استطاعت المقاومة أن تدحر المغتصب عن بلادنا في غزة، لكن احتفالنا وفرحتنا لا يعني السكوت عند هذا الحد؛ فلا بد من مواصلة العمل حتى يندحر العدو عن الضفة والقدس وحيفا ويافا وأراضي ٤٨، ولن تقر عيوننا في حركة حماس ولن يهدأ بالنا حتى يخرج كل يهودي ويعود كل مستعمر وكل غريب إلى البلاد التي جاء منها. وإذا كان بعضٌ يستبعد هذا في الواقع السياسي المنهزم فإننا لا نستبعده وأمامنا قوله ـ تعالى ـ:{مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ}[الحشر: ٢] ؛ فحصونهم التي شيدوها يدمرونها بأيديهم الآن، وغداً ستدمر جميع المدن اليهودية ويعود الشعب الفلسطيني إلى دياره وأهل فلسطين إلى بلادهم.
وأضاف د. نزار في تصريحه للبيان أنه اتُّفِقَ على تكوين لجنة فلسطينية من مختلف الفصائل لوضع آليات تضمن عدم التفريط في الأرض المحررة؛ فأصحاب الأملاك الخاصة لا بد لهم من إقامة الدعاوى حتى يتم رد هذه الأملاك الخاصة لهم التي كانت قد اغتُصبت بشكل خاص من المستوطنات فيما مضى، والملك العام يبقى لخدمة المصلحة الوطنية؛ فإننا نحتاج إلى موانئ ومدن جديدة تستوعب أهالي المخيمات الذين يعيشون في أزقة ضيقة جداً؛ إذ لا بد من توسعة هذه المخيمات وإسكان الناس وإخراجهم من ضائقتهم كي يعيشوا؛ فهناك اسر شابة لا تجد لها مكاناً تحت الشمس في قطاع غزة.
وحول العلاقة مع السلطة بعد الانسحاب، قال: أؤكد أننا ننظر إلى إخواننا في السلطة وفتح على أنهم مسلمون لا نكفِّر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يرَ حِله؛ فنحن لا نكفّرهم، ولا نستحل دماءهم، ولا نحل التهجم عليهم بسلاح أو أي وسيلة أخرى؛ لكننا في الوقت نفسه لا نجيز لأحد أن يتهجم علينا بالسلاح؛ وعليه إذا اعتدى علينا رددناه ما أمكن؛ فنحن مجاهدون ودمرت بيوتنا، واستُشهد أولادنا وأصيبوا واسروا، ونحن الآن لا نريد أن يتغوَّل علينا أهلنا في السلطة بما يملكون من سلاح هو في حقيقته سلاح مدعوم من القوات الإسرائيلية، ولذلك نقوم بواجباتنا؛ أما المسؤولون عن هذا فهم معروفون لدينا.
أما بالنسبة للمفاوضة على سلاح حماس مع السلطة، فإن السلطة لم تفاوضنا على سلاحنا قط، ولم تتكلم فيه كلمة واحدة، وكان هناك حديث للسلطة سابقاً عن دور المرابطين وما ضرورتهم. كنا نقول: ما بقي الاحتلال بقي الرباط؛ فغزة محتلة، والضفة محتلة، وأراضي ٤٨ محتلة، وسيبقى رباطنا مهما كلفنا ذلك. أما سلاحنا فلم يحدثنا فيه أحد، ولن نأذن لأحد أن يكلمنا فيه، وإذا تكلم أحد فسننهي الجلسة ونقوم؛ فالحدود المكشوفة علمتنا أن إسرائيل لا تحترم حدوداً، ولا تحترم شيئاًَ، وأنها في لحظة واحدة يمكن أن تعود إلينا وتدخل غزة؛ فما الذي يردها؟ الذي يردها المجاهدون والمرابطون؛ أما قوات الأمن الفلسطينية فقد رأيناها مرات ومرات متعددة قبل ذلك تفر، بل يبلِّغها اليهود أنهم سيدخلون منطقةٍ ما فيفرون منها، فلا يقف للدفاع عنها إلا الشباب المجاهدون.
وفيما يخص التكتلات الاستيطانية في الضفة فإن استطاعت إسرائيل أن تبقي مغتصباتها وقواتها في الضفة الغربية فلتفعل؛ فهم لم يخرجوا من غزة من لا شيء، بل خرجوا بالمقاومة، والمقاومة مستمرة في غزة والضفة، وقد تتغير آلياتها في غزة لكنها في الضفة ستحافظ على أي آلية تملكها، ونسال الله أن يلهمنا رشدنا في الضفة ويعيننا على تصنيع الأسلحة كالصواريخ ـ مثلاً ـ التي طردت اليهود من غزة والعمليات الاستشهادية وغيرها. سيخرج عدونا من الضفة الغربية كما يخرج من غزة الآن، لكن النَّفَس الطويل والنَّفَس القصير هو القضية.
ويختم د. نزار تصريحه بنظر حركة حماس إلى مستقبل غزة بعد الانسحاب، فيقول: مستقبل القطاع مرتهن باتصاله بالعالم، فإن اتصل القطاع بالعالم فمستقبله خير، وإن بقي سجناً كبيراً يحبس أكثر من مليون ونصف داخل الأسلاك الشائكة فلن يكون هنالك خير. نحن لا نزعم أننا حررنا قطاع غزة؛ فما لم يُحَرَّر جوُّنا وبحرُنا ومعابرنا فلن يكون هناك حرية، إن حُررت فالحمد لله، وإلاَّ فهي مزارع شبعا الجديدة التي تعني استمرار المقاومة بكل وسائلها في قطاع غزة.. فستستمر المقاومة، وسنقاتلهم ما بقي أي نوع من أنواع السيادة الاحتلالية اليهودية على قطاع غزة.