[المسلمون في اليونان بين الواقع والمأمول]
شادي الأيوبي
- لمحة عامة:
ينقسم المسلمون في اليونان إلى فئتين أساسيتين: المسلمين الأصليين من أهل البلد، والوافدين من الخارج.
ويكاد المرء يجد صعوبة كبيرة في ربط المجموعتين بعضهما ببعض؛ فبينهما آمال متفرقة وآفاق ورؤى مختلفة للمستقبل، وأهم من هذا كله، أن أيّاً من الفريقين لا يرى أهمية للتواصل والتعاون، رغم كثرة التحديات وصعوبة المرحلة.
- المسلمون اليونانيون:
ويسكن معظمهم في مناطق (ثراكي) شمال البلاد، وهم من أصول تركية وبلغارية، وكانت اتفاقية لوزان بعد الحرب العالمية الأولى رتبت مسألة تبادل السكان بين تركيا واليونان، وقد بقوا في موطنهم بعد رحيل الجيوش العثمانية عن أراضي اليونان إثر ثورات عديدة.
ولا يوجد إحصاء رسمي يفيدنا بأعداد المسلمين اليونانيين بالتاكيد، بينما تتراوح التقديرات بين ١٥٠ و٢٠٠ ألف شخص، يتوزعون بين محافظات (كوموتيني) و (كسانثي) و (روذوبي) الشمالية.
ويعمل الكثير من المسلمين اليونانيين بالزراعة، ولا سيما زراعة التبغ، ويبدو أنهم حتى فترة قريبة لم يكونوا واثقين تماماً من مستقبل وجودهم في اليونان؛ حيث كانوا يعمدون إلى شراء أراض زراعية في تركيا المجاورة كحل أخير في حال نشوب أي توتر في المنطقة.
ويقول (حسن إيماموغلو) وهو محام يوناني مسلم تولى عدة عمليات شراء: إن أبناء الجالية المسلمة في اليونان لهم مساهمات كبيرة في مجال شراء العقارات المختلفة في تركيا، لكن بعد عام ١٩٩٣م الذي تم فيه الاعتراف بحقهم في التملك في اليونان، خفَّت رغبتهم في شراء العقارات التركية، وتحولوا إلى شراء عقارات يونانية.
ولعل من أهم مشاكل المسلمين اليونانيين أنهم تاريخياً رُبط مصيرهم بتركيا للتدخل لصالحهم والدفاع عنهم من خلال وصفهم بالأقلية التركية وليس الإسلامية، مما أسفر عنه عزلة كبرى لهم، انعكست عليهم جهلاً وتخلفاً في كافة الميادين، وفيما يدل على قوة النفوذ التركي أن مصطلح الدولة الخفية لا يزال يستعمل إلى يومنا هذا، ويُقصد به القنصلية التركية ومناصروها في المنطقة.
ويتجلى تعلق الجالية المسلمة بالقومية التركية في مسألة اللغة، حيث لا تزال اللغة التركية هي المستعملة لديهم، بينما يكاد العديد منهم لا يحسن اللغة اليونانية، وهذا الواقع بدأ يتغير شيئاً فشيئاً مع الجيل الجديد الذي دخل الجامعات اليونانية ومجالات العمل المختلفة.
ويبدو أن الحكومة التركية الجديدة في سعيها إلى كسب عضوية الاتحاد الأوروبي، والتصويت اليوناني لصالح ذلك الانضمام، تميل إلى التخلص من تركات الملف الثقيل للأقلية المسلمة في اليونان، وتوصيفها بالأقلية المسلمة، وهذا ما بدا واضحاً في زيارة رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) الأخيرة لليونان.
ففي كلمة له في إحدى القرى عبر (أردوغان) عن توجهاته الأوروبية بشكل أكبر؛ إذ قال في كلمة له في مركز البلدية حيث كان يرفرف علم اليونان وعلم الاتحاد الأوروبي: هنا يرفرف العلم الأوروبي، أما تركيا فلم تندمج بعد في الاتحاد الأوروبي، وبفضل الجهود التي نقوم بها، وبمساعدة اليونان سننجح في ذلك، وأضاف متوجهاً للمسلمين: لم أقل لكم أن ترفضوا هويتكم، لكن أن تمارسوا حقوقكم ضمن إطار القوانين اليونانية.
