إليكِ زميلتي ...
أروى إبراهيم عباس
أختي المسلمة: أيتها الطالبة الفاضلة ... أيتها الأخت المربية ... أيتها الأم
الحاضنة؛ أنت معهد الرجال، ومنبت الأبطال، وأم العظماء، ومدرسة القادة
الأفذاذ.. أنت مفخرة الزمان وأساس البناء ونواة المجتمع.
أنت - زميلتي - أمل الأمة؛ بصلاحك يصلح المجتمع بأسره وتسعد الأجيال
قاطبة، وبانحرافك - لاسمح الله - ينهار كيان الأمة ويتحطم بنيانها، فأنت صلب
البناء الذي تقوم عليه أعمدة الخير، وأنت في الوقت ذاته العقبة التي تتحطم عليها
الآمال العظام متى حادت عن الطريق. فلتعلمي أيتها الطفلة وأنت ترفلين في ثوب
البراءة.. وأنت أيتها البنت وأنت تحلمين بعش العفاف والطهر والنقاء، وأنت أيتها
الزوجة كلما شغلت فكرك تفكرين في سعادة فلذات كبدك ومستقبلهم ... لتعلمي
زميلتى الطالبة وأنت تسهرين الليالي في طلب العلم ابتغاء وجه الله والدار الآخرة..
لتعلمي أختي المسلمة وأنت تسعدين بأي مرحلة من مراحل العمر وتعبرين أي
طريق من طرق السعادة والعيش في هذه الحياة، أنك تعيشين في غربة عَزّ فيها
الحق، وندر فيها سالِكوه وفشا فيها الجهل والفجور وكثرت فيها طرق الغواية،
وتنوعت سبل الضلال وقل الخير والصلاح.
نعم - يا عزيزتي - إنك تعيشين في عالم لا يأبه بك، ولا يحترم لك قدراً،
ولا يقيم لك وزناً، ولا يعرف لك فضيلة، وليته يتركك وشأنك فيكفيك حينئذ رصيد
الفطرة ليقودك إلى الحق وإلى طريق مستقيم، بل لَيعاديك أشد العداء ويضللك من
خلال جميع المنافذ والمسالك والثغرات وعبر كل قناة من قنوات الشر والفساد.
إنه ينصب شراكه ويرسل أعوانه وشياطينه لملاحقتك في كل مكان ليدعوك
باسم الحرية التى أصبحت المرأة الغربية تئن من جمرها وقد رأت بعينيها بريقها
الزائف وقناعها المزور.
إنهم ينادونك اليوم - كما نادوها بالأمس - ينادونك بأسماء زائفة وألقاب طنانة
وتساعدهم على ذلك وسائل الإعلام المختلفة التي يمسكون بخطامها ويوجهونها حيث
شاءوا.. إنهم يهتفون لك ويلوحون: بالموضة.. بالأزياء.. بالفَرْنَجَة.. بالتحرر
.. بالحب.. بالجمال.. بالفن.. بالزينة.. بكل ما يغري الأنوثة من أسماء وكلمات
وكلها شراك خبيثة ومصائد تفتك بعفتك وتخدش حياءك وتنال من كرامتك وتدنس
عرضك وشرفك وتقتل مروءتك وتزعزع عقيدتك ثم ترمي بك في أوحال الرذيلة
ومستنقعات الجريمة وهوة الدمار.
فاستيقظي - أختي المسلمة - وكوني على حذر، فلا تخدعنَّك سموم هذه
الألقاب الجوفاء والأسماء اللامعة والشهرة المصطنعة، فقد تندمين ولاتَ ساعة مندم، وتصرخين فلا تجدين من يمد لك يد المساعدة.
مجلات الفن والتمثيل والمسرح.. المجلات الهابطة الخليعة التى تستعرض
فيها زينات النساء وتزين أغلفتها بصور العاهرات المائلات المميلات.. ماذا تريد
منك؟ وماذا يريد منك أصحابها ومحرروها؟ هل يريدون مصلحتك؟ هل يريدون
تعليمك الأخلاق القويمة والآداب الحسنة؟ هل يريدون إرشادك إلى الحق؟ هل
يريدون صيانتك والمحافظة على دينك واستقامتك عليه؟ هل يريدون أن يذكّروك
بقول الحق - جل ذكره -[ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى] [الأحزاب: ٣٣] ؟! كلا وربي.
منظر ذلك العملاق الضخم ذي العضلات المشدودة والسروال الذي قد يغطي
سوءته أو شيئاً منها وبقية عورته مكشوفة لناظريك، تمتلئ به عينك العفيفة
الطاهرة الشريفة، وهو يصارع مثيله في حلبة الشر وميدان الفجور على إقرار
وإعجاب شديدين من آلاف المشاهدين. ماذا تريدين أن يترك في نفسك من أثر -
وإن كان حياؤك أمام الناس لَيمنعك من مشاهدة الشيخ العفيف الوقور المستتر السائر
إلى بيت من بيوت الله؟ ! .
صوت الأغنية الفاجرة في شريط الكاسيت، وما يصاحب ذلك من سم زعاف
وآهات كاذبة تريد أن تغزو قلبك العامر بذكر الله لتملأه قيحاً وصديداً، هلاّ استبدلت
بها ذكر الله وتلاوة القرآن الذي فيه شفاء ورحمة للمؤمنين؟ ! .
كلمات القصة الغرامية التي يكتبها القلم الفاسد الخبيث أو المستأجَر الماكر
وتنشرها وتوزعها دور النشر الماسونية الكافرة أو أعوانها من الدور التجارية
الجشعة المغفلة والتي تسوقك حبكتها الفنية الفاجرة وأدوارها الماكرة إلى سوق الفتنة
والبغاء؛ فتأسر فكرك وتشوه عقيدتك.. هذه القصة وأمثالها ماذا تجنين من ورائها
من خير؟ ! .
ألا تسألين نفسك هذه الأسئلة وتحاسبينها اليوم قبل أن يأتي يوم [لا يَنفَعُ نَفْساً
إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْراً] [الأنعام: ١٥٨] ؟ ، هلا
تعودين إلى رشدك وتعزمين على الحياة في ظلال القرآن والسنة، تنهلين من
معينهما العذب، وترشفين من رحيقهما الصافي وتكونين قرة عين لأهلك وقدوة خير
لزميلاتك؟ .. هلا تسارعين إلى حديقة الإيمان وتتوجهين إلى محرابك لتؤدي
فريضة الصلاة كلما نادى المنادي قائلاً: الله أكبر؛ لتكون لك نوراً وبرهاناً يوم
القيامة وليثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة؟ ! .
هلا تعزمين العزم الأكيد على مقاطعة الأفلام الفاجرة والشرائط المحرمة
والمجلات المضللة وأماكن السوء والفجور وخليلات العشق والسفور؛ لتكوني عوناً
على قيادة أخواتك إلى بر الأمان؟ ! .
هذا ما أرجو، والله يوفقكن وإياي إلى ما فيه الخير والصلاح.