ملفات
الصامدون الأكابر.. في الثغور المقدسة
[كيف تنجح عمليات الاغتيال الإسرائيلية؟]
غازي حمد
بواسطة أرقى وسائل التكنولوجيا وطابور من العملاء تجندهم دولة الاحتلال
الإسرائيلي؛ مقابل قدرات متواضعة على التخفي والتمويه لدى المقاومين
الفلسطينيين وخصوصاً نشطاء حركة المقاومة الإسلامية «حماس» ؛ تدور رحى
حرب غير معتادة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تركزت خلال الأشهر الأخيرة
في قطاع غزة بعد أن استأنفتها أجهزة حرب الاحتلال باغتيال المهندس إسماعيل أبو
شنب أحد قادة حماس البارزين.
حيث نفّذت طائرات الأباتشي الإسرائيلية (أمريكية الصنع) خلال الأسبوع
الأخير من شهر أغسطس، والأسبوع الأول من شهر سبتمبر ٩ عمليات اغتيال،
راح ضحيتها أكثر من ١٨ شهيداً فلسطينياً، معظمهم مقاومون ونشطاء من كتائب
الشهيد عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) ، ولا تزال الحملة
مستمرة بضراوة، فيما تثير جرائم الاغتيال الأخيرة حيرة كبيرة بين المواطنين
الفلسطينيين، وتطرح تساؤلات حول أدوات الاغتيال ووسائل الاحتلال الجديدة
القديمة في هذه العمليات؛ الأمر الذي دفع المقاومة الفلسطينية إلى خوض هذه
المعركة غير المتكافئة بأبسط الإمكانات والاحتياطات الأمنية.
وعلى سبيل المثال أصدرت حركة حماس بياناً ونشرة إرشادية لمجاهدي
الحركة قالت فيها: «أخي المجاهد، أنت مراقب مراقبة لصيقة وعلى مدار الساعة،
فأنت مطلوب.. عدوُّك يمتلك أدوات المراقبة والقتل؛ لذا لا بد من إجراءات
صارمة لا فرصة فيها للمصادفة» .
وتضمّن بيان حماس الموجه لمجاهديها ضرورة أخذ الحيطة والحذر حتى
أقصى درجة ممكنة؛ هروباً من حرب الاغتيالات التي صعّدتها الطائرات
الإسرائيلية، وقد تضمن البيان مجموعة من التعليمات يلزم جميع المقاومين اتباعها
كاحتياطات لازمة، وأهمها إغلاق الهواتف الخلوية، وعدم الحديث عبرها بمختلف
أنواعها إلا للضرورة القصوى، وعدم المكث في مكان التحدث فترة طويلة، وعدم
التنقل إلا لحاجة ملحّة، ومن دون استخدام السيارات الخاصة أو سيارات الأجرة،
والتنقل سيراً على الأقدام وعبر شوارع ضيّقة لا يمكن مراقبتها من الجو، ويحظر
وجود أكثر من مطلوب في مكان واحد.. ونصح البيان المطلوبين بضرورة التنكر
عند التنقل من مكان إلى آخر.
فيما اعتبر الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أحد أبرز قياديي حركة حماس،
والذي نجا من محاولة اغتيال أن الاستهتار الكبير هو أحد أسباب تمكن أجهزة أمن
الاحتلال من اغتيال المقاتلين الفلسطينيين؛ قائلاً: أنا أشعر بالغضب والأسف لهذا
الاستهتار، وقلت في أكثر من مناسبة إنه يجب أن يتوقف، ويجب أخذ جانب
الحيطة والحذر. وتابع الدكتور الرنتيسي: أما موضوع الاختراق لصفوف حماس
فهو غير وارد على الإطلاق؛ إذ لو كان الاختراق موجوداً لمنعوا تنفيذ العمليات
وإطلاق الصواريخ، لكن أؤكد أن الموضوع برمته هو نوع من الاستهتار، كما أن
وجود طائرات تجسس تعمل طوال الليل والنهار؛ يجعل من متابعة الأشخاص
المستهدفين أمراً ميسوراً.
