للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قراءة في كتاب

كيف يُنَصَّر المسلمون..؟

عرض لكتاب (الدليل الشخصي للحوار مع المسلمين) [*]

إعداد وتقديم: أبو إسلام أحمد عبد الله

(الدليل الشخصي للحوار مع المسلمين) واحد من مئات الأدلة التي تتسابق

الكنائس الغربية والشرقية إلى إصدارها وتوزيعها لدعم حركة التنصير العالمية،

وتطوير أدائها، ورفع مستوى أدواتها، وترشيد جهودها، وتنمية قدرات أفرادها.

ويحتل الحوار الكنسي مع المسلمين مساحة كبيرة من هذا الاهتمام إلى الحد

الذي اقتضت معه الممارسة، إنشاء عشرات المراكز الدولية المتخصصة في إعداد

القادة والمتدربين من القُسُس والرهبان من كل الملل النصرانية التي تتجاوز ٣٠٠٠

كنيسة طائفية.

أما الدليل الذي سوف نتناوله بالعرض، فقد كان في البدء مشروعاً علمياً تقدم

به الباحث (راي ريجستر) تحت إشراف الدكتور (جورج برازويل) لنيل درجة

الدكتوراه اللاهوتية بمعاونة مباشرة من المؤتمر الإنجيلي الدائم بشمال أمريكا الذي

تأسس عام ١٩٧٨م.

وقد تناولت الرسالة في أبوابها الستة على الترتيب:

١- تاريخ مختصر عن الإسلام (ص٧) .

٢- الحوار منهجاً للاقتراب من المسلمين (ص١١) .

٣- الخطوط العامة للحوار مع المسلمين (ص٣٣) .

٤- أسئلة وبيانات في الحوار مع المسلمين (ص٣٠) .

٥- الخطوط الرئيسة للحوار مع المسلمين (ص٦٣) .

٦- اقتراحات بما يجب عمله تجاه الذين يقررون تغيير عقيدتهم من المسلمين

إلى النصرانية أو من النصرانية إلى الإسلام (ص٦٦) .

وأشار الباحث في مقدمة رسالته، إلى أن إعداده لهذه الأبواب التي أوجزها

في تسعين صفحة، قد استغرقت منه اثني عشر عاماً أمضاها في العمل التنصيري

بين المسلمين في أرض فلسطين المحتلة، بصفته ممثلاً معتمداً (من السلطات

الصهيونية) لمجلس البعثات الأجنبية المعمدانية في المنطقة، مما أتاح له التجول

بين بيروت والقاهرة وطهران ثم العودة بعد كل جولة إلى مقره الأصلي في فلسطين.

كما أشار الباحث المنصر إلى أنه أخضع (دليله) هذا باعتباره مشروعاً في

التخطيط للتنصير للتجربة الميدانية؛ حيث التقى على مدى ستة أشهر متواصلة

بأكثر من مائتي مسلم عربي في شمال وجنوب ولاية كارولينا الأمريكية، لكن اثني

عشر مسلماً منهم فقط هم الذين قبلوا التعاون والحوار معه، لذا فهو يؤكد على

صعوبة تحقيق أي مكاسب فعالة مع المسلمين على المستوى الفردي الذي أعد من

أجله رسالته العلمية! معلقاً الأمل على إمكانية تحقيق المكاسب فيما لو امتدت

إجازته لمدة ستة أشهر أخرى.

حدد الباحث في رحلته بين المسلمين، أن طرق الاتصال بهم كانت مقتصرة

على المنظمات والمعسكرات الطلابية، ونادي العرب ... ؛ حيث استجاب إلى

زيارة منزله عدد محدود من بين الاثني عشر الذين قبلوا الحوار معه والذين كانوا

من المصريين واللبنانيين والعديد من الفلسطينيين الذين نزح آباؤهم إلى أمريكا منذ

عام ١٩٤٨م؛ حيث أثبت الدليل قيمته حسب تعبير الباحث في تمكن عدد من

المتدربين من الاقتراب من المسلمين، وهو ما كان بمثابة حلم وأمل في الماضي.

أهداف الدليل:

يصف الدكتور (جورج برازويل) المشرف على الرسالة، أهداف الدليل،

فيقول في مقدمته:

إن هذا الكتاب يمدنا بفرصة كبيرة لفهم عقيدة الإسلام، ونفسية الذين ينفذون

تعاليمه، وذلك لإيجاد سبيلٍ سهلٍ للاتصال الفعال معهم.

