كلمة صغيرة
ماذا بعد إفلاس الخطاب العلماني؟ !
ظاهرة الزندقة من الظواهر القديمة التي تتجدد وتتلون، وتلبس لكل عصر
لبوسه. وفي هذا العصر نشطت حركة الزندقة في مناح شتى من أخطرها الهجوم
على الشريعة الإسلامية، والجرأة في نقد النصوص الشرعية، والعبث في تأويلها
وتبديلها عن مواضعها؛ فصار التراث الإسلامي حمى مستباحا يلغ فيه كل مفسد
بحجة (البحث العلمي) (وحرية الرأي!) وأصبح الهجوم على الأصولية والتطرف
سبيلا للهجوم على ثوابت الأمة ومسلماتها الشرعية، حتى قال قائلهم: (إن الثابت
الوحيد هو حرية النقد) . وقال آخر مبينا استراتيجية في التصدي للمد الإسلامي:
(من أهم عناصر الحل: إزالة حاجز الخوف الذي لا يجعلنا نفصح بوضوح عن
موقفنا بكاملها تجاه هذا التيار المتطرف، إن بعضنا يخشى استخدام كلمة العلمانية،
وهي ليست مخيفة، يجب نكتب بوضوح مثلا في مسألة صلاحية الشريعة
الإسلامية لكل زمان ومكان، أي أن نقول: إنه ليس هناك في أمور البشر ما يسمى
قاعدة من هذا النوع.)
إن تشنج التيار العلماني واضطرابه في نقد التيار الإسلامي يدل على تنامي
الصحوة الإسلامية من جهة، وعلى إفلاس الاتجاه العلماني من جهة أخرى.
ولكن السؤال الكبير هو: هل يستطيع الخطاب الإسلامي المعاصر أن يقف
بثبات أمام هذا الكم الهائل من الانحراف؟ ! وهل يرتقي الخطاب كي يكون أكثر
عمقا وأصالة؟ وهل يتضح وتتسع آفاقه ليملك القدرة على مخاطبة الأمة باعتزاز
واتزان بعيدا عن الغلو والميوعة؟
نحسب أن هذا هو التحدي الكبير الذي يجب أن يتبنى رايته العلماء
والمفكرون ورجالات الدعوة الإسلامية، [ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي
عزيز] [الحج: ٤٠] .