الملفت للنظر أن (أردوغان) تجنب تماماً وصف الأقلية المسلمة في المنطقة بالأقلية التركية، وهو الوصف الذي كثيراً ما يسبب التوتر لدى الحكومة اليونانية، التي ترى بهذا الوصف ومردديه مدعاة للتدخل الخارجي في شؤونها الداخلية.
وتتحكم الكثير من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية في مصير المسلمين اليونانيين، وهم بشكل عام عرفوا في المدة الأخيرة انفتاحاً على المجتمع اليوناني تجلى في دخولهم إلى الجامعات والجيش، ونزوح قسم منهم إلى العاصمة أثينا للعمل والإقامة، وهذا الانفتاح لم يكن يعني بالضرورة المزيد من تمسكهم بالدين لأسباب، منها:
- أنهم لم يكونوا مهيئين لهذا الانفتاح، والذي كان يقصد منه فيما يبدو أن يذوبوا في المجتمع المحيط بهم.
- تَدَخُّلُ الكثير من الأطراف الداخلية والخارجية في أمورهم، وتشتتهم إلى فئات عديدة لا تتفق حول معظم الأمور.
- الخلط بين العوامل الدينية والقومية والوطنية عندهم بحيث ترتبط ببعضها أو تتعارض أحياناً بشكل غير مفهوم.
- ندرة الدعاة المؤثرين؛ فالأقلية المسلمة لا تعرف الكثير من الدعاة الذين يعرفون كيف يحركون الأمور بحكمة وروية، وزاد من سوء الأمور عدم وجود أوقاف تدعم مشروعاتهم الدعوية، ثم تعيين مفتين لهم من قِبَل الدولة اليونانية وهو الأمر الذي لم يقبلوا به ولا تزال المسألة إلى اليوم عالقة في المحاكم اليونانية.
ورغم وجود المئات من المساجد، والقليل من المدارس للأقلية المسلمة في شمال اليونان، فلا يمكن الحديث اليوم عن صحوة أو نهضة إسلامية في مناطقهم؛ حيث لا توجد أي آثار أو علامات لتلك النهضة؛ فالشباب بعيدون بشكل عام عن الالتزام الديني، ومعظم رواد المساجد من العجائز والمسنين، ولا تبدو مظاهر إسلامية مهمة إلا ما يكون في المناسبات الدينية مثل شهر رمضان والأعياد، وهذه تكون أقرب إلى التقاليد منها إلى الدين.
- الوافدون:
أما المسلمون الوافدون فلا يزالون إلى اليوم تحت رحمة الأجهزة الحكومية التي لم تعط حتى الآن أي نوع من أوراق الإقامة الثابتة للمهاجرين، وهذا الأمر أثر على كل الوافدين حيث لا يشعر أحد منهم بالاستقرار في البلد، مما جعل الآمال والطموحات باستقرار المشروعات الدعوية بعيدة في الأمد المنظور.
ولا يمكن إلى اليوم الحديث عن جالية مهاجرة كاملة؛ حيث ما زالت الإجراءات البيروقراطية تحول دون لَمِّ شمل الكثير من الأسر. ومن المعروف أن أثينا إلى اليوم لا يوجد بها أي مسجد رسمي، ولا يُعرف إن كان سيبنى أصلاً في ظل التنازعات السياسية والنفاق الرسمي حيال القضية، وعدم الجدية من قِبَل المتابعين المسلمين لها.
ويقدر عدد المسلمين الأجانب في اليونان بأكثر من نصف مليون شخص يتحدرون من أصول ألبانية وآسيوية وعربية، ويعملون في مجالات البناء والزراعة والتجارة الحرة، إضافة إلى أعداد من الطلاب.
- المفوضية الأوروبية تنتقد اليونان بسبب المهاجرين:
وكان تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية قد انتقد الحكومة اليونانية بشكل لاذع، بسبب الظروف غير الإنسانية التي يعيشها المهاجرون الأجانب في أثينا.
وقال التقرير الذي نشرته جريدة «تانيا» أوسع الجرائد اليومية انتشاراً في اليونان: إن حالة المهاجرين الأجانب في اليونان بعيدة جداً عن الاندماج التام الذي تسعى إليه المفوضية.
