للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قضايا ثقافية

الإبداعية الجماعية

(٢ -٢)

بقلم: جان كلود أبريك ترجمة: محمد بلحسن

راجع ترجمته وقدَّم له وعلَّق عليه: د. محمد أمحزون

في الحلقة الماضية مهد الكاتب لمراجعته بالإشارة إلى تقدم الغربيين في «علم

النفس الاجتماعي» وما هي الجوانب التي يهتم بها هذا العلم. ثم تطرق إلى مقدمة

المؤلف التي تحدثت عن اهتمام علم النفس بالإبداع، وبين ماهية الجماعة التي

تفضل التغيير، ثم الجماعة التي تفضل المخاطرة، وألمح إلى عدم تجانس الجماعة

وأثره في الإبداعية، وانتقل إلى الكلام عن الزعامة والإبداعية، فتحدث عن الزعيم

المستبد، وعن الزعيم الشوري، والزعيم الاسمي، ثم بين أنه إذا كان هدف

الجماعة هو الإبداعية فالقيادة الشورية هي الأكثر إنتاجاً وعطاءاً، وفي هذه الحلقة

يتابع الكاتب مراجعته القيمة. البيان

مهمة وإبداعية الجماعات:

الأبحاث التي سوف نعرضها الآن تدرس جميع العلاقات التي تجمع بين

«طبيعة المهمة» المنجزة من طرف الجماعة و «السلوك الاجتماعي

والشعوري والإداري» لهذه الأخيرة، ويتبيّن من خلال الأبحاث أن ظاهرة

الجماعات محدّدة مباشرة بأربعة أنظمة معادلة، سوف ندرسها على التوالي:

(أ) تلاؤم «نموذج المهمة» مع «شبكة الاتصال» فلامون

(Flament) ١٩٦٥م:

تعني «شبكة الاتصال» مجموع الإمكانيات الحقيقية للاتصال بين أفراد

جماعة ما، ويمكن تقديمها على الشكل الآتي:

إن عدداً كبيراً من الأبحاث المنجزة في الولايات المتحدة في سنوات

الخمسينيات أظهرت كيف أن قدرة جماعة على التنافس، ونوع الزعيم،

والاتصالات: هي محدّدة بواسطة شبكة الاتصالات المفروضة على الجماعة.

وتبدو النتائج متناقضة: لأن الشبكة المركزية تظهر أحياناً عنصراً مسهلاً، وأحياناً

مشوشاً على كفاءة الجماعة.

ويرجع الفضل لفلامون في إزالة كل هذه المتناقضات بإدخال مفهوم جديد

لدراسة الجماعات: وهو: «نموذج المهمة» .

فنموذج المهمة أُنجز بواسطة تحليل منطقي رياضي لتطوير الاتصالات

الضرورية لإنجازات اجتماعية أفضل: فهو مجموع الاتصالات الصغيرة

الضرورية، مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المهمة. وأظهر فلامون أن كفاءة

الجماعة وقدرتها على التنافس تكون أفضل عندما يكون هناك تماثل أو تطابق بين

شبكة الاتصالات ونموذج المهمة. وبمعنى آخر: فشبكة الاتصالات ليست لها

مميزات خاصة، وينبغي أن ترتبط دائماً بنوع المهمة المنجزة [٤] ؛ فهذا هو نظام

الملاءمة الأول الذي يدير ظاهرة الجماعات: تلاؤم أو تطابق «نموذج المهمة»

مع «شبكة الاتصال» .

(ب) تلاؤم طبيعة المهمة مع بنية الجماعة:

سوف يتحول اهتمام موسكوفيسي وفوشو (Foucheax / Moocovici)

عن دراسة شبكات التواصل لينصبَّ على تحليل العلاقات الرابطة «لبنية

الجماعة» [٥] وطبيعة التواصل الفعلي المتبادل داخل الجماعة.

والجماعات التي تمّ انتقاؤها للاختبار تضم كل واحدة منها أربعة أفراد، تواجه

على التوالي مهمتين نوعيتين:

* أشكال أولر (Euler) : نعرض للأفراد ألواحاً بها أشكال رسمت من

خلال تقاطع خطوط وأعمدة، وهي عبارة عن مربعات منسقة. نجد في كل خانة

حرفاً (أ، ب، ج) ورقماً (١، ٢، ٣، ٤) ، علماً بأنه لا يسمح بتكرار نفس

الحرف ونفس الرقم على الخط الواحد والعمود الواحد، وأن التوفيقات (أ ١، ب

٢، د ٣، ج ٤) غير جائزة. يطالب الأفراد باكتشاف التوفيقات: س (x) من

أجل ملء الخانات. وهذه المهمة تفرض استعمال حساب رياضي من أجل بلوغ حلّ

يقدّم جواباً صحيحاً واحداً.

* أشجار ريجي (Riguet) : المطلوب من الأفراد تركيب سبعة عيدان

بطريقة تمكّن من الحصول على أشكال مختلفة، يختلف كل شكل عن آخر إذا تمّ

تركيبه بطريقة لا تفضي بعد دورانه إلى شكل تمّ اقتراحه. وباستثناء البنيات

المغلقة نستطيع تركيب ٢٣ شكلاً مختلفاً فقط. وهذه المهمة بالغة التعقيد عن سابقتها،

إلى حدّ أنه لم تكشف الطريقة السليمة لاستخراج جميع الأشكال، ولذلك فهي

توجب استحضار سلسلة من الاستنتاجات والابتكارات.

