الورقة الأخيرة
شاعر الخليفة.. والصحافة العربية!
بقلم: أحمد بن عبد الرحمن الصويان
تهتم وسائل الإعلام العالمية بالتجديد والتنويع لجذب القراء وتشويقهم، أما الأبواق العربية فقد أخذت بطرف من هذه الفكرة سبيلاً للتغير والتلون، فما يكون صحيحاً وفتحاً كبيراً في هذا اليوم، يكون باطلاً وعملاً لا قيمة له في الغد، فلا توجد ثوابت منطقية أو إعلامية، فكل شيء متحول ومتجدد إلا (الرغبات السياسية) ..!
الكاتب يُعدّ قوميّاً في هذه السنة، وطنيّاً في السنة الأخرى، ثوريّاً في الثالثة.. وصل بعض هؤلاء الكتاب إلى قمة الإبداع في التزوير وقلب الحقائق، فالكاتب
المتمكن هو الأقدر على الكذب والتلفيق، وتسمية الأمور بغير مسمياتها..! !
حرب ١٩٦٧م ليست هزيمة، بل هي نكسة.. بل انتصار عظيم؛ لأن
الزعيم العربي الملهم! لا زال على عرشه، عاضّاً عليه بالنواجذ..!
(بيريز) الأمس مجرم سفاك إرهابي.. أما (بيريز) اليوم فهو حمل وديع
وطفل بريء محب للحرية والسلام..! .
(إسرائيل) الدولة الصهيونية المحتلة المغتصبة ... أصبحت بين عشية
وضحاها دولة عضو في هيئة الأمم المتحدة، لها كما لغيرها! الحق في أن تعيش
بسلام مع جاراتها الصديقات..!
الثابت الوحيد الذي لا يتغير بتغير الأقنعة والشعارات، ولا يتبدل ... بتبدل المصالح والتقلبات النفعية، هو الهجوم على الإسلاميين.. المتطرفين.. الإرهابيين.. (! !)
ولعلّ بعض الكتبة في صحافتنا العربية من أحفاد ذلك الشاعر الفاطمي الذي
رأى الزلزال يهز مصر، فتتساقط الضحايا، وتهدم الممتلكات، ويعم الخوف
والهلع ... فتجود قريحته الإعلامية بأبيات خاطب فيها الخليفة.. قال فيها:
ما زلزلت مصر من خطب ألمّ بها لكنها رقصت من عدلكم طربا....
فلعل زلزال ١٩٩٢م في مصر كان ناتجاً من كثرة المتفجرات والقنابل اليدوية
التي يحتفظ بها الأصوليون في إمبابة وأسيوط..! !
وصدق الصادق المصدوق: (إنّ مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا
لم تستحِ فاصنع ما شئت) [١] .
(١) أخرجه البخاري، ك/ الأدب، ب /٧٨، وكذا: أبو داود، وابن ماجة، وأحمد بن حنبل.