المسلمون والعالم
المهاجرون الإرتريون في السودان
وتجدد المعاناة
إسماعيل عمار
تعد الهجرة أمراً عسيراً على النفس البشرية لما لها من آثار نفسية ووجدانية
وعاطفية؛ فالبعد عن الوطن ومراتع الصبا له شجون وشؤون يصعب محوه من
دائرة الذكريات.
إلا أن الهجرة قد تكون مطلباً شرعياً عندما يواجه المسلم عوائق تمنعه من
إقامة دينه، فيترك الأرض والأهل والأحباب حماية للدين وصوناً للعقيدة. قال
تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ
فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَسَاءَتْ مَصِيراً] (النساء: ٩٧) ، ولذلك هاجر الصحابة رضوان الله عليهم إلى
الحبشة والمدينة عندما أذاقتهم قريش المر، وضيقت عليهم في أمور دينهم ودنياهم
فكانت الهجرة فرجاً ومخرجاً.
لقد عانى الشعب الإرتري من ويلات التسلط والاضطهاد نتيجة لتعاقب
الاحتلال الإيطالي والبريطاني، وأخيراً الإثيوبي على أرضه؛ مما جعله عرضة
لهدر موارده الطبيعية وطاقاته البشرية، واتخذ الاحتلال من أشلاء هذا الشعب
المستضعف سلماً يرتقي به نحو تحقيق مآربه السياسية والاقتصادية، وكان من أشد
ما مر على المسلمين في إرتريا فترة الاحتلال الإثيوبي؛ وبخاصة عهد هيلا
سيلاسي؛ حيث أذاقهم جميع صنوف الإذلال والاضطهاد والتنكيل والتشريد منطلقاً
من أهدافه الصليبية، وأحقاد أسلافه اليهود؛ حيث كان يدعي امتداد نسبه إلى النبي
سليمان عليه السلام.
وقد فجر المسلمون الثورة الإرترية المسلحة عام ١٩٦١م لتخليص البلاد من
براثن الصليبية، فاشتدت الوطأة على الشعب الأعزل؛ حيث سعى الإمبراطور
الإثيوبي إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة، فأُجبر الإرتريون على ترك أراضيهم
بعد أن بلغ السيل الزبى، وعبر أول فوج من المهاجرين الحدود الإرترية السودانية
في فبراير عام ١٩٦٧م، بعد أن أحرقت قراهم ومزارعهم ولم يبق لهم غطاء
يستظلون به من حر الشمس وقر البرد والأمطار، وقد بلغ عددهم ثلاثين ألفاً، ثم
توالت بعد ذلك الهجرات تشتد حيناً وتهدأ حيناً حتى جاوز عددهم مليون لاجئ، ولم
يتغير الوضع بسقوط نظام هيلا سيلاسي واستلام الشيوعيين زمام الأمر في إثيوبيا،
بل زاد الأمر سوءاً؛ نظراً لاشتداد المعارك بين الثورة الإرترية والنظام الإثيوبي،
والجفاف الذي أصاب بعض المناطق الإرترية في الثمانينيات، وها هو اليوم أيضاً
بعد مرور عشر سنوات تقريباً من استقلال إرتريا لا تزال الهجرة مستمرة،
وأصبحت العودة إلى الوطن أملاً صعب المنال.
ويمكن تلخيص الأسباب التي أدت إلى الهجرة قبل انتهاء الاحتلال الإثيوبي
في النقاط الآتية:
١ - أسباب دينية وثقافية:
بعد أن ضم هيلا سيلاسي إرتريا إلى إمبراطوريته بالتآمر مع الولايات
المتحدة بدأ في تنفيذ سياساته المعادية للإسلام واللغة العربية، وسعى إلى طمس
الهوية الإسلامية من خلال التضييق على المؤسسات الدينية كالمساجد والمعاهد
والمدارس العربية؛ حيث لم يعترف بشهادات هذه المعاهد والمدارس، وبالإضافة
إلى ذلك منع تدريس اللغة العربية في المدارس الحكومية، وحظر الصحف العربية
وأمر بمصادرة الكتب العربية التي تأتي إلى إرتريا من الدول العربية، فأحس
المسلمون بغربة دينية وثقافية في ديارهم، فاضطروا إلى البحث عن مكان يجدون
فيه العلوم الشرعية والثقافية الإسلامية، فاتجهوا إلى السودان وغيرها من الدول
العربية والإسلامية.
