للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دراسات تربوية

المبادرات الذاتية

وتنميتها

محمد بن سعد الخالدي

تحتاج الأمة فيما تحتاج إلى أشخاص يحملون زمام المبادرة بأنفسهم غير

منتظرين أن يسلك الطريق سواهم.. وذلك في كل مجال من شأنه رفعة الأمة

وعزتها وإخراجها من هذا النفق المظلم الذي تسير فيه.. وهؤلاء المبادرون قلة

قليلة وعملة نادرة في مجموع الأمة.. لذا رأيت أن من واجبي أن أبادر بالحديث

عن الموضوع علّه أن يحرك أنفساً ساكنة.. وهمماً متقاعسة..

وفي بداية الحديث عن المبادرة يحسن إيضاح المعنى اللغوي لها؛ إذ هي

مأخوذة من: بدر إلى الشيء، إذا أسرع وبادر إليه أيضاً، وتبادر القوم تسارعوا،

وابتدروا السلاح تسارعوا إلى أخذه. وسمي البدر بدراً لمبادرته الشمس بالطلوع في

ليلته كأنه يعجلها المغيب، وقيل: سمي به لتمامه.

وفي القاموس: (بادَرَهُ: مُبادَرَةً وبِداراً، وابْتَدَرَهُ، وبَدَرَ غيرَهُ إليه، عاجَلَهُ.

وبَدَرَهُ الاًمْرُ، وإليه: عَجِلَ إليه) [١] .

كون المبادرة تجديداً:

لا شك أن المبادرات فردية كانت أو جماعية تحمل في ذاتها نوعاً من التجديد؛ إذ هي إحياء لأمر اندرس أو لم يكن قد قام أصلاً. ولذا فإن الحديث عن التجديد

وأهميته قد ينساق في بعض صوره هاهنا.

ما هي المبادرة المنشودة؟

إننا في حديثنا عن المبادرة هنا إنما نعني: أن يسابق المرء إلى الأمور التي

تبدو له فائدتها دون انتظار تقدم الآخرين وإقدامهم، فيأخذ الزمام ويُقْدِم على الأمر

بعد دراسة وتخطيط، فإن نجح المبادر في مسيره.. فهو مأجور من طريقين:

طريق الاجتهاد، وطريق الإصابة؛ إذ هو مجتهد مصيب، وإن أخطأ ولم يصب

فهو مأجور كذلك له أجر الاجتهاد ولو لم ينل أجر الإصابة.

أدلة مشروعية المبادرة والحث عليها:

أتت النصوص الشرعية كتاباً وسنة بالحث على المسابقة على أعمال الخير

والتنافس فيها والمسابقة إليها، وهذا النوع من المبادرة هو ما لا ينتظر المرء غيره

في الإقدام على الطاعة، بل يتقدم هو لذلك جاعلاً نفسه قدوة للناس وإماماً، والله

تعالى يقول على لسان نبيه إبراهيم الخليل: -[وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَاماً]

[الفرقان: ٧٤] أي: قدوة يحتذى بفعاله. والمسلم يسأل الله تعالى أن يكون مفتاحاً للخير، مغلاقاً للشر.. وطبيعة المفتاح أنه أول الداخلين، مما يعني كون الداعي مبادراً للعمل سابقاً إليه.

وقد حكى لنا القرآن الكريم قصة الرجلين المبادرين اللذين قال الله فيهما: [وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا المَدِينَةِ يَسْعَى] [القصص: ٢٠] قال الوزير ابن هبيرة:

(تأملت ذكر أقصى المدينة؛ فإذا الرجلان جاءا من بُعدٍ في الأمر بالمعروف ولم

يتقاعدا لبعد الطريق) .

وأما مبادرات الرسول -صلى الله عليه وسلم- فالحديث عنها طويل جداً،

غير أنني أشير إلى القصة الشهيرة التي تروي لنا أنه (فزع أهل المدينة ذات ليلة،

فانطلق الناس قِبَلَ الصوت فاستقبلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- قد سبق الناس

وهو يقول: (لم تراعوا، لم تراعوا) وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه

سرج، في عنقه سيف) [٢] . فدل الحديث على أن الرسول -صلى الله عليه

وسلم- سبق إلى استطلاع الأمر.

وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك الصحابي الذي بادر بالصدقة

كما في حديث المنذر بن جرير عن أبيه قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه

وسلم- في صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء، متقلدي

السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر فتمعّر وجه رسول الله -صلى الله

عليه وسلم- لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالاً، فأذن وأقام، فصلى،

ثم خطب فقال: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ]

[النساء: ١] إلى آخر الآية [إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً] والآية في الحشر:

[اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ] [الحشر: ١٨] تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة. قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) .