أما الباحث المنصّر، فيقرر في مقدمته (أن المسلم، هو ذلك الإنسان الذي

يستسلم ويركع أمام إرادة الله، متبعاً بهذه العقيدة، دين النبي العربي محمد! (لله)

وهم سواء أكانوا عرباً أو فُرساً أو من الباكستان أو إندونيسيا أو أفريقيا أو أتراكاً،

فهم مسلمون في عقيدتهم وثقافتهم وحياتهم الخاصة جداً) .

ثم يستطرد قائلاً: (لكن لسوء الحظ، فإن للإسلام وجهة نظر سلبية ومدمرة

تجاه النصرانية، تجعل المسلم مقاوماً بفطرته لكتابنا المقدس! الذي نفهمه،

ورافضاً لموت عيسى (عليه السلام) على الصليب، وهذا هو أكبر حاجز مانع لفهم

المسلمين للعقيدة النصرانية، ولذا فإن هدف الدليل، هو المساعدة في تجاوز الفرد

النصراني لهذا العائق من خلال الحوار الذي هو محاولة لإقامة جسر من الود يسد

الفجوة التي امتدت بين المسلمين والنصارى لقرون طويلة.

ومن أهداف الدليل أيضاً: أن يقاسم المسلمون النصارى عقيدتهم في عمق

الإيمان بيسوع المسيح الذي تجسد الله فيه حسب زعمه من خلال الروح القدس،

كي يحمل على كتفيه خطايا البشر!

وإن غاية الحوار النصراني مع المسلمين، أن يؤمن المسلمون ويعتقدوا بأن

صلاحهم لن يكون بغير الإيمان بقدرة يسوع الرب على تكفير خطاياهم من خلال

الصليب!

إنها وسيلة لتحقيق المصالحة التي أطلق عليها القس المنصّر (رويل هاو) اسم: (معجزة الحوار) في كتابه الشهير الذي حمل الاسم نفسه. ويختم الباحث مقدمته

فيقول:

(لن يتنازل المسلم عن معتقداته إلا إذا حاولنا أن نسمعه رغبتنا في أن

يشاركنا معتقداتنا بطريقة يجب أن يفهمها هو ويقر بها) .

خطورة دليل الحوار مع المسلمين: ونقفز إلى موضوع مقالنا مباشرة تحت

عنوان: (الحوار باعتباره منهجاً للاقتراب من المسلمين) (ص١١) حيث يتناول

الباحث مجموعة من التعريفات لكلمة الحوار، ثم يحدد القاعدة اللاهوتية لهذا الحوار، منبهاً إلى ضرورة الحذر الشديد من أن يقدم النصراني في حواره مع المسلم أي

تنازلات، مشيراً إلى أهم الثغرات التي يمكن أن يسقط النصراني المحاور في

شراكها هي دعوى تجسد المسيح، ودعوى الصلب، ودعوى بنوة عيسى؛ ولذا

ينقسم الدليل إلى قسمين رئيسين:

أولاً: إرشادات للمُحاوِر النصراني: (الإنسان المسلم من اليسير جداً معرفته

وفهمه) هكذا يقول الباحث المنصّر، ثم يستطرد قائلاً:

(المسلم في لقائه يكون ودوداً واجتماعياً، خاصة بالنسبة للغرباء، وبخاصة

إذا كان لقاؤه خارج بلده، أي في دولة أجنبية بالنسبة له. فالمسلم بطبعه يحتاج إلى

رفيق، ولا يستغني عن صديق، ولذا فليس هناك أي صعوبة للدخول معه في

حوار، وإذا وثق بك مرة، فربما تجده أكثر الناس تعبيراً عن نفسه من أي جنس

إنساني آخر، ولسهولة التفاهم معه، فبإمكانك اكتشاف كل ملامح الشرق

(الإسلامي) الأخلاقية، وإذا ما استمر الحوار فإن الجدل سوف يبقى ساخناً وليس

بالضرورة أن يلتزم هذا الجدل بالمنطق، ولذا فإن التزامك أنت بالصبر والتحمل

هو من الفضائل التي يجب أن تتحلى بها في هذا الحوار.

ثانياً: استعراض الأسئلة التي يمكن أن تكون مثار نقاش، وأسلوب الحوار

حولها:

(اقترابك بالحوار الروحي، ومحاولة إقناع المسلم بأنه في حالة جوع روحي

وخواء كبير في القلب، سوف يحدد لك موقع الفرد وتطلعاته الروحية) .

