المنتدى
[أفلا يتدبرون القرآن]
سالم فرج سعد
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (العقيدة الواسطية) : «من تدبر القرآن طالباً
للهدى منه تبيّن له طريق الحق» .
الحياة مع القرآن لها طعم خاص، وإحساس خاص، لا يدرك حقيقة تلك
الحياة القرآنية إلا من أنار الله بصيرته فوفقه للتأمل في آياته، والتفكر في كلامه
المنزّل على خير خلقه، وصفوة رسله صلى الله عليه وسلم.
إن تدبر القرآن عبادة حثنا الله عليها لما تشتمل عليه من حِكَم وفوائد تربي
المسلم وتأخذ بيده لالتماس الخير واقتباس الدروس والعِبَر.
فمن حِكَم التدبر:
- أنه يدفعك للعمل بقناعة ويقين.
- يجعلك مرهف الذوق رقيق الحسّ.
- يفتح لك أبواب البيان وسبل الإبداع في العمل والدعوة.
وحين تتدبر القرآن الكريم وأنت تتلوه في هدأة الليل وصفاء الكون تأتيك
حقائق، وتنكشف لك أسرار تزيدك إيماناً بأنه كلام المولى - تعالى - منه بدأ وإليه
يعود، وتضيء لك أنوار الحق، وتنبثق أفكار الهداية وأنت تقرأ فيه قصص
الأنبياء والأمم السابقة، تكون لك عوناً على الثبات والدعوة والجهاد.
ومن فوائده أنه ميسّر لكل تالٍ وحافظ [وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن
مُّدَّكِرٍ] (القمر: ١٧) ، ويربطك بالحياة ويعالج مشكلاتها: [وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ
لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ] (النحل: ٤٤) ، ويهبُك فطنة وذكاءً وسرعة بديهة
[إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراًّ وَعَلانِيَةً
يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ]
(فاطر: ٢٩-٣٠) .
ألا ترى معي إلى ذلك الصبيّ وهو يترنم بآيات من الكتاب العزيز يتلوها
ويستظهرها في حِلَق التحفيظ ولمَّا يصل سن البلوغ بعدُ، وقد استظهر آيات تتعلق
بأحكام الطلاق والنكاح، وأخرى بالغنائم والقتال.. ونحو ذلك مما قد يُشكِلُ عليه
فهم معانيها لكنه ميسّر له حفظها وتلاوتها.
إنه أمر يدعو إلى التأمل في عظيم هذا الكتاب المعجز، والحث على العيش
مع آياته وتوجيهاته بتدبر وتفكر، وقد قال أحد محفِّظي القرآن من باكستان مرة:
«والله ما تدبرنا القرآن وتذوقنا حلاوته حتى تعلمنا العربية والتفسير» .