المنتدى
[المبادئ الأساسية للدعوة الإسلامية]
عبد السلام سعيد كريم
بالبحث والتأمل يتجلى لنا أن الدعوة الإسلامية دعوة فطرية، ومبادئها
النظرية والعلمية تناسب كل طاقة، وليس فيها إتعاب للفكر ولا قهر للذهن ولا
إرهاق للتصور. سئل أحد الحكماء: لماذا أسلمت؟ فقال: نظرت في الإسلام فلم
أجد فيه أمراً يقول فيه: افعل، ويقول فيه العقل: لا تفعل، وكذلك لم أجد فيه أمراً
يقول فيه: لا تفعل، ويقول فيه العقل: افعل، ولكن وجدت كل ما جاء به من
أوامر ونواه يوافق العقل والشرع، أما مبادئه المحورية الأساسية فهي:
١ - الدعوة إلى عقيدة التوحيد: وهو أن يفرد الله بالربوبية والألوهية
والأسماء والصفات الواردة في القرآن والسنة النبوية من غير تمثيل أو تكييف أو
تعطيل، أو تحريف، تلك العقيدة السهلة التي لا تركيب فيها ولا تعقيد، ولا
غموض ولا إبهام، قال الله - تعالى -: [لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا]
(الأنبياء: ٢٢) .، وجميع الرسل - عليهم السلام - دعوا قومهم إلى التوحيد
الخالص كما جاء في القرآن: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ
لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ] (الأنبياء: ٢٥) .
٢ - الدعوة إلى عقيدة البعث والإيمان باليوم الآخر؛ وهي ترتبط بعقيدة
التوحيد بأوثق الروابط؛ فالإيمان بإله واحد يستجمع جميع صفات الكمال ويستلزم
الإيمان بحكمته البالغة، ومن الحكمة ألا يسوى بين مؤمن وكافر، وبرّ وفاجر،
ومحسن ومسيء؛ فلا بد من يوم تجزى فيه كل نفس بما كسبت، قال الله - تعالى-:
[أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ] (المؤمنون: ١١٥) .
٣ - الدعوة إلى الإيمان برسل الله: وبينها وبين العقيدتين السابقتين أقوى
الأواصر وأمتن الروابط، والإيمان بالرسل يقتضي الإيمان بما جاؤوا به من العقائد
والأحكام والكتب، وما جاؤوا إلا بما يصل العبد بربه ويحدد طبيعة علاقة الفرد
بالخلق، ويجلب له الهناءة في دنياه وآخرته: [وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن
قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى]
(طه: ١٣٤) .
فيجدر بالدعاة أن يشرحوا الأصول الثلاثة المتقدمة على غرار منهج السلف
الصالح في القرون المفضلة؛ أما بعد تلك العصور المشهود لها فقد نشأت أنواع من
البدع الخلافية والجدل الكلامي والأفكار المتنوعة، ولن يصلح حال آخر الأمة إلا
بما صلح به حال أولها.