للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مصطلحات قرآنية

الضلال

يطلق لفظ الضلال في اللغة العربية على ثلاثة إطلاقات:

١- يطلق الضلال مراداً به الذهاب عن حقيقة الشيء فتقول العرب في كل

من ذهب عن علم حقيقة شيء: ضل عنه، وهذا الضلال ذهاب عن علم شيء ما

وليس من الضلال في الدين.

ومن هذا المعنى قوله: [قَالَ فَعَلْتُهَا إذاً وأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ] [الشعراء: ٢٠]

أي من الذاهبين عن علم حقيقة العلوم، والأسرار التي لا تعلم إلا عن طريق الوحى، لأني في ذلك الوقت لم يوح إلي، ومنه على التحقيق [ووَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى] أي

ذاهبًا عما علمك من العلوم التي لا تدرك إلا بالوحى.

ومن هذا المعنى قوله تعالى: [قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي

ولا يَنسَى] فقوله [لاَّ يَضِلُّ رَبِّي] أي لا يذهب عنه علم شيء كائناً ما كان،

وقوله تعالى: [فَإن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن

تَضِلَّ إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى] فقوله: [أَن تَضِلَّ إحْدَاهُمَا] : أي تذهب

عن علم حقيقة المشهود به بدليل قوله بعده [فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى] . وقوله

تعالى عن أولاد يعقوب: [إنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ] وقوله: [قَالُوا تَاللَّهِ إنَّكَ

لَفِي ضَلالِكَ القَدِيمِ] على التحقيق في ذلك كله. ومن هذا المعنى قول الشاعر:

وتظن سلمى أنني أبغي بها ... بدلاً، أراها في الضلال تهيم

٢ - الإطلاق الثاني: وهو المشهور في اللغة، وفي القرآن هو إطلاق

الضلال على الذهاب عن طريق الإيمان إلى الكفر، وعن طريق الحق إلى الباطل، وعن طريق الجنة إلى النار، ومنه قوله تعالى: [غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا

الضَّالِّينَ] .

٣ - هو إطلاق الضلال على الغيبوبة والاضمحلال، تقول العرب ضل

الشيء إذا غاب واضمحل، ومنه قولهم: ضل السمن في الطعام إذا غاب واضمحل، ولأجل هذا سمت العرب الدفن في القبر إضلالاً لأن المدفون تأكله الأرض فيغيب

فيها ويضمحل.

ومن هذا المعنى قوله تعالى [وقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ] يعنون إذا دفنوا

وأكلتهم الأرض فضلوا فيها أي غابوا فيها واضمحلوا.

قال المخبل السعدي يرثي قيس بن عاصم:

أضلت بنو قيس بن سعد عميدها ... وفارسها في الدهر قيس بن عاصم

فقوله. أضلت: أي دفنت.

أضواء البيان ٦/٣٧١