المسلمون والعالم
في الشيشان هل يعيد التاريخ نفسه؟
عرض ومتابعة للعلاقات الروسية الشيشانية
أحمد العويمر
تمهيد:
تقع بلاد الشيشان في السفوح الشمالية لجبال القوقاز، وتتدفق إليها المياه من
الجبال مشكلة أنهاراً كبيرة ترفد نهر ترك الذي يعد أهم أنهارها؛ ولذا اشتهرت
بخصوبة أراضيها وكثرة غاباتها الكثيفة، وقد سكن الشيشان هذه الأرض على
ضفاف الأنهار وكان للغابات أثرها في حمايتهم من الأعداء، يقول (جون ماديلي) :
مادامت الغابات موجودة لم يكن من سبيل لقهرهم، ولم يؤثر الروس في مقاومتهم
إلا بعد قطع أشجار الغابات حتى قال: إنه يمكن القول بلا مبالغة إن الذي هزم
الشيشان لم يكن السيف بل البلطة.
وتشتهر الشيشان بثرواتها البترولية والمعدنية بالقرب من عاصمتها
(جروزني) ومساحتها تبلغ (٠٠٠ر١٩كم٢) وسكانها (٥٠٠ر١) مليون نسمة ويشكل
المسلمون فيها نسبة ٧٤% وبسبب الاستعمار الروسي أصبح المسلمون في العاصمة
أقلية؟ .
مقاومة الاستعمار الروسي:
بدأ احتكاك الروس بشعب الشيشان المسلم عام ١٧٢٢م، عندما قام (بطرس
الأكبر) بغزو القفقاس بجيش جرار يقوده بنفسه، فتعرض لهجوم شيشاني أنزل
بجيشه ضربة قوية، نزلت عليه نزول الصاعقة، مما جعله يغير خططه العسكرية
للغزو، فكانت خطته الجديدة أن يترك هؤلاء ولا يحل بهم إلى أن يتم إحكام
الحصار عليهم من كافة الجهات، ووجه جيوشه لنواحي القفقاس الأخرى وبخاصة
الأراضي المنبسطة، وفي سفوح الجبال العارية من الغابات ولم يكن الأمر هيناً أو
نزهة كما توهم ولم يدر بخلده أنه سيذهب إلى الجحيم، وأن أحد عشر قيصراً بعده
سيواجهون حرباً ضروساً من عام ١٧٢٢ إلى عام ١٩١٧م حيث اضطر خَلَفُهُ
الحادي عشر (نقولا الثاني) إلى التنازل عن العرش في ٥/٣/١٩١٧م منهياً حكم
الروس البيض وجرائمهم ومظالمهم.
تقول المؤرخة الأمريكية (لزلي بلانتي) في كتابها سيوف الجنة إن خسائر
القوات القيصرية في حرب القوقاز الأولى بلغت نصف مليون جندي وضابط سقط
معظمهم في قتال الشيشان والداغستان الذين اتحدوا معاً لمقاومة الروس المستعمرين
لمدة ٤٠ سنة، وفي معركة دارغو وحدها لم ينج من ٣٠ ألف جندي روسي سوى
خمسة آلاف بعد وصول نجدة كبيرة لهم وفي مقاومة الشيشان على يد الشيخ منصور
والشيخ شامل والإمام غازي محمد صفحات جليلة من ملاحم الجهاد يعتز بها كل
مسلم وهي جديرة بالاطلاع لما فيها من صور للبطولة والشجاعة [*] .
وبتنازل نقولا الثاني انتهى الاستعمار الروسي الأبيض، ليبدأ استعمار أشد
هو الاستعمار الشيوعي للروس الحمر، حيث استولت القوات الشيوعية على
القفقاس عام ١٣١٤هـ، (١٩٢٢م) ، وقد أعطى لينين الشيشان حكماً ذاتياً، ثم
دمجت مع (الأنجوش) عام ١٣٥٣ (١٩٣٤) لتكونا جمهورية واحدة. ...