وقالت المفوضية الأوروبية: إنه لا بد من اتخاذ إجراءات صارمة ضد الموظفين الذين يتصرفون بشكل عنصري مع الأجانب، أو لا يتصرفون وفق قوانين التعامل معهم، وكذلك ضد الموظفين الذين يرفضون خدمتهم.
تقرير المفوضية نصح بإضافة فقرات خاصة لقانون العقوبات الجزائي، بهدف تجريم التصرفات العنصرية، وتشكيل لجنة خاصة لمراقبة حوادث استعمال القوة المفرطة من الشرطة اليونانية، ضد الأجانب.
ولاحظ التقرير أن الأجانب يلاقون الكثير من العناء والانتظار في الطوابير أمام البلديات والمستشفيات لساعات وربما لأيام لأجل تأمين الأوراق الضرورية لتجديد الإقامات الخاصة بهم.
وطالبت المفوضية بتخفيض المبلغ المطلوب لتجديد الإقامة، والذي اعتبرته باهظاً جداً، كما طالبت بمنح المقيمين منهم منذ زمن طويل حق الانتخاب والترشح في الانتخابات البلدية.
ويعود وجود الأسر المسلمة المهاجرة في اليونان إلى أمد غير قريب؛ حيث كانت أثينا محطة لكثير من العائلات القادمة من العالم العربي، ثم زاد هذا الوجود أثناء الحرب الأهلية اللبنانية؛ حيث هاجر عدد كبير من المسلمين إليها هرباً من شبح الحرب الدامية، وكانت العلاقات المستقرة بين اليونان ومعظم الدول العربية من عوامل طمأنة هذه الهجرة المؤقتة، وإن كانت البلد لم تعرف هذا العدد الكبير من المهاجرين إلا بعد منتصف الثمانينيات وأوائل التسعينيات، خصوصاً بعد حرب الخليج الثانية التي ساهمت في تهجير أعداد كبيرة من الأكراد وغيرهم، وشهدت هذه الفترة زيادة كبرى في الهجرة الجماعية السرية؛ حيث تعمد أسر كاملة إلى دفع مبالغ طائلة إلى المهربين الذين يتعهدون بإرشادهم إلى طريق الوصول دون أي ضمانات، وكثيراً ما كان هؤلاء يعجزون عن إعانة زبائنهم عند المناطق الحدودية الخطرة، أو عند وقوعهم في أيدي حرس الحدود الذين يعيدونهم بعد فترة قصيرة من حيث جاؤوا.
كذلك فإن فترة التسعينيات شهدت توافداً كبيراً لليد العاملة من الدول العربية، ومن دول شرق آسيا، ومن الدول الأوروبية المجاورة (ألبانيا، دول شرق أوروبا) حيث دخلت اليد الأجنبية الرخيصة إلى مجالات البناء والزراعة وصيد السمك، وكانت استفادة أرباب العمل من العمال الأجانب غير محدودة؛ فقد كان هؤلاء ـ بسبب عدم شرعية وجودهم في البلد ـ يعملون مقابل أجر زهيد ولساعات طويلة، مع عدم تقديم الضمانات الاجتماعية المفروضة لهم.
أمام هذه الأحوال كان لا بد أن يلجأ قسم من الأجانب إلى مختلف الوسائل لتسوية أوضاعهم القانونية، فلجأ عدد منهم إلى الزواج بمواطنات من البلد، ولم يكن هدف الجميع مجرد تسوية أوضاع فقط، بل إن بعضهم لجؤوا إلى الزواج حفاظاً على أنفسهم من الوقوع في المعاصي بسبب عدم قدرتهم على الزواج من مسلمات من بلادهم، أو لعدم قدرتهم على الرجوع إلى بلادهم أصلاً، كذلك كان عدد لا بأس به من الطلاب قد لجأ إلى نفس الأسلوب لتأمين إقامة دائمة بعد إكمال دراساتهم وانتهاء أذون الإقامة الطلابية.
وعند حلول القرن الحالي كان في البلد عدد كبير من الأسر المسلمة تضم إلى المتزوجين من يونانيات أسراً لعمال استطاعوا إحضار أهلهم، إضافة إلى أسر الموظفين في الشركات التجارية العربية المختلفة.