وحول هذه العبارة الموجزة، دار الباحث المنصر كثيراً في ضوء إرشاداته

للنصراني الذي يحاور المسلم، لكنه ظل أبداً لا ينصح بأخذ الضوء الأخضر، أو

الظن ببساطة العقل المسلم أو إهمال وجدانياته، فيصف واقع المسلمين في عين كل

نصراني محاور أنه سوف يجد نفسه أمام تيارين متناقضين من المسلمين:

التيار الأول: ربما يكون مخلصاً لدينه، يؤدي الصلوات الخمس، يصوم

رمضان، يحفظ أجزاء من القرآن.

التيار الثاني: ربما يكون على النقيض تماماً؛ حيث يكون المسلم مادياً

علمانياً يشعر أن الدين ليس صالحاً ولا مكان له في الحياة المعاصرة.

فأي التيارين يكون مهيأ للحوار؟ وما المحكّ الذي يبدأ منه المحاور النصراني

مغامرته؟

يجيب الباحث المنصّر: إن المسلمين على كل مستوياتهم وتياراتهم سواء،

من حيث ارتباطهم بالعقيدة الإسلامية، فأي من التيارين سوف يبدي دفاعآً قوياً عن

الإسلام باعتباره منهج حياة وسلوك اجتماعي.

حتى لو كان المحاوَر مادياً ولا يمارس الشعائر الإسلامية في حياته اليومية؟

نعم، وربما يكون هذا الشخص نفسه، أكثر بيانآً وأفصح تعبيراً عن عظمة

الإسلام وتطوره وتقدمه على عقيدة النصارى في ضوء ما يراه في الولايات المتحدة

والأماكن الأخرى من فساد وانحرافات، وعليك بالاعتراف بأن آلاف النصارى لا

يعيشون عقيدتهم ولا يتبنون قيمها، ولا يحترمون مظاهرها، ولا يمارسونها على

الوجه الصحيح.

فإذا ما اعترفت له بذلك؛ وهو الأصوب؛ فسوف ينهي هجومه عليك ودفاعه

عن الإسلام، وإن من المسلمين آلافاً في مثل حال هؤلاء النصارى وتلك هي

الجولة الثانية التي يمكن أن تكسبها مع المسلم) .

استيعاب المسلم والتعلم منه: واضح مما فات، أن الباحث المنصّر، يلعب

على وتر العواطف الجياشة لدى المسلم والفطرة الصادقة التي تكمن داخله؛ ولهذا

فهو يلفت نظر المحاور إلى نقطة فهم محورية في كل صفحات دليله الذي بين أيدينا، التي يلخصها بقوله:

على كل الأحوال، إذا ما هاجمت عقيدته (أي المسلم) فإنه من المقبول أن

ينتقم منك بالمسلك نفسه، فدع الحوار يكون دائماً مقاسمة فيما يكون ذا معنى بالنسبة

لحياتكما، واقبل كل الأشياء الإيجابية في الإسلام، وأَكْثِرْ من عقد المقارنات بين

كل ما هو جيد في عقيدتك ويتفق مع عقيدته، فهماً وسلوكآً، فإن ذلك سوف يقودك

إلى اكتشاف ما هو المربح والمفيد في عقيدتكما، ومع التمرس فسوف تتضح نقط

الخلاف أمامك فتلمسها برفق) .

ثم يحذر الباحث القس كل محاور نصراني من أن يلمز محمداً (لله) ولذلك فإن

ردود الفعل لأي نزاعات قد تثيرها في حوارك مع المسلم سوف تفسد الحوار؛ لأن

قرآن محمد! (لله) يشترك مع عقيدتنا حول ميلاد المسيح من عذراء، وحول

معجزاته الكبرى، وحول صعوده إلى السماء، فابتعد بنفسك عن مواطن الخلاف) .

ثم يحدد الباحث القس، للمُحاوِر النصراني ثلاثة أشياء تحكم الحوار مع

المسلم:

أولاً: أن المسلم يعتقد بأن اليهود والنصارى قد حرّفوا التوراة والإنجيل

لإخفاء النبوءة بمجيء محمد (لله) .

ثانياً: يفترض المسلم أن النصارى يؤمنون بآلهة ثلاث، ويعلمهم القرآن بأن

النصارى يعتقدون التثليث المركّب من: الله، ومريم، ويسوع.

ثالثاً: يعتقد المسلم أن المسيح لم يمت على الصليب، لكن شبهه هو الذي

صُلب.