نفي الشيشان عن موطنهم:
وضمن قرارات ستالين العشوائية الحاقدة على المسلمين أصدر أمره بنفي
الشيشان وإخوانهم المسلمين حولهم إلى سيبريا، وألغى جمهوريتهم وأعطى أراضيها
لجورجيا، وقد مات عشرات الألوف منهم أثناء رحلة الموت تلك ولكن المسلمين
الشيشانيين لم تزدهم تلك المحنة التي بقوا فيها ١٥ عاماً سوى تمسكاً بدينهم وهويتهم
حتى ألغى مجلس السوفيت الأعلى ذلك القرار الجائر وبرأ الشعوب المسلمة من
تهمة التعاون مع النازي، وسمح للشيشان والأنجوش بالعودة إلى وطنهم عام
١٣٧٧هـ (١٩٥٧م) لكنهم لم يجدوا بلادهم إلا قاعاً صفصفاً، حيث هدمت ... ... المنازل والمدارس والمساجد في محاولة لإلغاء الدين الإسلامي من نفوسهم، وقد فشلت المحاولة، ولم تزدهم المحنة إلا قوة وإيماناً.
بقيت الشيشان جمهورية بحكم ذاتي تحت إشراف روسيا حتى نهاية الحرب
الباردة والانقلاب الذي أطاح بالرئيس السوفيتي الأخير (جورباتشوف) عام ١٩٩١م
وفي تلك الظروف قام الشعب الشيشاني المسلم بمسيرة كبرى في شوارع (جروزني)
مرددين لا إله إلا الله محمد رسول الله , ثم تجمعوا في عدد هائل وزكوا أحد ...
الجنرالات المسلمين المتقاعدين وهو (جوهر داوديف) ثم اختاروه رئيساً لبلادهم
التي أعلنوا استقلالها، وقرأ القسم الذي حدده العلماء أقسم بالله العظيم أن أحارب من
أجل استقلال شعب الشيشان حتى آخر قطرة من دمي وتألفت حكومة شيشانية،
وتقاطر الناس في الشوارع بسلاحهم وأقسموا بأن ينتهزوا الفرصة لعودة الإسلام إلى
بلادهم وتداعوا على قلب رجل واحد بأن يلتسن لو تحرك ضدهم أو لم يعترف
باستقلالهم فإنهم:
١- سيقطعون الطريق بين موسكو وباكو.
٢- ويقومون بعمليات انتحارية ضد المؤسسات الاستراتيجية في داخل روسيا
وأعلنت الجمهوريات المسلمة تأييدها لاستقلال الشيشان، وعارض البرلمان
الروسي إرسال قوات إلى الشيشان، وعاد ٨٠٠ جندي روسي بل سلموا الطائرات
التسع التي جاءت لنقلهم هدية للجنرال (داوديف) .
وأكد علماء الشيشان على عدم تعريض الروس لأي اعتداء بل تركوا الباب
مفتوحاً لخمسة عشر ألف روسي في الداخل لمغادرة البلاد إن أرادوا.
ويتكون الجيش الشيشاني من المسلمين الذي كانوا ضمن الجيش السوفيتي
السابق وممن دربهم داوديف سراً ودخل بهم العاصمة (جروزني) في ٩/٩/١٩٩١،
وبقيت موسكو حائرة حيال ما حدث بل إن بعض المصادر أشارت إلى أن يلتسين
كان يشجع (داوديف) على الاستقلال لإحراج الرئيس السابق (جورباتشوف)
وتعجيل الإطاحة به، وبعد إعلان الاستقلال وتنصيب داوديف رئيساً، وبعد
زياراته لعدد من الدول المجاورة أثار ذلك حفيظة موسكو لاستقباله كرئيس دولة.
المؤامرات الروسية بعد الاستقلال:
قامت روسيا بإرسال قوات حكومية لإقصائه، ودعمت معارضيه الذين
يتزعمهم الشيوعي السابق (عمر افترخانوف) مدير الإدارة المحلية السابق ورئيس
البوليس السري السابق في (نادقيرشني) الشاشانية، ومده بالسلاح لمحاولة إسقاط
الرئيس واحتلال الإذاعة والتلفزيون لكنهم فشلوا.
في الآونة الأخيرة أعادت المعارضة هجومها لإسقاط الرئيس داوديف بزعامة
(افترخانوف) عسكرياً وبزعامة حسب الله توف سياسياً بدعم عسكري روسي مع
غطاء جوي قصف المطارات ودور الحكومة وقصر الرئاسة ونفت روسيا في البداية
أي دور لها في دعم المتمردين الشيوعيين، لكنها اعترفت بذلك فيما بعد.