تتطلب المهمتان من أفراد الجماعة سلوكيات معينة وخاصة؛ إذ يفترض لتأدية

مهمة «حلّ المسألة» إيجاد تنظيم وتنسيق بين أفراد الجماعة؛ وذلك لما تفرضه

هذه المهمة من وضع استراتيجية مشتركة بين العاملين، في حين أن المحاولات

الفردية المبذولة لتأدية مهمة الإبداعية، والتي لا تخضع لتنسيق سابق بين أعضاء

الجماعة لا تعيق سير العمل من بلوغ الأهداف المرسومة، بل على العكس، فإن

هذا النهج هو المطلوب في هذه الحالة شريطة أن يتم تصويب هذه الاجتهادات

الفردية وضبطها فيما بعد من طرف الجماعة ككل.

تختلف إذن كل من الضغوط والضرورات الإدراكية [٦] للمهمة اختلافاً جذرياً،

ولهذا يفترض الباحثون أن الضغوط التي تمارسها المهمة هي المحددة الفعلية

لدينامية (حركية) الجماعة. «على أنه توجد علاقات متكافئة بين كل من

» طبيعة المهمة «و» بنية التواصل «داخل الجماعة، ومدى قدرة الأخيرة على

» حل المسألة «. وتؤكد النتائج هذه الفرضيات (انظر الجدول رقم ٢ أدناه) .

نستنتج فعلاً أن مهمة» حلّ المسألة «تشجع على ظهور بنية مركزية للجماعة،

بالمقابل فإن» مهمة الإبداعية «تقود نحو إفراز جماعات ذات بنيات متجانسة؛

بمعنى أن كلّ الأفراد متكافئون، ولا توجد أية تراتبية هرمية تجدد عطاءاتهم

وإنتاجاتهم.

فضلاً عن ذلك، فإن عطاء الجماعة يكون أحسن إذا ما تبنّت هذه الأخيرة

علاقات تواصلية ذات بنية تلائم نوعية المهمة:» بنية مركزية « [٧] عندما يخصّ

الأمر مهمة» حل مسألة «. و» بنية غير مركزية « [٨] في حالة مهمة

» الإبداعية «.

وعلاوة على ذلك، فإن كل نوع من المهمات ينتج نوعاً خاصاً من التواصل

داخل الجماعة:» تواصل خطابي «موجه لمجموع أفراد الجماعة، ويحتوي أساساً

على معلومات في حالة مهمة تستوجب إيجاد حلول لمسألة معينة.» تواصل متبادل «

يشمل مجموع أفراد الجماعة ويتبنى توجهاً نقدياً في حالة الإبداعية.

أخيراً نستنتج أن الجماعات من أجل تحسين مستوى عطاءاتها، تغير بنيتها

(تركيبتها) التواصلية بمجرد إنجازها للمهمة الأولى، وذلك لتتلاءم مع طبيعة

الضغوط التي تفرزها المهمة اللاحقة.

على أن مجموع هذه النتائج يبيّن: أن طبيعة المهمة هي المحدد الفعلي

والحقيقي لبنيان الجماعات، وكذا طبيعة التواصل المطلوب بين الأعضاء ونوعيته،

وأن إنتاج الجماعة وعطاءها يصبح فعلياً وأكثر حضوراً على مستوى الواقع إذا

ما استطاعت الجماعة اتخاذ بنية (تركيبة) تماثل (تكافئ) بنية المهمة [٩] .

وهكذا فإن مستوى إنتاج الجماعة يتحدد فعلاً من خلال نظام كامل للتلاؤم:

تلاؤم» طبيعة المهمة «و» بنية التواصل «داخل الجماعة.

(ج) تلاؤم طبيعة المهمة مع البنية الاجتماعية للجماعة تتميماً للتحليلات

السابقة:

عملت أبحاث بواتو وفلامون: على دراسة التفاعل الحاصل بين البنية

الاجتماعية للجماعة التي تم تحديدها من خلال الاختبارات المعيارية [١٠] للعلاقات

الاجتماعية، وكذا الاختلافات الوظيفية لأعضاء الجماعة وطبيعة نموذج المهمة.

ولن نعرض هنا تفاصيل الترتيبات التجريبية، وكذا تفاصيل المهمة: كونها بالغة

التعقيد، وسنكتفي فقط بالإشارة إلى أن الجماعات: تضم كل واحدة منها ثلاثة أفراد

تربطهم علاقة تراتبية (هرمية) .

وتختلف كل جماعة عن الأخرى، من حيث طبيعة بنيتها الاجتماعية.

تقوم الفرضية العامة التي قدّمها الباحثون والتي تم التحقق منها على مستوى التجربة

من افتراض أن الجماعات تكون أكثر عطاءاً بشكل ملحوظ عندما تتلاءم بنيتها

الاجتماعية مع طبيعة نموذج المهمة، مما يدفعنا إلى استنتاج وجود ما يسمى:

» مبدأ التلاؤم الوظيفي الرابط لبنية المهمة مع البنية الاجتماعية للجماعة «.

ولهذا فإن كل جماعة ترغب أن تكون منتجة ومعطاءة، يجب عليها أن تتوفر

على بنية اجتماعية معينة ملائمة لطبيعة المهمات المنوطة بها. وبالإضافة إلى ذلك

فإنّ التلاؤم الحاصل بين الجماعة وطبيعة المهمة يعمل على تقوية العلاقات بين

أفراد الجماعة كلهم.