ثم يضيف محوراً رابعآً لا أدري لماذا لم يضمه إلى المحاور الثلاثة السابقة،

وهو: نظرة المسلم لمعتقد الخطيئة والخلاص، الذي يعتقده النصارى، ويرفضه

المسلمون إجمالاً وتفصيلاً، فيقول الباحث القس:

(إن هناك اضطراباً وغموضاً كبيرين عند المسلمين حول الخطيئة والخلاص، ففي حين أننا نحن (النصارى) نعتقد بأن كل الناس مذنبون، وأن المسيح وحده

هو صاحب القوة الذي يتحمل كل الآثام عن كل المذنبين؛ فهو قد حقق الخلاص،

بموهبة الله ومحبته ورحمته، وليس بعمل الإنسان وقدرته.

بينما المذنب المسلم بين نوعين من الذنوب لا انفلات له من أحدهما: الكبائر

أو الصغائر، ولا يسعى المسلم إلى مغفرة ذنوبه إلا بالعمل الصالح والتوبة؛

والدعاة المسلمون يؤكدون على عمل توازن بين قسوة القرآن حسب تعبير القس

النصراني وبين رحمة الله الواسعة التي وعدهم بها القرآن في العفو عن المذنبين إلا

في استثناء واحد وهو الشرك بالله) .

ويتساءل المنصر عن موقف المحاور النصراني من كل ذلك، وهو السؤال

الذي يطرحه، ثم يجيب عنه بأن هذه ليست هي الخلافات كلها، بل سوف تتولد

خلافات كثيرة مع استمرار الحوار، وعلى المحاور أن يتعامل معها برفق وصبر

واهتمام؛ لأن في ذلك كله تحصيلاً واكتشافاً لكل جوانب الشخصية المسلمة

واستبياناً لكل أركان معتقدها. والاستماع إليه طويلاً يحقق مكسبين:

أولهما: التعلم منه ومما يقوله من آيات القرآن ومن استدلالاته عن النبي

محمد (لله) ، وبهذا يتمكن المحاور من الإلمام بكل حجج المسلم التي يمكن أن يحاجّه

بها.

ثانيهما: أن الاستماع إلى المسلم يمثل إسهاماً ضخماً وركيزة في الإبقاء على

الحوار، وبذلك ستكون مالكاً لزمام القسمة المشتركة بينكما، وسوف يكون مذاقك

الشخصي للحوار أكثر فعالية من أي جدل، وبقدر فهمك للإنجيل يمكن أن تقدم له

الحقيقة التي تتمسك بها) !

خطوة مهمة في الحوار: إن موقف المسلم في كل معتقداته نحو عقيدة

النصارى، وارتباطه التام بثوابت الإيمان التوحيدي، حتى عند غير الملتزمين منهم، يؤرق الباحث المنصّر عند مواجهته لاعتراضات كثيرة عند مناقشة رسالته وعند

تطبيقها، وخوفاً وخشيةً من انزلاق المُحاوِر النصراني في شباك المتحاور المسلم،

حيث إن الأخير حسب تعبير الباحث النصراني على قناعة شديدة بأن النصراني

مخدوع من خلال أوهام ترتدي ثوب الدين، وسوف يحاول المسلم في الغالب أن

يقود النصراني إلى حقائق الإسلام، وهو معذور في ذلك؛ لأن قضايا الخلاف عنده

من الصعب تحريكها أو تعديلها إلا من خلال كلمات معينة يجب أن يستعملها

المحاور النصراني في حواره دون أن تثير حساسية لدى المسلم، مثل ألفاظ:

الإيمان، والبرهان، والشاهد، والكسب الروحي.

فإذا ما وافق المسلم على الاستماع لمثل هذه الألفاظ ولم تثر لديه نوازع

الرفض، فإن هذا النوع هو من الاقتراب الذي يُرغَم عليه النصراني وهو غير

محب له، فإن قرار المسلم بالإيمان ربما لا يعني أكثر من أسلوب مهذب لترضية

المحاور النصراني بدلاً من الإزعاج؛ لصعوبة معرفة المحاور النصراني لمضمون

الإيمان الذي يفهمه المسلم، وعما إذا كان هو الإيمان المقصود في النصرانية، أو

ذلك المقصود في الإسلام؟

ولذلك يرى الباحث المنصّر أن على المحاور النصراني أن يحاول معرفة

البواعث التي أقر المسلم على ضوئها بالإيمان:

