للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

مخاطر التعاون العسكري

الهندوسي الصهيوني المتصاعد

محمود عبد الله البنغالي [*]

إن المتتبع لاتفاقات التعاون الهندي الإسرائيلي يلاحظ أن معظم العقود الموقعة

بين الكيانين الهندي اليهودي تنص على تبادل الخبرة والتقنية المتطورة لصناعة

الأسلحة الاستراتيجية والكيميائية الفتاكة.

إن قصة هذا التعاون بين الدولتين العنصريتين: الهند وإسرائيل، والتي

يتزايد الحديث عنها هذه الأيام بين وسائل الإعلام وما تتناقله مصادر الصحف

والأنباء العالمية عن صور وأشكال لهذا التعاون العسكري السري والعلني بين

الدولتين الإرهابيتين الهند وإسرائيل، والذي ظهر خبثه جلياً على الساحة الدولية

بعد أن انكشف ستره، وولى ليله، وطفح كيله، واتضح أمره، وأصبح كضوء

الشمس بالنهار بعد أن كان مختفياً عن الأعين والأنظار مدة طويلة.

إن القليلين ممن يعلمون تاريخ العلاقات الهندية الإسرائيلية وتفاصيل هذا

التعاون بين الجانبين يعلمون أنها ليست وليدة سنة أو سنتين، وإنما يعود تاريخها

لأكثر من نصف قرن من الزمان؛ عندما قامت الهند باعترافها بالكيان الصهيوني

على أرض فلسطين عام ١٩٤٨م؛ لتكون الهند بذلك أول بلد تعترف بدولة إسرائيل؛

فبعد ثلاثة شهور فقط من إنشاء إسرائيل حظيت بالاعتراف الهندي غير المعلن

حينذاك حيث قال رئيس وزراء الهند آنذاك (جواهر لال نهرو) : «إن قيام دولة

إسرائيل أصبح أمراً واقعاً؛ فلذا من البديهي الاعتراف بها دولة مستقلة» . ولم

تكتف الهند باعترافها الضمني غير المعلن فقط بالكيان الصهيوني المغتصب

لفلسطين، بل عملت على تطوير العلاقات والتعاون مع هذا الكيان المحتل لفلسطين

في شتى المجالات والميادين العسكرية والصناعية والاستخباراتية والتجارية

والدبلوماسية والثقافية.

١ - أول اتفاق علني تم بينهما في مجال التسلح النووي في عام ١٩٦٢م

قامت بموجبه إسرائيل بإنشاء مفاعل نووي بمنطقة وتارابور «كالباكام» الهندية

مقابل حصولها على المواد الخام لليورانيوم اللازمة لمفاعلاتها النووية.

٢ - وعلى صعيد التعاون الاستخباراتي خلال حرب يونيو (حزيران) بين

العرب وإسرائيل عام ١٩٦٧م، قامت المخابرات الهندية «الترو» بتزويد وإحاطة

إسرائيل بمعلومات سرية عن الجيش المصري وعن أماكن الطائرات المصرية

المقاتلة؛ لتقوم إسرائيل بقصفها في قواعدها قبل إقلاعها وهي جاثمة على الأرض،

وذلك عن طريق ضباط التدريب الهنود العاملين في سلاح الطيران المصري

حينذاك.

٣ - وفي عام ١٩٨٥م التقى رئيس الوزراء الهندي الراحل راجيف غاندي

نظيره الإسرائيلي، واجتمعا بالرئيس الأمريكي حينها «رونالد ريجان» وطالباه

بوقف تزويد باكستان بالطائرات «إف ١٦» .

٤ - وفي عام ١٩٩١م تم الاتفاق بين الحكومتين على إرسال (٣٠٠) من

رجال المخابرات الإسرائيلية (الموساد) للهند لتدريب الهنود على التحكم في

الموقفبكشمير المحتلة.

٥ - وفي مايو عام ١٩٩٣م قام نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون

بيريز بزيارة رسمية للهند وأجرى مباحثات رسمية للتعاون الصناعي في المجال

العسكري، ومجال الأسلحة الاستراتيجية الفتاكة والهجومية التكتيكية، ومجال

الاقتصاد، ومجال التجارة والثقافة وغيرها.

٦ - وفي عام ١٩٩٦م وقع البلدان اتفاقية الدولة الأكثر تفضيلاً لتقوية

العلاقات الخاصة بينهما.

