للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادتُ السِّر!!

فيصل بن علي البعداني

فإن حقيقة التدين تتمثل بمحبة الله ـ تعالى ـ وتعظيمه، ومخافته ورجائه، والتذلّل له، والخضوع التام لأمره واجتناب نهيه، قولاً وعملاً، خفية وعلناً.

فهو تسليم مطلق، وانقياد كامل، في الاعتقادات والأقوال والأعمال، برغبة جيّاشة، واختيار واعٍ، وتشرف وافتخار.

فالتدين حالة مركبة من المعرفة والشعور والسلوك، يكون غاية مطلوب العبد منها: الظفر برضا مولاه ـ عزَّ وجلَّ ـ، ونيل رحمته، والسلامة من غضبه.

وفي أجواء التدين ومجتمعات الدعاة تكون الصورة العامة المقبولة هي الالتزام والمحافظة الظاهرة التي من خرج عنها وُوجه باللوم والمذمّة، وهي ـ لا شك ـ حالة فضل وإنعام تحتاج إلى شكر لله ـ تعالى ـ من الفرد والمجتمع على توفيقه وتيسيره.

لكن المحكَّ العملي الذي تتجلى من خلاله حقيقة تلك الاستقامة العلنية يكون في عبادات السرّ المتضمنة لعبادات الخلوة والخفاء (١) ولعبادات القلب.

فأما عبادة القلب فهي أجلُّ عبادات السِّر وأعظمها، فالله ـ عزَّ وجلَّ ـ لا يناله من عبده إلا التقوى، ولا ينظر إلى الصور والأموال وإنما إلى القلوب والأعمال، ولا ينفع عنده يوم تبلى السَّرائر مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والإيمان ليس بالتمنِّي ولا بالتحلِّي، ولكن ما وقرَ في القلب وصدَّقه العمل، كما يشهد لذلك قوله #: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» (٢) .

وأما عبادات الخفاء وقُرَب السِّر المشتملة على تعظيم أمر الله ـ تعالى ـ ونهيه، والإكثار من مناجاته فهي عمل آخر جاءت النصوص والآثار مكثرة من الحثّ عليه، فمن ذلك قوله ـ تعالى ـ: {إنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ} [فاطر: ١٨] ، أي: يخافونه ـ سبحانه ـ حال خلوتهم به بعيداً عن أعين الخلق (٣) ، وقوله ـ عزَّ وجلَّ ـ: {إن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: ٢٧١] ، والآية الكريمة ظاهرة في تفضيل صدقة السِّر، والتي ثبت أنها تطفئ غضب الرب ـ سبحانه ـ (٤) ، وجاء من السبعة الذين يظلّهم الله ـ تعالى ـ يوم القيامة في ظلّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه: «رجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه» (٥) . وعن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله # يقول: «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسرُّ بالقرآن كالمسرِّ بالصدقة» ، قال الترمذي: «ومعنى هذا الحديث أن الذي يسرُّ بقراءة القرآن أفضلُ من الذي يجهر بقراءة القرآن؛ لأن صدقة السِّر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية» (٦) .

وما ذاك إلا لما في قُرْبَة السِّرِّ ـ بعيداً عن رؤية الخلق ـ من عظم إيمانٍ، وكمال أدبٍ مع الله ـ تعالى ـ وتعظيمٍ له ـ سبحانه ـ، ولما فيها من حضور قلبٍ واجتماع هَمٍّ وابتعادٍ عن القواطع والمشتتات، وثقةٍ بالله ـ تعالى ـ، وأُنْسٍ به، واطمئنانٍ إليه، ومراقبةٍ له، ومخافةٍ منه، ومطالعة مِنَّتِه، وتطلعٍ للظفر بمحبته وثوابه، ولما فيها من تخليصٍ للنفس من الطمع بثناء الخلق وحب مدحهم وكراهية ذمّهم، وضمان سلامتها من بعض دسائس السوء من رياء وسمعة وتصنُّع، فهي أبلغ في التضرع والخشوع، وأمكن في التذلّل والخضوع.