وبهذا يمكن البرهنة على النظام الثالث للتلاؤم، والذي يربط طبيعة المهمة

بالبنية الاجتماعية للجماعة.

خلاصة: إن معرفة العوامل الموضوعية الخاصة بالجماعة: شبكة العلاقات،

والبنية الاجتماعية للجماعة، وكذا طبيعة المهمة المراد إنجازها تسمح بالإحاطة

معرفياً بالديناميكية [١١] الاجتماعية والتصورية للجماعة والتنبؤ بمسيرتها ونموها.

(د) تلاؤم تصور المهمة مع طبيعة المهمة:

يمكن تعريف تصور المهمة (البعد الرمزي) على أساس أنه» نظرية أو

نسق من الافتراضات ينتجه أفراد الجماعة حول طبيعة المهمة، غايتها، الوسائل

الكفيلة لإنجازها، وكذا مجموع السلوكيات الضرورية من أجل بلوغ حدٍ مُرضٍ من

الفعالية والحضور على مستوى الواقع «.

تتكون الجماعة الممتحنة من أربعة أفراد، يطلب منها القيام بإحدى مهمتي

فوشو وموسكوفيسي (Faucheux - Mascovice) : الأولى: مهمة» حل

المسألة « (أشكال أولر Euler) والثانية: مهمة الإبداعية (أشجار ريجي

Riguet) .

يعمل المُخْتبر أثناء كل مهمة من المهمتين على تمرير تصورين مختلفين،

وذلك عبر استمارات مستقرِئة ومسهلة لتداعي الأفكار:

تصور المهمة: يقال لعناصر الجماعة من أجل حثهم على تصور المهام

موضوع الاختبار: إن هذه الأخيرة ترتكز على الاستنباط: المنهج والتفكير الدقيق.

تصور الإبداعية: حيث يبدو لأفراد الجماعة أن المهمة تعتمد على الإبداع:

الجِدَّة والابتكار.

وتُظهر الفرضيات الأساسية للبحث، والتي تم التحقق منها على مستوى

التجربة استنتاجين:

يحدّد تصور المهمة درجة فعالية (عطاء) الجماعة؛ إذ إن تصورين مختلفين

لنفس المهمة يؤديان إلى بروز درجتين من الفعالية.

تصل فعالية الجماعة حدودها القصوى في حالات تلاؤم» تصور المهمة «مع

» طبيعة المهمة «، (انظر الجدول رقم (٣) أدناه) .

إن» تصور المهمة «يحدد السياق الحركي للجماعة؛ إذ يشجع على ظهور

نشاط المراقبة بين المستويات المكونة لهرمية الجماعة:» طبيعة المهمة «التي

تستوجب ضرورة تكوين بنيات تواصلية هرمية، في حين تشجع» مهمة الإبداعية «

عناصر الجماعة على الإنتاج المتنوع والأكثر حدة.

فالتصور يحدد إذن نوع النشاط الذي سوف يسيطر على الجماعة، والذي

يدفع هذه الأخيرة إلى تحقيق إنجازات معينة.

وإجمالاً، تعمل مجموع هذه النتائج على إبراز نظام رابع للتلاؤم يسهم في

تسيير ظاهرة الجماعة؛ فتصل الجماعة حدوداً قصوى من العطاء والفاعلية عندما

يتحقق التلاؤم بين تصور المهمة وطبيعة المهمة.

تقييم تنافس وإبداعية الجماعات:

إذا كان التوجه السائد في علم النفس الاجتماعي هو أن تقييم الجماعات يوقف

إبداعيتها، فإنه من الثابت أن القليل من نتائج التجارب يساند هذا الرأي. وفيما

يتعلق بنتائج المسابقات المنظمة بين عناصر الجماعة الواحدة أو فيما بين الجماعات،

فلا يبدو أنه بإمكاننا أن نستنبط من هذه النتائج المتعارضة المحصل عليها إلى

الآن توجهاً ما أو خلاصات متماسكة.

ومن وراء لفظة» إبداعية «يبرز مشكل إضافي ناتج عن إمكانية دراسة

ظواهر ذات طبيعة مختلفة أو أبعاد مختلفة لنفس الظاهرة. غير أنه يبدو جلياً أن

هذه المتغيرات سياق التقييم، سياق التنافس بإمكانها أن تؤثر بكيفية مميزة على

مختلف مكونات النهج الإبداعي. ويبدو لنا أن التجربة الحديثة نسبياً التي قام بها

جلوفر (Glover) سنة ١٩٧٩م توضح وتبرهن بما فيه الكفاية على صحة هذا

الرأي.

وتدرس هذه التجربة النتائج الخاصة بثلاث حالات للجماعة:

حالة تأخذ بعين الاعتبار قدرات الجماعة على التنافس من خلال سياق التقييم

والتنافس بين الجماعات.

حالة تأخذ بعين الاعتبار قدرات الفرد على التنافس من خلال سياق التقييم

والتنافس بين عناصر الجماعة الواحدة.

حالة تغيّب أهمية قدرات الفرد أو الجماعة على التنافس، وكذا كل تقييم أو

تنافس بين عناصر الجماعة الواحدة أو فيما بين الجماعات.

تقسم الموضوعات على جماعات من ستة أفراد؛ وعليها أن تحقق مهمة متبعة

من خلال اختبارات الإبداعية: أي إيجاد كل الاستعمالات الممكنة لمعطيات معلومة.

