للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«بين الانضباط والسلبية»

عبد الله العنزي

يعاني كثير من المنخرطين في سلك الدعوة إلى الله أزمة حقيقية في تحديد

المصطلحات الدعوية وماذا يراد منها؟ فأنت ترى ذلك الشاب المتحمس للدعوة

يستمع إلى توجيهات من داعية كبير حول الانضباط ومضار الفوضى، تراه يستمع

إلى تلك التوجيهات وهو مستعد لتطبيقها فوراً في نفسه وفي دعوته، إلا أنه يواجه

إشكالية كبرى في تحديد ما يراد من مصطلح الانضباط، وقل مثل ذلك في باقي

المصطلحات.

وحتى أكون دقيقاً أكثر فإني لن أتحدث سوى عن جزئية مهمة في تحديد

مصطلح الانضباط ألا وهي الخلط الظاهر بين هذا المصطلح ومفهوم السلبية،

تاركاً باقي جزئيات هذا الموضوع لمشايخنا حفظهم الله.

فأقول إن كثيراً من الدعاة يفهمون أن معنى الانضباط هو ترك الانتقاد وبيان

الحق، وأتى هذا الفهم الخاطئ من رؤيتهم لواقع بعض الفوضويين الذين يتميزون

بكثرة الانتقاد حتى لم يسلم أحد من نقدهم وحيث أن نقيض الفوضى الانضباط فقد

فهم أولئك الدعاة بأن معنى الانضباط مخالفة كل ما عليه أولئك الفوضويون وأبرز

ما عندهم النقد.

وغني عن القول أن هذا فهم خاطئ فإن معنى الانضباط على تفسير أولئك

الدعاة هو السلبية، وهي داء يصيب أي عمل، بل يجب أن يشارك الجميع بعقولهم

قبل أعمالهم، وليس العمل الإسلامي بحاجة إلى آلات تنفذ ما يلقى إليها دون نقد أو

تمحيص.

إن النقد لا بد أن يكون ضمن القواعد التي شرعها الشرع الحنيف وأوضحها

علماء الشريعة، فإن الداعية المنتقد إن لم يفعل ذلك وقع فيما وقع فيه أولئك

الفوضويون.