* سيناريو عملية اغتيال:
ومن خلال رصد العديد من عمليات الاغتيال في الآونة الأخيرة، وجمع
شهادات الناجين، وما يتم تسريبه أو كشفه في الصحافة الإسرائيلية، فإنه يمكن
رسم سيناريو لعملية الإعداد والتخطيط وتنفيذ جريمة الاغتيال على النحو الآتي:
تندرج على قائمة الاغتيالات أسماء عشرات المقاومين المحكوم عليهم بالإعدام
بعد دراسة ملفاتهم الأمنية، وهنا تمثل أجهزة الأمن دور المدعي والقاضي والمنفذ
للحكم، وتبدأ عملية الاغتيال بجمع المعلومات التي تركز على مكان سكن المجاهد
وتحركاته، وخصوصاً المعتادة منها، وتشارك في العملية عدة أجهزة أمنية
وعسكرية، وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة (الشاباك) ، والذي يعتمد بالدرجة
الأولى على شبكة العملاء، ثم الاستخبارات العسكرية التي تعتمد على أعلى وسائل
التكنولوجيا، ولهذا الغرض شُكلت غرفة عمليات تحت قيادة هيئة الأركان لجيش
الاحتلال التي يترأسها رئيس الأركان الإسرائيلي موشيه يعلون، وبمتابعة وزير
الجيش شاؤول موفاز الذي يرفع التقارير تباعاً لرئيس الوزراء شارون.
وعلى ضوء المعلومات الاستخبارية؛ يتم تحديد أسلوب عملية الاغتيال، ويتم
إشراك سلاح الجو الذي أصبح في الآونة الأخيرة يساهم بعمليات الاغتيال بشكل
كبير.
تعتمد مصادر المعلومات بدرجة كبيرة إلى جانب العملاء على الوسائل التقنية
الحديثة؛ مثل الطائرات بدون طيار التي أصبحت شريكاً رئيساً في الإعداد للعملية،
ثم استغلال تقنيات وسائل الاتصالات بالتنصت على أجهزة الاتصال خصوصاً
الخلوي.
المعلومات من الميدان تصل من العملاء، وإذا ما كان الهدف المطلوب مقاوماً
مطلوباً ومختفياً، ففي هذه الحالة يكون دور العملاء صعباً، فيتركز الاعتماد بشكل
أكبر على التكنولوجيا، أما إذا كان الهدف شخصية سياسية معروفة وتحركاته
مكشوفة؛ عندها تكون مهمة العملاء أسهل، أما الطائرة بدون طيار فتقوم ببث
صور دقيقة على مدار الساعة للمنزل أو للسيارة التي يتحرك فيها المقاوم.
الشاباك يقوم بتحليل المعلومات لتحديد الثغرة والوقت المناسب، أما الثغرة
فهي استغلال الحركة المعتادة، أو كشف خطة الحركة من خلال الاتصالات
التلفونية والخلوية.
المعلومات توضع على طاولة فريق المجلس الأمني المصغر، والأجهزة
الأمنية تشير إلى أن العملية جاهزة للتنفيذ وتحتاج فقط للمصادقة النهائية، والأمر لا
يحتاج لكثير من النقاش أو التردد فالحكم بالإعدام اتُّخذ مسبقاً، والأمر النهائي
متروك لغرفة العمليات بناء على المعلومات الاستخبارية النهائية.
في وقت سابق تركزت أساليب الاغتيال في معظمها على تفجير سيارات
المقاومين، أو الهاتف العمومي، أو عن طريق الوحدات الخاصة في الضفة الغربية
خصوصاً. أما في قطاع غزة فالوضع يختلف، حيث الاعتماد يتم بشكل كلي على
سلاح الجو في تنفيذ عمليات الاغتيال، وعادة يشترك جهاز الشاباك وجيش
الاحتلال في ملاحقة المقاومين وتنفيذ عمليات الاغتيال، وحسب المصادر
الإسرائيلية فإنه يُعتمد على جهاز الشاباك في جمع المعلومات وتنفيذ معظم عمليات
الاغتيال، وذلك بسبب معرفة عناصر هذا الجهاز للظروف الميدانية والعلاقات مع
العملاء.
غرفة العمليات في حالة انعقاد دائم، وتتألف عادة من الشاباك، والاستخبارات
العسكرية، وسلاح الجو، والهدف المراد تصفيته، ثم تحديد أسلوب الاغتيال،
وتشارك أكثر من طائرة أباتشي تابعة لسلاح الجو وأحياناً بمشاركة طائرات إف
١٦ للتمويه أو حتى القصف.