هل هو مخلص وصادق؟

هل هو يناور ويحاور؟

هل يرغب في كسب مالي؟

هل يرغب في زوجة نصرانية غير زوجته المسلمة؟

(إن المسلمين في الشرق (الإسلامي) يحتاجون إلى عمق لفهمهم أكثر من

غيرهم، وتحوّلهم ليس بالأمر السهل؛ لأن لديهم من أسباب القبول ومسوّغاته،

مثل ما لديهم من أسباب الرفض ومسوّغاته، إلا أن قمة النجاح تتمثل في أن يقبل

سماع كلمات مثل: الخطيئة، الخلاص، الصليب، ابن الله، الثالوث المقدس،

الروح القدس، بفهم غير الذي عليه المسلم، وإلا فسوف يتخذ من النصراني موقفاً

عدائياً يسقط كل الخطوات السابقة، ويهزم كل الفروض الموضوعة، وبذلك يقطع

حبل الحوار والاقتراب) .

ولم يغفل الباحث المنصّر عن أن مناقشة الإنجيل مع المسلم تحتاج إلى قدر

كبير من الذكاء والكياسة، فيوصي المحاور (باستبعاد النصوص الإنجيلية التي

يمكن أن يقبلها المسلم بمفهوم غير مفهومها، أو التي يستنبط منها دلالات مخالفة

لدلالاتها عند النصارى، أو تلك التي تناقض آيات وردت في القرآن، وإلا انهالت

عليه الشواهد والبراهين القرآنية التي تقود إلى طريق مسدود) .

ثم يستطرد قائلاً: (وحتى يتفادى المُحاوِر النصراني هذا الطريق فلا بد أن

يجرب مع المسلم قدرآً كافياً من الصداقة الحميمة، وأن يريه من حياته الأخلاقية

والروحية والاتساق مع الاعتراف الإنجيلي؛ لأن المسلم سوف يكون حساساً في

حبه، ودقيقاً في ملاحظة القيم الحياتية التي يمنحها يسوع الرب حسب تعبير

الباحث القس للمحاور النصراني، فيوصيه بأن يعطي دائماً العظمة لله إذا ما أبدى

المسلم إعجاباً بهذه الحياة ونظمها وسوف يحترمها) .

المحاذير والمخاطر: وتحت سطوة الخوف والهلع من سقوط المُحاوِر

النصراني في شباك المتحاور المسلم، يُنبّه الباحث المنصّر إلى خمسة عشر خطراً، يحذّر منها المُحاوِر النصراني، ويبدؤها بالقدرات العقلية، وينهيها بالوعد

والوعيد، ونلخصها على لسانه فيما يلي:

* الحوار مع المسلم سوف يتحدى ذكاءك وروحك.

* وسوف يسبب إعادة التفكير في الأساس حول اعتقادك بالمسيح.

* ما يملكه المسلم من ثوابت عقدية يمكن أن يكون تحدياً حقيقياً.

* للإسلام قوة جذابة تتجلى لكل المخلوقات البشرية.

* أركان الإسلام تبدو مناسبة ومعقولة، وربما تكون مدمرة لك.

* إن روح المسلم مفطورة ضد (حب الله الذي تجسد في المسيح) نظراً لإنكار

المسلم للصلب أساساً.

* يجب أن تتجنب أي ملاحظة ولو دقيقة حول محمد والقرآن.

* إذا هاجم النصرانية فسوف تهدم الغرض من الحوار إن أبديت اعتراضاً.

* إن تاريخ العلاقة بين المسلمين والنصارى مليء بالجدل والغضب والدمار

والحروب، ولن ينسى المسلم كل ذلك بسهولة.

* ضع في اعتبارك أن أغلب المسلمين قادمون من بلاد أخرى مما يجعل

الاتصال محدوداً بل وممنوعاً أحياناً.

* للمسلمين عاداتهم وتقاليدهم التي ترتبط بالعقيدة؛ فاحذر أن تتجاوزها، مثل

اختلاطك بنساء بيته أو مصافحتهن لك، أو جلوسك معهن.

* إن المسلمين الأرثوذكس (يقصد الملتزمين بعقيدة السلف) متشددون حول

التسيب في علاقة المرأة بالرجل، فلقاء الخطيب بخطيبته ممنوع، والنظر إلى

عيون المرأة إثارة وفتنة، ولا حق لزوجتك أن تجلس مع واحد منهم؛ وهم على

العموم يرفضون الحرية بين الجنسين كما هي في الغرب.

