[السودان ودوامة التغيير]
هل كُتب على السودان وأمثاله من دول العالم الإسلامي أن يعيش أبداً في حالة
ترقب وتغيير فلا يهدأ له بال ولا يستقر على حال، متى تنتهي هذه الدورة بين
المدنيين والعسكريين، فلا العسكريون - بتكوينهم وعقليتهم التي تربوا عليها -
استطاعوا تأمين الاستقرار والعيش الكريم، ولا المدنيون - بضعفهم وهشاشة
ديمقراطيتهم التي يزاولونها - استطاعوا عمل شيء كبير أو الوقوف في وجه
المؤامرات التي يتعرض لها بلد ذو أغلبية إسلامية عربية، وله عمق في داخل
إفريقية.
إن ممارسة هؤلاء السياسيين أقرب إلى البهلوانية السياسية (بوليتيكا) من
ممارسة السياسة بمعناها الحقيقي، إنهم يدَّعون الديمقراطية ولكنهم يمارسون
الدكتاتورية بشكل مقنَّع، فالحزب الكبير يريد ابتلاع الأحزاب الأخرى، وبين
هؤلاء المتلاعبين (الفاشلين) وبين العسكريين يستشري الفساد وتذهب الطاقات،
وتمزق الأوطان، هذا إذا فرضنا في الطرفين الإخلاص الوطني على الأقل، فكيف
والأهواء، ومطامع الدول الأخرى هي التي تتحكم؟ .
أين دور العلماء والدعاة في تربية الشعب والاتصال به، وتكتيل الجماهير
المسلمة على ألا تخضع لهذه المؤامرات ولا تركن إلى هذا الضعف وهذا التمزيق.
إن تجمع الدعاة والعلماء وأصحاب التوجه الإسلامي أَوْلى من تجمع بعضهم
مع الأحزاب العلمانية التي تمارس اللعب على الحبال وتظهر لنفسها في كل مرة
وجهاً جديداً.
ليس هناك أمل لهذه الأمة إذا كان علماؤها ومفكروها لا يستطيعون قيادتها،
ويجب أن لا يترك السودان ذو الوجه الإسلامي العربي يتحكم به أمثال قرنق ومن
وراءه، والمسلمون هم المسؤولون.