ولذا؛ فقد جاء التوجيه النبوي الكريم بحثِّ العبد المؤمن على أن يكون له عبادة في السِّر، فعن الزبير بن العوام ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً قال: «من استطاع منكم أن يكون له خِبءٌ من عملٍ صالحٍ فليفعل» (١) ، وكان الفضيل بن عياض يقول: (كان يقال: من أخلاق الأنبياء والأصفياء الأخيار الطاهرةِ قلوبهم خلائقُ ثلاثة: الحلم، والأناة، وحظٌّ من قيام الليل) (٢) ، ويحكي الخريبي عن السلف أنهم كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئةٌ من عمل صالح لا تعلم به زوجته ولا غيرها (٣) ، وقال مسلم بن يسار: (ما تلذّذ المتلذّذون بمثل الخلوة بمناجاة الله ـ عزَّ وجلَّ ـ) (٤) .

ومن تأمَّل سير السلف وجد اهتماماً بليغاً بعبادة القلب، التي هي روح العبودية ولبّها، بل هي الأصل وإنما أعمال الجوارح تبع ومكملة ومتممة لها (٥) ، فهذا الصحابي الجليل والإمام الجِهْبِذ ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ يقول: «من صلى صلاة عند الناس لا يصلي مثلها إذا خلا، فهي استهانة استهان بها ربه» ، ثم تلا قوله ـ تعالى ـ: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: ١٠٨] (٦) ، وفي يوم قال ـ رضي الله عنه ـ لأصحابه: «أنتم أكثر صلاة وأكثر جهاداً من أصحاب محمد #، وهم كانوا خيراً منكم، قالوا: ِبمَ ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة» (٧) .

ويقول وهب بن منبه: (يا بُنيّ أخلص طاعة الله بسريرة ناصحة يصدق الله فيها فعلك في العلانية،.. ولا تظنن أن العلانية هي أنجح من السَّريرة، فإن مَثَلَ العلانية مع السَّريرة كمَثَلِ ورق الشجر مع عِرْقها: العلانية ورقها، والسَّريرة عِرْقها. إن نُخِر العِرْق هلكت الشجرة كلها؛ ورقها وعودها، وإن صلحت صلحت الشجرة كلها؛ ثمرها وورقها، فلا يزال ما ظهر من الشجرة في خير ما كان عِرْقها مستخفياً لا يُرى منه شيء. كذلك الدين لا يزال صالحاً ما كان له سريرة صالحة يصدق الله بها علانيته، فإن العلانية تنفع مع السَّريرة الصالحة كما ينفع عِرْقَ الشجرة صلاحُ فرعها، وإن كان حياتها من قبل عِرْقها فإن فرعها زينتها وجمالها، وإن كانت السَّريرة هي ملاك الدين فإن العلانية معها تُزَيِّن الدين وتجمله إذا عملها مؤمن لا يريد بها إلا رضاء ربه عزَّ وجلَّ» (٨) ، وهذا الإمام أحمد يوصي ابن المديني قائلاً: (ألزم التقوى قلبك، وانصب الآخرة أمامك) (٩) ، فمراد الله ـ تعالى ـ ومطلوبه من عباده صلاح قلوبهم، والتي لا صلاح لها إلا بأن يستقر فيها معرفة الله وعظمته ومحبته وخشيته ومهابته ورجاؤه والتوكل عليه، ويمتلئ من ذلك (١٠) ، يقول ابن رجب: (فأفضل الناس من سلكَ طريق النبي # وخواصّ أصحابه في الاقتصاد في العبادة البدنية والاجتهاد في الأحوال القلبية؛ فإن سفر الآخرة يقطع بسير القلوب لا بسير الأبدان) (١١) .