- مصاعب اليوم وهموم الغد:
المصاعب والهموم تنبع كما هو معروف من اختلاف البيئة وتحديات التأقلم مع البلد مع تجنب ما في هذه القضية من سلبيات ومخاطر خصوصاً على الجيل الناشئ، وقد بدأت فعلاً بعض نتائج الاندماج غير المدروس وغير المراقب تظهر على مستوى الشباب الناشئ من الجنسين من تفلت أخلاقي وانجراف مع التيارات المشبوهة، والانسلاخ عن كل ما هو إسلامي وأخلاقي، إضافة إلى تورط بعض منهم في شبكات تهريب المخدرات والسرقة.
- الانسلاخ الحضاري أكبر الأخطار وأعظمها:
وتعد هذه المعضلة الكبرى وهاجس الخوف الذي يلوح للمغتربين عند أول وصولهم للبلد وبدء احتكاكهم بمشاكله وظروفه، وتبقى هاجساً مسيطراً على الأهل الذين يخشون من انجراف أبنائهم مع موجة الفساد والإباحية السائدة والتي تحاصر المجتمع في البيت والشارع والمدرسة وأماكن العمل.
- ابنتي ترفض الزواج من مسلم:
هذه الشكوى تتكرر من العديد من الآباء الذين أفنوا أعمارهم وأيامهم في العمل الطويل المضني دون الانتباه إلى ضرورة العناية بتربية أبنائهم وتلقينهم تعاليم دينهم وتحصينهم من الذوبان في موجة الانفلات الأخلاقي، فكانت النتيجة خسارة العمر في السعي وراء المال، وخسارة الأبناء الذين لا يرفضون فقط العودة إلى أوطانهم الأصلية، بل ينفون بقوة أية صلة تربطهم بها أصلاً.
- الإسلام حصن من الانفلات حتى لدى غير المسلمين:
ومن الإنصاف أن نقول إن الكثير من الزوجات غير المسلمات، يراعين إلى حد كبير رغبة أزواجهن في تنشئة الأبناء تنشئة صالحة وإبعادهم عن شرور الكحول والتدخين والمخدرات، وكثيراً ما تكون حوادث السرقة والعنف وتهريب المخدرات التي تقوم بها عصابات من الأطفال وغير الراشدين والتي تنشر في وسائل الإعلام المختلفة، دافعاً لديهن لحث أبنائهن على الالتزام بتعاليم الإسلام وأخلاقه لما يرين فيه من سمو روحي وإنساني، ولك أن تتخيل كم هو رائع ومؤثر منظر تلك الأم غير المسلمة التي توقظ أبناءها لصلاة الفجر أو تبحث في مواقيت الصلاة عن موعد الإفطار والسحور لهذا اليوم، لكن هذا بالطبع لا يلغي المشاكل الناجمة عن اختلاف العادات والتقاليد والثقافات، إضافة إلى أن قلة الوعي لدى الكثير من الآباء وانعدام معرفتهم بأمور دينهم، وعدم التزامهم بها كثيراً ما يسير بالأمور نحو السلبية والتأزم، وكذلك فإن عدداً من الأزواج الذين يلتزمون بعد زواجهم بدينهم يواجهون مشاكل في إقناع زوجاتهم بمبادئهم الجديدة، ولا يلقون الاستجابة المطلوبة إما لاستعجالهم للنتائج، أو لعدم عرضهم لمبادئهم بشكل صحيح ومناسب، فضلاً عن مخالفتهم إياها في كثير من الأحيان.
- الواقع الصعب: غياب المرجعيات الواعية والتقوقع ضمن الجاليات القُطرية:
إن عدم وجود مرجعية دينية عليا تجمع المسلمين تحت رايتها، وعدم وجود المرافق الأساسية لتنشئة الجيل الصاعد من مدارس ونواد ومجمعات ثقافية وروابط للشباب، تجعل الكثير من أصحاب الأسر يفكرون جدياً في ترك البلد والاستقرار في مكان آخر أو العودة إلى بلادهم الأصلية، يضاف إلى ذلك أن المسلمين في اليونان هم الأضعف بين جميع إخوانهم في أوروبا وأقلهم إنجازات في جميع الأصعدة.
