آية من كتاب الله
[ولا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إنَّ السَّمْعَ والْبَصَرَ والْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً]
[الإسراء: ٣٦]
(الشيخ محمد الأمين الشنقيطي،
أضواء البيان، ٣/٥٢٤)
(نهى - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة عن اتباع الإنسان ما ليس له به
علم، ويشمل ذلك قوله: رأيت؛ ولم ير، وسمعت؛ ولم يسمع، وعلمت؛ ولم
يعلم، ويدخل فيه كل قول بلا علم، وقد أشار -جل وعلا- إلى هذا المعنى في
آيات أُخَر كقوله [إنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً] [النجم: ٢٨] .
أخذ بعض أهل العلم من هذه الآية الكريمة منع التقليد، قالوا: لأنه اتباع غير
العلم. ولا شك أن التقليد الأعمى الذي ذم الله به الكفار في آيات على منعه، أما
استدلال بعض الظاهرية - كابن حزم ومن تبعه - بهذه الآية على منع الاجتهاد في
الشرع مطلقاً، ومنع التقليد من أصله، فهو مَن وضع القرآن في غير موضعه،
لأن مشروعية سؤال الجاهل للعالم وعمله بفتياه أمر معلوم من الدين بالضرورة،
ومعلوم أنه كان العامي يسأل بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فيفتيه،
فيعمل بفُتياه، ولم ينكر ذلك أحد من المسلمين، وسنذكر هنا طرفاً قليلاً من ذلك به
صحة القول بالاجتهاد - تعالى -[فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ] [الإسراء: ٢٣] فإنه لا
يشك عاقل في أن النهي عن التأفف المنطوق به يدل على النهي عن الضرب
المسكوت عنه.
ونهيه -صلى الله عليه وسلم- عن التضحية بالعوراء يدل على النهي عن
التضحية بالعمياء مع أن ذلك مسكوت عنه، وقوله - تعالى -[إنَّ الَذِينَ يَأْكُلُونَ
أَمْوَالَ اليَتَامَى] [النساء: ١٠] لا شك في أنه يدل على منع إحراق مال اليتيم
وإغراقه؛ لأن الجميع إتلاف له بغير حق.
ومن الأدلة الدالة على أن إلحاق النظير بنظيره في الشرع جائز، ما أخرجه
الشيخان عن ابن عباس -رضي الله عنهما - قال: جاءت امرأة إلى النبي -صلى
الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم
عنها؟ قال: «أفرأيت لو كان على أمك دَين فقضيته أكان ذلك يؤدَّى عنها؟»
قالت: نعم، قال: «فصومي عن أمك» .