منتدى القراء
الحَوَل الفكري
في تقويم الرجال وعواقبه
محمد نجيب لطفي
من الإشكاليات الفكرية المعاصرة إشكالية الحَوَل الفكري في تقويم الرجال،
وما يترتب عليها من آثار سيئة وعواقب وخيمة.
والناظر في أحوال المسلمين في هذا العصر يرى عجباً في هذا الصدد؛ فعند
القوم يستوي الواعظ قليل العلم البعيد عن التأصيل الشرعي مع عالم شرعي تبحّر
في علوم الشريعة وبلغ فيها مبلغاً، وكذلك يستوي الأديب صاحب الإنتاج الأدبي
الضحل مع المفسر البارع والأصولي المحقق والمحدث الحجة.
بل ربما تنفرج زاوية الحول الفكري فيصبح الواعظ قليل العلم أعظم عند
القوم من العالم الشرعي المتبحر في علوم الشريعة، ويصبح كذلك الأديب الضحل
أسمى من المفسر البارع والأصولي المحقق والمحدث الحجة. ويستوي كذلك
المعتزلي صاحب العقيدة الكلامية الأشعرية مع السلفي المنتمي إلى عقيدة السلف
عقيدة أهل السنة والجماعة.
ويستوي المتمذهب المتعصب مع من يأخذ بالدليل ويجله وييمم شطره.
بل ربما يستوي الصوفي القبوري مع صاحب عقيدة خالية من الشرك بكل
صوره وألوانه. وهناك الكثير من هذا، وعواقب ذلك وخيمة جداً، منها على سبيل
المثال:
١- عدم وضوح صورة الأنموذج الأمثل الذي يجب أن يكون محل القدوة
والأسوة بالنسبة لسائر المسلمين.
٢- الظلم البين الواقع على العلماء الربانيين حيث يُهضمون ويُنتقص قدرهم
وتُضيّع حقوقهم وكذلك حرمان الناس من علمهم وورعهم.
٣- ظهور جيل مشوش الفكر مفتقد الثقة.
ولذا يجب أن يكون الأمر كما يلي:
١- تقويم الرجال كما ينبغي دونما حرج، ولعل في علم الجرح والتعديل
وكتب الرجال خير دليل على ذلك.
٢- إعطاء كل ذي حق حقه، وعدم تلميع الأشخاص، وعدم الانبهار كذلك
بهم كما يحدث كثيراً.
٣- إبراز منهاج السلف، وتقويم الأمور كلها وفق ما يقتضيه ويلزمه.
ونأمل أن تعتدل الموازين قريباً في هذا الأمر الخطير جداً.
[وَاللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ] [الأحزاب: ٤]