٢ - أسباب أمنية:
يمثل الأمن ركيزة مهمة من ركائز الاستقرار والتنمية، والعمود الفقري لعملية
البناء الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ولما فقد الأمن اختار الكثير من الإرتريين
الخروج من هذا المأزق والهجرة خارج البلاد؛ فقد عانوا من الإرهاب الصليبي
الذي بدأ في الأربعينيات من قبل نصارى إرتريا بالتنسيق مع قوات الأمن الإثيوبية
بغية ضم إرتريا إلى إثيوبيا.
ولما تفجرت الثورة الإرترية في ١٩٦١م اشتد تأزم الوضع الأمني،
وتعرضت قرى المسلمين (مثل عونا وعد إبراهيم وإمبيرمي.. وغيرها) للمذابح
والإبادة والقصف الجوي، وأعلنت حالة الطوارئ في المدن، وفرض حظر التجول
بعد السادسة مساء.
ثم أتت حملات التجنيد الإجباري التي قامت بها كل من إثيوبيا والثورة
الإرترية على حد سواء، وبالغت الجبهة الشعبية الإرترية في ذلك فانتزعت
الحرائر من خدورهن باسم الواجب الوطني والخدمة الوطنية، فما كان من الشعب
إلا أن يهاجر حماية لنفسه وعرضه وماله.
٣ - أسباب سياسية:
شهدت إرتريا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية صراعاً سياسياً تمثل في
المطالبة بالاستقلال الذي نادى به المسلمون، والمطالبة بالانضمام إلى إثيوبيا الذي
تزعمه النصارى؛ مما أوجد ضغوطاً على المطالبين بالاستقلال بعد ضم إرتريا
قسراً إلى إثيوبيا، وتعرض الكثير منهم للسجن والتعذيب والإبعاد، وهاجر الكثير
منهم إلى خارج إرتريا هرباً من هذا الجحيم، ومواصلة للنضال السياسي من خارج
البلاد.
٤ - أسباب اقتصادية:
تعمد الاحتلال الإثيوبي إضعاف الاقتصاد الإرتري بنقل المصانع الإرترية إلى
داخل إثيوبيا، ووضعه المعوقات المانعة من قيام مؤسسات اقتصادية كبيرة في مدن
إرتريا، فلم يبق للمسلمين الذين استبعدوا من الوظائف الحكومية أيضاً إلا المهن
التجارية والزراعية والرعوية المتواضعة، وقد تأثرت هذه الأعمال أيضاً بحالة
الحرب التي عاشتها إرتريا، بالإضافة إلى الجفاف الذي ضرب أغلب مناطق
إرتريا في ١٩٨٣ - ١٩٨٥م، فاضطر الناس إلى البحث عن ما يسدون به رمقهم،
ويتمكنون من الحصول على لقمة العيش الكريمة.
* وضع المهاجرين الإرتريين بالسودان:
دأبت الحكومة السودانية على استقبال اللاجئين الجدد في معسكرات استقبال
مؤقتة ريثما يتم نقلهم إلى المعسكرات الثابتة التي تحتاج إلى تجهيز المساكن
والمرافق العامة المختلفة، ويواجه الإرتريون في معسكرات الاستقبال هذه معاناة
بالغة القسوة نظراً لعدم توفر المرافق الصحية وتأخر المعونات الغذائية فيها،
وعندما يتم نقلهم إلى المعسكرات الثابتة تبذل بعض الجهود الصحية والتعليمية
والاقتصادية من قبل مفوضية اللاجئين والهيئات الخيرية.
