للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قبل فوات الأوان!]

مشهد إعدام الرئيس العراقي فجر يوم النحر في ظل صخب وضجيج الصفويين، لا يختلف كثيراً عن تلك المسرحية الهزلية التي أعقبت دخول القوات الأمريكية الغازية إلى بغداد، والتي تمثلت بإسقاط تمثال صدام حسين. صورتان متقاربتان تحملان أشد صور الهمجية والضغينة والحقد، وفي كِلا الصورتين لم يكن صدام حسين مقصوداً لذاته بالتأكيد!

المسرحية الأمريكية كانت تسخر من العرب والمسلمين، وتهدف إلى سحق كرامتهم وعزتهم. أما المسرحية الصفوية فكانت تخاطب أهل السنة خصوصاً، قاصدةً ترويضهم وانتزاع البقية الباقية من أَنَفَتهم وشموخهم.

نعم! انتهى صدام، ووقف بين يدي حَكَمٍ عدل لا يظلم الناس شيئاً، لكن الذي لم ينتهِ بعدُ هو حرب الإبادة الطائفية التي يقودها جيش المهدي، وفيلق بدر، والميليشيات الصفوية التي تمتلئ حقداً وبغضاً.

إنها حرب تصفية جماعية لم تشهد المنطقة لها مثيلاً، هُجِّرت العوائل السنية، وحوصرت البيوت، وانتُهِكت الأعراض، ونُهِبت الأوقاف والمساجد والممتلكات، ذُبِح الأئمة والعلماء والمؤذنون ذبح الشياه، وأنهار من الدماء تملأ بغداد خصوصاً.. وتزداد وتيرة هذا الحقد ساعة بعد ساعة تحت رعاية الجيش الأمريكي وأمام سمع العالم وبصره!

إن الأمر جدّ خطير، وخريطة المنطقة كلها ـ وليس العراق وحده ـ مهددة بتلك الأيدي العابثة التي راحت تصدر شعاراتها الثورية، وتستعلي بأطروحاتها الطائفية؛ فهل يبقى علماء السُّنَّة مكتوفي الأيدي أمام همجية الحاقدين؟!

إنها أزمة حقيقية تُوجِب على مختلف أئمة السنة ورجالاتها ورموزها من داخل العراق وخارجه، أن يعيدوا حساباتهم من جديد قبل فوات الأوان.