٧ - وفي عام ١٩٩٧م زار عزرا وايزمان رئيس الكيان الصهيوني الهند

وأجرى مباحثات رسمية تم بموجبها إمداد إسرائيل للهند بالخبرة والتقنية المتطورة

لإقامة مصنع الطائرات الإسرائيلية المقاتلة في ولاية «اندربراديش» الهندية

(شرق هضبة الدكن) ، وأيضاً تقوم إسرائيل بتزويد الهند بطائرات «لاخشيا»

الإسرائيلية، وطائرات صغيرة استطلاعية تطير من غير طيار، وهي في نفس

الوقت مزودة بأجهزة متطورة ذات عدسات تعمل إلكترونياً وتستطيع تصوير المواقع

العسكرية؛ وذلك لتمشيط وكشف مواقع المجاهدين في كشمير المغتصبة.

٨ - وفي إبريل عام ١٩٩٧م أيضاً ضبطت قوات خفر السواحل السريلانكية

أربع حاويات قادمة من الهند في طريقها إلى إسرائيل تحمل ثمانية عشر طناً من

مادة «بنكولفان» الفسفوري، وهي مادة كيميائية شديدة المفعول تستخدم في

صناعة غاز مثير للأعصاب، وكانت هذه الحاويات قادمة من بومبي بالهند في

طريقها لحيفا بإسرائيل حسب أوراق الشحن المضبوطة من قبل السلطات

السريلانكية.

٩ - وفي العام نفسه نشرت جريدة «هندوستان تايمس» الهندية تقريراً

يوضح أن إسرائيل عرضت على الهند زيادة التعاون العسكري بينهما في مجال

الصناعات العسكرية الاستراتيجية، والتقنية الحديثة وخاصة لأنظمة الإنذار المبكر

«الأواكس» لنظام طائرات الرصد المحلقة للمراقبة مقابل استخدامها لضرب

باكستان عند الضرورة.

١٠ - وفي عام ١٩٩٨م قام رئيس أركان الجيش الهندي (ف. ب. ملليك)

بزيارة رسمية لإسرائيل لتفقد وتبادل التقنية والخبرة العسكرية وللتعاون في مجال

صناعات الأسلحة الاستراتيجية، ولتطوير الأسلحة الهجومية وتبادل الخبرة بين

بلديهما ضمن برامج التعاون العسكري؛ وذلك رداً لزيارة نظيره الإسرائيلي للهند

عام ١٩٩٧م.

١١ - وفي عام ١٩٩٩م قامت صحيفة «هآرتس» الإسرائلية بدراسة

لإحصاء مجموع ما بلغ من الكسب الناشئ عن التعاون والتبادل التجاري بين الهند

وإسرائيل حيث بلغ مجموعه أكثر من (٧٠٠) مليون دولار خلال العام نفسه.

١٢ - يوجد الآن في الهند أكثر من (١٥٠) شركة استثمارية إسرائيلية

كبيرة تعمل في مجال الاقتصاد والصناعة والاستثمار، ويتوقع أن يتضاعف عددها

في السنوات المقبلة.

إن أهم قواعد التعاون بين هذين النظامين العنصريين: الهندوسي والصهيوني

يقوم على الاغتصاب الغاشم والاحتلال الجائر لأراضي المسلمين وتدنيسهم

للمقدسات وهدمهم للمساجد، والتعدّي على الحرمات، كما يتفق الكيانان الإرهابيان

في قمع واضطهاد وقتل المسلمين العزل في كشمير وفلسطين المحتلتين، ويمارسان

أبشع أنواع البطش والقهر والتعذيب والتنكيل والحقد الدفين لقهر المسلمين وإلحاق

كل ألوان الأذى وأشكال العذاب، وأصناف الاضطهاد الوحشي والبربري بحق

إخواننا المسلمين في كشمير وفلسطين الأسيرتين؛ فهم لا يتورعون عن ارتكاب

الجرائم الوحشية والحيوانية القذرة والخبيثة، ونهب الممتلكات، واغتصاب الحرائر

والنساء الثكالى، وقتل الأحياء والأبرياء، وهي السياسة الدائمة والمتبعة اللاإنسانية

المستمرة للطرفين الهندوسي الصهيوني منذ ابتليت كشمير وفلسطين المغتصَبتان

بالخضوع لسيطرتهم الجائرة. ومنذ أكثر من خمسين سنة وإلى أيامنا هذه لا زال

الاحتلالان الهندوسي والصهيوني البغيضان يقومان بالاعتداء الوحشي المستمر على

شعبي كشمير وفلسطين، وما زالا جاثمين على أرض كشمير وفلسطين المحتلتين؛

فما الذي سيفعله العرب والمسلمون لمواجهة مخاطر هذا الحلف الهندي اليهودي الذي

يستهدفهم جميعاً؟


(*) كاتب إسلامي من بنجلاديش.