[برامج التدريب هل تبني الشخصية؟]
محمد بن عبد الله الدويش
تشهد السوق انتشاراً واسعاً لبرامج التدريب، ويُعد التدريب من أهم الفرص والمجالات الاستثمارية، ويتجه إليه عدد من الناس رغبة في تطوير أنفسهم وبناء شخصياتهم.
وكغيرها من الظواهر تشهد هذه الظاهرة جدلاً في الساحة.
هل يتلاءم ما يبذل من جهد واهتمام مع أهمية التدريب؟
هل يمكن أن يكون التدريب أداة فاعلة في بناء الشخصية المسلمة؟
هل يمكن أن يكون بديلاً للمحاضرات والدروس والبرامج الثقافية؟
ومثل هذه الظواهر تحتاج إلى دراسات علمية تتعامل مع الواقع وتتجاوز الآراء الفردية والشخصية.
لكن ذلك لا يمنع من التداول والتحاور وإبداء الرأي الشخصي.
ويمكن أن نسجل هنا بعض الملحوظات حول هذه الظاهرة:
ـ التوجه للتدريب وإدراك أهميته ودوره في التغيير يُعدُّ ظاهرة صحية وإيجابية.
ـ الإنفاق على التدريب، سواء من قبل الأفراد، أم من قبل المؤسسات استثمار يستحق الكثير مما ينفق عليه.
ـ لا بد من الفصل بين أهمية التدريب وجدواه وبين الممارسات في الواقع؛ فالواقع ليس بالضرورة ممثلاً للصورة المثالية.
مما يؤخذ على برامج التدريب ما يلي:
- غياب الوعي بفلسفة التدريب؛ فالتدريب ليس تعليماً، كما أنه ليس بديلاً للتعليم، وما يتطلب تحقيقه عن طريق التعليم فليس التدريب هو البديل الصحيح في تحقيقه.
- تهميش المعرفة والتقليل من شأنها، فالمهارات والاتجاهات رغم أهميتها لا تغني عن المعرفة التي تسهم في بناء الشخصية، وتمثل عنصراً مهماً من عناصر تكوينها.
- دخول كثير من المدربين في غير مجالات تخصصهم؛ فمن المألوف أن تجد برامج حول التربية الفاعلة، أو التسويق، أو الإقناع، أو القيادة ... إلخ، يقدمها من هم ليسوا أهل اختصاص في هذه المجالات. ومن غير المقبول أن يتحدث الشخص في غير تخصصه فضلاً عن أن يصبح مدرباً فيه، وحين تطَّلع على سيرة بعض المدربين وما يقدمونه من برامج فيمكن أن تجد قائمة غير متجانسة تحوي العديد من التخصصات.
- عدد من البرامج التدريبية وبالأخص ما يتصل ببناء الشخصية لا يستند إلى أسس علمية، بل هو خواطر وآراء شخصية يجمعها المدرب من مصادر متفرقة أقل ما فيها المراجع المتخصصة.
- تستند كثير من عوامل النجاح في هذه البرامج إلى المهارات الشخصية للمدرب وبالأخص ما يتعلق بمهارات الإلقاء والتأثير، وكثير من هذه المهارات تختفي من ورائها جوانب القصور في التكوين المعرفي والعلمي وعمق الشخصية لدى المدرب.
إن الحاجة ماسة إلى التدريب والاعتناء به، لكن من المهم الوعي الجيد بفلسفة التدريب وتوجيهه للمجالات الملائمة له، وألا يقود الانبهار به إلى إقحامه في مجالات ليس هو الأداة الأفضل لتحقيقها، ومن المهم ألا يتصدى للمهام التدريبية إلا من يحمل التأهيل الكافي، وأن تستند البرامج التدريبية إلى أساس معرفي وعلمي.