[كلا لا نعود]
إبراهيم كامل
بين طيات الزمن نعيش، نعيش حياة بسرورها وحزنها وفرحها وغضبها،
بمشكلاتها واضطراباتها.. نعيشها إحساساً ومشاعر، وعواطف - وهواجس،
انحرافاً واستقامة، نسياناً وتذكراً، قوة وضعفاً..
هذا ويوم القيامة تتضاءل من حسنا هذه الليالي والأيام تمر وكأنها لحظة من
نار فلا بقي من كرب مكروب، أو فرح مبتهج، أو فقر فقير، أو غنى غني، فمن
تلذذ بلذة فقد التذها وانقضى، ومن نصب ومن صبر فقد انتهى تعبه ونصبه وصبره، فأشد الناس عناء بانتهاء عنائه لم يبق له من العناء شيئاً، وأشدهم رغداً وابتهاجاً
بزوال رغده عنه لم يبق له من الرغد شيئاً.
هذا وإنها الآن لكلمات ولسوف نذكر هناك عملنا اليوم، سوف نذكر اهتماماتنا
اليوم، سوف نذكر ما يقعدنا من شهوات ورغائب، سوف نذكر ما يلهينا من
صغائر، ولكم سنندم، ولكم سنأسى، ولكن ترى هل سينفع الندم؟ هل سينقشع
العذاب؟
تخيل.. أنت الآن هناك تقف بين يدي ندم وأسى على ما فرطت وحيرة
واضطراب هل من مرد؟ ! أنت الآن هناك تقف بين يدي ربك فيسيل جلدك على
جانبيك ولحم وجهك من الخزي..
يومها نود أن نرجع.. أن نعود.. نعود فنكفر بالذين يبدلون دين الله يحلون
حرامه ويحرمون حلاله، نعود فنفزع لتلك الدماء تسيل من الأمة الأمة التي تذبح
ليل نهار مرات ومرات، على مذابح الوطنية تارة، والقومية تارات، على مذابح
الاشتراكية تارة، والديمقراطية والعلمانية تارات، وغير ذلك من المذابح كثير.
نتمنى يومها أن نعود.. وأنى لنا أن نعود، وقد أخبرنا أنها إذا ولت لا تعود.
نعود! وقد كنا نضحك ملء الأفواه والله سبحانه وتعالى غضبان.
نعود! والله سبحانه وتعالى يغار على محارمه وسلطانه المغصوب! وكنا لا
نغار.
نعود! والأرض كانت تئن، والسماوات يبكين والجبال تكاد تنهار من ظلم
الإنسان، وجوره على ربه العزيز الجبار.
نعود! والقدس القابع خلف القضبان يبكي أمة قد كان لها مجد فأبت إلا
الخذلان..
نعود! وقد كانت حرمات الله تصرخ فينا.. تصرخ أن كفوا بأس الطغيان.
نعود! كلا..! يأبى عدل الرحمن.
نداء.. نداء إلى الذين يتضاغون لغربة الإسلام.. أن اصبروا واثبتوا ... فإن
لقاء الله قريب.
ونداء إلى الذين يهملون ويضعفون ويميلون إلى خيانة الطريق، أيضاً إن لقاء
الله قريب.
ونداء أخير إلى الذين استحبوا الحياة الدنيا ورضوا واطمئنوا بها، أيضاً إن
لقاء الله قريب.
وإن أجل الله لآت وما أنتم بمعجزين، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن
زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.