وبالرغم من ذلك فإن وضع المهاجرين يواجه مشكلات بالغة التعقيد؛ ففي
مجال التعليم نجد أن المدارس الابتدائية في بعض المعسكرات غير مؤهلة لأداء
رسالتها التعليمية من ناحية تأهيل الفصول الدراسية ووجود وسائل تعليمية تعين
المدرس والطالب على حد سواء في إنجاز مهماته؛ مما أدى إلى عزوف الطلاب
عن التعلم واتجهوا إلى البحث عن أعمال تعينهم على تحسين وضعهم المعيشي.
وفيما يخص الأمور الصحية فإن المراكز الصحية في مناطق المهاجرين غير
قادرة على الوفاء بحاجات السكان من ناحية توفر الأدوية والمعدات الطبية مما
يكلفهم الذهاب إلى بعض المدن لتلقي العلاج المناسب، وقد انحسرت المعونات فيما
بعد الاستقلال نظراً لتوقف المنظمات التطوعية التي كانت تعمل في وسط
المهاجرين بحجة استقلال إرتريا وانتهاء الحرب التي كانت قائمة بين الثورة
الإرترية وإثيوبيا.
* تجدد المعاناة بعد الاستقلال:
كان من المؤمل أن تتلاشى معاناة الهجرة والتشرد عن الشعب الإرتري عشية
استقلال إرتريا عن الاحتلال الإثيوبي، وكان الإرتريون يحلمون قبل التحرر أن لا
يتجاوز مكوثهم في الأراضي السودانية بعد الاستقلال يوماً واحداً، إلا أن الواقع كان
غير ذلك، وذهبت أحلامهم أدراج الرياح.
في بدايات الاستقلال عاد عدد غير قليل من الإرتريين إلى ديارهم طوعاً
بطريقة فردية نظراً لبلوغ عامل الشوق إلى أرض الأجداد لديهم مبلغه، فلم ينتظروا
مساعدات المنظمات الدولية وترتيبات الحكومات المعنية، بل آثروا العودة إلى
الديار مهما كلفهم ذلك من جهد مادي أو متاعب جسدية.
ثم بدأت بعض الترتيبات الخاصة بتنظيم العودة الطوعية للاجئين بالتنسيق
بين السودان وإرتريا ومفوضية اللاجئين وأطلق عليه (المشروع الرائد) ، ونظراً
للخلافات التي وقعت بين النظام في أسمرا ومفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة
حيث طلبت إرتريا ربط عودة اللاجئين بالتوطين وببرامج شاملة لاستيعابهم،
وأصرت على العودة الانتقائية، وتسجيل اللاجئين تحت إشرافها، ولم تقبل
المفوضية بذلك فلم يتمكن هذا المشروع إلا من إعادة الدفعة الأولى فقط التي تتكون
من ٢٥٠٠٠ لاجئ في نوفمبر عام ١٩٩٤م، وحتى هذه الدفعة لم يتم توطينها
بصورة مثلى؛ حيث لم يقدم لهم من المسكن والغذاء وغيره إلا الشيء اليسير الذي
لا يسد الرمق، وتوقف المشروع بعد ذلك؛ حيث أغلق النظام الإرتري مكتب
المفوضية في أسمرا، وطرد العاملين فيها في مايو ١٩٩٧م، ثم جاءت الحرب
الإرترية الإثيوبية الجديدة التي اندلعت في مايو ١٩٩٨م، وبلغت أشدها في مايو
ويونيو ٢٠٠٠م، فأوقفت جميع أعمال العودة، بل تجددت الهجرة والمعاناة مرة
أخرى، وتدافع اللاجئون الذين قارب تعدادهم مائة ألف لاجئ إلى الأراضي
السودانية وعلى وجوههم عظم حجم المأساة؛ حيث تشتتت الأسر بطريقة عشوائية
فلا يدري والد عن ولده وزوجته شيئاً، وهم كذلك، وتوفي الكثير منهم في الطريق
بسبب العطش والجوع والمرض، ووصل من وصل إلى معسكرات اللاجئين في
حالة من الإعياء الشديد، وهذه المعسكرات هي:
١ - معسكر قلسا:
ويقع جنوب مدينة كسلا السودانية على بعد ٣٠ كيلو متراً، ووصل إليه
حوالي (٣٢٠٠٠) مهاجر، يسكنون في خيم البلاستيك المتلاصقة، وفي وضع
صحي وغذائي سيئ تتفطر لرؤيته القلوب الرحيمة والضمائر الحية؛ حيث توزع
عليهم المواد الغذائية عبر طوابير طويلة.
