الورقة الأخيرة
حلم.. فهل أنت فارسه؟
بقلم: إبراهيم بن سليمان الحيدري
إن زئير المنابر وأنين الأقلام لم يعد يجدي وحده لتحذير الناس من خطر
الغزو الفضائي الذي تسللت جنوده إلى أغلب المنازل والبيوت. ورضينا أم أبينا
فإن تلك الأطباق التي تطل من أعلى المنازل في ازدياد يوماً بعد آخر في ظل قلة
الوازع الديني واضطراب الرادع الموضوعي.
وها نحن نرى أعراض ذلكم المرض يطفح على أبناء أمتنا الإسلامية نساءً
ورجالاً ... حتى إن المراقب لسلوك شرائح كثيرة من أفراد المجتمع يكاد يجزم
بمسخ هويتها الإسلامية في قطاع كبير من الأمة إن ظل الحال على ما هو عليه
الآن.
ولم يعد اقتناء القرص الفضائي عند بعض الناس في هذا الوقت عيباً كما كان
في السابق؛ بل أصبح عند بعضهم من ضروريات الحياة بحجج واهية وأخرى
هاوية! وكعادة المسلمين في العصور الأخيرة نومهم ثقيل ويقظتهم متأخرة.. وإن
كانت هناك صرخات صادقة تعلو من المصلحين هنا وهناك محذرة ومبينة أثر هذا
الموج الفضائي الهادر ... إلا أنه وللأسف نحن في وقت العمل لا الكلام. وعمل
دعوي صغير منظم أبلغ وأنفع من عشرات الخطب والمقالات العاطفية.
لذا فقد حان الآن أن نفكر بجد في مواجهة تلك القنوات الفضائية بوسيلة أخرى
غير تلك التي تشعل في القلوب شمعة تنطفئ عند أول رعشة هدب أو ابتسامة
صفراء. لقد آن الوقت لنفكر في إنشاء قناة فضائية يتجسد فيها عمل إسلامي دعوي
يقف وجهاً لوجه أمام قنوات دعاة الإلحاد وهواة الجسد واللاهثين وراء الأموال.
ومع عظم هذا العمل وضخامته إلا أنه ليس مستحيلاً.
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
ومع أن أمتنا الإسلامية المجروحة تعيش في حالة تستدعي العناية المركزة إلا
أنه يوجد مِن أبنائها مَنْ تنبض قلوبهم غيرة ... وتضخ نشاطاً.
وجولة.. ثم عودة ... في تاريخ الأعمال الدعوية الشامخة التي كانت في يوم
من الأيام حلماً يساور خيال الغيورين.. يبعث في القلب حماساً لإنقاذ الأمة المنكوبة.
لذا فهي دعوة يسبقها أمل ورجاء إلى الدعاة الإعلاميين وغيرهم ممن أضاءت
قلوبهم بنور الإيمان، دعوة لإنشاء قناة فضائية إسلامية تطرح منهج أهل السنة
والجماعة بنور من كتاب الله وسنة نبيه، تخاطب الملايين من العقول المتسمرة
وراء الشاشات.. وتصحح من خلالها مفهوم الإسلام المشوه، وتعرّف المسلمين
بإخوانهم وبعلمائهم بأسلوب إعلامي جذاب. وبين يدي هذه الدعوة أطرح النقاط
الآتية:
* مثل هذا العمل يحتاج بلا شك إلى دعم مادي، ولكن المال لم يكن أبداً عائقاً
أمام الأعمال النافعة؛ حيث إن الأمة تحتضن من أصحاب الأموال والثروات من
يسابقون في الخيرات.
* وجوب قيام جهة إشرافية شرعية دقيقة تُعرَض عليها أفكار وبرامج هذه
القناة قبل عرضها أمام المشاهدين حتى لا ندخل في متاهات محرجة قد تسيء لسمعة
هذا المشروع.
* قد نواجه صعوبة في إيجاد وتوفير مختصين إعلاميين يحملون همّ الدعوة،
لكن ليس شرطاً أن يكون جميع المنفذين والمنتجين للبرامج من الدعاة، بل لماذا لا
نستفيد من خبرات وكفاءات من يعملون للمال وللمال وحده، ولو كانوا من غير
المسلمين.. مع ضرورة وجود الجهة الإشرافية الشرعية السالفة الذكر.
* من الأفضل أن تكون هذه القناة تحت مظلة مؤسسة دعوية معروفة
ومعروف رجالها حتى يتم الدعم المنهجي والمادي لها.
* من غير الطبيعي أن نتوقع عملاً بهذا الحجم لن يواجه عقبات وعوائق؛
ولكن التخطيط، والدراسة المسبقة، والتأني في الخُطا، وقبل ذلك إخلاص النوايا
وطلب التوفيق من الله الكريم، كفيلة بإذن الله بإخراج هذا العمل إلى النور
واستمراريته.
ختاماً: أعرف يقيناً أن ما سطرته لا يعدو أن يكون أنين قلم؛ ولكن أن
تغمض أعيننا ونحن ننتظر الصباح خير ألف مرة من أن ننام ملء جفوننا فلا
نستيقظ إلا تحت لهيب الشمس [*] .
(*) هذه كلمة لأخينا الكاتب قبل فتح قناة (اقرأ) ، وهي كما نشر مشروع إسلامي نأمل أن يكون كما قيل عنه وأن تؤدي هذه القناة رسالتها الإعلامية على الوجه المطلوب، ونحسب أن الساحة بحاجة إلى أكثر من محطة إسلامية بل محطات لتؤدي أدوارها المأمولة في خضم البث المباشر الذي يهدم أكثر مما يبني والله المستعان ... ... ... ... ... ... ... - البيان-.