لماذا يحاول الروس إسقاط داوديف: يرجع هذا إلى دافعين رئيسين هما:
أولاً: الدافع السياسي: ويتمثل في خوف روسيا أن يدفع انفصال الشيشان بقية الشعوب المسلمة إلى طلب الاستقلال، وبالتالي انفراط عقد الاتحاد الروسي كما انفرط الاتحاد السوفياتي البائد، وحتى لا يُشَكل فيما بعد اتحادٌ يضم شعوب شمال القوقاز بقيادة (داوديف) ، مع أنها شعوب تعاني من الفقر وسوء الأحوال الاقتصادية، وهذا الهاجس المفزع لمستقبل روسيا الاتحادية يرعب أيضاً المجتمع
الدولي الذي يخشى قيام كيان سياسي إسلامي في هذه المنطقة الاستراتيجية: لكونها ملتقى قارات آسيا وأوروبا وأمريكا ولكونها ملتقى الملاحة الدولية في هذه المناطق.
ثانياً: الدافع الاقتصادي: حيث تعتبر جمهورية الشيشان ثاني مصدر
احتياطي لنفط روسيا بعد أذربيجان المستقلة التي وقع رئيسها (علييف) اتفاقيات
نفطية مع مجموعة من الشركات الأجنبية، فضلاً عن كون منطقة القوقاز غنية
بالزراعة ذات المحاصيل المتنوعة التي تذهب جلها إلى موسكو مما يشكل فقدانها
خسارة اقتصادية كبيرة لهم.
الاستراتيجية الروسية لإسقاط داوديف:
تتمثل في الآتي:
أولاً: سد الطرق التي يأتي منها الدعم للشيشان:
- بدأت هذه الاستراتيجية بإسقاط الرئيس السابق لجورجيا (زفياد جمسا
خورديا) ليحل مكانه شيفارنادزة بسبب تأييده استقلال الشيشان ومدهم بالسلاح
والمتطوعين، وكانت جورجيا في عهده مفتوحة لاتصاله بالدول الأخرى، وكان
بقاؤه يشكل عمقاً سياسياً واقتصادياً لداوديف ولذا أُسقط نظامه.
إشغال أذربيجان بحربها مع أرمينيا حتى لا تتمكن من مساعدة الشعوب
القوقازية عسكرياً واقتصادياً بحكم كون الجميع مسلمين ولقد شارك الآذاريون
الشيشان الاحتفال بالاستقلال بوفود رسمية وشعبية.
ثانياً: الحصار الاقتصادي وتشجيع المعارضة الشيشانية:
وهما ورقتان لا يمكن فصلهما لسبب بسيط وهو كون الحصار الاقتصادي من
أهم وسائل المعارضة في كسب المؤيدين لهم ضد الدولة، وكذلك تجييش رجال
عصابات المخدرات وعلى رأسهم (روسلان لابزانوف) لارتكاب سلسلة من
الحوادث مثل خطف القطارات والطائرات واحتجاز الرهائن في مناطق مختلفة من
القوقاز وروسيا الاتحادية مع انتحال صفة وهوية رجال داوديف ولقد سلط الإعلام
الروسي وبعض وسائل الإعلام العربي المشبوهة الأضواء عليهم بتلك الصفة
للإساءة إلى نظام داوديف وإظهاره على أنه نظام إرهابي.
ولكون زعيم المعارضة (افترخانوف) غير معروف دولياً فقد تم العفو عن
(حسب الله توف) المعروف دولياً، الذي ظهر فجأة رمزاً للمعارضة وسلطت
الأضواء عليه بشكل ملفت للنظر.
منطلق هذه الاستراتيجية الروسية:
١- تمزيق الشعب الشيشاني واختلاف ولاءاته مما يسهل التدخل الروسي
لإسقاط داوديف.
٢- تحييد شعوب شمال القوقاز على اعتبار أن ما يجري هناك مسألة داخلية
وليس نزاعاً روسياً شيشانياً.
٣- استخدام المعارضة قناعاً للقوات الروسية العسكرية التي ستهاجم الدولة
في المرحلة اللاحقة بعد فشلها المتكرر مع دعمهم بالسلاح الروسي الذي اعترفت به
روسيا بعد إنكار سابق وبعد تحقق أهدافها بتعطيل المطارات لمنع أي مساعدات
خارجية سواء أكانت من دول البلطيق التي توالي إلى حدٍ ما داوديف للمواقف
المشرفة له حينما كان حاكماً عسكرياً لها حيث رفض أوامر القمع ضد هذه الشعوب
أو أي مساعدة من الدول الإسلامية الأخرى في الجنوب.