٢ - معسكر اللفة:
ويقع جنوب غرب مدينة كسلا على بعد ٣٠ كيلو متراً، وبلغ عدد المهاجرين
فيه حوالي (٣٧٠٠٠) مهاجر، معظمهم ممن أتى من مدن غرب إرتريا.
٣ - معسكر الشجراب:
ويقع جنوب غرب كسلا على بعد ١٢٠ كيلو متراً، وهو من المعسكرات
القديمة، وبلغ المهاجرون الجدد فيه حوالي (٢٥٠٠٠) مهاجر منهم (٣٠٠) من
الجنود الإرتريين؛ مما زاد الضغط على الإمكانات الضعيفة التي كانت في هذا
المعسكر من قبل.
والعادة أن تسارع المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ومنظمات تطوعية
وتنصيرية بتقديم المساعدات العاجلة في مثل هذه الأحوال، وفي الوضع الحالي
للاجئين الإرتريين فإن المنظمات الإسلامية في هذه المرة زاحمت المنظمات
التقليدية القديمة، وأسهمت بشكل واضح في تخفيف المعاناة سواء من جانب تقديم
المواد الإغاثية أو بناء المساجد، وتكوين مراكز تحفيظ القرآن الكريم؛ مما أثلج
صدور الغيورين على الدين الإسلامي.
* مشروع العودة مجدداً:
قبل أن تصل الحرب الإرترية الإثيوبية إلى محطة السلام النهائية سارع
النظام في إرتريا إلى العمل على إعادة هؤلاء المهاجرين الجدد، وجند وسائل
إعلامه ومفوضية اللاجئين الإرترية وغيرهم من مسؤولي حكومته لإنجاح هذا
المشروع، وبالرغم من الجانب الإنساني الذي أظهره النظام لهذا المشروع فإن
المحللين يرون أن النظام في أسمرا لم يؤرقه الجانب الإنساني لهؤلاء اللاجئين، بل
الهدف ينحصر في تأمين القوى البشرية لحروبه المتكررة، وتسخير ما يقدم باسمهم
من الإغاثات إلى خزينته؛ حيث أبدى أفورقي امتعاضه من تقديم المساعدات
للهاجرين عن طريق السودان، كما أنه يخشى من تأثر المهاجرين بالثقافة الإسلامية
التي ظل يعمل طيلة السنوات العشر الماضية على طمسها في إرتريا.
وبالرغم من عودة بعض المهاجرين بطرقهم الخاصة ووفق هذا المشروع، إلا
أن غالبية المهاجرين وقفوا ضد هذا المشروع وأبدوا اعتراضهم على ذلك، ووجهوا
كثيراً من الأسئلة التي أحرجت وفد الحكومة الإرترية ورئيسة مفوضية اللاجئين،
وبخاصة عن ضمانات العودة التي لا تتفق واتفاقية جنيف؛ حيث لا يتوفر في
إرتريا اليوم الأمن والسلام؛ حيث الاتفاق بين إرتريا وإثيوبيا لم يزل هشاً،
وحملات التجنيد الإجباري تتواصل، والاغتيالات ما زالت تلاحق المواطنين حتى
الذين هاجروا إلى داخل السودان كما حدث في معسكر الشجراب؛ لذلك كان الإقبال
على مراكز التسجيل ضعيفاً؛ مما يوحي بعدم نجاح هذا المشروع كما خطط له.