وفي الحديث تصريح بأجر المبادر للخير، وكونه ينال أجره وأجر كل من

سلك طريقه واقتفى أثره الذي بادر إليه، وهذا من أعظم الدواعي للمبادرة للخير؛

إذ يستشعر المبادر أن أجور السائرين من بعده على هذا الطريق ستكون في موازين

أعماله.

وفي الحث على المبادرة تساق قصة ذي الجوشن الضبابي حينما دعاه الرسول - صلى الله عليه وسلم- بعد معركة بدر للدخول في الإسلام قائلاً له: (هل لك إلى

أن تكون من أوائل هذا الأمر؟ قال: لا، قال: فما يمنعك منه؟ قال: رأيت قومك

كذبوك وأخرجوك وقاتلوك، فأنظر: فإن ظهرت عليهم آمنت بك واتبعتك، وإن

ظهروا عليك لم أتبعك) فكان ذو الجوشن يتوجع على تركه الإسلام حين دعاه رسول

الله؛ إذ قد ترك المبادرة إلى الإسلام وإلا لكان من أوائل الداخلين إليه فكان على

ذلك نادماً.

والحث على المبادرة بالعمل واردة في حديث أبي هريرة أن رسول الله -

صلى الله عليه وسلم- قال: (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل

مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من

الدنيا) [٣] وكذا حديثه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة) .

ومن أعظم ما يوقظ الهمة إلى المبادرة للخير وما يحث عليها ما ذكره الله في

كتابه من أحوال الكافرين في مبادراتهم الدنيئة في الأمر بالمنكر والنهي عن

المعروف، والكيد الكبير، والمكر الكُبّار.. كما في قوله تعالى: [وَانطَلَقَ المَلأُ

مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ] [ص: ٦] ، وقوله تعالى: [وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ] [المائدة: ٦٢] فالمؤمنون أوْلى

بالمسارعة في الخير والبر.

ومن المبادرات الجريئة ما صنعه البراء بن مالك في قصة الحائط الشهيرة،

يوم أن قعد على ترس وقال: (ارفعوني برماحكم فألقوني إليهم) فألقوه ثم أدركوه بعدُ

وقد قتل منهم عشرة، وجُرح يومئذ بضعاً وثمانين جراحة [٤] .

أهمية المبادرات:

تعد المبادرة الفردية سفينة النجاة في حالة انحطاط الأمة، وتربيتُها لدى الناس

جزء من المنهجية الصحيحة في بناء الإيجابية، وتعني المبادرة رفع أفراد من الأمة

إلى مستواها وسقف حيويتها واندفاعهم نحو ما يتمنى الناس حصوله، لكنهم يفقدون

العزم والإرادة للبدء به، وقد علمتنا التجربة أن معظم الناس يحبون الخير ويقدرون

فاعليه، وهم على استعداد للمشاركة في مشاريعه؛ لكن المشكلة الكبرى هي أن

المستعدين فيهم لخطو الخطوة الأولى ووضع أول لبنة قلة قليلة، وهذه القلة هي

ملح المجتمع وبركته، إنهم أناس يحبون الخير ويثقون في أنفسهم ويحبون خدمة

الآخرين، وهم إلى ذلك مستعدون لتحمل نتائج مبادراتهم وما قد تجره إليهم من

مشكلات ومتاعب.

(كثير من الناس يملك الاستعداد للقيام ببعض الأدوار التي تملى عليه وفق

خطوات محددة، لكنه يقف عند هذا الحد، ويطرح التساؤل في كل مناسبة وكل

حين: ماذا يعمل؟ وما واجبه؟ ويعتذر عن القيام بأي دور بأنه لم يتلق توجيهاً

وتكليفاً.. ولذا فإن من ثمار التربية الجادة: (المبادرة الذاتية) . إن من نتائج التربية

السلبية السائدة في مجتمعاتنا: الاتكالية وانعدام المبادرة، وحتى العاملون للإسلام

أصاب بعضَهم ما أصابه، فأصبح ينتظر الأمر، ولا يعمل إلا من خلال توجيه

محدد، فتعطلت طاقات فعّالة في الأمة، وصارت الصحوة تفكر من خلال عقول

محددة، وكم هي الأفكار والأعمال والجهود التي لم تتجاوز نطاق تفكير صاحبها،

والسبب أنه لم يعتد على المبادرة ولم يربّ عليها.

وإن التربية الجادة تنتج فيما تنتج تنمية المبادرة الذاتية، فيعمل صاحبها ابتداءً

دون انتظار التكليف أو التوجيه، ويرى أن جدية الهدف وصدق العمل يتطلب منه

ألا تكون الاستشارة والاستفادة من آراء الآخرين حاجزاً وهمياً وعائقاً دون أي عمل، فينطلق ويعمل ويبادر ويفكر محيطاً ذلك كله بأسوار الاستشارة جاعلاً إياه في

دائرة الانضباط والالتزام) [٥] .

