للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مراجعات في عالم الكتب

الحياة السياسية عند العرب

دراسة مقارنة على ضوء الإسلام

تأليف: محمد حامد الناصر

عرض: عثمان جمعة ضميرية

الدراسات الأدبية التي تنحو منحى المقارنة على ضوء الإسلام قليلة أو نادرة،

وهذا الكتاب، الذي فرغت من قراءته، واحد منها، يرصد مفهوم الجاهلية كما

وردت في الشعر الجاهلي، ذلك الشعر الذي صوَّر لنا حياة العرب قبل الإسلام،

في حروبهم وثوراتهم وعاداتهم وعقائدهم وخرافاتهم.

وهذا الكتاب هو الأول في دراسة مطولة تشمل الحياة السياسية والأخلاقية

والاجتماعية والدينية في العصر الجاهلي، فتكتمل الدراسة في أربعة أجزاء، أولها

عن الحياة السياسية وما فيها من حروب وثارات وصراعات بين القبائل، وفيه

كذلك دراسة موسعة عن العصبية القبلية وتطورها، ثم ظهورها في العصور التالية، على صورة شعوبية حيناً أو وطنية حيناً آخر.

ولئن وجدنا في المكتبة الأدبية والتاريخية المعاصرة كثيراً من الدراسات التي

عنيت بجانب من تلك الجوانب السالفة، فإننا لا نجد فيها هذه الموازنة والمقارنة

بين مفهوم الجاهلية كما تبدت في الشعر الجاهلي الذي يعبّر عنها أصدق تعبير وبين

هدي الإسلام الذي أنقذ هذه الأمة من تلك الرواسب الجاهلية واستنفذ الفضائل التي

كان يتصف بها العرب قبل البعثة، ووجَّهها الوجهة البناءة، وكانت - لولا الإسلام - مضيعة تحت ركام الرذائل!

والميزة الثانية لهذا الكتاب: أنه يرصد آثار الجاهلية كلما ظهرت في جانب

من جوانب حياتنا المعاصرة، ويلحظ أن وجه الشبه قوي بين المظاهر العامة،

والمنطلقات في كل منهما.

وقد اتخذ الكاتب من الشعر الجاهلي مصدراً للبحث في القسم الذي يبحث فيه

عن الجاهلية، فرجع إلى المصادر الموثوقة له، مثل المفضليات والأصمعيات

والمعلقات، ودواوين الشعراء. ورسم الصورة المقابلة من المصادر الإسلامية،

فالقرآن الكريم، وحي الله المنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - وكتب السيرة

والتاريخ الإسلامي، فيها الغَناء كل الغَناء في هذا الجانب، ولذلك كان التركيز

عليها خلال المقارنة.

ويقع الكتاب في مقدمة وفصلين متتالين يسلم أولهما لثانيهما، ففي المقدمة

دراسة موجزة عن منزلة الشعر ومكانة الشعراء ثم بيان لمعنى الجاهلية.

أما الفصل الأول عن (الحياة السياسية عند العرب قبل البعثة المحمدية) ؛

ففيه خمسة مباحث تصور حياة الرعب قبل الإسلام، وتدرس أسباب الحروب

الجاهلية وأثرها على موضوعات الشعر، وتفرد مكاناً للثأر وآخر للأحلاف -

وكلاهما موجز - ثم تفصل الحديث عن أيام العرب وحروبهم، لتنتهى الدراسة

ببعض النتائج والملاحظات عن المقومات الأساسية في الحياة العربية.

ثم يأتي معظم الكتاب بعد ذلك، وهو الفصل الثاني: (الإسلام والجاهلية) ،

وفيه دراسة موازنة تقع في خمسة مباحث، تدرس التربية العقدية ودورها في

اجتثاث مقومات الجاهلية، والعصبية وموقف الإسلام منها، وفي المبحث الثالث:

وحدة الأمة بعد التفرق والتناحر، ثم سيطرة العادات واتباع الأهواء، وأخيراً يرفع

راية الجهاد في سبيل الله بدلاً من الحروب والثارات الجاهلية الدامية. وفي

تضاعيف كل مبحث من هذه المباحث أفكار ينبغي الوقوف عندها ودراستها. وقد

فعل ذلك، لينتهي البحث إلى التحذير من عودة مظاهر الجاهلية في حياتنا الإسلامية، ويرسم سبل الوقاية من ذلك ويحدد العلاج ووسائل التغيير.

وإلى أن تصدر سائر أجزاء هذه الدراسة الجديدة النافعة - إن شاء الله -

ندعو للكاتب ونسأل الله أن يوفقه للمزيد من البحث النافع الجيد، ليسدّ بذلك ثغرة

في المكتبات الأدبية الإسلامية.