* الهجرة ما لها وما عليها:
من العسير جداً أن تجد شراً محضاً أو خيراً محضاً، بل الغالب أن يغلب
الخير أو الشر على الشيء؛ فيأخذ حكم الغالب عليه وصفته؛ لذلك فإنه من الصعب
جداً وصف هجرة الإرتريين إلى السودان بالشر المحض رغم ما كابده الشعب
الإرتري من العناء والضنك ما الله به عليم، كذلك لا يمكن القول بأنها كانت خيراً
محضاً، إلا أنه يمكن الإشارة إلى أهم الآثار الإيجابية التي نتجت عن هجرة
الإرتريين:
١ - الأثر الثقافي:
لما كان اللاجئون خليطاً بين أهل المدن وأهل القرى والبادية؛ فإن الكثير
منهم لم تكن الفرصة مواتية له لتلقي التعليم في قريته أو باديته، ولما هاجر إلى
السودان سنحت له فرصة التعليم في المدارس والمعاهد العربية والإسلامية التي
أنشأتها المنظمات الخيرية والحكومة السودانية وغيرها، مما ساعد المهاجر على
تلقي علوم إسلامية شرعية، وتكوين ثقافة إسلامية مميزة أبعدتهم عن الأفكار
المستوردة، وقادتهم إلى حمل همِّ الدعوة ومشاعل التغيير نحو الإسلام.
٢ - الأثر الاجتماعي:
بالرغم من المعاناة التي يتحملها المهاجرون من الناحية الاجتماعية من فقد
الرباط الاجتماعي، وتباعد الأسرة الواحدة، وتعرض بعضها لفقد العائل بسبب
انتشار الأمراض والأوبئة، وفقد البعض الآخر لانتمائه نحو مجتمعه نظراً لطول
زمن الهجرة وتأثره بالبيئة السودانية، وبخاصة ساكني المدن؛ فإن من الإيجابيات
الاجتماعية لهجرة الإرتريين حدوث انفتاح اجتماعي بين القبائل والعشائر الإرترية،
تمثل ذلك في إتاحة فرصة التزاوج والتصاهر والتعاون بينهم، والإحساس بوحدة
الهدف والمصير.
٣ - الأمن والاقتصاد:
يمكن القول بأن المهاجرين قد وجدوا في السودان ملاذاً آمناً من الحروب
المتواصلة التي أنهكت قواهم وأقضت مضجعهم، وأمنوا على أعراضهم من انتهاك
قوى الشر لها بدعوى الخدمة الوطنية الإلزامية التي أفسدت الكثير من بنات
المسلمين.
وبالرغم من فقد المهاجرين الكثير من ممتلكاتهم المالية والعينية نتيجة تركهم
لها في إرتريا فراراً بأنفسهم، فإن الكثير منهم تعرف على مهن جديدة وطرق كسب
الرزق التي تعينه على تجاوز صعوبات الحياة مما لم يكن له علم بها من قبل، وقد
أتيحت للكثير منهم الفرص لتخطي حاجز الحدود والوصول إلى دول الخليج
وأوروبا بغرض العمل؛ مما ساعدهم على تحسين وضعهم المعيشي ومعاونة أهليهم
في الداخل والمهجر.
وعلى كل فإن مأساة المهاجرين الإرتريين ما زالت مستمرة، وهي بحاجة إلى
وقفة جادة وصبورة من قبل أهل الخير والإحسان من الشخصيات الإسلامية
والمنظمات الخيرية المسلمة؛ لتعينهم على تجاوز محنتهم في توفير المواد الغذائية
والعلوم الشرعية الضرورية التي تصلح لهم دينهم ودنياهم، وبخاصة أن أغلب
المهاجرين الإرتريين الذين يعيشون في السودان هم من المسلمين.