في مرحلة أولى: تشتغل جميع الجماعات في نفس السياق غير الخاضع

لعمليتي التقييم والتنافسية. وفي مرحلة ثانية: يقوم المشرف على التجربة بإدراج

التعليمات المصوغة للشروط التجريبية الثلاثة.

وتكمن أهمية عمل جلوفر في كون اهتمامه لن يرتكز على النتائج الخاصة

المحصّل عليها من لدن الجماعات، بل على النتائج المحصل عليها من خلال أربعة

أبعاد مختلفة لهذا الناتج.

في حالة السلاسة: يكون عدد الأجوبة مختلفاً.

في حالة المرونة: يكون عدد الأجوبة النموذجية مختلفاً.

غنى الإعداد: أي مدى القدرة على إغناء الجواب.

الأصالة: وتحدّد من خلال عدد الأجوبة النوعية أو المتفرّدة.

هذا وتبيّن النتائج أن كل سياق له تأثير خاص على مختلف الأبعاد الإدراكية للمهمة

(انظر الجدول رقم (٤) أدناه) .

يساعد السياق غير الخاضع للتقييم والتنافس على الإثراء والابتكار المتعلقين

بإنتاج الجماعة غير أنه يقلّص من سلاسته ومرونته.

يساعد السياق» التقييمي التنافسي «على سلاسة الجماعة ومرونتها، إلا أنه

يحول دون إثراء إعدادها وأصالتها.

يؤدي التركيز على الجماعة في الوضعيتين: التنافسية والتقييمية إلى حصول

السلاسة والمرونة الإدراكية أكثر مما يتم الحصول عليه عند التركيز على أفراد

الجماعة؛ في حين لا يؤثر ذلك على تطور الإعداد والأصالة لديها.

وتبدو لنا هذه النتائج ذات أهمية بالغة إذا ما أكدتها أبحاث أخرى؛ ذلك أنها

ستسمح باستنباط تحليل جديد لإبداعية الجماعات، حيث سيلعب تحليل النظم

الإدراكية الذي تمّ استعماله في الإبداعية دوراً حاسماً، كما سيسمح عند الاقتضاء

بتفسير التناقضات الملموسة بين بعض النتائج.

مناهج وتقنيات الإبداعية في إطار الجماعات:

لنترك الأبحاث التجريبية جانباً، ونتطرق للإبداعية في مظهرها الآخر:

إبداعية مجموعة من المناهج المعدّة لتحديد قدرات كل فرد، لابتكار حلول جديدة ...

وبمغادرتنا المختبر وعالمه القاتم، سنلج عالم التعبير العفوي والتحرري؛ حيث

تبدو البشاشة والضحك والفكاهة ورفض الآراء شروطاً لازمة وضرورية لتطوير

الإبداعية.

ومهما كانت تقنيات الإبداعية، فإنها تسعى فعلاً إلى تحقيق هدف واحد هو

رفع الضغوط العاطفية والاجتماعية أو الإدراكية التي تعمل على تقييد الخيال

الإبداعي.

ونجد من بين أهم عوائق الإبداعية:

التقاليد والعادات الفردية والجماعية [١٢] : يجب إذاً الحد من كل مقاومة تعرقل

التغيير.

السلطة وثقل الأنظمة والبيانات: يجب العمل على إزاحة الخضوع للسلطة؛

سواء كانت سلطة رئيس أو سلطة خبير [١٣] .

عالم الضوابط الاجتماعية والإدراكية: يجب التغلب على الامتثالية [١٤]

والتماثل [١٥] .

العقل: أطره وحدوده وقواعد عمله: يجب الانسلاخ عن السلوك العقلاني أو

تعليقه أثناء مراحل الإبداع [١٦] .

ومن أجل رفع هذه العراقيل تم إعداد حالات مختلفة تسعى جميعها إلى تحقيق

الهدف نفسه: ألا وهو تحرير العفوية التي تُعتبر أساس الفكر الإبداعي. ومن ثم

تبدو أهمية هذا المناخ الودي، واستعمال كل وسائل الإثارة الفكرية والعاطفية التي

تهدف إلى استرجاع أو خلق وضع ونظرة جديدة إلى الأشياء والأفكار المقبولة على

العموم، وليس بإمكاننا طبعاً تقديم كل هذه التقنيات في إطار هذا البحث، غير أن

معظمها لا يشكل سوى متغيرات للمناهج الأربعة التي آثرنا تقديمها لاحقاً.

١ - تحفيز الإبداع (Lebrainstarming) والتقنيات المشتقة

عنه:

» تحفيز الإبداع «تقنية نشيطة، عرف وما زال يعرف نجاحاً هائلاً،

ضبطه منذ ١٩٣٨م أوسبورن (Osbarn ١٩٦٢ / ١٩٢١) عندما كان يشغل

منصب مدير وكالة إشهارية بالولايات المتحدة. ولا يزال» تحفيز الإبداع «مع

التقنيات المشتقة منه أحد أكبر الوسائل المعتمدة في دراسة الأسواق من لدن معظم

المصالح العمومية الأمريكية، وعدد كبير من المقاولات والمنظمات.

أ - المنهج:

يرتكز تحفيز الإبداع على مبدأين أو فرضيتين أساسيتين:

ضرورة فصل دالَّة الإنتاج والبحث عن أفكار دالَّة التقييم والحكم (إيجابي أو

سلبي) .

يفضل تحقيق تحرير الإبداعية عن طريق الجماعة شريطة أن تكون

الاجتماعات منظمة ومنشطة بإتقان.