الطائرة بدون طيار تبث صور الهدف، وتحركاته، ويتم تحديد السيارة
ومواصفاتها. كما يتم اعتراض مكالمات المجاهد، وتحديد مكانه من خلال الإشارة
التي تصدر من الخلوي وصور الطائرة بدون طيار، وربما تصل المعلومات من
العملاء لتؤكد التقارير السابقة، وأنه لم يطرأ تغير، في حين تكون الطائرات
جاهزة للإقلاع في أي لحظة من أقرب نقطة لميدان العملية.
تصل التعليمات لسلاح الجو بقصف الهدف، وحدة جمع المعلومات الأساسية
في سلاح الاستخبارات تتلقى المعلومات تباعاً، وفي القاعدة يتلقى الضابط المناوب
الأمر بتنفيذ عدة عمليات استعداداً للإغارة الجوية.
تنطلق الطائرات في طريقها بعد أن تصل لها المعلومات بأن المجاهد خرج
من منزله واستقل السيارة المستهدفة، أو موجود في النقطة (X) .
تقوم الطائرات بتشخيص السيارة بناء على صور الطائرة بدون طيار وتقارير
العملاء، وبعد أن تصل المعلومات النهائية للضابط المناوب من الطائرات، ويؤكد
الطيارون أن الهدف في مرمى النيران، وأن إمكانية الإصابة عالية، يتلقى
الطيارون الأمر النهائي، فيقومون بالضغط في طائراتهم على أزرار الموت وتنطلق
الصواريخ نحو السيارة (أو المبنى) .
وتمتلك طائرات الأباتشي وسائل تقنية عالية في تحديد الهدف، كما أنه ثبت
قيام العملاء برش السيارات المستهدفة بمادة مشعة تساعد الطائرات على تتبع
الهدف، أو من خلال إشارة الجهاز الخلوي الذي يحمله المجاهد، وهكذا تكون
الإصابة مباشرة.
وإذا لم يشاهدوا أحداً يخرج من السيارة عن طريق صور الطائرة بدون طيار
التي تبثها لغرفة العمليات يكون كل شيء تم حسب الخطة، ولكن على الطائرات
أن تبقى في الجو لدقائق أخرى للتأكد بشكل نهائي أن الجريمة تمت على أكمل وجه،
وأنه لا توجد نسبة ١% لنجاة أحد من السيارة، وإذا ما ثبت أن هناك فرصة
للنجاة؛ فيجب إطلاق صواريخ أخرى حتى لو تجمع مواطنون حول السيارة، وإذا
خرج الهدف من السيارة فيجب ملاحقته بالصواريخ ما دامت إشارة الخلوي لا تزال
تعمل والصور من الطائرة تؤكد أنه الهدف، أما إذا أظهرت الصور التي تبثها
الطائرة بدون طيار سيارة متفحمة تقريباً وأشلاء جثث متفحمة أيضاً؛ عندها فقط
تعطى الأوامر للطائرات بالعودة.
* عميل بين يديك:
المثال في السيناريو السابق كشف عن جزء من فصوله أسرى فلسطينيون في
سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن نجح العديد من عمليات اغتيال نشطاء المقاومة
التي نفذها الاحتلال مؤخرًا.
وتشير إفادات الناجين وهؤلاء الأسرى أن «الهاتف الخلوي» هو المتهم
الأول في نجاح مخابرات الاحتلال في الوصول للشخص المراد تصفيته أو اعتقاله،
إلى جانب تحديد بصمة الصوت للشخص المستهدف إسرائيلياً، خصوصاً أن
غالبية المقاومين يجهلون مدى قدرات مخابرات الاحتلال في مجال مراقبة
الاتصالات التي تجرى عبر الهاتف المحمول والتحكم بأسراره.
وأوضح الأسرى أن رجال المقاومة يعتقدون أن سلطات الاحتلال لا يمكنها
مراقبة شبكة الجوال الفلسطينية أو أي شركة جوال مستقلة، وأن استخدامهم لأسماء
حركية والتحدث بأسلوب الشفرات، أو تغيير لهجتهم عند التحدث في الهاتف يكفي
لتجاوز مسألة المراقبة، غير أن ذلك لا يكفي في بعض الأحيان.