كما يجد المطالع لسيرهم عنايةً فائقة بعبادة السِّر وعمل الخفية، فعن محمد بن إسحاق قال: (كان ناسٌ من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل) (١) ، وعن زائدة: (أن منصور بن المعتمر مكث ستين سنة يقوم ليلها ويصوم نهارها، وكان يبكي، فتقول له أمه: يا بني! قتلت قتيلاً؟ فيقول: أنا أعلم بما صنعت بنفسي. فإذا كان الصبح كحل عينيه، ودهن رأسه، وبرق شفتيه، وخرج إلى الناس) (٢) . وقال محمد بن واسع: (لقد أدركت رجالاً، كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة، قد بلَّ ما تحت خدّه من دموعه لا تشعر به امرأته. ولقد أدركت رجالاً يقوم أحدهم في الصف فتسيل دموعه على خدّه ولا يشعر به الذي إلى جانبه) (٣) ، وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله، ويخفي ذلك، فإذا كان عند الصبح رفع صوته، كأنه قام تلك الساعة (٤) ، والأمر أكثر من أن يحصر.

والمتأمل في واقع الدعاة ومحاضن التدين وبيئاته اليوم يلحظ مظاهر عدة تدل على تقصير في عبادة القلب، وضعف بيِّن في القيام بكثير من القربات في الخفاء، والتي يدّخرها صاحبها لوقوفه بين يدي ربه ـ عزَّ وجلَّ ـ يوم تُبلى السرائر، مما وَرَّث هشاشة بيّنة في الاستقامة، وضعفاً جلياً في الجدِّية، وفتوراً ظاهراً في أخذ الكتاب بقوة تعلّماً وعملاً ودعوة، وهو أمر ما لم يشعر بخطره القائمون على الشأن الدعوي والتربوي - مؤسسات وأفراداً - ويولوه ما يستحق من أولوية في التصحيح والمعالجة، فإن أجيال الاستقامة القادمة ستكون أكثر بَهَتَانَاً وأشدّ ضعفاً.

وفي ظنِّي أن مسؤولية معالجة هذه الظاهرة تقع بدرجة أكبر على الفرد نفسه على اعتبار أن عبادة القلب وعمل السِّر هي بوّابة نجاته وطريق رفعته، فإن اعتنى بها وأصلح من حاله فيها ففي ذلك سعادته، وإن قصَّر بإلقاء نفسه في بحور الغفلة ودركات البطالة والشهوات فقد أساء إلى نفسه، والإنسان على نفسه بصيرة.

ولعلَّ من أبرز ما يعين العبد على الوصول إلى مقصوده في هذا الجانب: مراقبة من لا تخفى عليه خافية والسِّر عنده علانية، ومخافته ـ تعالى ـ والحياء منه، والتعرف على جلاله وعظمته ـ سبحانه ـ، وترك الاشتغال بما لا يعني من فضول الطعام والمنام والكلام والنظر والخلطة ونحوها، والزهد في متع الدنيا وملذّاتها وإيثار الآخرة على الدنيا، وخشية عدم قبول العمل، والشعور الدائم بالتقصير والزّلل في القيام بحق الباري ـ سبحانه ـ، والاهتمام بأعمال القلوب وعدم قصر العبد جهده على أعمال الجوارح، وتذكّر الموت والبلى، ومطالعة سيرة النبي #، والإكثار من القراءة في تراجم العلماء الربّانيين والعُبّاد الزاهدين، ومحاسبة النفس، وإدراك ثمار وفوائد قُرَب السِّر، وتنمية الحياء من النفس وجعله في رتبة أعلى من رتبة الحياء من الخلق، ومرافقة من تنفع مرافقته في الآخرة وتزيد صحبته المرء قرباً من الله ـ تعالى ـ، وتخصيص أوقات للخلوة بالله والأنس به والعيش في كنفه من اعتكاف وقيام ليل وخلوات للتفكر في ملكوت الله ـ سبحانه ـ والذكر والدعاء والقراءة ونحو ذلك (٥) .