رفض تهديدات يلتسين:
وجه يلتسين تهديدات للأطراف المتنازعة في الشيشان بأنه سيعلن حالة
الطوارئ، ويرسل قوات عسكرية إذا لم تحل الفصائل العسكرية نفسها وتكف عن
القتال وتطلق سراح الأسرى خلال ٤٨ ساعة لوضع نهاية لإراقة الدماء وإعلان ما
سماه (الشرعية الدستورية) والقانون والسلام في الإقليم الذي وصفه بأنه جزء من
روسيا وكان (داوديف) قد قال أنه أسر ٦٠ مقاتلاً من المعارضة وإذا لم تعترف
الحكومة الروسية بأنهم روس فسوف يتعرضون للقتل باعتبارهم مرتزقة أو
الاعتراف بكونهم روساً، وسيعاملون كأسرى حرب مع رفض تهديد يلتسين، وجدد
داوديف اتهامه لروسيا بأنها مسؤولة عن تفشي الجريمة في الجمهورية وأنها هي
التي تدعم عصابات القتلة وتجار المخدرات وتزودهم بالأسلحة وأن هذه السياسة
سوف ترتد على أصحابها، وأن محاولة إيجاد معارضة داخلية فشلت وتم سحقها،
فضلاً عن فشل مخطط اغتيال داوديف في يوم ٢٣/٢/١٩٩٤ وتجهيز ٢٠ طائرة
مدربة عسكرياً بأربعين مقاتل من قوات أمن الدولة الروسية الخاصة التي خطط بأن
تقوم بعلميات الكوماندوز وتتلوها فوراً عملية اقتحام الجيش الروسي للدولة ولكنها
فشلت.
هل يسقط الروس داوديف؟
لاشك أن روسيا عسكرياً أقوى من دولة الشيشان عدة وعتاداً، وهي مرشحة
لهزيمته عسكرياً على ضوء ميزان القوة، ولكن ذلك لن يكون سهلاً بل سيكون
وراءه مآسٍ ومشكلات لا حد لها للروس لو جرؤوا على القيام بذلك وسيتحدد التدخل
الروسي على ضوء الاعتبارات التالية:
١- مدى موقف كونفدرالية شعوب شمال القوقاز وهل ستقف موقف المتفرج
أم ستتدخل لصالح الشيشان، وهو ما صرح به رئيس الرابطة في جمهورية
(القبرطاي) المجاورة للشيشان، مما يعني أن في انتظار الروس أفغانستان ثانية بل
أشد.
٢- هل سيهب الشعب الشيشاني من الجبال لنصرة رئيسه الرمز كما فعل في
الهجوم السابق الذي شنته المعارضة على العاصمة مؤخراً وتم دحره بتدخل رجال
القبائل وحينها سينتج عن الحرب البرية خسائر جمة للروس وإن كانوا متفوقين عدة
وعتاداً.
٣- موقف بقية الدول الأخرى بعد الهجوم الروسي على الشيشان وهل
تستجيب لنداء داوديف حينما يطلب نصرة (ما يسمى بالشرعية الدولية) أم تذهب
نداءاته عبر الريح، كما ذهبت نداءات (على عزت) في البوسنة، ثم ما هو موقف
هيئة الأمم من تلك الأحداث وهل ستطبق عليها معاييرالتدخل الدولي كما في
الصومال وراوندا أم لا يحصل شيء من ذلك وهذا هو المتوقع، لخوفها وعلى
رأسها سكرتيرها العام من قيام كيان إسلامي في تلك المنطقة المهمة.
٤- هل ستنفذ باكستان وأفغانستان وعدهما بإرسال المجاهدين للدفاع عن
الشيشان عبر البلاد الإسلامية أم لا.
٥- النتائج المتوقعة للمواجهة بين روسيا وداوديف ومدى قدرته على ضرب
العمق الروسي. كما أن لذوي اليسار من الشيشان في موسكو مكانتهم الاقتصادية
فهل سيكون لهم ضغوط على الحكومة الروسية، وتفاعل تلك العوامل آنفة الذكر
سيحدد إلى درجة كبيرة لمن ستكون الغلبة هل ليلتسن أم لداوديف وبخاصة وأن
القوة العسكرية وحدها وكما اتسمت حرب القوقاز الأولى ليست كافية لإرغام هذا
الشعب على عبودية الروس.
