(١) سبب اختياري لهذا العنوان: هو رسالة فضيلة الشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي، والتي وجهها إلى إخواننا في اليمن، وكم تمنيت أن تكون هذه الرسالة للمسلمين بعامة، ولشباب الصحوة بخاصة؛ لأننا أحوج ما نكون إلى معرفة منهج أهل السنة والجماعة في تعاملهم مع أهل القبلة. (٢) أثناء قراءتي لهذه الرسالة القيِّمة هجمت على نفسي خواطر لم أستطع دفعها، فغلبتني حتى كتبتها. (٣) لا يفهم أحد من هذا أن نُهمل محاضن التربية القائمة على الحديث مع النخبة والصفوة، ولكن المقصود عدم إهمال تلك الشريحة الكبيرة من المجتمع بسبب الانشغال المفرط مع النخبة! وقد سبَّب هذا الانشغال بالنخبة عند بعض الناس نفوره عن غير الملتزمين، وأصبح المجتمع في نظره مقسم إلى قسمين: ملتزمين، ومنحرفين أو مقصرين، والصنف الثاني عنده لا عمل لهم، ولا ينبغي لهم أن يعملوا لهذا للدين أو أن يُخاطبوا بذلك، أما بالنسبة لاختصاص قوم بحديث دون غيرهم؛ فهو أمر لا إشكال فيه، وقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه (باب: مَنْ خصَّ بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا) / الفتح (١/ ٢٧٢) / ثم ذكر حديث معاذ المشهور. (٤) قال شيخ الإسلام: (ثم نجد لكثير من الأمة في ذلك من الاختلاف؛ ما أوجب اقتتال طوائف منهم على شفع الإقامة وإيثارها، ونحو ذلك) ، اقتضاء الصراط المستقيم: (١ / ١٣٣) . (٥) أنتهز هذه الفرصة لأذكر إخواني بكتاب قيم لفضيلة شيخي وأستاذي الشيخ الدكتور عابد بن محمد السفياني، بعنوان: المحكمات وأثرها في بناء المجتمع. (٦) هناك قاعدة نبوية شرعية لتغيير المنكرات، ولكن لعجلة بعضنا، وشدة حنقه، وثالثة الأثافي قلة علمه؛ تجعله يتعدى ويغفل عن هذه القاعدة العظيمة ليقع فيما هو أعظم من المنكر الذي يريد تغييره، وهو الافتئات على الشارع بوضع بعض الأحكام الشرعية في غير مراتبها، كوضع المباح مثلاً في مرتبة المحرم، أو جعل المستحب في مرتبة الواجب ونحو ذلك، وإليك القاعدة النبوية في التعامل مع المنكرات، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه، عن خالد بن ذكوان قال: (قالت الربيع بنت معوذ بن عفراء: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يدخل حين بُني عليَّ، فجلس على فراشي كمحلك مني، فجعلت جويريات يضربن بالدف ويندبن من قُتل من آبائي يوم بدر؛ إذ قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غدٍ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين) ، حديث ٥١٤٧ (٩ / ١٠٩، ١١٠) ، فتأمل كيف قبل النبي صلى الله عليه وسلم المشروع من إباحة ضرب الدف ونحوه، ورد الممنوع والمنكر العظيم الذي يتعلق بجناب التوحيد، وهو قول الجارية: (وفينا نبي يعلم ما في غد) ؛ إذ لا يعلم الغيب إلا الله عز في علاه. (٧) لا أقصد بهذا فقه بعض المعاصرين المعروف بفقه التيسير، والذي هو في الحقيقة فقه التسيب؛ لأن غايته الالتفاف على النصوص الشرعية، وليّ أعناقها وتفريغها من مضمونها ودلائلها، متجاوزين بذلك ما انعقد من إجماعات للسلف بزعم وحجة التيسير. (٨) الأهواز: مقاطعة تقع شرقي البصرة، بينها وبين إيران. (٩) الحرورية: هم الخوارج، نُسبوا إلى حروراء، قرية بظاهر الكوفة. (١٠) الجرف: المكان الذي أكله السيل أو النهر. (١١) ورد في بعض طرق الحديث: أنه كان يصلي العصر، كما ذكر ذلك ابن حجر، انظر: الفتح: (٣ / ١٠٠) . (١٢) حديث ١٢١١ (٣ / ٧٩، ٩٨) . (١٣) أخرجه الإمام مالك في الموطأ، رقم ١٦٤ (١/ ٦٥) ، والبخاري تعليقاً، في كتاب: الحيض، تحت باب: إقبال المحيض وإدباره، الفتح: (١ / ١٢٠) .