وكشف العديد من الأسرى الفلسطينيين؛ أن قوات الاحتلال تمكنت من إحباط
العمليات التي كانوا ينوون القيام بها واعتقالهم من خلال كشفها «لبصمات صوتهم
ومراقبة اتصالاتهم الهاتفية» ، مشيرين إلى أن سلطات الاحتلال عرضت عليهم
أثناء التحقيق معهم جميع مكالماتهم التي أجروها.
ويؤكد مهندسو اتصالات فلسطينيون أن سلطات الاحتلال تمتلك القدرة على
«استخراج بصمة صوت من تريد من الفلسطينيين، ومن ثم استخراج جميع مكالماته
التي تحدّث بها من خلال جميع وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية، حتى لو حاول
تغيير نبرة صوته أو لهجته» .
ويعتقد هؤلاء أن قوات الاحتلال إذا أرادت اصطياد شخص ما؛ فإنها تعمل
أولاً على الحصول على بصمة صوته من خلال التنصت على اتصالاته الهاتفية،
ثم تستخرج جميع المكالمات التي أجراها سابقاً ولاحقاً، وكذلك التنصت على جميع
المكالمات التي يجريها من يتحدثون إليه ويتحدث إليهم ومن ثم تحديد موقعه.
ويؤكد مهندسو الاتصالات الفلسطينيون أن بإمكان مخابرات الاحتلال أيضاً
تحديد المكان رغم ذلك. وأوضح هؤلاء أن السر في قدرة مخابرات الاحتلال في
تحديد مكان أي هاتف محمول حتى لو كان مغلقاً يرجع لوجود تخزين دائم للكهرباء
في الجهاز المحمول ليس تحت تصرف صاحب الهاتف يحافظ على ذاكرة الجهاز
وبرمجته، مشيرين إلى أنه من خلال موجات كهرومغناطيسية أو إرسال رسائل
صوتية معينة يمكن تحديد مكان صاحب الهاتف، سواء كان مفتوحاً أم مغلقاً؛ حيث
يحدث تواصل بين الجهاز ومحطات التقوية والإرسال للشركة مقدمة الخدمة، ومن
ثم بالجهاز المراد رصده.
وكانت الصحف الإسرائيلية قد كشفت قبل أكثر من عام عن جانب من هذه
المعلومات؛ الأمر الذي أغضب جهاز الأمن العام الإسرائيلي، ودفعه لمطالبة
وزارة العدل الإسرائيلية بعدم نشر هذه المعلومات؛ بحجة أنها تضر بجهوده في
«مكافحة الإرهاب والإجرام» على حد زعمه.
ومن الأمور التي كشفها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال جهاز
«مراقبة الاتصالات على نظام قاعدة البيانات» ، ويطلقون عليه تجاوزاً اسم
«الفرازة» .
ويشير الأسرى إلى أن جهاز الفرازة يسمح لسلطات الاحتلال بالتسجيل
التلقائي لكلمات معينة؛ مثل: السلاح أو المتفجرات والاستشهاديين ... إلخ، أو أي
مكالمات مموهة تحمل كلمات مثل: «عريس» وتعني «استشهادي» ،
و «تفاح روسي» وتعني «رصاص وقنابل» ... إلخ، وكل المصطلحات
التي استخدمتها فصائل المقاومة في السابق وتعرفت عليها مخابرات الاحتلال.
ويقوم هذا الجهاز بتخزين المكالمات على أسطوانات يمكن استرجاعها بعد معرفة
رقم متصل ما، واسترجاع مكالمات من اتصل به على مدى شهور سابقة.
كذلك أشار الأسرى إلى أن قوات الاحتلال تستخدم طريقة «الطلاء» أو
«المادة المشعة» التي توضع على سيارات النشطاء الفلسطينيين الذين تنوي
اغتيالهم بواسطة العملاء والخونة؛ حيث تصدر هذه المواد المشعة موجات يتم تحديد
موقعها من قبل طائرات الأباتشي، ثم قصفها وقتل من بداخلها.
* من ملفات الاغتيال:
في عمليات اغتيال عديدة نجح معظمها ونجا في قليل منها المستهدفون؛ ثبت
أن الرصد لا يتم فقط من خلال العملاء، بل بالاعتماد على التكنولوجيا، ويمثل
الهاتف الخلوي للمستهدف جهاز الرصد الأول له.