وتستلزم التقنية في حد ذاتها ثلاث مراحل:

* المرحلة الأولى: الإعداد، ويتعلق الأمر بتحديد محور الدراسة فضلاً عن

تكوين جماعة من عشرة إلى اثني عشر فرداً غير متجانسة ما أمكن.

* المرحلة الثانية: تتكون من جلسة تحفيز الإبداع ذاتها التي تتراوح مدتها

بين نصف ساعة وساعة واحدة ويسيّرها منشطان اثنان. والهدف المحدد للجماعة

هو تقديم أفكار مع التقيّد بالقواعد الأربعة الآتية:

يمنع خلال الجلسة إصدار أي حكم نقدي (إيجابي أو سلبي) .

تشجيع الخيال الحرّ: يجب صياغة كل الأفكار مهما كانت غريبة ووهمية.

المطلوب في هذه المرحلة هو كمية الأفكار وليس كيفيتها.

أخيراً المبتغى هو قرصنة أفكار الآخرين، أي من الممكن في هذا الصدد جمع

وخلط وتتميم الأفكار المعبّر عنها من طرف باقي أفراد الجماعة.

* المرحلة الثالثة: وتتم فيها عملية فرز وانتقاء وتمحيص حصيلة هذه الأفكار،

ويتم إنجاز ذلك في أعقاب الجلسة من طرف مجموعة صغيرة مختلفة عند

الاقتضاء. وبالإمكان اعتبار معدل ١٠% من الأفكار المعبّر عنها خلال جلسة

» تحفيز الإبداع «هو الصالح للاستعمال.

ب - التقنيات المشتقة:

* الفكرة الرئيسة: يرى أوسبورن (Osborn) أن تجميع الأفكار يلعب

دوراً أساسياً في الإبداعية؛ حيث تنبثق أحسن الأفكار عن الخلط والتجميع

المرتكزين على المحاكاة والمفارقات والتقارب. ويمكن لهذا البحث أن ينجز بحرية،

كما يمكن بواسطة طرف الاستفهام (الأسئلة) إما لذاتها أو مندمجة مع حصة من

حصص» تحفيز الإبداع «.

* منهج البيانات الاستقرائية: يرتكز على تكوين أفكار انطلاقاً من الشبكة

التالية: وضع قاعدة تفكير، واكتشاف استعمالات جديدة لشيء ما مثل: عبّر، كبّر،

كيّف، قلّل، استبدل، أعاد الترتيب، قلب، خلط.

* منهج حذف أو تغيير عناصر موجودة: يرتكز على تكوين أفكار انطلاقاً من

حالات خيالية مرتبطة بالمحور أو الشيء المدروس، مثلاً ماذا كان سيجري:» لو

اختفت الكهرباء فجأة من الكون؟ «أو لو نما إبهام ثان في اليد اليمنى؟» أو «لو

تضاعف ثمن الخبز والدقيق مائة مرة؟» .

ومن جهة أخرى يمكن استعمال هذا المنهج إما لإطلاق عملية البحث عن

أفكار حول محور ما، أو كمنهج تربوي تكويني للإبداعية: إنه يسمح فعلاً بالتمرن

على عدم التمركز الإدراكي وعلى المرونة والأصالة.

ج - أبحاث مختبرية فحصية:

يعتبر «تحفيز الإبداع» (Braingtorming) أحد المناهج القليلة المحثة

على الإبداعية والتي أثارت العديد من الأبحاث المختبرية، للتأكد من صحة المبدأين

الأساسيين المقترحين من لدن أسبورن (Osborn) . ونؤكد أن نتائج هذه

الأبحاث المختبرية (انظر روكيت ١٩٧٦: Rouquette) جاءت مخيبة لآمال

مؤيديها (أي لم تأت تماماً كما كان يأمل مؤيدوها) ؛ فإذا كان المبدأ الأول الذي

يقول بوجوب فصل عمليتي إنتاج الأفكار وإصدار الأحكام حولها قد تحققت فعاليته

بامتياز على مستوى التجربة، فإن المبدأ الثاني الذي يحث على ضرورة إحداث

عمل جماعي من أجل رفع مستوى الإبداعية لم يتمّ استيفاؤه مختبرياً.

ومن دون الدخول في جدل المقارنة بين حالتي الجماعة والفرد، فقد اتضح

من خلال استقراء نتائج المهمات المدروسة داخل المختبر أن «تحفيز الإبداع»

(Braingtorming) في حالة الجماعة يؤدي إلى مستوى إبداعي مشابه (مقارب)

للذي نحصل عليه في الحالات الفردية.

٢ - السينكتيك La synectique:

يستند منهج «السينكتيك» أساساً على الاستعمال الواعي والمنظم للاستعارة

(أو المجاز) ، ويهدف إلى تكوين الفكر الإبداعي المناسب للجماعة، ثم استعماله في

تحليل المشاكل الملموسة.

ويدور منهج جوردون (١٩٦٥: Gordon) وفكرته المركزية حول اعتبار

الاستعمال الاستكشافي للاستعارة أساس الإبداعية، ومن ثم سنتعلّم وسندفع الجماعة

إلى جمع وخلط وتقريب العناصر التي تبدو في الظاهر دون علاقة فيما بينها.