هل يتورط الروس بتصرف أحمق؟
حينما جاء وزير الدفاع الروسي للحوار مع داوديف صرح قائلاً بغطرسة إن
كتيبة مظليين واحدة كافية لاحتلال العاصمة خلال ساعتين، والحقيقة أن ذلك ادعاء
وعنجهية وإلا لماذا أحجموا عن اجتياح الشيشان منذ أعلن استقلالها منذ ٣ سنوات
وبخاصة وأن الكتيبة الروسية التي دخلت الشيشان لأول مرة بعد الاستقلال كادت
تباد لولا تدخل الرئيس الذي أمر خمسين ألف مقاتل شيشاني بعدم الفتك بهم وإبادتهم
في أقل من ساعتين، واكتفى الرئيس بتحميل الطائرة بالكتيبة وإعادتها بعد نزع
سلاحها ليصبح غنيمة شرعية للشعب الشيشاني، فهل يتورط الروس في عملية
أخرى مستغلين تفوقهم في العدد والعتاد، وهذا ماحصل بالفعل كما سنشير إليه فيما
بعد.
حقيقة إسلام الشيشان:
الشيشان شعب مسلم يعتز بالإسلام، وممن ساهم في ساهم في نشر الإسلام
بينهم بعض دعاة من الصوفية ولا يخفى ما عليه أولئك الدعاة من الانحرافات
العقدية، ولا شك أن الواجب يدعو إلى بذل جهود متواصلة لتوعية الكثير من
إخواننا هناك بعقيدة الإسلام الصحيحة، وتعريفهم بالإسلام الحق بعيداً عن الغلو في
الصالحين والفهم الصوفي للدين وهذا يحتم على كل المخلصين اتخاذ الوسائل التالية:
١- بعث الدعاة الذين يوثق بصحة عقائدهم لبث العقيدة السلفية هناك.
٢- اختيار عدد من أبناء هذه البلاد للدراسة في الجامعات الإسلامية الموثوقة
حتى لا تقوم بهذه المهمة الطوائف المنحرفة كما هوحاصل اليوم.
٣- ترجمة الكتب الإسلامية في التفسير والحديث والعقيدة والأحكام بلغاتهم
وإشاعتها فيما بينهم.
٤- فتح مراكز إغاثة وتوعية للمسلمين هناك تهتم بالتعليم والتربية والتثقيف
والإغاثة.
ما مدى إسلامية داوديف:
حينما سأل الرئيس داوديف عن نصيبه من الإسلام والإيمان رد قائلاً: إن
على كل مسلم أن يحفظ إيمانه في صدره وألا يكون هذا الإيمان دعاية وأنا شخصياً
لم أقم بأي خطوة مخالفة لأوامر الله تعالى.
وإنه كان لي دعائي الخاص أثناء الطيران وفي أي مهمة حرجة وأضاف قائلاً: إنه حافظ ضمنياً وروحياً على كل تعاليم الإسلام، وقد قدم التسهيلات للمجندين
المسلمين داخل الجيش خلال خدمته وإنه كان يشجع المسلمين على أداء الصلاة
خمس مرات، وكان لا يسمح بأن يزعج المصلين أحد، وكان المسلمون يلجؤون
إليه لإخفاء ما لديهم، ولم يكن ذلك بالشيء القليل إبان وجود الاتحاد السوفياتي.
أما عن رؤيته باعتباره رئيساً مسلماً حول قيام دولة مسلمة أجاب: إن الله
حينما حدد لنا القوانين لكي نعيش بها فإن عدم الاعتراف بها أمر مرفوض وقيام
دولة مسلمة يحكمها القرآن أمل أرجو أن يتحقق ولكن المصارحة هنا واجبة فالشعب
اليوم غير جاهز لمثل هذه الدولة بسبب ما عاناه من تأثير ضد دينه ونفسيته طوال
استعماره ولابد من إعداد جيل مثقف إسلامياً وسيكون قادراً على إجبار أي حكومة
على إقامة هذه الدولة، إن الجيل الكبير وأنا واحد منه يعتبر جيلاً فاسداً، ونحن
مهتمون بإصلاح أنفسنا وتربية الجيل الناشيء، ويجب عدم إغفال أن الشعب
الشيشاني قناعاته تامة بأن طريقه هو الإسلام، ولقد أفسحنا المجال لتدريس الصغار، وأسست المدارس لتؤدي رسالتها بجوار المسجد. والشعب مستعد من الناحية
الروحية لتقبل الشريعة الإسلامية، ولكن علينا أن نوفق دائماً بين الوعي والعاطفة! !