إن علينا أن نعترف أن حرصنا على أن يكون كل شيء وفق نظام محدد،

واحتياطاتنا الشديدة لكل شيء، والتعليم التلقيني، والحرص على أن يكون لكل

شيء نموذج سالف إن ذلك كله أدى إلى خشية المسلم من أن يكون في الطليعة

وصار الواحد منا يقول في داخله: (ليبدأ غيري) و (علينا أن ننتظر النتائج) ، وهذا

أدى إلى المؤاخذة الشديدة لكل من يبادر إلى خير ثم يُخفق فيه، أو تكون عواقبه

على غير ما يريد، مع أن هذا المبادر لو لم يكن له سوى فضل الانتصاب بين

الأموات لكفى!

إن الصمود والاستمرار وعدم الخوف من الإخفاق عمد أساسية في خلق

الإيجابية، وعبادات الإسلام وتكاليفه تصب جميعهاً في تنمية إرادة الصمود؛ حيث

يظل المسلم يلاحق هدفاً واحداً طول حياته بفعل الخيرات وترك المنكرات، هذا

الهدف هو نيل رضوان الله تعالى والفوز بالجنة.

إن ما نراه من نجاحات في عالم الواقع ليس وليد المحاولة الأولى؛ بل إن

هناك مئات بل ألوف التجارب المخفقة التي سبقت النجاح الكبير؛ ومما يُذكر أن

(أديسون) واجه في بحثه الدؤوب عن (سلك الملف) المناسب لصناعة المصباح

الكهربائي ثلاثة آلاف حالة إخفاق، وهي بالطبع ثلاثة آلاف عقبة مؤقتة، قبل أن

يتوصل للمادة المناسبة بعد ثلاثة آلاف محاولة. ويمكن لأي رجل عادي أن يعترف

بالهزيمة إن كان لا يتمتع بخاصية الصبر والإصرار على الظفر غير المحدود!

إن علينا أن نشجع من غير ملل كل أولئك الذين يصرون على عملية المحاولة

والخطأ، أولئك الذين يملكون الإرادة الحديدية للاستمرار في طريق البناء

والإصلاح والخير إلى آخره.. مهما كانت التكاليف [٦] .

نماذج واقعية لمبادرات ذاتية في الزمن المعاصر:

أشرت في البداية إلى أن المبادرين في هذه الأمة صاروا أقل من القليل..

ولذا فإن نماذج المبادرة التي يمكن أن توصف بالنجاح المميز.. ليست بالكثيرة،

وهذا بلا شك ثمرة لقلة المبادرات أصلاً.. ولعل من النماذج المتميزة في هذا الزمان: المبادرة بإنشاء مجلة إسلامية نسائية تسد فراغاً مهماً في حياة المسلمة، وتقف أمام

هذا الزخم الضخم من الإعلام المضل الموجه للمرأة المسلمة.. ومنذ بدايات

الصحوة الإسلامية وهذه الثغرة لم تسد.. وأهل الإصلاح يتمنون من زمن بعيد أن

توجد تلك المجلة الناضجة.. غير ان ذلك لم يجاوز الأمنيات إلى حيز الواقع إلا

قبل سنيات محدودة.. فكانت هذه المبادرة فتحاً.. فتتابعت المجلات ذات التوجه

الإسلامي والموجهة للمرأة في الصدور.. والسبب الذي أخرها إلى هذه الفترة هو

ضعف روح المبادرة.

والأمر نفسه يقال في مجلة الأطفال.. حيث لم تكن في الساحة مجلات تتبنى

المنهج الإسلامي إلا قبل فترة يسيرة.. وكم من الأحلام والأفكار والمقترحات ما

يدور في خلد الكثيرين.. غير أن القليل من يقول: أنا لها..

وما تزال قطاعات أخرى من الأمة في حاجة إلى حديث خاص بها.. وطرح

موجه نحوها بشتى الوسائل الممكنة.. غير أن الإقدام على ذلك.. لم يحصل

بانتظار من يخرق السكون.

ويمكن أن يقال الأمر نفسه في نماذج أخرى من المبادرات الناجحة كالمبادرة

بإنشاء متاجر الفيديو الإسلامي.. والمبادرة بإنشاء مكاتب دعوة الجاليات المسلمة

وغير المسلمة، والمبادرة بإنشاء المبرات الخيرية والجمعيات الإغاثية التطوعية،

والمبادرة بإنشاء مواقع للدعوة للإسلام على شبكة الإنترنت.. إلى غير ذلك من

المبادرات الفردية والمؤسسية.. على نطاق الأمة ككل أو على النطاقات المحلية

والإقليمية والأسرية.