يتعلق الأمر إذاً بجماعة تهدف إلى تحويل الغريب إلى مألوف والمألوف إلى

غريب. والمحاولة التي تمّ تحقيقها جماعياً وتستعمل دينامية (حركية) الجماعة؛

محاولة تستلزم خلق جو من الاطمئنان واللهو والمتعة حتى يسترجع المشاركون

نظرة الطفل وسلوكه تجاه الواقع؛ فاللعب باعتباره سلوكاً ذهنياً وملكة إبداع هو

الجواب الصحيح عند الكبير عن سلوكيات الطفل وملكاته، ولا يعدو الأمر بالنسبة

للكبير أكثر من اكتشاف حالة الطفولة في حين نعتبر على العموم الكبير الذي يجد

متعة في اللعب طفولياً. وعلى العكس من ذلك تعتبر «السينكتيك» أن هذه الحالة

يجب الاعتناء بها واستغلالها بتأنّ بهدف تشجيع الحركة الإبداعية [١٧] .

على أنه سيتحقق انقلاب في وجهات النظر والنظرة الجديدة المتوخاة بواسطة

تقنية تقتضي الاستعمال المنهجي لثلاثة أنواع من التماثل:

التماثل الشخصي: ويقتضي مطالبة المشاركين في الاختبار بالتماثل مع

عنصر من عناصر المسألة المدروسة ثم تصور ردود الأفعال والسلوكيات

والأوضاع التي سيصبحون عليها حينئذ [١٨] .

التماثل المباشر: ويقتضي استعمال معارف مادةٍ ما في ميدان مادةٍ مختلفة؛

فيمكن مثلاً الرجوع إلى البيولوجيا الحيوانية لدراسة مشاكل إطلاق القذائف البحرية،

أي أننا ننقل معلومات ميدان معلوم لإيجاد حلول مسألة في ميدان مغاير.

التماثل الرمزي أو الخيالي: يقتضي استبدال مادة الإشكالية (محلّ الدرس) :

إما بصورة رمزية (الكويرة من الكريستال بالنسبة لاختبار بسيكولوجي نفسي

مثلاً) أو رسوم كلمية [١٩] تستند إلى عنصر التعجب والخيال واللا معقول إلخ.

ويتعلق الأمر هنا بترك المجال حرّاً للأوهام والتعبير الشعري والحُلم، بكيفية تجعل

إنتاج أفكار جديدة أو أسلوب جديد يتصدى للمسألة.

ويمنح منهج «السينكتيك» امتيازاً للجماعات الأكثر تبايناً بكيفية تجعل

فوارق الرأي تزداد حدة، وفضلاً عن ذلك، يكون أعضاء هذه الجماعات قد

تعرّضوا لعملية انتقاء بناءً على اختبارات ومحادثات ترتكز على «سلوكهم

الاستعاري» ، وقد رتبهم على عدم التمحور الذاتي والإدراكي، ويتوزع التكوين

على عدّة أشهر ويضم ثلاثة أطوار:

ففي طور أوّلي تتفاعل الجماعة بكل عفوية مع المسألة المطروحة التي تحاول

تحديد كل مظاهرها، بما في ذلك الأكثر غرابة، ويؤول هذا الطور إلى كشف

الأبعاد الواجب تحليلها. ويعتبر الطور الثاني مرحلة إنتاج ترتكز على الاستعمال

المنهجي للمعادلة القياسية. وفي الأخير تتم العودة إلى الواقع ضمن مرحلة ثالثة،

وذلك لدراسة مختلف الحلول المرتقبة وتكييف الحلول القياسية مع المسألة الملموسة.

وقد عرف المنهج السينكتيكي نجاحاً كبيراً، مثله في ذلك مثل «تحفيز

الإبداع» ، ولا يزال حالياً يُستعمل كثيراً إما في شكله الكلاسيكي (التقليدي) أو في

أشكال متفرعة عنها مثل منهج (Interlog) (انظر: جوي ١٩٧٥:

Jaoui) أو منهج (Bionique) (انظر: جيراردان ١٩٧٢: Jerardin) .

٣ - التحليل التشكُّلي [٢٠] :

يرتكز التحليل التشكُّلي على الاستعمال المنهجي للتنظيمات، باعتبار النشاط

الإبداعي استكشافاً تنظيمياً لمجموعة من العناصر الموجودة والمرتبطة بمسألة

معلومة. ما نبحث عنه إذن هو: كيف يمكن أن تنتظم هذه العناصر وتتجمع؟ وما

هو نوع الحلول التي تنتج عن هذه التنظيمات؟ وبذلك نكون قد شكّلنا «قوالب

حقيقية للاختراع» تسمح لنا باستكشاف منهجي لعالم ما هو ممكن (انظر: كوفمان

١٩٧٠: Kaecfmon) .

في مرحلة أولى بالطبع يمكن استعمال هذه الخطة في حالة فردية يكون هدف

الجماعة هو دراسة المسألة لمحاولة طرحها بعبارات أوسع وأعمّ؛ ثم استقراء

العناصر (أو كل الأبعاد) المكونة للمسألة العامة، وفي الختام تحليل كل عنصر

بالنسبة لأبعاده المختلفة [٢١] .

وبعد وضع قالب أو عدة قوالب، أي إعداد جدول ذي مدخلين يضم قائمة كل

العناصر؛ إذ تقتضي المرحلة الثانية دراسة كل الحلول الممكنة المطابقة للتقاطع

الثنائي لكل متغيّر. وفي هذه المرحلة يمكن لإبداعية الجماعة أن تتطور بفضل ما

تمنحه لها شبكة الاستكشاف المنهجي الذي يحدده القالب من تشجيع وإثارة وتوجيه.

وفي المرحلة الثالثة يتم تدارس واختيار الحلول الملائمة للمسائل أخذاً

بالحسبان العراقيل التقنية والقانونية والمالية.

