الصفحة الأخيرة
[تجارة الورق]
عبد القادر حامد
تقذف المطابع العربية كل يوم أكداساً هائلة من الكتب والدراسات التي تدور
حول الإسلام ولكن هل يجري تقويم ونقد صحيح بعيد عن المجاملة لأكثر ما تقذف
به هذه المطابع؟ الجواب: لا.
إننا نرى - مع الأسف - أن كثيراً من المؤلفين المتطفلين على مهنة العلم
والتعلم يحاولون أن يثبتوا قدمهم على هذه الطريق بكثرة ما يطبعون وينشرون
لأنفسهم من العناوين، وينسون أو يتناسون مدى حاجة المجتمع لما يسودون من
صفحات، ويكون الهدف الأخير هو الربح المادي، وهذه - والله - أهم آفات العلم
التي تفقده الأثر والتأثير.
وكثرة هذه المؤلفات التي لا تنبع من حاجة اجتماعية صحيحة يحدث بلبلة
فكرية وفوضى ثقافية إذا أضفنا إليها سهولة استغلال القارئ عن طريق فتنة أخرى
هي الأشرطة المسجلة، فإننا لا نستطيع أن نتنبأ بحدود هذه الفوضى التي لا يعلمها
إلا الله.
وسبب هذه الفوضى المستشرية هو غياب الحدود المقاييس التي تقاس بها
البحوث، وضعف النقد الذي تلجمه اعتبارات كثيرة، وتعيقه معوقات المجاملة
والخوف وعدم الثقة بالنفس.
لابد من أن يكون للمسلمين مدرسة نقدية لا تخاف ولا تحابي، تصدع بالحق،
وتستلهم منه العدة الكافية لمواجهة ما تحفل به ساحة العلم الشرعي في العصر
الحديث من غياب المنهج.