كلمة صغيرة
[تغيير الصورة بالفعل لا بالقول]
نشرت الصحف مؤخراً خبراً عن الحكومة الأمريكية حول رغبتها في تحسين
صورتها في العالم، وذلك عن طريق تطويل بث (صوت أمريكا) لأربع وعشرين
ساعة. والحقيقة أن الصورة التي وصلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية في العالم
بعامة، والعالم العربي والإسلامي بخاصة بلغت الحضيض بسبب الموقف العدواني
الذي تقفه من أمتنا سواء بالممالأة لعدونا الصهيوني وتأييده في عدوانه المستمر
والدفاع عنه في كل الأحوال، أو بالموقف المعادي للإسلام سواء بجعله والمنتمين
له قرين الإرهاب، والعمل على الإيقاع بالمنتسبين إليه ولو كانوا يحملون الجنسية
الأمريكية بأساليب ملتوية ليس أقلها استخدام الأدلة السرِّية ليدان بها الفرد بمجرد
الظن؛ مما جعل المسلمين في أمريكا محل الاتهام الفوري والمطاردة عند طروء أي
حادث على سطح المعمورة، وقبل أي تحقيق أو ظهور أدنى دليل.
ومعاناة المسلمين من هذه النظرة القاهرة والسياسة الخرقاء جعل أمريكا محل
كره أمتنا ومقتها لها بعامة، وهذا ما أشار إليه الإعلام العربي في الآونة الأخيرة
بدون استثناء داعياً لتغيير تلك الصورة النمطية، وهذا بلا شك - وحتى إن لم
يتغير للأحسن - سينعكس على أمريكا بالخسران حينما تقوم الشعوب بالمقاطعة،
وهذا مطلب شعبي حيال تلك المواقف غير المسؤولة.
وفي نظرنا أن إصلاح تلك النظرة ليس بزيادة البث الإذاعي ولا حتى
التلفازي؛ بل بالموضوعية في الرأي واحترام المشاعر الإسلامية، وتقدير الكم
الهائل من العرب والمسلمين الذين دفعتهم الظروف للانتماء لذلك البلد، وبوقوف
أمريكا موقفاً محايداً على الأقل حيال التصرفات العدوانية للصهاينة الذين استبدوا
وأفسدوا وعربدوا بالحماية الأمريكية ليس إلا، وكذلك بالخروج من دائرة التناقض
حيث تدَّعي أمريكا الديمقراطية، وإيمانها بحق تقرير المصير للشعوب، وحماية
حقوق الإنسان، وهي بمواقفها تدوس على تلك القيم وتضرب بها عرض الحائط؛
فهل يعي الأمريكان تلك الحقائق، وهم أحرص الناس على مصالحهم، أم يضنون
بها؟ ثم ماذا يبقى من مصداقيتهم المزعومة؟