يتضح إذن أن هذا المنهج بطيء حتى ولو كانت مرحلة التنظيم تتم بمساعدة

الحاسوب، غير أنه يبدو حالياً في توسع كبير. وإن حصلنا على القليل من النتائج

المضبوطة، فإنه يحسب الأمر لتطبيقه في مجالات حساسة جديرة بالكتمان:

الملاحة الجوية، علم الفلك، الفيزياء ... إلخ.

٤ - المناهج التطبيقية [٢٢] :

نجمع تحت هذا العنوان نوعاً أخيراً من المناهج السائدة بكثرة، والتي تلامس

مجال التحليل الطبي للجماعة، وإن كانت أهدافها مختلفة تماماً، وتتطلب منشطاً أو

منشطين ذوي كفاءة خاصة ويخضعان للمراقبة.

أ - مناهج ترتكز على القيام بدور:

يقوم كل عنصر من الجماعة مقام الشخصية المعنية أو مقام مادة من مواد

المسألة المعروضة، ويمثل السلوك الذي يمكن أن تنتجه بتفاعله المحتمل مع باقي

عناصر الجماعة الذين يقومون مقام مواد أخرى. وإذا تعذّر القيام بهذا الدور فيمكن

مطالبة المشاركة بالتعبير الشفهي لمدة عشر دقائق فقط باسم المادة التي يمثلها. وفي

كلتا الحالتين يتابع جزء من الجماعة ما يحدث ويكرره في نفسه، ويحاول توجيهه

إلى المسألة الملموسة قيد الدرس.

ب - الحُلم اليقظ الموجَّه [٢٣] :

يتم تحقيق هذاالمنهج بواسطة جماعة قليلة العدد (عشرة أفراد على الأكثر) ،

وتستلزم جعل المشاركين في حالة بين النوم واليقظة؛ حيث يكون المشاركون

ممدودين في ظلمة خفيفة، مستعملين تمارين استرخائية مناسبة. تدوم الحصة من

ساعة إلى ساعتين، ويقوم المنشط باستعراض رسوم ومواضيع حيادية في البداية،

ثم يجعلها تقترب شيئاً فشيئاً من المسألة المدروسة، ويكون رد فعل عناصر الجماعة

بواسطة أحلام يقظة مقرونة بالمواضيع المقترحة. بعد ذلك يتم معالجة هذه القرائن

والأحلام وتحليلها من لدن الجماعة والمنشط والملاحظين.

ومن الواضح أن هذه المناهج تهدف جميعها إلى التقليل من سلبية الأفراد

وتحفُّظهم بكيفية تسمح لهم بإزالة العقبات والعوائق أمام قدرتهم الإبداعية،

والوصول إلى صور وأحاسيس أكثر تعمقاً [٢٤] . ويظهر أنها تعرف نجاحاً كبيراً

في مجال دراسة الأسواق والإشهار؛ حيث يظل الهدف المهيمن هو البحث عن

ردود الفعل والحوافز الكامنة، كما يظهر من جهة أخرى أن تطوير هذه المناهج

واستعمالها دون مراقبة يطرح عدة مشاكل أدبية جديّة.

خلاصات:

كما سبق أن رأينا من خلال هذا العرض الموجز، فإن تقنيات الإبداع وافرة،

كما أن جهود الذين يعملون على تطبيقها مثمرة بصفة خاصة، بما في ذلك الذين

يزعمون أنهم يكونون بأنفسهم علم الإبداعية. وكما هو معلوم فإن مسألة التجديد

تصير شيئاً فشيئاً مشكلة اجتماعية اقتصادية أساساً، وتمر عن طريق العمل

الجماعي؛ لأن هذا الأخير تم تعميمه في المقاولات، وكذلك في ميدان البحث

العلمي والتربية، وفي كل ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية. لكن رغم كل هذا

فإن البحث في إبداعية الجماعات سواء كان نظرياً أو تجريبياً لا يزال في بدايته.

وكما أشار ماكجرات وكرافيتز (١٩٦٢: Kravitg/ Mcgrath) في مجلة

نشرت أخيراً تهتم بالأبحاث حول الجماعات؛ فقد بقي علينا أن نقوم بكل شيء في

هذا الميدان أو تقريباً كل شيء؛ ذلك أنه باستثناء فترة قصيرة تم خلالها نشر

«تحفيز الإبداع» (Brainatorming) وما حققه من نجاح، فإن هذا المبحث من

علم النفس الاجتماعي ظل مبحثاً مشؤوماً لأسباب تتعلق بصعوبة إجراء التجارب

والتحليل المنهجي الإبداعي، كما تتعلق بتعقّد التطور التدريجي المتتابع نفسه الذي

تجري عليه المتغيرات الإدراكية والعاطفية والاجتماعية في نفس الوقت [٢٥] .

ومع ذلك يبدو أن علم النفس الاجتماعي لا يمكنه أن يهمل هذه المسألة طويلاً،

وبإمكانه تغذيتها بأجوبة رئيسة بفضل الخطة التجريبية التي تبدو ملائمة لهذا

النوع من الأسئلة في شأن التطور الاجتماعي والاقتصادي.

يبدو لنا إذن أن دراسة إبداعية الجماعات يجب أن تتحول في السنوات القادمة

إلى أحد موضوعات البحث المهيمنة على نظامنا.


