظر الآيات المشاهدة التي تدلّ على أن القرآن حق، بل قد يعلم ذلك بما عُلِمَ به أن الرسول صادق فيما أخبر به عن شهادة الله تعالى وكلامه.

وكذلك ذكر الكتاب المنزل، فقال: [بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَذِينَ

أُوتُوا العِلْمَ ومَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إلاَّ الظَّالِمُونَ] [العنكبوت ٤٩] ، فبين أن القرآن آيات

بينات في صدور الذين أوتوا العلم، فإنه من أعظم الآيات البينة الدالة على صدق

من جاء به، وقد اجتمع فيه من الآيات ما لم يجتمع في غيره، فإنه هو الدعوة

والحجة، وهو الدليل والمدلول عليه، والحكم، وهو الدعوى، وهو البينة على

الدعوى، وهو الشاهد والمشهود به.

وأما كون سبحانه صادقاً؛ فهذا معلوم بالفطرة الضرورية لكل أحد، فإن

الكذب من أبغض الصفات عند بني آدم، فهو سبحانه منزه عن ذلك، وكل إنسان

محمود يتنزه عن ذلك، فإن كل أحد يذم الكذب، فهو وصف ذم على الإطلاق.

وأما عدم علم الإنسان ببعض الأشياء، فهذا من لوازم المخلوق، ولا يحيط

علماً بكل شيء إلا الله، فلم يكن عدم العلم عند الناس نقصاً كالكذب.

فلهذا بين الرب علمه بما يشهد به، وأنه أصدق حديثاً من كل أحد [وَلَهُ

المَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ] [الروم ٢٧] ، وهو يقول الحق، وهو يهدي

السبيل، وهو سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته.

ومن عنده علم الكتاب، وهم أهل الكتاب، فهم يشهدون بما جاءت به الأنبياء

قبل محمد، فيشهدون أنهم أتوا بمثل ما أتى به، كالأمر بعبادة الله وحده، والنهي

عن الشرك، والإخبار بيوم القيامة، والشرائع الكلية، ويشهدون أيضاً بما في كتبهم

من ذكر صفاته، ورسالته وكتابه، وهذان الطريقان بهما تثبت نبوة النبي - صلى

الله عليه وسلم -، وهي: الآيات والبراهين الدالة على صدقه، وشهادة نبي آخر -

قد علم صدقه - له بالنبوة.

فذكر هذين النوعين بقوله: [قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِندَهُ عِلْمُ

الكِتَابِ] [الرعد ٤٣] ، فتلك يعلم بها صدقه بالنظر العقلي في آياته وبراهينه،

وهذه يعلم بها صدقه بالخبر السمعي المنقول عن الأنبياء قبله.

وكذلك قوله: [قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ] [الأنعام

١٩] ، فقوله: قل الله؛ فيها وجهان:

قيل: هو جواب السائل، وقوله: شهيد؛ خبر مبتدأ، أي: هو شهيد.

وقيل: هو مبتدأ، وقوله: شهيد؛ خبره، فأغنى ذلك عن جواب الاستفهام.

و (الأول) على قراءة من يقف على قوله: قل الله.

و (الثاني) على قراءة من لا يقف، وكلاهما صحيح: لكن الثاني أحسن

وهو أتمّ.

وكل أحد يعلم أن الله أكبر شهادة، فلما قال: [قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً] ؟

عُلِمَ أن الله أكبر شهادة من كل شيء، فقيل له: [قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ] ،

ولما قال: [اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ] كان في هذا ما يغني عن قوله: إن الله أكبر

شهادة. وذلك أن كون الله أكبر شهادة هو معلوم، ولا يثبت بمجرد قوله [أَكْبَرُ

شَهَادَةً] بخلاف كونه شهيداً بينه وبينهم؛ فإن هذا مما يعلم بالنص والاستدلال،

فينظر: هل شهد الله بصدقه وكذبهم في تكذيبه؟ أم شهد بكذبه وصدقهم في تكذيبه؟

وإذا نظر في ذلك؛ علم أن الله شهد بصدقه وكذبهم بالنوعين من الآيات: بكلامه

الذي أنزله؛ وبما بين أنه رسول صادق.

ولهذا أعقبه بقوله: [وأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا القرآن لأُنذِرَكُم بِهِ ومَن بَلَغَ] [الأنعام

١٩] ، فإن هذا القرآن فيه الإنذار، وهو آية شهد بها أنه صادق، وبالآيات التي

يظهرها في الآفاق وفي الأنفس، حتى يتبين لهم أن القرآن حق.