قبل عدة شهور حاولت قوات الاحتلال اغتيال أحد عناصر كتائب القسام،
وهو رائد العطار وآخرون كانوا برفقته من مدينة رفح، وخلال تحرك العطار
بسيارته على الطريق الشرقي بين رفح وخان يونس رنّ هاتفه الخلوي، كانت
على الخط فتاة تسأل عن شخص بالخطأ، ومن خلال الحس الأمني شعر العطار
بريبة، ومباشرة سمع أصوات الأباتشي التي كانت تستعد للانقضاض عليهم،
ومباشرة قفزوا من السيارة وألقوا الأجهزة الخلوية بعيداً، واختبؤوا داخل بيارة في
حين بقيت الأباتشي تحلّق في المنطقة لتأكد طياريها من وجود المقاتلين لكنهم فيما
يبدو فقدوا الإشارة التي تحدد مكانهم بالضبط، في هذه الأثناء خرج صبيان على
درّاجاتهم بالقرب من البيارة، ويبدو أن الطيارين والمعلومات الآنية توقعت أن
يكونوا هم المستهدفين، فأطلقوا نحوهم الصواريخ التي قتلتهم على الفور، وبحسب
بعض المصادر؛ فإن إلقاء العطار ومن معه للخلوي ربما كان السبب الرئيس في
نجاتهم وليس مجرد تركهم للسيارة.
في عملية أخرى كان المقاومون الثلاثة أحمد شتيوي ووحيد الهمص وأحمد
أبو هلال خارج السيارة، ويجلسون في منطقة تنمو فيها أشجار صغيرة على شاطئ
بحر غزة، وربما شعروا بوجود الأباتشي مبكراً وتركوا السيارة، ولكنهم لم يتركوا
أجهزتهم الخلوية لذلك تمكنت صورايخ الأباتشي من استهدافهم بدقة.
أما الاستشهادي حمدي كلخ (في عملية اغتيال أخرى) ؛ فقد تمكن من التنكر،
وكان يركب عربة كارو شرق مدينة خان يونس، واتخذ الاحتياطات اللازمة في
التمويه ولم يتحرك في سيارة، ولكن حسب مصادر في حماس بمدينة خان يونس؛
فقد كان الفقيد يتحدث في جهازه الخلوي لحظة انطلاق صواريخ الأباتشي نحوه،
فكانت إصابته في رأسه مباشرة وانفصل عن جسده.
* إجراءات وقائية:
ومن الإجراءات الوقائية التي نصحت بها دراسة أمنية، أعدها أسرى في
سجن عسقلان الإسرائيلي مؤخرًا، أنه ينبغي إذا تم اعتقال أحد المقاومين أن يقوم
ذوو العلاقة به بتغيير شرائح أجهزة المحمول التي يملكونها، ويحظر على المقاوم
تسجيل اسمه عند شراء أي جهاز أو شريحة.
وأيضاً يجب على المقاوم المستخدم للهاتف المحمول ألا يجري اتصالاته من
مكان يوجد فيه باستمرار، وأن يجري اتصالاته من خارج مكان سكنه؛ نظراً لأن
ذلك قد يؤدي لمعرفة أين يقطن.
ومن خلال دراسة عشرات عمليات الاغتيال، ونتائج التحقيق مع بعض
العملاء المشاركين فيها.. تشير اللجنة العلمية بسجن عسقلان إلى أن نجاح عشرات
عمليات الاغتيال يرجع لعدة أسباب؛ منها:
عدم حذر النشطاء الفلسطينيين المستهدفين، واستخدامهم الهواتف النقالة
خاصة في أحاديثهم؛ دون الانتباه لقدرة قوات الاحتلال على مراقبة جميع تلك
المكالمات وتسجيلها، والتعرف على بصمة صوت المتحدث حتى لو تحدث عن
طريق هاتف آخر.
ومن الأسباب كذلك ظاهرة العملاء الذين يقومون بمساعدة قوات الاحتلال في
تتبع المطلوبين الفلسطينيين.
وتشرح الدراسة بناء على اعترافات العملاء الذين شاركوا في عمليات
الاغتيال طريقة تنفيذ قوات الاحتلال لها؛ حيث تطلب من العميل أن يقوم بوضع
مادة مشعة لا تُرى بالعين المجردة على سيارة المطلوب اغتياله؛ بواسطة قلم أو
بخاخة رش أو أي طريقة أخرى؛ ليتم بعد ذلك قصفها بصواريخ طائرات الأباتشي.