ونتمنى جميعاً ألا يكون ذلك مجرد مناورات سياسية فقط كما هو الحاصل من
كثير من زعماء هذا الزمان والله المستعان.
أخر الأحداث:
وبمرسوم رئاسي تم اجتياح الجيش الروسي دولة الشيشان فجر يوم الأحد
الموافق ٨/٧/١٤١٥ ودخلوها من ثلاثة محاور، وقاومهم الشيشان ببسالة وأسروا
٤٧ جندياً واستولوا على العديد من الدبابات وحاملات الجنود وحرقوا بعضها،
وأسقطوا بعض الطائرات وقد اعترف الروس بذلك.
ولقد رفض البرلمان الروسي هذا التدخل ودعا النائب (يوشينكوف) الذي قاد
المفاوضات مؤخراً في (جروزني) إلى تظاهرات شعبية وسط موسكو وحذر رئيس
الوزراء الروسي السابق (جيدار) من حدوث أفغانستان أخرى في الشيشان داعياً
يلتسن إلى التراجع عن استعمال القوة، وكانت ردود الفعل الغربية على هذا التدخل
باردة وعلى استحياء بدعوى أن الأمر شأن داخلي أما العدوان وانتهاك حقوق
الإنسان فلا قيمة لها مادام الأمر يخص المسلمين فقد قال وزير خارجية أمريكا: إنه
يؤيد التدخل الروسي وهو شأن داخلي أما وزير الخارجية البريطاني فقد قال زيادة
عن ذلك: إن وجود الشيشان مستقلةً فيه تهديد للأمن الأوربي، مع الأمل بتسوية
سلمية سريعة! ولا أستبعد أن الروس قد أخذوا إشارة خضراء من الاجتماعات
الأوربية الأخيرة بخصوص هذا الاجتياح.
وما يؤسف له أن ردود الفعل الإسلامية الرسمية كالعادة ربما لا تتجاوز سوى
الشجب والاستنكار، وأضعف الإيمان هو الضغط على روسيا بعدم التدخل في
الشيشان والاعتراف بها دولة مستقلة أسوة بغيرها من دول الاتحاد السوفيتي السابق.
وما زالت الأحداث ساخنة تنذر بعواقب وخيمة ولعل مسلمي الشيشان يلقنون
الروس دروساً يعيدون بها التاريخ حينما أدبوا الجيش القيصري وأذاقوه سوء العقاب
مما ألمحنا إلى شيء منه، ولعله يكون بإذن الله بادرة هزائم وخسائر وسقوط ذريع
لروسيا وتفتتها وانهيار شامل لاقتصادها المتداعي مما تقر به العيون إن شاء الله.
ولعله يتسنى فيما بعد رصد المستجدات للأحداث مما تكون معه العواقب نصراً
مؤزراً للمسلمين وهزائم موجعة للعدو، وما ذلك على الله بعزيز.
المراجع:
١- المسلمون في الاتحاد السوفياتي د/ محمد على البار.
٢- سلسلة مقالات شمس الدين طاش عن جهاد الشيشان في مجلة المجتمع
بدءاً من العدد ٩٣٣.
٣- المسلمون في آسيا والبلقان د/ محمد حرب.
٤- مقالا د / أحمد الشيشاني الوثائقيان في (الجزيرة) العدد ٨١٠٦ وفي
الرياض العدد ٩٦٦٢ وهما من أحسن ما كتب حول تحليل أحداث الشيشان مؤخراً.
٥- المقابلة مع الرئيس جوهر داوديف في مجلة المجتمع العدد ١١٢٨.
(*) سجل الأدب الإسلامي المعاصر جهاد المسلمين في تلك المناطق في (ليالي تركستان) لنجيب الكيلاني و (صقور القوقاز) ترجمة د/ محمد حرب.