نص شعري
صيحة في وادي السكون! !
إنها صيحة أطلقتها (القدس) منذ عشرات السنين في وادي السكون!! ! ذلك ...
الوادي الذي لا تسمع فيه حِساً، ولا همساً!! ولم تزل المدينة المقدسة تطلق صيحاتها ...
مراراً وتكراراً.. لكن بلا جدوى؛ لأنها «صيحات في وادي السكون» إلا أن تلك
الصيحات «إن ذهبت اليوم مع الريح.. فقد تذهب غداً بالأوتاد!»
علي بن جبريل بن أمين
وطنٌ يباع وأمةٌ تنساقُ ... ودمٌ يراق.. وأدمعٌ تهراقُ!
ومدينة الإسراء تندب حظها ... وتصيح: واذلاه حين أساق
واحسرتاه إذا تدنس باطني ... بخُطا اليهود، وضُيِّعَ الميثاق
واحسرتاه إذا تعرقلت الخُطا ... من بعد أن قد بانت الأوراق
واحسرتاه إذا تقهقر مسلم ... وكبا جوادُ الفارس السبّاق!
واحسرتاه إذا تمزق جهرةً ... ثوبُ العفاف، وضاعت الأخلاق
وازْورَّ وجه الصدق في قسماته ... والكاذبون وجوههم إشراق! !
يا مسلمون! أمات عهدكمو وقد ... كانت تهزكمو لي الأشواق؟
أوّاه يا عمر.. فكم من محنةٍ ... جُرِّعتُها والدمع بي رقراق!
أقبلْ إلينا وامحُ عني حقدهم ... وانفِ اليهود! فكم لزُورٍ ساقوا!
واضرب بِدُرَّتِكَ النيامَ بأرضهم ... من مسلمين؛ فإنهم ما فاقوا
يا مسلمون! أليس لي في قلبكم ... حُبّ ووِدٌ زانه إشفاق؟
مسرى نبيكم يدنَّس جهرةً ... كلبٌ يدنِّس أرضه وبصاق! !
قد كنت في عهد الأكابر كوكباً ... شمخت إليه الجيد والأعناق
كان الرجال يلون عني مجرماً ... بسيوفهم؛ كم طارت الأعناق!
كانت جموع الحق تغشى مسجدي ... من بين باكٍ هده إشفاقُ
وهناك من يتلو الكتاب مرتِّلاً ... وهنا ركوع كله إطراق
قد كنت قبلة أمةٍ مكيّةٍ ... قُدسيةٍ، ذلَّت بها الفساقُ
والآن.. فانظر من يهيم بساحتي ... هذا يهوديٌ.. وذاك نفاق!
كانت جوانب مسجدي معمورةً ... نورٌ يزين ساحَها ورُواق
والآن يا هذا تسيل مدامعي ... أبكي وأصرخ.. أشتكي.. أشتاق! !
لكن بلا جدوى، كأني لم أزلْ ... أبكي وأصرخ للألى ما فاقوا!
أُمسي.. أقول لعلكم تأتونني ... عند الصباح؛ فلا ترى الأحداق
إلا الصباح يجيبني في لوعتي! ... وهناك يأسى قلبي الخفّاق
كشف الستار؛ فبان كل مخبّأٍ ... خلف الستار، وفُكت الأطواق
كلٌّ يريد من الحياة بقيّةً ... يحيا بها! وتضمه الآفاق
واليوم لا أملٌ أراه محلّقٌ ... إلا المخازي لفَّها الإزهاق
الآن إخواني ألفت سكونكم! ... وعرفت ذلتكم.. لذاك أساقُ
إن كنتمُو لا ترغبون بنصرتي ... فالله ينصرني، هو الخلاق