وفي هذه الآية: [قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وبَيْنَكُمْ] ونظائرها ذكر سبحانه أنه

شهيد بيني وبينهم، ولم يقل: شاهد علينا، ولا شاهد علي، لأنه ضمن الشهادة

الحكم، فهو شهيد يحكم بشهادته بيني وبينكم، والحكم قدر زائد على مجرد الشهادة، فإن الشاهد قد يؤدي الشهادة، وأما الحاكم فإنه يحكم بالحق للمحق على المبطل

ويأخذ حقه منه، ويعامل المحق بما يستحقه، والمبطل بما يستحقه.

وهكذا شهادة الله بين الرسول ومتبعيه، وبين مكذبيه، فإنها تتضمن:

أ- حكم الله للرسول وأتباعه، يحكم بما يظهره من الآيات الدالة على صدق

الرسول على أنها الحق، وتلك الآيات أنواع متعددة.

ب- ويحكم له أيضاً بالنجاة والنصر، والتأييد، وسعادة الدنيا والآخرة،

ولمكذبيه بالهلاك والعذاب، وشقاء الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: [هُوَ الَذِي

أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ] [الفتح ٢٨] ، فيظهره

بالدلائل والآيات العلمية التي تبين أنه حق؛ ويظهره أيضاً بنصره وتأييده على

مخالفيه، ويكون منصوراً، كما قال تعالى: [لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وأَنزَلْنَا

مَعَهُمُ الكِتَابَ والْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ] [الحديد

٢٥] ، فهذه شهادة حكم كما قدمنا ذلك في قوله: [شْهِدُ اللَّهَ] .

قال مجاهد والفراء وأبو عبيدة: شهد الله؛ أي حكم وقضى، لكن الحكم في

قوله: بيني وبينكم؛ أظهر، وقد يقول الإنسان لآخر. فلان شاهد بيني وبينك، أي

يتحمل الشهادة بما بيننا، فالله يشهد بما أنزله ويقوله، وهذا مثل الشهادة على أعمال

العباد، ولكن المكذبين ما كانوا ينكرون التكذيب، ولا كانوا يتهمون الرسول بأنه

ينكر دعوى الرسالة، فيكون الشهيد بتضمن الحكم أثبت وأشبه بالقرآن. والله أعلم.

وكذلك قوله: [لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ والْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ

وكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً] [النساء ٦٦] ، فإن شهادته بما أنزل إليه هي شهادته بأن الله

أنزله منه، وأنه أنزله بعلمه، فما فيه من الخبر هو خبر عن علم الله ليس خبراً

عمن دونه، وهذا كقوله: [فَإن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ] [هود ١٤] ، وليس معنى كونه أنزله مجرد أنه هو معلوم له - فإن جميع الأشياء

معلومة له، وليس في ذلك ما يدل على أنها حق - لكن المعنى: الذي أنزله فيه

علمه، كما يقال: فلان يتكلم بعلم، ويقول بعلم، فهو سبحانه أنزله بعلمه، كما قال: [قُلْ أَنزَلَهُ الَذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ] [الفرقان ٦] ، ولم يقل: تكلم

به بعلمه، لأن ذلك لا يتضمن نزوله إلى الأرض. فإذا قال: [أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ]

تضمن أن القرآن المنزل إلى الأرض فيه علم الله، كما قال: [فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ

بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ] [آل عمران ٦١] ، وذلك يتضمن أنه كلام الله نفسه، منه

نزل ولم ينزل من عند غيره، لأن غير الله لا يعلم ما في نفس الله من العلم -

ونفسه هي ذاته المقدسة - إلا أن يعلمه الله بذلك، كما قال المسيح -عليه السلام-:

[تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ولا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ] [المائدة ١١٦] .

وقال: [فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ] [الجن

٢٦] ، فغيبه الذي اختص به لا يُظْهِرُ على أحداً إلا من ارتضى من رسول،

والملائكة لا يعلمون غيب الرب الذي اختص به.

وكذلك قال في [سورة هود] : [فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُم مِّن

دُونِ اللَّهِ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ] [الطور ١٣] ، لما تحداهم بالإتيان بمثله في قوله:

[فليأتوا بحديث مثله] [الطور ٣٤] ، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله، ... فعجزوا عن ذا وذاك، ثم تحداهم أن يأتوا بسورة مثله فعجزوا، فإن الخلائق لا يمكنهم أن يأتوا بمثله ولا بسورة مثله، وإذا كان الخلق كلهم عاجزين عن الإتيان بسورة مثله ومحمد منهم علم أنه منزل من الله، نزله بعلمه، لم ينزل بعلم مخلوق، فما فيه من الخبر فهو خبر عن علم الله.