(١) الرسم رقم (١) يمثل شبكة اتصال ذات سُلطة هرمية، تصدر الأوامر، وتقوم عناصر الجماعة بتنفيذها.
(٢) الرسم رقم [٢] : يمثل شبكة اتصال متفاعلة وإيجابية؛ إذ يقوم عناصر الجماعة بالاتصال بعضهم ببعض، مما يساهم في تفعيل العلاقات بينهم وإغنائها، وإذكاء روح الإبداع لديهم.
(٣) الرسم رقم [٣] : يمثل شبكة اتصال مركزية؛ إذ يقوم المركز وحده بدور الاتصال بالأطراف.
(٤) يعني ذلك أن تكون شبكة الاتصال التي تتكون منها عناصر الجماعة متفاعلة فيما بينها ومنسجمة، ومدركة تماماً لطبيعة المهمة المنوطة بها وأبعادها.
(٥) العناصر التي تتركب منها الجماعة.
(٦) مجموع الخصائص المحددة للمهمة.
(٧) بنية هرمية تعمل على توجيه المعلومات من القيادة إلى القاعدة.
(٨) بنية متجانسة، بمعنى أن جميع الأفراد متكافئون وظيفياً داخل الجماعة.
(٩) القياسية.
(١٠) القياسية.
(١١) مجموعة القوانين التي تحدّد سلوكيات جماعة معينة، مستندة إلى نظام ترابطي بين أعضاءها، وتعنى بدراسة الدور الذي تلعبه هذه القوانين في التواصل، واتخاذ القرارات والإبداعية داخل الجماعة (١٢) عندما تكون سلبية وجامدة، وخاضعة للأمزجة والأهواء، وتعيق توظيف الطاقات المبدعة لدى الأفراد والجماعات فالإسلام لم يلغ جميع الأعراف والعادات الجاهلية، وإنما ألغى منها ما كان مخالفاً للفطرة والحق.
(١٣) يعني تعويض مفهوم السلطة والزعيم بالمنشط والمنظم، لتطوير الإبداعية وتفجير الطاقات الكامنة.
(١٤) إنتاج سلوك مشترك ومتشابه لدى مجموع من الأفراد.
(١٥) النمطية والتشابه في الأفكار.
(١٦) يقصد هنا إطلاق العنان للخيال والتفكير الخصب، وذلك بغية توليد الأفكار؛ إذ كلما زاد عدد الأفكار المقترحة من أعضاء الجماعة زاد احتمال بلوغ قدر أكبر من الأفكار الأصيلة أو المعينة على الحل المبدع للمشكلات.
(١٧) فنحن في تصورنا الإسلامي نعتقد بأن أعظم مصدر للتنوع وتحقيق الذات هو خلق اتجاهات متعددة لإنجاز الأعمال، وتنويع الطروحات الفكرية، والسير الأفقي على امتداد الزمان والمكان للنظر والاعتبار: [قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ] (آل عمران: ١٣٧) ، [قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ] (العنكبوت: ٢٠) .
(١٨) ويقتضي ذلك تجاوز ذواتهم وتقمص الخصائص المحدِّدة للمسائل المعروضة للدرس، لمعايشة المشاكل والقضايا عن قرب، وتمثل السلوك الذي يمكن أن تنتجه، وإيجاد الحلول المناسبة لها.
(١٩) لها علاقة بتفسير الأحلام.
(٢٠) علم التشكل (المورفولوجيا) علم يبحث في شكل الحيوانات والنباتات.
(٢١) أي الانتقال من الخاص إلى العام أو من الجزئي إلى الكليّ، لأنه بعد استقراء العناصر الجزئية، يمكننا استنتاج قواعد كلية أو عامة.
(٢٢) قريبة إلى التحليل الطبي.
(٢٣) ما يطلق عليه جلسة القصف الذهني.
(٢٤) ومعنى ذلك إطلاق العنان للتفكير، والترحيب بكل الأفكار مهما يكن مستواها (سطحية أو عميقة) ما دامت متعلقة بالمشكلة موضوع الاهتمام ومغزى هذه القاعدة أنه كلما كانت الفكرة فجّة أو بكراً، أي غير مصقولة ولا مشذبة كانت أفضل فالمهم وجود أفكار، وسيكون تشذيبها فيما بعد أسهل والغرض من هذه القاعدة مساعدة الفرد على أن يكون أكثر استرخاءاً وأقلّ تحفظاً، ومن ثَمَّ أعلى كفاءة في توظيف قدراته على التخيل وتوليد الأفكار (انظر: عبد الكريم بكار: مدخل إلى التنمية المتكاملة) وفي مرحلة ثانية، فإن هذا الكمّ أساسي في توليد الأفكار الأصيلة والآراء المبدعة بمعنى أن الكم يولد الكيف، أو يتبخّر الغثاء من الأفكار ويبقى جيّدها: [فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ] (الرعد: ١٧) .
(٢٥) وهذا مما يدل على عجز الفكر الغربي لضبط بنية العلاقات الإنسانية والنفسية المجتمعية في سيرورتها الآنية أو المستقبلية، مما يوحي بأن المرجعية الوحيدة القادرة على ضبط السلوك الإنساني هي «الوحي» : [أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ] (الملك: ١٤) لكن لا بأس من الاسترشاد والاستئناس بالخبرات الإنسانية، وخاصة الغربية المعاصرة والاستفادة من أدواتها ووسائلها المختبرية وتجاربها الميدانية في مجال تفكيك وتحليل الظواهر الاجتماعية، شريطة توظيفها في إطار المبادئ والقيم الإسلامية.