فاتحة الملف
(التراث الإسلامي بين الأصالة والتزييف)
[التراث.. أمانة]
تراث كل أمة ذاكرتها.. فكيف تعيش أمة بلا ذاكرة؟ وأي جريمة عندما تُشوّه
هذه الذاكرة؟ !
عندما شُنّت الهجمة الشرسة على الأمة الإسلامية منذ زمن بعيد كان نصيب
التراث من هذه الهجمة كبيراً: شككت أقلام في حقيقة وجوده وأصالته، رُوّجت
أفكار لتشويهه، استُعمل المصطلح رأس حربة لهدم قدسية الوحي أو وضعه على
الأقل في دائرة النسبية..
فقد حاول بعض أذناب المستشرقين الطعن في صحة بعض التراث ورموه
بالانتحال، ليس للتمحيص العلمي، بل للتشكيك في التراث كله، وأيضاً للتشكيك
فيما خدمه هذا التراث: القرآن والسنة.
وقد روّج بعض المغرضين لمفهوم أن الكتاب والسنة (تراث) ، ثم أشاعوا أن
التراث شيء موروث، وعليه: فلا يلزمنا اتباعه بإطلاق، كما إنه يجب أن يقع
تحت دائرة النقد والتمحيص، الذي قد ينتج عنه الرفض أو القبول، وهكذا وقعت
نصوص الوحي تحت طائلة التشكيك أو التحريف المعنوي بعد العجز عن التحريف
اللفظي، فيكفيهم من عملهم هذا محاولة هز هذه النصوص في نفوس بعض الضعفاء
عندما يرونها واقعة في دائرة التشكيك.
هذا بعض ما أراده الشانئون، ولكن مع كل ذلك سلمت بحول الله قدسية
الوحي، وصمد التراث..
سلمت ألفاظ الوحي بحفظ الله تعالى له: [إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ] [الحجر: ٩] ، وسلمت معانيه بذب العلماء الربانيين عنه تحريف
الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
وصمد التراث، ليس فقط لأنه تراث أمة آخر الأنبياء؛ بل أيضاً بسبب
جهود متواصلة قيّض الله لها رجالاً أفذاذاً حفظوا أمانة التراث، وأعطاهم الله من
الإمكانات والمثابرة ما يعينهم على هذا العمل؛ فهم فيه ليسوا أدعياء يريدون حفظ
الأمانة ولا يقدرون عليها؛ بل كانوا أمناء مجدّين لا يضرهم من خالفهم.
وإسهاماً منا في التنبيه إلى أهمية هذه الأمانة كان هذا الملف الذي نرجو أن
نكون قد وفقنا فيه. ومن الله العون والتسديد.