فهيّا إخواني إلى بذل الوسع في إتيان قُرَب السِّر وتكميلها فإنها أقوات الروح، وليكن لأحدنا حظ من عبادة لا يعلم بها أحد إلا البَرُّ الرحيم، إذ السائر إليه ـ سبحانه ـ لا بد له (من أوقات ينفرد بها بنفسه في دعائه وذكره وصلاته وتفكّره ومحاسبة نفسه وإصلاح قلبه وما يختص به من الأمور التي لا يشركه فيها غيره) (٦) ، فعبادات الخفاء من أعظم أسباب الثبات التي تحول بين المرء وحالات الضعف والانتكاس، فالحذر الحذر من أن نتغافل عنها، فإن ثمارها عظيمة، والصوارف عنها كثيرة، وعلينا من الله عين ناظرة، والشاهد هو الحاكم، والموفَّق من هداه الله ـ تعالى ـ وأعانه.

اللهم ارزقنا خشيتك ومحبتك والقرب منك، والبصيرة في دينك، والمداومة على طاعتك، وعافِ نفوسنا بمنّتك، وأصلح حال أمتنا، وارزقها الرّفعة والتمكين على أيدينا، إنك على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.


(١) المراد بعمل الخلوة ما كان بين العبد وربه بعيداً عن أعين الناس، لكن تحقيق ذلك بإطلاقٍ متعذر، ولذا فقد عدّ بعض أهل العلم عمل الرجل مع رفيقه الملازم ومع أهله عملاً في السِّر؛ لأنه لا يقدر أن يكتم منهما.
(٢) البخاري (٥٢) .
(٣) يقول ابن عاشور في التحرير والتنوير (٩/١٧٣) : (أي: يخشون ربهم في خاصتهم، لا يريدون بذلك رياء، ولا لأجل خوف الزواجر الدنيوية والمذمّة من الناس) .
(٤) انظر: المعجم الصغير للطبراني (١٠٣٣) ، صحيح الجامع للألباني (٣٧٥٩) .
(٥) البخاري: (١٤٢٨) .
(٦) الترمذي: (٢٩١٩) ، وحسَّنه، وصححه الألباني، ومقولة الترمذي في جامعه عقبه، والملحوظ أن النصوص لم تكتف بالحثِّ على عبادة السِّر، بل تجاوزت ذلك إلى التحذير من خيانة السِّر، وعصيان الله ـ تعالى ـ في الخفاء، ومن ذلك: قوله # عند ابن ماجه بسند صحيح (٤٢٤٥) من حديث ثوبان ـ رضي الله عنه ـ قال: «لأعلمنّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسناتٍ أمثال جبال تهامة بيضاً فيجعلها الله ـ عز وجل ـ هباء منثوراً، قال ثوبان: يا رسول الله! صِفهم لنا، جَلِّهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها» ، ولأن جوهر المقالة لا يتحدث عن هذا الجانب فلن يتم التركيز عليه.
(١) تاريخ بغداد، للخطيب: ١١/٢٦٢، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٦٠١٨) ، ورجّح الدارقطني وقفه، انظر: العلل المتناهية لابن الجوزي (١٣٧٦) .
(٢) حلية الأولياء، لأبي نعيم: (٨/٩٥) .
(٣) انظر: تهذيب الكمال، للمزي: (١٤/٤٦٤) .
(٤) حلية الأولياء، لأبي نعيم: (٤/٢٧٢) .