وقوله: [قُلْ أَنزَلَهُ الَذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ] [الفرقان ١٦] ،

لأن فيه (من) الأسرار التي لا يعلمها إلا الله ما يدل على أن الله أنزله، فذكره ذلك

يستدل به تارة على أنه حق منزل من الله، لكن تضمن من الإخبار عن أسرار

السموات والأرض والدنيا والأولين والآخرين وسر الغيب مالا يعلمه إلا الله، فمن

هنا نستدل بعلمنا بصدق أخباره أنه من الله.

وإذا ثبت أنه أنزله بعلمه تعالى استدللنا بذلك على أن خبره حق، وإذا كان

خبراً بعلم الله فما فيه من الخبر يستدل به عن الأنبياء وأممهم، وتارة عن يوم

القيامة وما فيها، والخبر الذي يستدل به لا بد أن نعلم صحته من غير جهته وذلك

كإخباره بالمستقبلات فوقعت كما أخبر، وكإخباره بالأمم الماضية بما يوافق ما عند

أهل الكتاب من غير تعلم منهم، وإخباره بأمور هي سر عند أصحابها كما قال: [وإذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً] إلى قوله: [نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ]

فقوله: [أَنزَلَهُ الَذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ] استدلال بأخباره، ولهذا ذكره تكذيباً لمن قال: هو [إفْكٌ افْتَرَاهُ وأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ] [التحريم ٣] ، وقوله: [أَنزَلَهُ] استدلال على أنه حق، وأن الخبر الذي فيه عن الله حق، ولهذا ذكر ذلك بعد ثبوت التحدي، وظهور عجر الخلق عن الإتيان بمثله.

ومن شهادته ما يجعله في القلوب من العلم، وما تنطق به الألسن ن من ذلك،

كما في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ عليه بجنازة فأثنوا عليها

خيراً، فقال: (وجبت، وجبت) ومُرَّ عليه بجنازة فأثنوا عليها شراً، فقال: (وجبت، وجبت) قالوا: يا رسول الله؟ ما قولك: وجبت وجبت؟ قال: ... (هذه الجنازة أثنيتم عليها خيراً فقلت وجبت لها الجنة، وهذه الجنازة أثنيتم عليها شراً فقلت وجبت لها النار، أنتم شهداء الله في الأرض) [٦] فأضافهم إلى الله تعالى.

والشهادة تضاف تارة إلى من يشهد له. وإلى من يشهد عنده، فتقبل شهادته،

كما يقال: شهود القاضي، وشهود السلطان، ونحو ذلك من الذين تقبل شهادتهم،

وقد يدخل في ذلك من يشهد عليه بما تحَمَّلَه من الشهادة، ليؤديها عند غيره، كالذين

يشهد الناس عليهم بعقودهم أو أقاريرهم [٧] .

فشهداء الله الذين يشهدون له بما جعله وفعله، ويؤدون الشهادة عنه، فإنهم إذا

رأوا من جعله الله براً تقياً يشهدون أن الله جعله كذلك، ويؤدون عنه الشهادة، فهم

شهداء الله في الأرض، وهو سبحانه الذي أشهدهم بأن جعلهم يعلمون ما يشهدون به، وينطقون به، وإعلامه لهم بذلك هو شهادة منه بذلك، فهذا أيضاً من شهادته.

وقد قال تعالى: [لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وفِي الآخِرَةِ] [يونس ٦٤] ،

وفسر النبي - صلى الله عليه وسلم - البشرى بالرؤيا الصالحة، وفسرها بثناء

الناس وحمدهم، والبشرى خبر بما يسر، والخبر شهادة بالبشرى من شهادة الله

تعالى. والله سبحانه أعلم.


(*) اخترنا هذا الموضوع نموذجاً لأسلوب ابن تيمية في التفسير، وقد تصرفنا قليلاً بحذف بعض الجمل المكررة، وبعض الفقرات، حتى يكون الموضوع أقرب إلى طبيعة المقال وقد حرصنا على نشره في حلقة واحدة مع طوله لأنه وحدة معنوية واحدة في معنى الشهادة ومن أراد الرجوع إليه كاملاً فهو في مجموع الفتاوى ١٤/١٦٨.
(١) مجمل معنى هذه الفقرة أن من معاني الشهادة أن يشهد الشاهد لنفسه دون طلب ذلك منه، ودون إعلان منه لشهادته أمام غيره.
(٢) أورده البخاري في (كتاب الجهاد) ٤/٤١.
(٣) أي الثانية.
(٤) البخاري ٣/٧٦ (كتاب البيوع، باب إذا بين الببعان ولم يكتما) ، ومسلم في ١/٦٦٤ (كتاب البيوع، باب الصدق في البيع) .
(٥) البخاري ٦/٢٢٤ (كتاب فضائل القرآن) ومسلم (كتاب الإيمان) .
(٦) البخاري ٢/١٢١ (كتاب الجنائز) ، ومسلم في (كتاب الجنائز) ١/٣٧٩.
(٧) جمع إقرار.