كلمة صغيرة
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه!
الأمن في الديار والأنفس والأموال والأعراض نعمة من أجلِّ نِعَم الله على
الأمم والأفراد؛ ولهذا امتنَّ الله عز وجل به على قريش، فقال: [الَّذِي أَطْعَمَهُم
مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ] (قريش: ٤) .
والأمن هو البيئة الخصبة لنمو الدعوة، وانتشار المعروف، وحصول
الاستقرار النفسي، والاطمئنان الاجتماعي. وإذا اضطرب الأمن وظهرت الفتنة
وارتفع صوتها تزلزلت الأمة، وتخلخلت أركانها، وكثر فيها الخَبَث، والتبس
الحق بالباطل، واستعصى الإصلاح على أهل الخير.
ومن المتفق عليه بين أهل العلم أنَّ تحقيق الأمن مقصد عظيم من مقاصد الدين
الحنيف؛ فالشريعة الإسلامية إنما جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد
وتقليلها.
ولهذا نقول بكل وضوح: إننا في مجلة البيان نستنكر التفجيرات التي حصلت
في مدينة الرياض في منتصف ربيع الأول؛ فهي عمل متشنج غير مسؤول،
ومجازفة غير متزنة، وخطأ كبير يجب الحذر منه. وكل عمل مهما كان كبيراً أو
صغيراً فإنه يجب أن تراعى فيه نصوص الشريعة وقواعدها المحكمة التي تُحصِّن
الأمة من طَرَفَيِ الإفراط أو التفريط.
وفي الوقت نفسه فإنَّه لا يجوز على الإطلاق أن يستغل بعض المفسدين وأهل
الأهواء هذا الخطأ في الترويج لباطلهم، والإرجاف الفكري، وتجاوز الثوابت
الشرعية، والغلوِّ في تفسير الحدث وتعميمه؛ بل يجب ردّ الأمر إلى أهل البصيرة
والعلم الربانيين المعتصمين بحبل الله المتين؛ فالشريعة جاءت لتحكم أحوال الناس، وتضبط انفعالاتهم ومواقفهم، وتحول بينهم وبين أهوائهم، قال الله تعالى: [وَإِذَا
جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ
مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ] (النساء: ٨٣) .
ونحسب أن نشر العلم الشرعي الأصيل المبني على الدليل في أوساط الخاصة
والعامة، وتوسيع أبوابه، وتسهيل سبله ومصادره، مما يعصم الأمة من الزلل
والخطأ.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن..