للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقالات معربة تقرير أوروبي سري]

يشن هجوماً على الدولة الصهيونية

ترجمة: براق عدنان البياتي

الناشر: صحيفة «The New Zealand Herald» النيوزيلندية.

خلُص تقرير بالغ الحساسية للاتحاد الأوروبي إلى أن: «على الحكومات الأوروبية أن تنظر في وسيلة التدخل المباشر، كمحاولة لكبح الإجراءات المنسّقة التي تقوم بها الدولة العبرية لتوسيع سيطرتها وزيادة حجم سكانها في الجزء الذي يُعدّ تاريخياً - وقانونياً - عربياً؛ القطاع الشرقي للقدس.

ويُحذّر التقرير السرّي ـ الذي أعدّه كبار الدبلوماسيين الذين يمثلون حكومات الاتحاد الأوروبي الخمس والعشرين في مدينة القدس ـ من أن فرص الحلّ القاضي بإقامة دولتين آخذة بالتلاشي، بسبب «السياسة الصهيونية المُتعمدة لإكمال ضمّ القدس الشرقية» ، والذي يُعدّ خرقاً للقانون الدولي.

وقد صوّت وزراء الخارجية الأوروبيون هذا الأسبوع ضدّ نشر التقرير، الذي يُحذّر أيضاً من أن التوسّع السريع للمستوطنات اليهودية داخل وحول القدس الشرقية ـ الذي يصاحبه استخدام الجدار الفاصل لعزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية ـ «يُخاطر باحتمال دفع فلسطينيي القدس الشرقية ـ الهادئين نسبياً ـ إلى التطرّف» .

ويوفّر التقرير تصوراً ـ يُعدّ الأكثر تفصيلاً والأقسى نقداً ممّا هو معروف حتى الآن، من قِبَل هيئة دولية غربية ـ عن سياسة إسرائيل في القدس الشرقية، التي ترسف في أغلال الاحتلال منذ تمّ الاستيلاء عليها في حرب الأيام الستة عام ١٩٦٧م.

ويشير التقرير إلى «أن القدس، كما هو الحال، واحدة من أصعب المسائل» في طريق الوصول إلى اتفاق سلام نهائي بين الدولة الصهيونية والفلسطينيين. ويضيف أنه نتيجة لتلك الإجراءات فإن «فُرص الحلّ القاضي بإقامة دولتين تكون وفقها القدس عاصمةً لفلسطين، آخذة بالانحسار» .

ومن بين التوصيات التي جاءت في التقرير ـ الذي أُعدّ في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، خلال فترة رئاسة بريطانيا للاتحاد الأوروبي التي ستنتهي الشهر القادم ـ حثّ الاتحاد الأوروبي للنظر في سلسلة من الخطوات، تتضمن الدعم المباشر لمشاريع تساعد الفلسطينيين على الخوض في معارك قانونية ضدّ عمليات هدم المنازل، التي تُنوّه إلى أنها تضاعفت ثلاث مرّات خلال عام ٢٠٠٤م، وضدّ الرفض الدائم لمنح رخص البناء لجميع الفلسطينيين، خلا أقليّة صغيرة منهم.

كما يقترح التقرير عقد لقاءات مع القيادة الفلسطينية في القدس الشرقية، على افتراض أن ذلك سيدلّ على أنه - خلافاً لهدف الحكومة الإسرائيلية الذي يفضي إلى أن القدس هي «عاصمتها غير المقسّمة» - يرى القدس الشرقية عاصمة المستقبل لدولة فلسطينية.

هذا؛ وقد تمّ الترويج بشكل واسع النطاق (لدى الصهاينة) لخبر أن اجتماع وزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي قد انتهى إلى قرار ضدّ نشر التقرير في صيغته الحالية، على اعتبار أنه سيعرّض علاقة الاتحاد بالدولة اليهودية للخطر، وخصوصاً أن (الدولة العبرية) قد منحت ـ وللمرة الأولى ـ تأييدها لأن يقوم الاتحاد الأوروبي بدور أمني ريادي في المنطقة، من خلال مراقبة معبر رفح (نقطة العبور من غزّة إلى مصر) .

معلوم أن الاتحاد الأوروبي قد مُثِّل على مستوى عال في الحفل الرسمي عند افتتاح المعبر من قِبَل الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ويبيّن التقرير المذكور ذو الإحدى عشرة صفحة ـ الذي سُرّب إلى [صحيفة الإندبندنت «The Independent» اللندنية]ـ أن مشروع «E١» للقيام بتوسعة ضخمة لـ «Ma'ale Adumim» المستوطنة الإسرائيلية الأكبر في الضفة الغربية، لربطها بالقدس «يهدّد بإكمال تطويق المدينة بالمستوطنات اليهودية، مُقسّمة بذلك الضفة الغربية إلى منطقتين جغرافيتين منفصلتين» . ويقول التقرير إنه في الوقت الذي يحتل فيه سكان المستوطنة الـ ٣٠٠٠٠ الحاليون نسبة ١٥% فقط من المنطقة المخطّط لها في الوقت الحاضر، إلاّ أن الخطّة الإجمالية تضع في تصوّرها مساحة تبلغ ٥٣ ميلاً مربعاً - أكبر من مساحة تل أبيب - ممتدة عبر الضفة الغربية ما بين القدس وأريحا.

والمخططات ستقسّم الضفة الغربية ضمنياً وعزلها عن القدس الشرقية، كما جاء في التقرير الذي يُنوّه ـ أيضاً ـ بأن: «الإمكانيات الاقتصادية للضفة الغربية (التي يبلغ المعدل السنوي للناتج المحلّي الإجمالي «GDP» فيها حوالي ١٠٠٠ دولار للشخص الواحد) تعتمد بشكل كبير على إمكانية الوصول إلى القدس الشرقية (التي يبلغ معدل الـ «GDP» السنوي فيها حوالي ٣٥٠٠ دولار للشخص الواحد) » . ثم يضيف: «ومن منظور اقتصادي فإن إمكانيات وديمومة دولة فلسطينية تعتمد إلى حدّ كبير على المحافظة على التواصل العضوي بين كلٍّ من القدس الشرقية ورام الله وبيت لحم» .

ثمّ يُعقّب التقرير أنه عندما يتمّ إكمال الجدار الفاصل فإن (الدولة العبرية) «ستسيطر على جميع المنافذ، من وإلى القدس الشرقية، عازلة بذلك مدنها الفلسطينية المتناثرة الفضاء: بيت لحم، ورام الله، وبقية الضفة الغربية وما بعدها، وسيكون لذلك عواقب اقتصادية واجتماعية وإنسانية وخيمة على الفلسطينيين.

وبتعنّت سلطة الاحتلال في تطبيق سياسات تخصّ الإقامة وبطاقة الهوية الشخصية، ستصبح (الدولة العبرية) قادرة على إتمام عزل القدس الشرقية، المركز السياسي للتجارة والبنية التحتية للحياة الفلسطينية» .

ثم يضيف: «إن نشاطات (الدولة العبرية) في القدس تُعدّ انتهاكاً لالتزاماتها فيما يخصّ (خارطة الطريق) وللقانون الدولي. لقد قمنا، نحن وآخرون في المجتمع الدولي، بالتعبير عن قلقنا وبوضوح في مناسبات عديدة تفاوتت درجة تأثيراتها. والفلسطينيون، دون استثناء، قلقون جداً بشأن القدس الشرقية؛ حيث إنهم يخشون من أنه سيُتغاضى عمّا تفعله (الدولة العبرية) تحت ستار انسحابها من غزة» .

ويذكر التقرير أن مستوطنات يهودية صغيرة داخل المناطق الفلسطينية يتم إقامتها أحياناً من قِبَل مستوطنين «مُستغلّين صعوبة المعاناة المالية للفلسطينيين أو ببساطة: قيامهم باحتلال الأملاك بالقوة» .

وبجانب اقتراحها أن نداءً رسمياً من قِبَل الاتحاد الأوروبي والرباعي الدولي ـ الذي تقوده أمريكا ـ إلى (الدولة العبرية) ـ للتوقف عن الإضرار بمفاوضات الهيئة النهائية، من خلال تصرفاتها في القدس الشرقية ـ سيكون «مناسباً من حيث التوقيت» ، فإن هناك اقتراحاً آخر للاتحاد الأوروبي بأن ينظر في «استثناء القدس الشرقية من نشاطات تعاون معيّنة ممّا يشترك بصدده الاتحاد الأوروبي مع (الدولة العبرية) » . ومع أن التقرير لا يقولها صراحة؛ فإن ذلك قد يعني بواقع الحال إيقاف التمويل الأوروبي لمشاريع الطرق والسكك الحديدية، التي تخدم عملية الاستحواذ على الأراضي الفلسطينية.

ويشير التقرير إلى أن الغرض من إبعاد حَمَلة بطاقة الهوية الشخصية ـ التابعة للضفة الغربية ـ عن القدس الشرقية، وحَمَلة بطاقة الهوية الشخصية ـ التابعة للقدس الشرقية ـ عن الضفة الغربية «من المؤكّد تقريباً أنه من أجل تخفيض حجم سكان القدس الفلسطينيين، بينما يتم تفعيل الجهود لرفع عدد اليهود الصهاينة الذين يعيشون في المدينة، شرقاً وغرباً» .


(*) مصدر المقالة الأصلية: http://www.nzherald.co.nz/section/story.cfm?c_id=٢&ObjectID=١٠٣٥٦٩٧