نص شعري
إن وعد الله حق..
عبد العزيز الشهري
فِراقُكَ يا زمَانَ الرّغْدِ حَقّ ... أَتحسَبُ أنّ كلّ الدّهْرِ طَلْقُ
فلا تَغْرُرْكَ ضَاحكَةُ الليَالي ... كَذلِكَ أَولُ الطّوفَانِ وَدْقُ
غَداً نَصْحُو ... ولكِنْ لَسْتُ أدْرِي ... بذكْرَى؛ أمْ بفاجعةٍ تَحِقّ
يَثُوبُ الوَعْيُ في صَخَبِ المآسِي ... وَيَنْضُجُ مِنْ لَهِيبِ الشّمْسِ عِذقُ
مَصَائِبُ أمّتِي اقْتَسَمتْ فُؤادِي ... تَرَى شِقّاً هُنَا؛ وَهُناكَ شِقّ
تَنَوّعتِ الجرَاحُ فلا تَلُمْنِي ... إذا لَمْ يَبْقَ في جَنْبَيّ خَفْقُ
هُنَالكَ في حَمَاةَ تَلُوحُ ذِكْرَى ... فَتَكْتُمُ حَرّ عَبْرَتِها دِمَشْقُ
وبالفُسْطَاطِ للإصْلاحِ كَيْدٌ ... يُحَاكُ؛ وفِي بِلادِ التّركِ خَنْقُ
وفِي أَرْضِ الجَزَائِر ألْفُ جُرْحٍ ... يَسِيحُ، وفي رُبَى كَشْمِيرَ سَحْقُ
رُبَى الإسْلام مُثْخْنةٌ أراهَا ... تُشِيرُ، فلَمْ يَعُدْ للثّغْر نُطْقُ
ضَنَنّا بِالدمُوع فليت شِعْري ... أَنبْذُلُ بَعْدَ ذلك مَا يَشِقّ؟ !
هُرِعْنَا للسّلام فَهَل تَدلّى ... لنا مِنْ غَرْقَد الأنجاسِ عِذْقُ؟ !
وَلَمْ أرَ مِثلَ قومِي.. غَيْر غَيم ... بِلا غيْثٍ لَهَ رَعْدٌ وبَرْقُ
كَمِ امْتَشَقُوا حُساماً من كَلامٍ ... وَهَل غيْرُ الكَلامِ يُجِيدُ شَرْقُ
مَكَارمُ في بلاد العُرْبِ عُقّتْ ... وَمَا قَدْ كُنْتُ أحْسَبُها تُعَقّ
تُغَرْبِلُنَا الكُرُوبُ فَكُلّ يَوْمٍ ... نَرَى ذِمماً تُبَاعُ وتُسْتَرَقّ
فَكَمْ مِنْ مَعْشرٍ في الحقِ كَانُوا ... صِلاباً، ثُمّ في الأحْدَاثِ رَقّوا
فَمَا من بُقْعةٍ إلا وفيهَا ... أَخَاديدٌ لِصَحْوتِنَا تُشَقّ
أَمامَكَ إنْ أَبيْتَ سُجونُ قَهْرٍ ... وَإنْ لَمْ تستجبْ ... فَهُنَاك شَنْقُ
وَمَا لَكَ فِي الكَرامَةِ أيّ حَظٍّ ... وَمَا لَكَ فِي رَغيْدِ العَيْشِ حَقّ
إلهي غَيْرَ بَابِك لا أَدُقّ ... وَدَرْباً.. غَيْرَ دَرْبِكَ لا أَشُقّ
فَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ هُدًى وَهَبْ لي ... فُؤَاداً فِي الهَزاهِز لا يَرِقّ
يُسَائِلُني بَنُو قَوْمي حَيَارَى: ... أبَيْنَكَ يَا فَتى والمَوْتِ عِشْقُ؟ !
أَنَا يَا قَوْمِ إنْ لَمْ تَعْرِفُوني ... فَتىً صَلْبُ العَقِيدَةِ لا أَرِقّ
سَلُوا الجَوْزاءَ عَنّي والثريّا ... فبينِي والعُلا نَسَبٌ وعِرْقُ
لَكَمْ عَانيتُ من نَفْسِي فَصَدْرِي ... يَكادُ لفَرْطِ هِمّتها يُشَقّ! !
وَمَا طَعْمُ الحَيَاةِ وقَدْ تَبَدّى ... لِرُوحِي مِنْ وَرَاءِ المَوْت أُفْقُ
إذا مَا الرّوحُ بالفِرْدَوْسِ هَامَتْ ... يَهُونُ عَلى الفتَى ألمٌ وَسَحْقُ؟ !
فَليْسَ يَرُوعُنِي فِي الحقِ سَيْفٌ ... وَلَيْسَ يُزِيغُنِي ذَهَبٌ وَعِلْقُ
أَقُولُ الحَقّ لا أخْشى وَإنّي ... لأُبصِرُ خَلْفَه عُنُقِي تُدَقّ! !
وَلستُ بِجَازِعٍ مَا دَامَ قَلبي ... يُرَدّدُ: إِنّ وَعْدَ اللهِ حَقّ