كذلك فإن عدم وجود مرجعية فكرية أو سياسية موثوقة في البلد جعلت آراء المسلمين وتصوراتهم حول القضايا والهيئات السياسية المختلفة من أحزاب سياسية وقرارات حكومية متشتتة إلى درجة كبيرة. أضف إلى ذلك أن طبيعة التكتلات القائمة بينهم والتي أخذت شكل الجاليات القُطرية المستقلة أسهمت في إيجاد جو من الشعور بالفرقة والتشتت نظراً إلى محدوديتها وقلة فاعليتها وسيطرة أشخاص معينين على إدارتها.
- الجهل باللغة المحلية عائق مهم:
ومما يؤسف له ان المسلمين الوافدين من أزهد الوافدين في تعلم اللغة المحلية وإتقانها، بحيث يعدون من اكثر الجاليات بُعداً عن الوعي بواقع البلد السياسي والثقافي، مما جعل تأثيرهم معدوماً بشكل تام، رغم أعدادهم الكبيرة.
وكانت فترة التسعينيات الأولى تشهد من حين إلى آخر زيارات لعلماء ودعاة يمرون بالبلد لفترات قصيرة، أو يأتون تلبية لدعوة من أحد المصليات الموجودة، وكان لهذه الزيارات أثر طيب في تجميع الشباب لكون هؤلاء الدعاة والعلماء على قدر كبير من المعرفة الفقهية والخبرة بالواقع الأوروبي، والمؤسف أنه منذ حوالي ١٠ سنوات ندرت هذه الزيارات، مما ترك جواً من الحيرة والقلق خصوصاً بالنسبة لمسائل الاستفسارات الفقهية التي تواجه المسلم في حياته، مما جعل الكثيرين يلجؤون إلى البحث عن مصادر للفتوى من بلادهم، تكون في أحيان كثيرة مفتقدة إلى فقه الواقع الذي يعيشون فيه.
- جهود جيدة لكنها غير كافية:
والواقع أنه كانت تجري من حين إلى حين ولا تزال إلى اليوم محاولات لإيجاد نوع من التنظيم لجهود الشباب من خلال بعض اللجان الاجتماعية والفرق الرياضية التي كانت تقوم بنشاطات متعددة كالمباريات الرياضية وإحياء المناسبات الإسلامية، وكان لها دور في عملية التربية بالنسبة للأطفال أخذ نموذج مدارس نهاية الأسبوع، لتعليم اللغة العربية والقرآن الكريم، وكانت لها نتائج مقبولة؛ لكنها بحكم كونها مبادرات فردية فهي أقرب إلى العمل المتحمس منها إلى العمل المنظم، وهي تشكو من الفوضى في الإدارة وعدم وجود منهج مناسب، إضافة على عدم قدرتها على الاستمرار والدوام في العطاء بسبب اعتمادها على متطوعين غير متفرغين ولا أهل خبرة وسابق تجربة.
ويعد الإسلام من أكثر الديانات حيوية في البلد؛ حيث يستقطب الكثيرين من الشباب والمثقفين الذين يترددون على الأماكن البسيطة التي تُستأجر لأداء الشعائر والمناسبات.
- مسلمون جدد:
وفي المدة الأخيرة بدأت ظاهرة جديدة تظهر ولو بشكل فردي ضعيف، وهي اعتناق أفراد من المجتمع اليوناني الإسلام باجتهاد فردي وبحث شخصي، وهؤلاء معظمهم من الشباب والمثقفين الذين قضوا أعواماً طويلة في البحث والتقصي في المبادئ والديانات والأفكار.
وهؤلاء من أكثر العناصر وعداً بالنسبة للعمل الدعوي في البلد لكونهم يعرفون طبيعة اليونان وخصائصها الثقافية والسياسية، لكن ينقصهم الكثير من الخبرة في مجال العمل الدعوي الإسلامي، وتتويج حماستهم وخبرتهم بالبلد بخبرة وتعقل في مجال الدعوة والعمل الإسلامي.
مستقبل الإسلام في البلد رهن بنشاط أبنائه في كل مجال، لكنهم لا يزالون وللأسف بعيدين عن التأثير في سياسة البلد العامة، وحتى تلك الموجهة إليهم.
(*) عضو اتحاد الصحفيين الأجانب في اليونان.