(٥) ولذا قرّر أهل العلم أن معرفتها أهم، والقيام بها أجل وأعظم، وذلك لأن مقصود الشرع من الأعمال كلها ظاهرها وباطنها إنما هو صلاح القلب وكماله وقيامه بالعبودية لربه ـ عز وجل ـ، ولذا فإن عبادة الجوارح إذا خلت من عبودية القلب لم تكن عبادة، ولم ينتفع صاحبها بها البتة، يقول ابن تيمية في فتاويه (١٠/٣٥٥) : (الدين القائم بالقلب من الإيمان علماً وحالاً هو الأصل، والأعمال الظاهرة هي الفروع وهي كمال الإيمان) ، ويقول ابن القيم في بدائع الفوائد (٣/٧١٠) : (ومن تأمل الشريعة في مصادرها ومواردها علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع بدونها، وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح، وهل يميز المؤمن عن المنافق إلا بما في قلب كل واحد منهما من الأعمال التي ميَّزت بينهما؟ وهل يمكن أحداً الدخول في الإسلام إلا بعمل قلبه قبل جوارحه؟ وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح وأكثر وأدوم، فهي واجبة في كل وقت) .
(٦) تفسير ابن أبي حاتم ٤/٣٤٦، وقد روي عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً أيضاً، وفيه إبراهيم الهجري، صدوق، كثير الوهم في رفع الموقوفات، وقد حسَّنه الحافظ ابن حجر في المطالب ٩/٢٦٠، وضعّفه جماعة، منهم الألباني، كما في ضعيف الجامع (٥٣٥٥) .
(٧) المعجم الكبير، للطبراني: (٩/١٥٣) .
(٨) حلية الأولياء، لأبي نعيم: (٤/٦٩-٧٠) .
(٩) حلية الأولياء، لأبي نعيم: (٩/١٧٣) .
(١٠) انظر: جامع العلوم والحكم، لابن رجب: ٧٥.
(١١) المحجة في سير الدلجة، لابن رجب: ٥٦.
(١) تهذيب الكمال، للمزي: (٢٠/٣٩٢) .
(٢) انظر: حلية الأولياء، لأبي نعيم: ٥/٤١، تهذيب الكمال، للمزي: (٢٨/٥٥٤) .
(٣) حلية الأولياء، لأبي نعيم: (٢/٣٤٧) .
(٤) تذكرة الحفاظ، للذهبي: (١/١٣١) .
(٥) وقد جاءت في ذلك أقوال عدة عن السلف، ومنها: قول عمر ـ رضي الله عنه ـ: «خذوا بحظِّكم من العزلة» ، وقول أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ: «نِعْمَ صومعة الرجل بيته يكفّ فيها بصره ولسانه، وإياكم والسوق فإنها تلهي وتلغي» ، وقول ابن المسيب: (العزلة عبادة وذكر) ، وقول مسروق: (إن المرء لحقيق أن تكون له مجالس يخلو فيها يذكر فيها ذنوبه فيستغفر منها) ، انظر: الزهد، لأحمد: ١٣٥، المصنف لابن أبي شيبة: ٧/١٤٨، التمهيد لابن عبد البر: ١٧/٤٤٦، وليس المراد من الحث على اتخاذ خلوات للتعبد الحث على العزلة المطلقة عن الناس، إذ ذاك أمر تأباه نصوص الشرع وقواعده، والحق أن من العزلة ما هو مشروع، ومنها ما هو ممنوع، فالعزلة المشروعة ما كان مأموراً بها أمرَ إيجاب أو استحباب كاعتزال الأمور المحرمة وترك مخالطة من يخوض في آيات الله ـ عز وجل ـ حتى يخوض في حديث غيره، واعتزال الناس في فضول المباحات وما لا ينفع في الآخرة، والاختلاء الوقتي بالنفس للمحاسبة والتأمل والصلاة، والقراءة والدعاء والاعتكاف ونحو ذلك. والعزلة غير المشروعة ما أدَّت إلى إضاعة حق الحق أو النفس أو الخلق كإضاعة الجُمَع والجماعات، وجهل ما يجب علمه، وعدم تعاونٍ على البر والتقوى، وتضييعٍ لحق الأهل والوالد والولد، وترك كسب ما يحتاج إليه العبد من نفقة، ونحو ذلك. انظر في ذلك: الفتاوى لابن تيمية: (١٠/٣٩٣-٤٠٧) ، والبحث القيم الموسوم بـ (العزلة والخلطة) ، لـ د. العودة.
(٦) الفتاوى، لابن تيمية: (١٠/٤٢٦) .