* يمكن أن تصبح هدفاً للسخرية والاحتقار بالنسبة للمسلم عندما يعود إلى

وطنه ويحكي لأصحابه عن تجربته معك.

* اعرفْ أن هناك خطراً يهدد طرفي الحوار الذي تمثّل أحد طرفيه، وهو

الخطر العظيم الذي يقبل فيه أحدكما (التحول) عن عقيدته إلى عقيدة الآخر، فاعلم

أن لهذا تبعات غير محمودة لك وهي بالنسبة للمسلم التهديد بالقتل.

الدفاعات والتحصينات: بعد أن عدّد الباحث المنصّر كل هذه المحاذير

والأخطار، فقد أجمل الدفاعات والتحصينات التي يجب أن يتسلح بها النصراني

المُحاوِر حتى لا يقع في شراك المحاذير والمخاطر ونوردها أيضاً على لسانه فيما

يلي:

تذكر دوماً حاجتك إلى الاستمرار في حياة مخلصة دائمة.

لا تغفل عن الصلاة من أجل دعم عضوية غير النصارى.

قوة الصلاة وروح القدس تثري فهمك للكتاب المقدس.

لا تدع مجالاً لمشاعر الإحباط والصعوبات التي تواجهها.

وطد علاقتك بالله من خلال (يسوع الرب) !

اسمع للمسلم بصبر ولا تنفعل، وساعده على سحب استنتاجاته وما يفهمه

حول عقيدتك.

المسلم مذنب! ! فصلّ من أجله.

لا تحاول أن تدخل نفسك في معتقداته حتى لا تدخل دائرته.

دراسة المسلم للكتاب المقدس تشكل أقوى تأثير لقبوله الإيمان النصراني،

ودراستك للكتاب المقدس تكون أوْلى وأهم.

من المهم أن تتعلم وتقبل الأشكال الاجتماعية للمسلم.

النصارى العاملون في بلاد المسلمين ينسبون قدرآً كبيرآً من نجاح مهمة

الحوار إلى السلوك القويم والأخلاق الراقية.

النتائج في الغالب تعتمد على قدر إيمانك، فتذكر واطلب العون الدائم من

(يسوع الرب) !

المسلم العربي، وعلى وجه الخصوص وهو في بلاد أجنبية يكون أكثر

ارتباطاً بعقيدته، وأشد تعاطفاً مع أرضه التي تركها.

المسلم يعتز كثيراً بدينه وبنفسه وبآرائه وبأمته، والثناء عليه يختصر لك

الطريق كثيراً، فأكثر من المجاملات والهدايا.

المضمون المتوقع للحوار:

أفرد الباحث المنصّر باباً مستقلاً لاستعراض أهم الأسئلة التي يمكن أن

يطرحها المسلم على النصراني المُحاوِر، وكتب لكل سؤال إجابة، كما طرح عدداً

من الأسئلة التي يجب أن يوجهها المحاور النصراني للمسلم حتى يحاصره ويمتلك

زمام المبادرة.

ثم يشير الباحث المنصّر إلى أن (الأسئلة التي يوجهها أي مسلم، قد تعلمها

المسلمون جميعآً منذ كانوا أطفالاً صغاراً بالمدرسة، كما تعلموا في الوقت ذاته

الإجابات التي قدمها النصارى أو التي يمكن أن يقدموها، ولذلك فهم مهيؤون للرد،

وأكثر قدرة على التشكيك في عقيدة النصرانية) .

وهذه الأسئلة وتلك، ليست بالطبع هي كل شيء إنما هي فقط (دليل)

للموضوعات التي سوف يدور حولها الحوار، كما لا يصح أن يلتزم المحاور

بالترتيب الذي ورد في الدليل، إنما يكون ذلك تبعآً لمداخل الحوار والمستوى

المعرفي للمسلم.

هكذا يعمل القوم لنشر ديانتهم الباطلة بالأساليب المدروسة التي يقتنصون عن

طريقها الجُهّال والفارغين بزخرف القول غروراً؛ فكم نحن بأمسّ الحاجة لمعرفة

ديننا حق المعرفة، ومعرفة زيف ما يمكرون به لتجنبه والحذر منه؛ حتى لا نقع

في مخططاتهم الشريرة التي يعملون جاهدين لنشرها بكل الوسائل.


(*) تأليف: القس الأمريكي راي ريجيستر، ترجمة: مركز التنوير الإسلامي القاهرة.