مقترحات لتنمية روح المبادرة:

١- تحلي المربين والأساتذة ورجال الأمة ودعاتها بروح المبادرة وكونهم

قدوات عملية صالحة ونماذج تحتذى في هذا المجال.

٢- حث المربي لمن دونه على المسابقة لأوجه الخير والمبادرة إليها دون

انتظار الآخرين.

٣- إشعار المتربين بأن إنقاذ الأمة من واقعها واجب الجميع، وهو مسؤولية

مشتركة، وأن على كل فرد من أفرادها أن يسعى بحسب ما أوتي نحو الإصلاح..

٤- تشجيع المبادرين، والثناء عليهم، وإظهار صنيعهم، وجعل مبادراتهم

سبباً في حث الآخرين على الاقتداء بهم.

٥- تقبّل الأخطاء الواقعة من المبادرين واحتوائها، ومحاولة التخفيف من

آثارها، وعدم تعنيف فاعليها، وبيان صحة الدافع لذلك العمل بغض النظر عن

تحقيق النتيجة من عدمه.

٦- أهمية عدم تضخيم العوائق أمام المبادرة ومحاولة التغلب عليها، وعدم

الوقوف عندها طويلاً.

٧- عقد الجلسات والندوات لبحث سبل إحياء روح المبادرة ومجالاتها.

نصائح لمريد المبادرة:

١- الثقة بالله والتوكل عليه، وإخلاص النية قبل البدء في أي أمر من الأمور.

٢- دراسة المشروع المقدم عليه قبل البدء فيه، ودراسة جوانبه حتى لا

تذهب الجهود سدى.

٣- الثقة بالنفس والتخلص من الهزيمة النفسية وترك الخوف من الإخفاق

الذي طالما قصم مشاريع وقوض من عزائم.

٤- سمو الأهداف وعلو الهمة مما يجعل المبادرة تحقق أفضل النتائج، وأن

لا يكون المبادر قصير النظر ممن لا يجاوز نظره قدميه بل يحاول إنجاح المبادرة،

وتوسيع فاعليتها، وبثها بين الآخرين.

٥- التربية الجادة التي من ثمارها كما سبق أن يشعر المرء بالمسؤولية الملقاة

على عاتقه مما يجعل المرء مبادراً بطبيعته.

٦- الجرأة المنضبطة، والإقدام المدروس؛ حيث إن الخوف سبب رئيس

للإخفاق، غير أن التهور سبب آخر كذلك، ونحن بحاجة إلى جرأة وشجاعة

مضبوطة بزمام العقل والدراسة والتأمل العميق، مع العلم والمعرفة لحدود الإمكانات

والمواهب والعمل بموجبها.

٧- التضحية بالمصالح الذاتية لمصلحة الأمة؛ فالمبادرة قد تجر على صاحبها

مادياً أو معنوياً؛ ما تجر، ومع ذلك فاستشعاره للأجر والمثوبة يدفعه للتضحية.

٨- أن تعلم أيها الأخ الكريم أن المشكلة ليست في أن تخطئ؛ وإنما المشكلة

أن لا تعمل، وأما من يعمل ويبادر فإنه سوف يخطئ بلا شك ولكنه خطأ في سلسلة

من الإصابات والنجاحات، والمحاولةُ والتكرارُ سبيل للنجاح والتميز.

واجب المصلحين:

ولا بد للمصلحين من تشجيع المبادرة الفردية لدى المسلم، ومكافأة الذين

يطلقون أكبر عدد ممكن من المبادرات الجديدة [٧] ، وأن يحرصوا على أن يكون

اللوم على من بادر وعمل ثم وقع في الخطأ أقل من اللوم على من لم يبادر أصلاً.

وفي الختام:

أرجو أن أكون قد وُفّقْت في إثارة شيء من الاهتمام وإلقاء الضوء على هذا

الموضوع المهم، آملاً أن تكون المبادرة بإثارة الموضوع على صفحات هذه المجلة

دافعاً للمربين والدعاة إلى إثراء الموضوع بمقالات أكثر عمقاً وموضوعية، وعذري

هاهنا أنني مبادر.. ومن شأن المبادر أن يكون على عمله آثار الجدة والحداثة مما

يجعل المطاعن عليه أكثر.. وحسبي أنني لفتّ النظر إلى الموضوع، سائلاً الله

تعالى أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، والله من وراء القصد، وصلى الله

وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.


(١) القاموس المحيط، للفيروز أبادي، (باء الراء، فصل الباء) .
(٢) رواه البخاري.
(٣) صحيح مسلم كتاب الإيمان.
(٤) أسد الغابة، ١/٢٠٦.
(٥) التربية الجادة ضرورة، للشيخ محمد الدويش.
(٦) مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، د عبد الكريم بكار.
(٧) مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، د عبد الكريم بكار.